[الصافات : 179] وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ
179 - (وأبصر فسوف يبصرون) كرر تأكيدا لتهديدهم وتسلية له صلى الله عليه وسلم
"وأبصر فسوف يبصرون" يقول : وأنظرهم فسوف يرون ما يحل بهم من عقابنا في حين لا تنفعهم التوبة، وذلك عند نزول بأس الله بهم.
وكذا " وأبصر فسوف يبصرون " تأكيد أيضاً .
يقول تبارك وتعالى: "ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين" أي تقدم في الكتاب الأول أن العاقبة للرسل وأتباعهم في الدنيا والاخرة كما قال تعالى: " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز " وقال عز وجل: "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد" ولهذا قال جل جلاله: " ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون " أي في الدنيا والاخرة كما تقدم بيان نصرتهم على قومهم ممن كذبهم وخالفهم كيف أهلك الله الكافرين ونجى عباده المؤمنين "وإن جندنا لهم الغالبون" أي تكون لهم العاقبة. وقوله جل وعلا: "فتول عنهم حتى حين" أي اصبر على أذاهم لك وانتظر إلى وقت مؤجل فإنا سنجعل لك العاقبة والنصرة والظفر, ولهذا قال بعضهم غيى ذلك إلى يوم بدر وما بعدها أيضاً في معناها, وقوله جلت عظمته "وأبصرهم فسوف يبصرون" أي أنظرهم وارتقب ماذا يحل بهم من العذاب والنكال بمخالفتك وتكذيبك ولهذا قال تعالى على وجه التهديد والوعيد "فسوف يبصرون" ثم قال عز وجل: "أفبعذابنا يستعجلون" أي هم إنما يستعجلون العذاب لتكذيبهم وكفرهم بك فإن الله تعالى يغضب عليهم بذلك ويعجل لهم العقوبة ومع هذا أيضاً كانوا من كفرهم وعنادهم يستعجلون العذاب والعقوبة. قال الله تبارك وتعالى: "فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين" أي فإذا نزل العذاب بمحلتهم فبئس ذلك اليوم يومهم بإهلاكهم ودمارهم, وقال السدي "فإذا نزل بساحتهم" يعني بدارهم "فساء صباح المنذرين" أي فبئس ما يصبحون أي بئس الصباح صباحهم. ولهذا ثبت في الصحيحين من حديث إسماعيل بن علية عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس رضي الله عنه قال: صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فلما خرجوا بفؤوسهم ومساحيهم ورأوا الجيش رجعوا وهم يقولون: محمد والله محمد والخميس فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين" ورواه البخاري من حديث مالك عن حميد عن أنس رضي الله عنه. وقال الإمام أحمد حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك عن أبي طلحة رضي الله عنه قال: لما صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر وقد أخذوا مساحيهم وغدوا إلى حروثهم وأرضهم, فلما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم نكصوا مدبرين فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر الله أكبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين" لم يخرجوه من هذه الوجه وهو صحيح على شرط الشيخين, وقوله تعالى: "وتول عنهم حتى حين * وأبصر فسوف يبصرون" تأكيد لما تقدم من الأمر بذلك والله سبحانه وتعالى أعلم.
ثم كرر سبحانه ما سبق تأكيداً للوعد بالعذاب فقال: 179- " وتول عنهم حتى حين * وأبصر فسوف يبصرون " وحذف مفعول أبصر ها هنا وذكره أولاً إما لدلالة الأول عليه فتركه هنا اختصاراً، أو قصداً إلى التعميم للإيذان بأن ما يبصره من أنواع عذابهم لا يحيط به الوصف. وقيل هذه الجملة المراد بها أحوال القيامة، والجملة الأولى المراد بها عذابهم في الدنيا، وعلى هذا فلان يكون من باب التأكيد، بل من باب التأسيس.
179. " وأبصر "، العذاب إذا نزل بهم، " فسوف يبصرون ". ثم نزه نفسه
179-" وأبصر فسوف يبصرون " بأكيد إلى تأكيد وإطلاق بعد تقييد للإشعار بأنه يبصر وأنهم يبصرون ما لا يحيط به الذكر من أصناف المسرة وأنواع المساءة ، أو الأول لعذاب الدنيا والثاني لعذاب الآخرة .
179. And watch, for they will (soon) see.
179 - And watch (how they fare) and they soon shall see (how thou farest).