[يس : 2] وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ
2 - (والقرآن الحكيم) المحكم بعجيب النظم وبديع المعاني
وقوله " والقرآن الحكيم " يقول: والقرآن المحكم بما فيه من أحكامه، وبينات حججه
لقول الله : " يس * والقرآن الحكيم " يقول هذا اسمي يس . قال ابن العربي هذا كلام بديع ، وذلك أن العبد يجوز له أن يتسمى باسم الرب إذا كانت فيه معنى منه ، كقوله : عالم وقادر ومريد ومتكلم . وإنما منع مالك من التسمية بـ ( يسين ) ، لأنه اسم من أسماء الله لا يدرى معناه ، فربما كان معناه ينفرد به الرب فلا يجوز أن يقدم عليه العبد . فإن قيل فقد قال الله تعالى : " سلام على إل ياسين " قلنا : ذلك مكتوب بهجاء فتجوز التسمية به ، وهذا الذي ليس بمتهجي هو الذي تكلم مالك عليه ، لما فيه من الإشكال ، والله أعلم . وقال بعض العلماء : افتتح الله هذه السورة بالياء والسين وفيهما مجمع الخير : ودل المفتتح على أنه قلب ، والقلب أمير على الجسد ، وكذلك ( يس ) أمير على سائر السور ، مشتمل على جميع القرآن . ثم اختلفوا فيه أيضاً ، فقال سعيد بن جبير و عكرمة : هو بلغة الحبشة . وقال الشعبي : هو بلغة طي . الحسن : بلغة كلب . الكلبي : هو بالسريانية فتكلمت به العرب فصار من لغتهم . وقد مضى هذا المعنى في طه وفي مقدمة الكتاب مستوفى . وقد سرد القاضي عياض أقوال المفسرين في معنى يس فحكى أبو محمد مكي أنه " روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لي عند ربي عشرة أسماء " ذكر أن منها طه ويس اسمان له .
قلت : وذكر الماوردي عن " علي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله تعالى أسماني في القرآن سبعة أسماء محمد وأحمد وطه ويس والمزمل والمدثر وعبد الله " قاله القاضي وحكى أبو عبد الرحمن السلمي عن جعفر الصادق أنه أراد ، مخاطبة لنبيه صلى الله عليه وسلم . وعن ابن عباس : " ( يس ) يا إنسان أراد محمداً صلى الله عليه وسلم . وقال : هو قسم وهو من أسماء الله سبحانه " وقال الزجاج : قيل معناه يا محمد وقيل يا رجل وقيل يا إنسان . وعن ابن الحنفية : يس يا محمد . وعن كعب يس قسم أقسم الله به قبل أن يخلق السماء والأرض بألفي عام [ قال يا محمد ] " إنك لمن المرسلين " ، ثم قال : " والقرآن الحكيم " فإن قدر أنه من أسمائه صلى الله عليه وسلم ، وصح فيه أنه قسم كان فيه من التعظيم ما تقدم ، ويؤكد فيه القسم عطف القسم الآخر عليه . وإن كان بمعنى النداء فقد جاء قسم آخر بعده لتحقيق رسالته والشهادة بهدايته . أقسم الله تعالى باسمه وكتابه أنه لمن المرسلين بوحيه إلى عباده ، وعلى صراط مستقيم من إيمانه ، أي طريق لا اعوجاج فيه ولا عدول عن الحق . قال النقاش : لم يقسم الله تعالى لأحد من أنبيائه بالرسالة في كتابه إلا له ، وفيه من تعظيمه وتمجيده على تأويل من قال إنه يا سيد ما فيه ، " وقد قال عليه السلام : أنا سيد ولد آدم " انتهى كلامه . وحكي القشيري قال ابن عباس : قالت كفار قريش لست مرسلاً وما أرسلك الله إلينا ، فأقسم الله بالقرآن المحكم أن محمداً من المرسلين . ( والحكيم ) المحكم حتى لا يتعرض لبطلان وتناقض ، كما قال :" أحكمت آياته " [ هود : 1 ] وكذلك أحكم في نظمه ومعانيه فلا يلحقه خلل . وقد يكون ( الحكيم ) في حق الله بمعنى المحكم بكسر الكاف كالأليم بمعنى المؤلم . " على صراط مستقيم " أي دين مستقيم وهو الإسلام . وقال الزجاج : على طريق الأنبياء الذين تقدموك .
قد تقدم الكلام على الحروف المقطعة في أول سورة البقرة. وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما و عكرمة والضحاك والحسن وسفيان بن عيينة أن يس بمعنى يا إنسان. وقال سعيد بن جبير : هو كذلك في لغة الحبشة, وقال مالك عن زيد بن أسلم : هو اسم من أسماء الله تعالى: "والقرآن الحكيم" أي المحكم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه "إنك" أي يا محمد" لمن المرسلين * على صراط مستقيم " أي على منهج ودين قويم وشرع مستقيم "تنزيل العزيز الرحيم" أي هذا الصراط والمنهج والدين الذي جئت به تنزيل من رب العزة الرحيم بعباده المؤمنين, كما قال تعالى: " وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم * صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور ".
وقوله تعالى: "لتنذر قوماً ما أنذر آباؤهم فهم غافلون" يعني بهم العرب, فإنه ما أتاهم من نذير من قبله, وذكرهم وحدهم لا ينفي من عداهم, كما أن ذكر بعض الأفراد لا ينفي العموم, وقد تقدم ذكر الايات والأحاديث المتواترة في عموم بعثته صلى الله عليه وسلم عند قوله تعالى: "قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً". وقوله تعالى: "لقد حق القول على أكثرهم" قال ابن جرير : لقد وجب العذاب على أكثرهم بأن الله تعالى قد حتم عليهم في أم الكتاب أنهم لا يؤمنون " فهم لا يؤمنون " بالله ولا يصدقون رسله.
2- "والقرآن الحكيم" بالجر على أنه مقسم به ابتداء. وقيل هو معطوف على يس على تقدير كونه مجروراً بإضمار القسم. قال النقاش: لم يقسم الله لأحد من أنبيائه بالرسالة في كتابه إلا لمحمد صلى الله عليه وسلم تعظيماً له وتمجيداً، والحكيم المحكم الذي لا يتناقض ولا يتخالف، أو الحكيم قائله.
2. " والقرآن الحكيم ".
2 -" والقرآن الحكيم " ابن عامر و الكسائي و أبو بكر و ورش و يعقوب ، وهي واو القسم أو العطف إن جعل " يس " مقسماً به .

2. By the wise Quran,
2 - By the Quran full of Wisdom,