[ص : 68] أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ
68 - (أنتم عنه معرضون) أي القرآن الذي أنبأتكم به وجئتكم فيه بما لا يعلم إلا بوحي وهو قوله
وقوله "أنتم عنه معرضون" يقول : أنتم عنه منصرفون لا تعملون به ، ولا تصدقون بما فيه من حجج الله وآياته.
" أنتم عنه معرضون " .
يقول تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للكفار بالله المشركين به المكذبين لرسوله إنما أنا منذر لست كما تزعمون "وما من إله إلا الله الواحد القهار" أي هو وحده قد قهر كل شيء وغلبه "رب السموات والأرض وما بينهما" أي هو مالك جميع ذلك ومتصرف فيه "العزيز الغفار" أي غفار مع عظمته وعزته "قل هو نبأ عظيم" أي خبر عظيم وشأن بليغ وهو إرسال الله تعالى إياي إليكم "أنتم عنه معرضون" أي غافلون, قال مجاهد وشريح القاضي والسدي في قوله عز وجل: "قل هو نبأ عظيم" يعني القرآن.
وقوله تعالى: " ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون " أي لولا الوحي من أين كنت أدري باختلاف الملأ الأعلى ؟ يعني في شأن آدم عليه الصلاة والسلام وامتناع إبليس من السجود له ومحاجته ربه في تفضيله عليه. فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد حيث قال: حدثنا أبو سعيد مولى بني هشام حدثنا جهضم اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن أبي سلام عن أبي سلام عن عبد الرحمن بن عائش عن مالك بن يخامر عن معاذ رضي الله عنه قال: احتبس علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة من صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى قرن الشمس فخرج صلى الله عليه وسلم سريعاً فثوب بالصلاة فصلى وتجوز في صلاته فلما سلم قال صلى الله عليه وسلم: "كما أنتم" ثم أقبل إلينا فقال: "إني قمت من الليل فصليت ما قدر لي فنعست في صلاتي حتى استيقظت فإذا أنا بربي عز وجل في أحسن صورة فقال: يا محمد أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى, قلت لا أدري يا رب ـ أعادها ثلاثاً ـ فرأيته وضع كفه بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بين صدري فتجلى لي كل شيء وعرفت فقال: يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت: في الكفارات. قال: وما الكفارات ؟ قلت: نقل الأقدام في الجماعات والجلوس في المساجد بعد الصلوات وإسباغ الوضوء عند الكريهات. قال: وما الدرجات ؟ قلت: إطعام الطعام ولين الكلام والصلاة والناس نيام, قال: سل, قلت: اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني, وإذا أردت فتنة بقوم فتوفني غير مفتون, وأسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربني إلى حبك ـ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ إنها حق فادرسوها وتعلموها" فهو حديث المنام المشهور, ومن جعله يقظة فقد غلط وهو في السنن من طرق, وهذا الحديث بعينه قد رواه الترمذي من حديث جهضم بن عبد الله اليمامي به, وقال الحسن صحيح وليس هذا الاختصام هو الاختصام المذكور في القرآن فإن هذا قد فسر, وأما الاختصام الذي في القرآن فقد فسر بعد هذا وهو في قوله تعالى:
وجملة 68- "أنتم عنه معرضون" توبيخ لهم وتقريع لكونهم أعرضوا عنه ولم يتفكروا فيه فيعلموا صدقه ويستدلوا به على ما أنكروه من البعث.
68. " أنتم عنه معرضون "
68-" أنتم عنه معرضون " لتمادي غفلتكم فإن العاقل لا يعرض عن مثله كيف وقد قامت عليه الحجج الواضحة ، أما على التوحيد فما مر وأما على النبوة فقوله :
68. Whence ye turn away!
68 - From which ye do turn away.