[الأحزاب : 29] وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا
29 - (وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة) الجنة (فإن الله أعد للمحسنات منكن) بإرادة الآخرة (أجرا عظيما) الجنة فاخترن الآخرة على الدنيا
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا محمد بن بشر، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت: لما نزلت آية التخيير، " بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة، فقال: يا عائشة إني عارض عليك أمراً فلا تفتاتي فيه بشيء حتى تعرضيه على أبويك، أبي بكر وأم رومان، فقالت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما هو؟ قال: قال الله " يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها " إلى " عظيما "، فقلت: إني أريد الله ورسوله، والدار الآخرة، ولا أؤامر في ذلك أبوي أبا بكر وأم رومان، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استقرأ الحجر فقال: إن عائشة قالت كذا، فقلن: ونحن نقول مثل ما قالت عائشة ".
حدثنا سعيد بن يحيى الأموي، قال: ثنا أبي، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم " لما نزل إلى نسائه أمر أن يخيرهن، فدخل علي فقال: سأذكر لك أمراً ولا تعجلي حتى تستشيري أباك، فقلت: وما هو يا نبي الله؟ قال: إني أمرت أن أخيركن، وتلا عليها آية التخيير إلى آخر الآيتين، قالت: قلت: وما الذي تقول لا تعجلي حتى تستشيري أباك؟ فإني أختار الله ورسوله، فسر بذلك، وعرض على نسائه، فتتابعن كلهن، فاخترن الله ورسوله ".
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني موسى بن علي، ويونس بن يزيد، عن ابن شهاب، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، "أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه، بدأني، فقال: إني ذاكر لك أمراً، فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك، قالت: قد علم أن أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه، قالت: ثم تلا هذه الآية " يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا " قالت: فقلت: ففي أي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله، والدار الآخرة، قالت عائشة: ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت" ، فلم يكن ذلك حين قاله لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاخترنه طلاقاً من أجل أنهن اخترنه.
قوله تعالى : " وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما " .
هذا أمر من الله تبارك وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بأن يخير نساءه بين أن يفارقهن فيذهبن إلى غيره ممن يحصل لهن عنده الحياة الدنيا وزينتها, وبين الصبر على ما عنده من ضيق الحال, ولهن عند الله تعالى في ذلك الثواب الجزيل, فاخترن رضي الله عنهن وأرضاهن الله ورسوله والدار الاخرة, فجمع الله تعالى لهن بعد ذلك بين خير الدنيا وسعادة الاخرة. قال البخاري : حدثنا أبو اليمان , أخبرنا شعيب عن الزهري قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءها حين أمره الله تعالى أن يخير أزواجه, قالت: فبدأ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إني ذاكر لك أمراً فلا عليك أن تستعجلي حتى تستأمري أبويك وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه, قالت: ثم قال: إن الله تعالى قال: " يا أيها النبي قل لأزواجك " إلى تمام الايتين, فقلت له: ففي أي هذا أستأمر أبوي, فإني أريد الله ورسوله والدار الاخرة ؟ " وكذا رواه معلقاً عن الليث , حدثني يونس عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها فذكره, وزاد: قالت ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مثل مافعلت, وقد حكى البخاري أن معمراً اضطرب فيه, فتارة رواه عن الزهري عن أبي سلمة , وتارة رواه عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها.
وقال ابن جرير : حدثنا أحمد بن عبدة الضبي , حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه قال: قالت عائشة رضي الله عنها: لما نزل الخيار قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أريد أن أذكر لك أمراً, فلا تقضي فيه شيئاً حتى تستأمري أبويك قالت: قلت: وما هو يارسول الله ؟ قال فرده عليها, فقالت: وما هو يارسول الله ؟ قالت فقرأ صلى الله عليه وسلم عليها " يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها " إلى آخر الاية, قالت: فقلت بل نختار الله ورسوله والدار الاخرة, قالت: ففرح بذلك النبي صلى الله عليه وسلم " .
وحدثنا ابن وكيع , حدثنا محمد بن بشر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما نزلت آية التخيير بدأ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ياعائشة إني عارض عليك أمراً فلا تفتاتي فيه بشيء حتى تعرضيه على أبويك: أبي بكر وأم رومان رضي الله عنهما فقالت: يارسول الله وما هو ؟ قال صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: " يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا * وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما " قالت: فإني أريد الله ورسوله والدار الاخرة ولا أؤامر في ذلك أبوي أبا بكر وأم رومان رضي الله عنهما. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استقرأ الحجر فقال: إن عائشة رضي الله عنها قالت كذا وكذا فقلن: ونحن نقول مثلما قالت عائشة رضي الله عنهن كلهن" . رواه ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الأشج عن أبي أسامة عن محمد بن عمرو به.
