[يس : 59] وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ
59 - ويقول (وامتازوا اليوم أيها المجرمون) أي انفردوا عن المؤمنين عند اختلاطهم بهم
يعني بقوله " وامتازوا ": تميزوا، وهي افتعلوا، من ماز يميز، فعل يفعل منه: امتاز يمتاز امتيازاً.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله " وامتازوا اليوم أيها المجرمون " قال: عزلوا عن كل خير.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن إسماعيل، بن رافع، عمن حدثه، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كان يوم القيامة أمر الله جهنم فيخرج منها عنق ساطع مظلم، ثم يقول: " ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان " .. الآية، إلى قوله " هذه جهنم التي كنتم توعدون " " وامتازوا اليوم أيها المجرمون "، فيتميز الناس ويجثون، وهي قول الله: " وترى كل أمة " ... الآية ".
فتأويل الكلام إذن: وتميزوا من المؤمنين اليوم إيها الكافرون بالله، فإنكم واردون غير موردهم، داخلون غير مدخلهم.
قوله تعالى : " وامتازوا اليوم أيها المجرمون " ويقال تميزوا وأمازوا وامتازوا بمعنى ، ومزته فانماز وامتاز ، وميزته فتميز . أي يقال لهم هذا عند الوقوف للسؤال حين يؤمر بأهل الجنة إلى الجنة ، أي اخرجوا من جملتهم . قال قتادة : عزلوا عن كل خير وقال الضحاك : يمتاز المجرمون بعضهم من بعض ، فيمتاز اليهود فرقة ، والنصارى فرقة ، والمجوس فرقة ، والصابئون فرقة ، وعبدة الأوثان فرقة . وعن أيضاً : إن لكل فرقة في النار بيتاً تدخل فيه ويرد بابه ، فتكون فيه أبداً ولا ترى ولا ترى . وقال رواد بن الجراح : فيمتاز المسلمون من المجرمين ، إلا أصحاب الأهواء فيكونون مع المجرمين .
يقول تعالى مخبراً عما يؤول إليه الكفار يوم القيامة من أمره لهم أن يمتازوا بمعنى يميزون عن المؤمنين في موقفهم, كقوله تعالى: "ويوم نحشرهم جميعاً ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم" وقال عز وجل: " ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون " "يومئذ يصدعون" أي يصيرون صدعين فرقتين " احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون * من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم ".
وقوله تعالى: " ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين " هذا تقريع من الله تعالى للكفرة من بني آدم, الذين أطاعوا الشيطان وهو عدو لهم مبين, وعصوا الرحمن وهو الذي خلقهم ورزقهم, ولهذا قال تعالى: "وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم" أي قد أمرتكم في دار الدنيا بعصيان الشيطان, وأمرتكم بعبادتي, وهذا هو الصراط المستقيم, فسلكتم غير ذلك واتبعتم الشيطان فيما أمركم به ولهذا قال عز وجل: "ولقد أضل منكم جبلاً كثيراً" يقال: جبلاً بكسر الجيم وتشديد اللام, ويقال جبلاً بضم الجيم والباء وتخفيف اللام, ومنهم من يسكن الباء, والمراد بذلك الخلق الكثير, قاله مجاهد وقتادة والسدي وسفيان بن عيينة .
وقوله تعالى: "أفلم تكونوا تعقلون" أي أفما كان لكم عقل في مخالفة ربكم فيما أمركم به من عبادته وحده لا شريك له, وعدولكم إلى اتباع الشيطان. قال ابن جريج : حدثنا أبو كريب , حدثنا عبدالرحمن بن محمد المحاربي عن إسماعيل بن رافع عمن حدثه عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كان يوم القيامة, أمر الله تعالى جهنم, فيخرج منها عنق ساطع مظلم يقول " ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين * وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم * ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون * هذه جهنم التي كنتم توعدون " "وامتازوا اليوم أيها المجرمون" فيتميز الناس ويجثون, وهي التي يقول الله عز وجل: " وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون " " .
59- "وامتازوا اليوم أيها المجرمون" هو على إضمال القول مقابل ما قيل للمؤمنين: أي ويقال للمجرمين امتازوا: أي انعزلوا، من مازه غيره، يقال مزت الشيء من الشيء: إذا عزلته عنه ونحيته. قال مقاتل: معناه اعتزلوا اليوم: يعني في الآخرة من الصالحين. وقال السدي: كونوا على حدة. وقال الزجاج: انفردوا عن المؤمنين. وقال قتادة: عزلوا عن كل خير. وقال الضحاك: يمتاز المجرمون بعضهم من بعض، فيمتاز اليهود فرقة، والنصارى فرقة، والمجوس فرقة، والصابئون فرقة وعبدة الأوثان فرقة. وقال داود بن الجراح: يمتاز المسلمون من المجرمين إلا أصحاب الأهواء فإنهم يكونون مع المجرمين.
59. " وامتازوا اليوم أيها المجرمون "، قال مقاتل : اعتزلوا اليوم من الصالحين. قال أبو العالية : تميزوا.
وقال السدي : كونوا على حدة. وقال الزجاج : انفردوا عن المؤمنين. قال الضحاك : إن لكل كافر في النار بيتاً يدخل ذلك البيت ويردم بابه بالنار فيكون فيه أبد الآبدين، لا يرى ولا يرى.
59 -" وامتازوا اليوم أيها المجرمون " وانفردوا عن المؤمنين وذلك حين يسار بهم إلى الجنة كقوله : " ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون " . وقيل اعتزلوا من كل خير أو تفرقوا في النار فإن لكل كافر بيتاً به لا يرى ولا يرى .
59. But avaunt ye, O ye guilty, this day!
59 - And O ye in sin get ye apart this Day.