[السجدة : 24] وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ
24 - (وجعلنا منهم أئمة) بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ياء قادة (يهدون) الناس (بأمرنا لما صبروا) على دينهم وعلى البلاء من عدوهم وفي قراءة بكسر اللام وتخفيف الميم (وكانوا بآياتنا) الدالة على قدرتنا ووحدانيتنا (يوقنون)
وقوله " وجعلنا منهم أئمة " يقول تعالى ذكره: وجعلنا من بني إسرائيل أئمة، وهي جمع إمام، والإمام الذي يؤتم به في خير أو شر، وأريد بذلك في هذا الموضع أنه جعل قادة في الخير، يؤتم بهم، ويهتدى بهديهم.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة " وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا " قال: رؤساء في الخير. وقوله " يهدون بأمرنا " يقول تعالى ذكره: يهدون أتباعهم وأهل القبول منهم بإذننا لهم بذلك، وتقويتنا إياهم عليه.
وقوله " لما صبروا " اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة، وبعض أهل الكوفة " لما صبروا " بفتح اللام وتشديد الميم، بمعنى: إذ صبروا، وحين صبروا. وقرأ ذلك عامة قراء الكوفة ( لما) بكسر اللام وتخفيف الميم، بمعنى: لصبرهم عن الدنيا وشهواتها، واجتهادهم في طاعتنا، والعمل بأمرنا. وذكر أن ذلك في قراءة ابن مسعود ( بما صبروا) وما إذا كسرت اللام من ( لما) في موضع خفض، وإذا فتحت اللام وشددت الميم، فلا موضع لها، لأنها حينئذ أداة.
والقول عندي في ذلك أنهما قراءتان مشهورتان متقاربتا المعنى، قد قرأ بكل واحدة منهما عامة من القراء فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب. وتأويل الكلام إذا قرىء ذلك بفتح اللام وتشديد الميم: وجعلنا منهم أئمة يهدون أتباعهم بإذننا إياهم، وتقويتنا إياهم على الهداية، إذ صبروا على طاعتنا، وعزفوا أنفسهم عن لذات الدنيا وشهواتها. وإذا قرىء بكسر اللام على ما وصفنا.
وقد حدثنا ابن وكيع، قال: قال أبي: سمعنا في " وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا " قال: عن الدنيا.
وقوله " وكانوا بآياتنا يوقنون " يقول: وكانوا أهل يقين بما دلتهم عليه حججنا، وأهل تصديق بما تبين لهم من الحق، وإيمان برسلنا، وآيات كتابنا وتنزيلنا.
"وجعلنا منهم أئمة" أي قادة وقدوة يفتدى بهم في دينهم. والكوفيون يقرؤون أئمة النحاس: وهو لحن عند جميع النحويين، لأنه جمع بين همزتين في كلمة واحدة، وهو من دقيق النحو.
وشرحه: أن الأصل أممة ثم ألقيت حركة الميم على الهمزة وأدغمت الميم، وخففت الهمزة الثانية لئلا يجتمع همزتان، والجمع بين هموتين في حرفين بعيد، فأما في حرف واحد فلا يجوز إلا تخفيف الثانية نحو قولك: آدم وآخر. ويقال: هذا أوم من هذا وأيم، بالواو والياء. وقد مضى هذا في براءة والله تعالى أعلم. "يهدون بأمرنا" أي يدعون الخلق إلى طاعتنا. "بأمرنا" أي أمرناهم بذلك. وقيل: بأمرنا أي لأمرنا، أي يهدون الناس لديننا. ثم قيل: المراد الأنبياء عليهم السلام، قاله قتادة. وقيل: المراد الفقهاء والعلماء "لما صبروا" قراءة العامة لما بفتح اللام وتشديد الميم وفتحها، أي حين صبروا. وقرأ يحيى وحمزة والكسائي وخلف ورويس عن يعقوب: لما صبروا أي لصبرهم جعلناهم أئمة. واختاره أبو عبيد اعتباراً بقراءة ابن مسعود بما صبروا بالباء. و هذا الصبر صبر على الدين والبلاء. وقيل: صبروا عن الدنيا.
يقول تعالى مخبراً عن عبده ورسوله موسى عليه السلام أنه آتاه الكتاب, وهو التوراة, وقوله تعالى: "فلا تكن في مرية من لقائه" قال قتادة : يعني به ليلة الإسراء, ثم روي عن أبي العالية الرياحي قال: حدثني ابن عم نبيكم, يعني ابن عباس , قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أريت ليلة أسري بي موسى بن عمران رجلاً آدم طوالاً جعداً كأنه من رجال شنوءة, ورأيت عيسى رجلاً مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض, سبط الرأس, ورأيت مالكاً خازن النار والدجال في آيات أراهن الله إياه ""فلا تكن في مرية من لقائه" أنه قد رأى موسى ولقي موسى ليلة أسري به.
