[الروم : 35] أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ
35 - (أم) بمعنى همزة الانكار (أنزلنا عليهم سلطانا) حجة وكتابا (فهو يتكلم) تكلم دلالة (بما كانوا به يشركون) أي يأمرهم بالاشراك لا
يقول تعالى ذكره: أن أنزلنا على هؤلاء الذين يشركون في عبادتنا الآلهة والأوثان، كتاباً بتصديق ما يقولون، وبحقيقة ما يفعلون " فهو يتكلم بما كانوا به يشركون " يقول: فذلك الكتاب ينطق بصحة شركهم، وإنما يعني جل ثناؤه بذلك: أنه لم ينزل بما يقولون ويفعلون كتاباً، ولا أرسل به رسولاً، وإنما هو شيء افتعلوه واختلقوه، اتباعاً منهم لأهوائهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله " أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون " يقول: أن أنزلنا عليهم كتاباً فهو ينطق بشركهم.
قوله تعالى: "أم أنزلنا عليهم سلطانا" استفهام فيه معنى التوقيف. قال الضحاك: سلطاناً أي كتاباً، وقاله قتادة والربيع بن أنس. وأضاف الكلام إلى الكتاب توسعاً. وزعم الفراء أن العرب تؤنث السلطان، تقول: قضت به عليك السلطان. فأما البصريون فالتذكير عندهم أفصح، وبه جاء القرآن، والتأنيث عندهم جائز لأنه بمعنى الحجة، أي حجة تنطق بشرككم، قاله ابن عباس والضحاك أيضاً. وقال علي بن سليمان عن أبي العباس محمد بن زيد قال: سلطان جمع سليط، مثل رغيف ورغفان، فتذكيره على معنى الجمع وتأنيثه على معنى الجماعة. وقد مضى في آل عمران الكلام في السلطان أيضاً مستوفى. والسلطان: ما يدفع به الإنسان عن نفسه أمراً يستوجب به عقوبة، كما قال تعالى: "أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين" النمل:21 .
يقول تعالى مخبراً عن الناس أنهم في حال الإضطرار يدعون الله وحده لا شريك له, وأنه إذا أسبغ عليهم النعم إذا فريق منهم في حالة الاختيار يشركون بالله ويعبدون معه غيره. وقوله تعالى: "ليكفروا بما آتيناهم" هي لام العاقبة عند بعضهم, ولام التعليل عند آخرين, ولكنها تعليل لتقييض الله لهم ذلك, ثم توعدهم بقوله "فسوف تعلمون" قال بعضهم والله لو توعدني حارس درب لخفت منه, فكيف والمتوعد ههنا هو الذي يقول للشيء كن فيكون ؟ ثم قال منكراً على المشركين فيما اختلقوا فيه من عبادة غيره بلا دليل ولا حجة ولا برهان "أم أنزلنا عليهم سلطاناً" أي حجة "فهو يتكلم" أي ينطق "بما كانوا به يشركون" وهذا استفهام إنكار, أي لم يكن لهم شيء من ذلك.
ثم قال تعالى: " وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون " هذا إنكار على الإنسان من حيث هو إلا من عصمه الله ووفقه, فإن الإنسان إذا أصابته نعمة بطر. وقال "ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور" أي يفرح في نفسه ويفخر على غيره, وإذا أصابته شدة قنط وأيس أن يحصل له بعد ذلك خير بالكلية. قال الله تعالى: "إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات" أي صبروا في الضراء وعملوا الصالحات في الرخاء. كما ثبت في الصحيح" عجباً للمؤمن لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيراً له, إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له, وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له". وقوله تعالى: " أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر " أي هو المتصرف الفاعل لذلك بحكمته وعدله, فيوسع على قوم ويضيق على آخرين " إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ".
35- "أم أنزلنا عليهم سلطاناً" أم هي المنقطعة، والاستفهام للإنكار والسلطان الحجة الظاهرة "فهو يتكلم" أي يدل كما في قوله: "هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق" قال الفراء: إن العرب تؤنث السلطان، يقولون: قضت به عليك السلطان. فأما البصريون فالتذكير عندهم أفصح، وبه جاء القرآن، والتأنيث عندهم جائز لأنه بمعنى الحجة، وقيل المراد بالسلطان هنا الملك "بما كانوا به يشركون" أي ينطق بإشراكهم بالله سبحانه، ويجوز أن تكون الباء سببية: أي بالأمر الذي بسببه يشركون.
35- "أم أنزلنا عليهم سلطانا"، قال ابن عباس رضي الله عنهما: حجة وعذراً. وقال قتادة: كتاباً، "فهو يتكلم"، ينطق، "بما كانوا به يشركون"، أي: ينطلق بشركهم ويأمرهم به.
35 -" أم أنزلنا عليهم سلطاناً " حجة وقيل ذا سلطان أي ملكاً معه برهان . " فهو يتكلم " تكلم دلالة كقوله " كتابنا ينطق عليكم بالحق " أو نطق . " بما كانوا به يشركون " بإشراكهم وصحته ، أو بالأمر الذي بسببه يشركون به في ألوهيته .
35. Or have We revealed unto them any warrant which speaketh of that which they associate with Him?
35 - Or have We sent down authority to them, which points out to them the things to which they pay part worship?