[يس : 75] لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ
75 - (لا يستطيعون) أي آلهتهم نزلوا منزلة العقلاء (نصرهم وهم) آلهتهم من الأصنام (لهم جند) بزعمهم نصرهم (محضرون) في النار معهم
يقول تعالى ذكره: لا تستطيع هذه الآلهة نصرهم من الله إن أراد بهم سوءاً، ولاتدفع عنهم ضراً.
وقوله " وهم لهم جند محضرون " يقول: وهؤلاء المشركون لآلهتهم جند محضرون.
واختلف أهل التأويل في تأويل قوله " محضرون " وأين حضورهم إياهم، فقال بعضهم: عني بذلك: وهم لهم جند محضرون عند الحساب.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله " وهم لهم جند محضرون " قال: عند الحساب.
وقال آخون: بل معنى ذلك: وهم لهم جند محضرون في الدنيا يغضبون لهم.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " لا يستطيعون نصرهم " الآلهة " وهم لهم جند محضرون " والمشركون يغضبون للآلهة في الدنيا، وهي لا تسوق إليهم خيراً، ولا تدفع عنهم سوءاً، إنما هي أصنام.
وهذا الذي قاله قتادة أولى القولين عندنا بالصواب في تأويل ذلك، لأن المشركين عند الحساب تتبرأ منهم الأصنام، وما كانوا يعبدونه، فكيف يكونون لها جنداً حينئذ، ولكنهم في الدنيا لهم جند يغضبون لهم، ويقاتلون دونهم.
" لا يستطيعون نصرهم " يعني الآلهة . وجمعوا بالواو والنون ، لأنه أخبر عنهم بخبر الآدميين . " وهم " يعني الكفار " لهم " أي للألهة ، " جند محضرون " قال الحسن : يمنعون منهم ويدفعون عنهم . وقال قتادة : أي يغضبون لهم في الدنيا . وقيل : المعنى أنهم يعبدون الألهة ويقومون بها ، فهم لها بمنزلة الجند وهي لا تستطيع أن تنصرهم . وهذه الأقوال الثلاثة متقاربة المعنى . وقيل : إن الآلهة جند للعابدين محضرون معهم في النار ، فلا يدفع بعضهم عن بعض . وقيل : معناه وهذه الأصنام لهؤلاء الكفار جند الله عليهم في جهنم ، لأنهم يلعنونهم ويتبرأون من عبادتهم . وقيل : الآلهة جند لهم مضرون يوم القيامة لإعانتهم في ظنونهم . وفي الخبر إنه يمثل لكل قوم ما كانوا يعبدونه في الدنيا فيتبعونه إلى النار ، فهم لهم جند محضرون .
قلت : ومعنى هذا الخبر ما ثبت في صحيح مسلم " من حديث أبي هريرة وفي الترمذي عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد ثم يطلع عليهم رب العالمين ويقول ألا ليتبع كل إنسان ما كان يعبد فيمثل لصاحب الصليب صليبه ولصاحب التصاوير تصاويره ولصاحب النار ناره فيتبعون ما كانوا يعبدون ويبقى المسلمون " وذكر الحديث بطوله .
يقول تعالى منكراً على المشركين في اتخاذهم الأنداد آلهة مع الله يبتغون بذلك أن تنصرهم تلك الالهة وترزقهم وتقربهم إلى الله زلفى, قال الله تعالى: " لا يستطيعون نصرهم " أي لاتقدر الالهة على نصر عابديها بل هي أضعف من ذلك وأقل وأحقر وأدحر, بل لا تقدر على الاستنصار لأنفسها, ولا الإنتقام ممن أرادها بسوء, لأنها جماد لا تسمع ولا تعقل.
وقوله تبارك وتعالى: "وهم لهم جند محضرون" قال مجاهد : يعني عند الحساب يريد أن هذه الأصنام محشورة مجموعة يوم القيامة محضرة عند حساب عابديها, ليكون ذلك أبلغ في حزنهم وأدل عليهم في إقامة الحجة عليهم. وقال قتادة " لا يستطيعون نصرهم " يعني الالهة "وهم لهم جند محضرون" والمشركون يغضبون للالهة في الدنيا, وهي لا تسوق إليهم خيراً ولا تدفع عنهم شراً, إنما هي أصنام, وهكذا قال الحسن البصري , وهذا القول حسن, وهو اختيار ابن جرير رحمه الله تعالى. وقوله تعالى: "فلا يحزنك قولهم" أي تكذيبهم لك وكفرهم بالله " إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون " أي نحن نعلم جميع ما هم فيه, وسنجزيهم وصفهم ونعاملهم على ذلك يوم لا يفقدون من أعمالهم جليلاً ولا حقيراً ولا صغيراً ولا كبيراً بل يعرض عليهم جميع ما كانوا يعملون قديماً وحديثاً.
وجملة 75- "لا يستطيعون نصرهم" مستأنفة لبيان بطلان ما رجوه منها وأملوه من نفعها، وجمعهم بالواو والنون جمع العقلاء بناء على زعم المشركين أنهم ينفعون ويضرون ويعقلون "وهم لهم جند محضرون" أي والكفار جند للأصنام محضرون: أي يحضرونهم في الدنيا. قال الحسن: يمنعون منهم ويدفعون عنهم، وقال قتادة: أي يغضبون لهم في الدنيا. قال الزجاج: ينتصرون للأصنام وهي لا تستطيع نصرهم. وقيل المعنى: يعبدون الآلهة ويقومون بها فهم لهم بمنزلة الجند، هذه الأقوال على جعل ضميرهم للمشركين وضمير لهم للآلهة، وقيل وهم: أي الآلهة لهم: أي للمشركين جند محضرون معهم في النار فلا يدفع بعضهم عن بعض. وقيل معناه: وهذه الأصنام لهؤلاء الكفار جند الله عليهم في جهنم لأنهم يلعنونهم ويتبرأنون منهم. وقيل المعنى: إن الكفار يعتقدون أن الأصنام جند لهم يحضرون يوم القيامة لإعانتهم.
75. " لا يستطيعون نصرهم "، قال ابن عباس: لا تقدر الأصنام على نصرهم ومنعهم من العذاب.
" وهم لهم جند محضرون "، أي: الكفار جند للأصنام يغضبون لها ويحضرونها في الدنيا، وهي لا تسوق إليهم خيراً، ولا تستطيع لهم نصراً. وقيل: هذا في الآخرة، يؤتى بكل معبودمن دون الله تعالى ومعه أتباعه الذين عبدوه كأنهم جند محضرون في النار.
75 - " لا يستطيعون نصرهم وهم لهم " لآلهتهم . " جند محضرون " معدون لحفظهم والذب عنهم ، أو " محضرون " أثرهم في النار .
75. It is not in their power to help them; but they (the worshippers) are unto them a host in arms.
75 - They have not the power to help them: but they will be brought up (before Our Judgment seat) as a troop (to condemned).