[الروم : 53] وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ
53 - (وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم إن) ما (تسمع) سماع إفهام وقبول (إلا من يؤمن بآياتنا) القرآن (فهم مسلمون) مخلصون بتوحيد الله
وقوله " وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم " يقول تعالى ذكره: وما أنت يا محمد بمسدد من أعماه الله عن الاستقامة، ومحجة الحق، فلم يوفقه لإصابة الرشد، فصارفه عن ضلالته التي هو عليها، وركوبه الجائر من الطرق، إلى سبيل الرشاد، يقول: ليس ذلك بيدك ولا إليك، ولا يقدر على ذلك أحد غيري، لأني القادري على كل شيء. وقيل: بهادي العمي عن ضلالتهم، ولم يقل: من ضلالتهم. لأن معنى الكلام ما وصفت، من أنه: وما أنت بصارفهم عنه، فحمل على المعنى. ولو قيل: من ضلالتهم كان صواباً. وكان معناه: ما أنت بمانعهم من ضلالتهم.
وقوله " إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا " يقول تعالى ذكره لنبيه: ما تسمع السماع الذي ينتفع به سامعه فيعقله، إلا من يؤمن بآياتنا، لأن الذي يؤمن بآياتنا إذا سمع كتاب الله تدبره وفهمه وعقله، وعمل بما فيه، وانتهى إلى حدود الله، الذي حد فيه، فهو الذي يسمع السماع النافع.
وقوله " فهم مسلمون " يقول: فهم خاضعون لله بطاعته، متذللون لمواعظ كتابه.
قوله تعالى " وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون " .
يقول تعالى: كما أنك ليس في قدرتك أن تسمع الأموات في أجداثها, ولا تبلغ كلامك الصم الذين لا يسمعون وهم مع ذلك مدبرون عنك, كذلك لا تقدر على هداية العميان عن الحق وردهم عن ضلالتهم بل ذلك إلى الله, فإنه تعالى بقدرته يسمع الأموات أصوات الأحياء إذا شاء, ويهدي من يشاء ويضل من يشاء وليس ذلك لأحد سواه, ولهذا قال تعالى: "إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون" أي خاضعون مستجيبون مطيعون, فأولئك هم الذين يسمعون الحق ويتبعونه وهذا حال المؤمنين, والأول مثل الكافرين, كما قال تعالى: "إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون" وقد استدلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بهذه الاية "إنك لا تسمع الموتى" على توهيم عبد الله بن عمر في روايته مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم القتلى الذين ألقوا في قليب بدر بعد ثلاثة أيام ومعاتبته إياهم وتقريعه لهم, حتى قال عمر : يا رسول الله ما تخاطب من قوم قد جيفوا ؟ فقال "والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم, ولكن لا يجيبون" وتأولته عائشة على أنه قال "إنهم الان ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق". وقال قتادة : أحياهم الله له حتى سمعوا مقالته تقريعاً وتوبيخاً ونقمة.
والصحيح عند العلماء رواية عبد الله بن عمر لما لها من الشواهد على صحتها من وجوه كثيرة, من أشهر ذلك ما رواه ابن عبد البر مصححاً له عن ابن عباس مرفوعاً "ما من أحد يمر بقبر أخيه المسلم كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه, إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام".
ثم وصفهم بالعمى فقال: 53- "وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم" لفقدهم للانتفاع بالأبصار كما ينبغي، أو لفقدهم للبصائر "إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا" أي ما تسمع إلا هؤلاء لكونهم أهل التفكر والتدبر والاستدلال بالآثار على المؤثر "فهم مسلمون" أي مناقدون للحق متبعون له.
53- "وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون".
53 -" وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم " سماهم عمياً لفقدهم المقصود الحقيقي من الأبصار أو لعمى قلوبهم ، وقرأ حمزة وحده (( تهدي العمي )) . " إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا " فإن إيمانهم يدعوهم إلى تلقي اللفظ وتدبر المعنى ، ويجوز أن يراد بالمؤمن المشارف للإيمان . " فهم مسلمون " لما تأمرهم به .
53. Nor canst thou guide the blind out of their error. Thou canst make none to hear save those who believe in Our revelations so that they surrender (unto Him).
53 - Nor canst thou lead back the blind from their straying: only those wilt thou make to hear, who believe in Our Signs and submit (their wills in Islam).