وقال الطبراني : حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة , حدثنا الحسن بن علي الحلواني , حدثنا روح بن عبادة . حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي العالية , عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: "وجعلناه هدى لبني إسرائيل" قال: جعل موسى هدى لبني إسرائيل, وفي قوله "فلا تكن في مرية من لقائه" قال: من لقاء موسى ربه عز وجل. وقوله تعالى: "وجعلناه" أي الكتاب الذي آتيناه "هدى لبني إسرائيل" كما قال تعالى في سورة الإسراء " وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل أن لا تتخذوا من دوني وكيلا ".
وقوله: "وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون" أي لما كانوا صابرين على أوامر الله, وترك زواجره, وتصديق رسله واتباعهم فيما جاؤوهم به, كان منهم أئمة يهدون إلى الحق بأمر الله, ويدعون إلى الخير, ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر, ثم لما بدلوا وحرفوا وأولوا, سلبوا ذلك المقام, وصارت قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه, فلا عملاً صالحاً ولا اعتقاداً صحيحاً, ولهذا قوله تعالى: "ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب" قال قتادة وسفيان : لما صبروا عن الدنيا وكذلك قال الحسن بن صالح قال سفيان : هكذا كان هؤلاء, ولا ينبغي للرجل أن يكون إماماً يقتدى به حتى يتحامى عن الدنيا قال وكيع : قال سفيان : لا بد للدين من العلم, كما لا بد للجسد من الخبز. وقال ابن بنت الشافعي : قرأ أبي على عمي أو عمي على أبي : سئل سفيان عن قول علي رضي الله عنه: الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ألم تسمع قوله "وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا" قال: لما أخذوا برأس الأمر صاروا رؤوساء. قال بعض العلماء: بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين ولهذا قال تعالى: " ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين * وآتيناهم بينات من الأمر " الاية, كما قال هنا "إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون" أي من الاعتقادات والأعمال.
24- "وجعلنا منهم أئمة" أي قادة يقتدون به في دينهم، وقرأ الكوفيون أئمة قال النحاس: وهو لحن عند جميع النحويين، لأنه جمع بين همزتين في كلمة واحدة، ومعنى "يهدون بأمرناً" أي يدعونهم إلى الهداية بما يلقونه إليه من أحكام التوراة ومواعظها بأمرنا: أي بأمرنا لهم بذلك، أو لأجل أمرنا. وقال قتادة: المراد بالأئمة الأنبياء منهم. وقيل العلماء "لما صبروا" قرأ الجمهور "لما" بفتح اللام وتشديد الميم: أي جعلناهم أئمة لصبرهم، واختار هذه القراءة أبو عبيد مستدلاً بقراءة ابن مسعود بما صبروا بالباء، وهذا الصبر هو صبرهم على مشاق التكليف والهداية للناس، وقيل صبروا عن الدنيا "وكانوا بآياتنا" التنزيلية "يوقنون" أي يصدقونها ويعلمون أنها حق وأنها من عند الله لمزيد تفكرهم وكثرة تدبرهم.
24- "وجعلناه"، يعني: الكتاب وهو التوراة، وقال قتادة: موسى، " وجعلناه هدى لبني إسرائيل "، يعني: من بني إسرائيل، "أئمةً"، قادة في الخير يقتدى بهم، يعني: الأنبياء الذين كانوا فيهم. وقال قتادة: أتباع الأنبياء، "يهدون"، يدعون، "بأمرنا لما صبروا"، قرأ حمزة، والكسائي، بكسر اللام وتخفيف الميم، أي: لصبرهم، وقرأ الباقون بفتح اللام وتشديد الميم، أي: حين صبروا على دينهم وعلى البلاء من عدوهم بمصر، "وكانوا بآياتنا يوقنون".
24ـ " وجعلنا منهم أئمةً يهدون " الناس إلى ما فيه من الحكم والأحكام . " بأمرنا " إياهم به أو بتوفيقنا له . " لما صبروا " وقرأ حمزة و الكسائي و رويس (( لما صبروا )) أي لصبرهم على الطاعة أو عن الدنيا . " وكانوا بآياتنا يوقنون " لإمعانهم فيها النظر .
24. And when they became steadfast and believed firmly in Our revelations, We appointed from among them leaders who guided by Our command.
24 - And We appointed, from among them, Leaders, Giving guidance under Our command, so long as they persevered with patience and continued to have faith in Our Signs.