[يس : 15] قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ
15 - (قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن) ما (أنتم إلا تكذبون)
يقول تعالى ذكره: قال أصحاب القرية للثلاثة الذين أرسلوا إليهم حين أخبروهم أنهم أرسلوا إليهم بما أرسلوا به: ما أنتم أيها القوم إلا أناس مثلنا، ولو كنتم رسلاً كما تقولون، لكنتم ملائكة " وما أنزل الرحمن من شيء " يقول: قالوا: وما أنزل الرحمن إليكم من رسالة ولا كتاب ولا أمركم فينا بشيء " إن أنتم إلا تكذبون "
" قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا " تأكلون الطعام وتمشون في الأسواق " وما أنزل الرحمن من شيء " يأمر به ولا من شيء ينهى عنه " إن أنتم إلا تكذبون " في دعواكم الرسالة .
ويقول تعالى: واضرب يا محمد لقومك الذين كذبوك "مثلاً أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون" قال ابن إسحاق فيما بلغه عن ابن عباس رضي الله عنهما وكعب الأحبار ووهب بن منبه : إنها مدينة أنطاكية وكان بها ملك يقال له أنطيخس بن أنطيخس وكان يعبد الأصنام, فبعث الله إليه ثلاثة من الرسل, وهم صادق وصدوق وشلوم, فكذبهم, وهكذا روي عن بريدة بن الحصيب وعكرمة وقتادة والزهري أنها أنطاكية, وقد استشكل بعض الأئمة كونها أنطاكية بما سنذكره بعد تمام القصة إن شاء الله تعالى.
وقوله تعالى: " إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما " أي بادروهما بالتكذيب "فعززنا بثالث" أي قويناهما وشددنا إزرهما برسول ثالث. قال ابن جريج عن وهب بن سليمان عن شعيب الجبائي قال: كان اسم الرسولين الأولين شمعون ويوحنا, واسم الثالث بوليس, والقرية أنطاكية "فقالوا" أي لأهل تلك القرية "إنا إليكم مرسلون" أي من ربكم الذي خلقكم يأمركم بعبادته وحده لا شريك له, قاله أبو العالية , وزعم قتادة بن دعامة أنهم كانوا رسل المسيح عليه السلام إلى أهل أنطاكية "قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا" أي فكيف أوحي إليكم وأنتم بشر ونحن بشر, فلم لا أوحي إلينا مثلكم ولو كنتم رسلاً لكنتم ملائكة, وهذه شبهة كثير من الأمم المكذبة, كما أخبر الله تعالى عنهم في قوله عز وجل: " ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا " أي استعجبوا من ذلك وأنكروه.
وقوله تعالى: "قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين". وقوله تعالى حكاية عنهم في قوله جل وعلا: "ولئن أطعتم بشراً مثلكم إنكم إذاً لخاسرون" وقوله تعالى: " وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا " ولهذا قال هؤلاء " ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون * قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون " أي أجابتهم رسلهم الثلاثة قائلين الله يعلم أنا رسله إليكم, ولوكنا كذبة عليه لا نتقم منا أشد الانتقام, ولكنه سيعزنا وينصرنا عليكم وستعلمون لمن تكون عاقبة الدار, كقوله تعالى: " قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السماوات والأرض والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون " "وما علينا إلا البلاغ المبين" يقولون: إنما علينا أن نبلغكم ما أرسلنا به إليكم, فإذا أطعتم كانت لكم السعادة في الدنيا والاخرة, وإن لم تجيبوا فستعلمون غب ذلك, والله أعلم.
وكذلك جملة 15- "قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا" فإنها مستأنفة جواب سؤال مقدر: كأنه قيل فما قال لهم أهل إنطاكية، فقيل: قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا: أي مشاركون لنا في البشرية، فليس لكم مزية علينا تختصون بها. ثم صرحوا بجحود إنزال الكتب السماوية فقالوا: "وما أنزل الرحمن من شيء" مما تدعونه أنتم ويدعيه غيركم ممن قبلكم من الرسل وأتباعهم "إن أنتم إلا تكذبون" أي ما أنتم إلا تكذبون في دعوى ما تدعون من ذلك، فأجابهم بإثبات رسلاتهم بكلام مؤكد تأكيداً بليغاً لتكرر الإنكار من أهل أنطاكية.
15. " قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون "، ما أنتم إلا كاذبون فيما تزعمون.
15 -" قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا " لا مزية لكم علينا تقتضي اختصاصكم بما تدعون ، ورفع بشر لانتقاض النفي المقتضي إعمال ما بإلا . " وما أنزل الرحمن من شيء " وحي ورسالة . " إن أنتم إلا تكذبون " في دعوى الرسالة .
15. They said: Ye are but mortals like unto us. The Beneficent hath naught revealed. Ye do but lie!
15 - The (people) said: Ye are only men like ourselves; and (God) Most Gracious sends no sort of revelation: Ye do nothing but lie.