[الصافات : 25] مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ
25 - (ما لكم لا تناصرون) لا ينصر بعضكم بعضا كحالهم في الدنيا ويقال لهم
وقوله "ما لكم لا تناصرون" يقول : ما لكم أيها المشركون بالله لا ينصر بعضكم بعضاً "بل هم اليوم مستسلمون" يقول : بل هم اليوم مستسلمون لأمر الله فيهم وقضائه ، موقنون بعذابه.
كما حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة، قوله "ما لكم لا تناصرون" لا والله لا يتناصرون ، ولا يدفع بعضهم عن بعض.
ويقال لهم : " ما لكم لا تناصرون " على جهة التقريع والتوبيخ ، أي ينصر بعضكم بعضاً فيمنعه من عذاب الله . وقيل : هو إشارة إلى قول أبي جهل يوم بدر : " نحن جميع منتصر " [ القمر : 44 ] .وأصله تتناصرون فطرحت إحدى التاءين تخفيفاً . وشدد البزي التاء في الوصل .
يخبر تعالى عن قيل الكفار يوم القيامة أنهم يرجعون على أنفسهم بالملامة ويعترفون بأنهم كانوا ظالمين لأنفسهم في الدار الدنيا, فإذا عاينوا أهوال القيامة ندموا كل الندم حيث لا ينفعهم الندم "وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين" فتقول الملائكة والمؤمنون "هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون" وهذا يقال لهم على وجه التقريع والتوبيخ ويأمر الله تعالى الملائكة أن تميز الكفار من المؤمنين في الموقف في محشرهم ومنشرهم ولهذا قال تعالى: "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" قال النعمان بن بشير رضي الله عنه يعني بأزواجهم أشباههم وأمثالهم, وكذا قال ابن عباس وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد والسدي وأبو صالح وأبو العالية وزيد بن أسلم, وقال سفيان الثوري عن سماك عن النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" قال إخوانهم. وقال شريك عن سماك عن النعمان قال: سمعت عمر يقول "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم" قال: أشباههم. قال يجيء أصحاب الزنا مع أصحاب الزنا وأصحاب الربا مع أصحاب الربا, وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر, وقال خصيف عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما أزواجهم نساؤهم وهذا غريب والمعروف عنه الأول كما رواه مجاهد وسعيد بن جبير عنه أزواجهم قرناؤهم وما كانوا يعبدون من دون الله أي من الأصنام والأنداد تحشر معهم في أماكنهم. وقوله تعالى: "فاهدوهم إلى صراط الجحيم" أي أرشدوهم إلى طريق جهنم وهذا كقوله تعالى: "ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عمياً وبكماً وصماً مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيراً" وقوله تعالى: "وقفوهم إنهم مسؤولون" أي قفوهم حتى يسألوا عن أعمالهم وأقوالهم التي صدرت عنهم في الدار الدنيا كما قال الضحاك عن ابن عباس يعني احبسوهم إنهم محاسبون. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا النفيلي حدثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت ليثاً يحدث عن بشير عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما داع دعا إلى شيء كان موقوفاً معه إلى يوم القيامة لا يغادره ولا يفارقه وإن دعا رجل رجلاً" ثم قرأ "وقفوهم إنهم مسؤولون" ورواه الترمذي من حديث ليث بن أبي سليم, ورواه ابن جرير عن يعقوب بن إبراهيم عن معتمر عن ليث عن رجل عن أنس رضي الله عنه مرفوعاً. وقال عبد الله بن المبارك: سمعت عثمان بن زائدة يقول إن أول ما يسأل عنه الرجل جلساؤه, ثم يقال لهم على سبيل التقريع والتوبيخ " ما لكم لا تناصرون " أي كما زعمتم أنكم جمع منتصر "بل هم اليوم مستسلمون" أي ينقادون لأمر الله لا يخالفونه ولا يحيدون عنه, والله أعلم.
وقيل هذا السؤال هو المذكور بعد هذا بقوله: 25- "ما لكم لا تناصرون" أي أي شيء لكم لا ينصر بعضكم بعضاً كما كنتم في الدنيا، وهذا توبيخ لهم وتقريع وتهكم بهم، وأصله تتناصرون فطرحت إحدى التاءين تخفيفاً. قرأ الجمهور "إنهم مسؤولون" بكسر الهمزة، وقرأ عيسى بن عمر بفتحها. قال الكسائي: أي لأنهم أو بأنهم، وقيل الإشارة بقوله: "ما لكم لا تناصرون" إلى قول أبي جهل يوم بدر "نحن جميع منتصر".
25. " ما لكم لا تناصرون "، أي: لا تتناصرون، يقال لهم توبيخاً: مالكم لا ينصر بعضكم بعضاً، يقول لهم خزنة النار، هذا جواب لأبي جهل حين قال يوم بدر: " نحن جميع منتصر " (القمر-44).
25-" ما لكم لا تناصرون " لا ينصر بعضكم بعضاً بالتخليص ، وهو توبيخ وتقريع .
25. What aileth you that ye help not one another?
25 - What is the matter with you that ye help not each other?