قال ابن جرير : وحدثنا سعيد بن يحيى الأموي , حدثنا أبي حدثنا محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل على نسائه أمر أن يخيرهن, فدخل علي فقال: "سأذكر لك أمراً فلا تعجلي حتى تستشيري أباك فقلت: وما هو يارسول الله ؟ قال: إني أمرت أن أخيركن وتلا عليها آية التخيير إلى آخر الايتين, قالت: فقلت وما الذي تقول: لاتعجلي حتى تستشيري أباك ؟ فإني أختار الله ورسوله. فسر صلى الله عليه وسلم بذلك, وعرض على نسائه فتتابعن كلهن, فاخترن الله وسوله صلى الله عليه وسلم " .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا يزيد بن سنان البصري , حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح , حدثني الليث , حدثني عقيل عن الزهري , أخبرني عبد الله بن عبد الله بن أبي ثور عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قالت عائشة رضي الله عنها: أنزلت آية التخيير, فبدأ بي أول امرأة من نسائه, فقال صلى الله عليه وسلم: "إني ذاكر لك أمراً فلا عليك أن تعجلي حتى تستأمري أبويك قالت, وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه, قالت ثم قال: إن الله تبارك وتعالى قال: " يا أيها النبي قل لأزواجك " الايتين, قالت عائشة رضي الله عنها: فقلت أفي هذا أستأمر أبوي ؟ فإني أريد الله وسوله والدار الاخرة. ثم خير نساءه كلهن, فقلن ما قالت عائشة رضي الله عنهن" , وأخرجه البخاري ومسلم جميعاً عن قتيبة عن الليث عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها مثله.
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية , حدثنا الأعمش عن مسلم بن صبيح عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت: " خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم, فاخترناه, فلم يعدها علينا شيئاً" , أخرجاه من حديث الأعمش وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو , حدثنا زكريا بن إسحاق عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: أقبل أبو بكر رضي الله عنه يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس ببابه جلوس, والنبي صلى الله عليه وسلم جالس فلم يؤذن له, ثم أقبل عمر رضي الله عنه, فاستأذن فلم يؤذن له, ثم أذن لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما, فدخلا والنبي صلى الله عليه وسلم جالس وحوله نساؤه, وهو صلى الله عليه وسلم ساكت, فقال عمر رضي الله عنه: لأكلمن النبي صلى الله عليه وسلم لعله يضحك, فقال عمر رضي الله عنه: يارسول الله لو رأيت ابنة زيد ـ امرأة عمر ـ سألتني النفقة آنفاً فوجأت عنقها, فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه وقال: "هن حولي يسألنني النفقة" فقام أبو بكر رضي الله عنه إلى عائشة ليضربها, وقام عمر رضي الله عنه إلى حفصة كلاهما يقولان: تسألان النبي صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده, فنهاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقلن: والله لانسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذا المجلس ما ليس عنده, قال: وأنزل الله عز وجل الخيار, فبدأ بعائشة رضي الله عنها فقال: "إني أذكر لك أمراً ما أحب أن تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك قالت: وما هو ؟ قال: فتلا عليها: " يا أيها النبي قل لأزواجك " الاية, قالت عائشة رضي الله عنها: أفيك أستأمر أبوي ؟ بل أختار الله تعالى ورسوله, وأسألك أن لا تذكر لامرأة من نسائك ما اخترت, فقال صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى لم يبعثني معنفاً, ولكن بعثني معلماً ميسراً, لا تسألني امرأة منهن عما اخترت إلا أخبرتها" انفرد بإخراجه مسلم دون البخاري , فرواه هو و النسائي من حديث زكريا بن إسحاق المكي به.
وقال عبد الله بن الإمام أحمد : حدثنا سريج بن يونس , حدثنا علي بن هشام بن البريد عن محمد بن عبيد الله بن علي بن أبي رافع , عن عثمان بن علي بن الحسين عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خير نساءه الدنيا والاخرة ولم يخيرهن الطلاق ", وهذا منقطع. وقد روي عن الحسن وقتادة وغيرهما نحو ذلك, وهو خلاف الظاهر من الاية, فإنه قال: "فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً" أي أعطيكن حقوقكن وأطلق سراحكن, وقد اختلف العلماء في جواز تزوج غيره لهن لو طلقهن على قولين, أصحهما نعم لو وقع ليحصل المقصود من السراح, والله أعلم. قال عكرمة : وكان تحته يومئذ تسع نسوة: خمس من قريش: عائشة وحفصة وأم حبيب وسودة وأم سلمة رضي الله عنهن, وكانت تحته صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي النضيرية وميمونة بنت الحارث الهلالية, وزينب بنت جحش الأسدية, وجويرية بنت الحارث المصطلقية , رضي الله عنهن وأرضاهن جميعاً.
29- "وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة" أي الجنة ونعيمها "فإن الله أعد للمحسنات منكن" أي اللائي عملن عملاً صالحاً "أجراً عظيماً" لا يمكن وصفه، ولا يقادر قدره وذلك بسبب إحسانهن، وبمقابلة صالح عملهن.
وقد اختلف العلماء في كيفية تخيير النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه على قولين: القول الأول أنه خيرهن بإذن الله في البقاء على الزوجين أو الطلاق فاخترن البقاء، وبهذا قالت عائشة ومجاهد وعكرمة والشعبي والزهري وربيعة. والقول الثاني أنه إنما خيرهن بين الدنيا فيفارقهن، وبين الآخرة فيمسكهن ولم يخيرهن في الطلاق، وبهذا قال علي والحسن وقتادة، والراجح الأول. واختلفوا أيضاً في المخيرة إذا اختارت زوجها هل يحسب مجرد ذلك التخيير على الزوج طلقة أم لا؟ فذهب الجمهور من السلف والخلف إلى أنه لايكون مع اختيار المرأة لزوجها طلاقاً لا واحدة ولا أكثر. وقال علي وزيد بن ثابت: إن اختارت زوجها فواحدة بائنة، وبه قال الحسن والليث: وحكاه الخطابي والنقاش عن مالك. والراجح الأول لحديث عائشة الثابت في الصحيحين قالت خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه فلم يعده طلاقاًـأأـ ولا وجه لجعل مجرد التخيير طلاقاً، ودعوى أنه كناية من كنايات الطلاق مدفوعة بأن المخير لم يرد الفرقة لمجرد التخيير، بل أراد تفويض المرأة وجعل أمرها بيدها، فإن اختارت البقاء بقيت على ما كانت عليه من الزوجية، وإن اختارت الفرقة صارت مطلقة.
واختلفوا في اختيارها لنفسها هل يكون ذلك طلقة رجعية أو بائنة. فقال بالأول عمر وابن مسعود وابن عباس وابن أبي ليلى والثوري والشافعي، وقال بالثاني علي وأبو حنيفة وأصحابه، وروي عن مالك. والراجح الأول، لأنه يبعد كل البعد أن يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه على خلاف ما أمره الله به، وقد أمره بقوله: "إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن" وروي عن زيد بن ثابت أنها إذا اختارت نفسها فثلاث طلقات، وليس لهذا القول وجه. وقد روي عن علي أنها إذا اختارت نفسها فليس بشيء، وإذا اختارت زوجها فواحدة رجعية.
29- "وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً"، سبب نزول هذه الآية أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم سألته شيئاً/ من عرض الدنيا، وطلبن منه زيادة في النفقة، وآذينه بغيرة بعضهن على بعض، فهجرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآلى أن لا يقربهن شهراً ولم يخرج إلى أصحابه، فقالوا: ما شأنه؟ وكانوا يقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، فقال عمر: لأعلمن لكم شأنه، قال: فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أطلقتهن؟ قال: لا، قلت: يا رسول الله إني دخلت المسجد والمسلمون يقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، أفأنزل فأخبرهم أنك لم تطلقهن؟ قال: نعم إن شئت، فقمت على باب المسجد وناديت بأعلى صوتي لم يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، فنزلت هذه الآية: "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم" (النساء-83)، فكنت أنا استنبطت ذاك الأمر، وأنزل الله آية التخيير، وكانت تحت رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ تسع نسوة خمس من قريش: عائشة بنت أبي بكر الصديق، وحفصة بنت عمر، وأم حبيبة بنت أبي سفيان، وأم سلمة بنت أبي أمية، وسودة بنت زمعة، وغير القرشيات: زينب بنت جحش الأسدية، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وصفية بنت حيي بن أخطب الخيبرية، وجويرية بنت الحارث المصطلقية، رضوان الله عليهن فلما نزلت آية التخيير بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة، وكانت أحبهن إليه فخيرها وقرأ عليها القرآن فاختارت الله ورسوله والدار الآخرة، فرؤي الفرح في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعتها على ذلك.
قال قتادة: فلما اخترن الله ورسوله شكرهن الله على ذلك وقصره عليهن فقال: "لا يحل لك النساء من بعد".
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، أخبرنا عبد الغفار بن محمد، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، أخبرنا مسلم بن الحجاج، أخبرنا زهير بن حرب، أخبرنا روح بن عبادة، أخبرنا زكي بن إسحاق، أخبرنا أبو الزبير عن جابر بن عبد الله قال: دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد الناس جلوساً ببابه لم يؤذن لأحد منهم، قال: فأذن لأبي بكر فدخل ثم أقبل عمر فاستأذن فأذن له فوجد النبي صلى الله عليه وسلم جالساً حوله نساؤه واجماً ساكتاً، فقال: لأقولن شيئاً أضحك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله لو رأيت بنت خارجة سألتني النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: هن حولي كما ترى يسألنني النفقة، فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها، وقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها، كلاهما يقول: لا تسألي رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً أبداً ليس عنده، ثم اعتزلهن شهراً أو تسعاً وعشرين، ثم نزلت هذه الآية: "يا أيها النبي قل لأزواجك"، حتى بلغ: "للمحسنات منكن أجراً عظيماً"، قال: فبدأ بعائشة فقال: يا عائشة إني أريد أن أعرض عليك أمراً أحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك، قالت: وما هو يا رسول الله؟ فتلا عليها الآية، قالت: أفيك يا رسول الله أستشير أبوي؟ بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة، وأسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت، قال: لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها، إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً ولكن بعثني معلماً ميسراً.
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، أخبرنا أحمد بن منصور الرمادي، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن الزهري "أن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم أن لا يدخل على أزواجه شهراً، قال الزهري فأخبرني عروة بن الزبير عن عائشة أنها قالت: فلما مضت تسع وعشرون أعدهن دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: بدأ بي فقلت: يا رسول الله إنك أقسمت ألا تدخل علينا شهراً وإنك دخلت في تسع وعشرين أعدهن؟ فقال: إن الشهر تسع وعشرون".
واختلف العلماء في هذا الخيار أنه هل كان ذلك تفويض الطلاق إليهن حتى يقع بنفسه الاختيار أم لا؟ فذهب الحسن، وقتادة، وأكثر أهل العلم: إلى أنه لم يكن تفويض الطلاق، وإنما خيرهن على أنهن إذا اخترن الدنيا فارقهن، لقوله تعالى: "فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً"، بدليل أنه لم يكن جوابهن على الفور فإنه قال لعائشة لا تعجلي حتى تستشيري أبويك، وفي تفويض للطلاق يكون الجواب على الفور.
وذهب قوم إلى أنه كان تفويض الطلاق لو اخترن أنفسهن كان طلاقاً.
واختلف أهل العلم في حكم التخيير: فقال عمر، وابن مسعود، وابن عباس: إذا خير الرجل امرأته فاختارت زوجها لا يقع شيء، وإن اختارت نفسها يقع طلقة واحدة، وهو قول عمر بن عبد العزيز، وابن أبي ليلى، وسفيان، والشافعي، وأصحاب الرأي، إلا عند أصحاب الرأي تقع طلقة بائنة إذا اختارت نفسها، وعند الآخرين رجعية.
وقال زيد بن ثابت: إذا اختارت الزوج تقع طلقة واحدة، وإذا اختارت نفسها فثلاث، وهو قول الحسن وبه قال مالك.
وروي عن علي أيضاً أنها إذا اختارت زوجها تقع طلقة واحدة وإن اختارت نفسها فطلقة بائنة.
وأكثر العلماء على أنها إذا اختارت زوجها لا يقع شيء.
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا عمر بن حفص، أخبرنا أبي، أخبرنا الأعمش، أخبرنا مسلم، عن مسروق، عن "عائشة قالت: خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترنا الله ورسوله فلم يعد ذلك علينا شيئاً".
29 -" وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً " يستحقر دونه الدنيا وزينتها ومن للتبيين لأنهن كلهن كن محسنات .
29. But if ye desire Allah and His messenger and the abode of the Hereafter, then lo! Allah hath prepared for the good among you an immense reward.
29 - But if ye seek God and His Apostle, and the Home of the Hereafter, Verily God has prepared for the well doers amongst you a great reward.