[الروم : 19] يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ
19 - (يخرج الحي من الميت) كالإنسان من النطفة والطائر من البيضة (ويخرج الميت) النطفة والبيضة (من الحي ويحيي الأرض) بالنبات (بعد موتها) يبسها (وكذلك) الإخراج (تخرجون) من القبور بالبناء للفاعل والمفعول
يقول تعالى ذكره: صلوا في هذه الأوقات التي أمركم بالصلاة فيها أيها الناس، لله الذي يخرج الحي من الميت، وهو الإنسان الحي من الماء الميت، ويخرج الماء الميت من الإنسان الحي " ويحيي الأرض بعد موتها " فينبتها، ويخرج زرعها بعد خرابها وجدوبها " وكذلك تخرجون " يقول: كما يحيى الأرض بعد موتها، فيخرج نباتها وزرعها، كذلك يحييكم من بعد مماتكم، فيخرجكم أحياء من قبوركم إلى موقف الحساب.
وقد بينا فيما مضى قبل تأويل قوله: " يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي "، وذكرنا اختلاف أهل التأويل فيه، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع، غير أنا نذكر بعض ما لم نذكر من الخبر هنالك إن شاء الله.
وحدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: " يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي " قال: يخرج من الإنسان ماء ميتاً فيخلق منه بشراً فذلك الميت من الحي، ويخرج الحي من الميت، فيعني بذلك أنه يخلق من الماء بشراً، فذلك الحي من الميت.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، قوله: " يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي " المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير وأبو معاوية عن الأعمش ، عن إبراهيم، عن عبد الله " يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي " قال: النطفة ماء الرجل ميتة وهو حي، ويخرج الرجل منها حياً وهي ميتة.
قوله تعالى: "يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون".
بين كمال قدرته، أي كما أحيا الأرض بإخراج النبات بعد همودها، وكذلك يحييكم بالبعث. وفي هذا دليل على صحة القياس، وقد مضى في آل عمران بيان "يخرج الحي من الميت".
هذا تسبيح منه تعالى لنفسه المقدسة, وإرشاد لعباده إلى تسبيحه وتحميده في هذه الأوقات المتعاقبة الدالة على كمال قدرته وعظيم سلطانه عند المساء, وهو إقبال الليل بظلامه, وعند الصباح وهو إسفار النهار عن ضيائه. ثم اعترض بحمده مناسبة للتسبيح وهو التحميد, فقال تعالى: "وله الحمد في السموات والأرض" أي هو المحمود على ما خلق في السموات والأرض, ثم قال تعالى: "وعشياً وحين تظهرون" فالعشاء هو شدة الظلام, والإظهار قوة الضياء, فسبحان خالق هذا وهذا, فالق الإصباح, وجاعل الليل سكناً, كما قال تعالى: "والنهار إذا جلاها * والليل إذا يغشاها" وقال تعالى: "والليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى" وقال تعالى: " والضحى * والليل إذا سجى " والايات في هذا كثيرة.
وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن , حدثنا ابن لهيعة , حدثنا زبان بن فائد عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "ألا أخبركم لم سمى الله إبراهيم خليله الذي وفى ؟ لأنه كان يقول كلما أصبح وكلما أمسى: سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون, وله الحمد في السموات والأرض وعشياً وحين تظهرون" وقال الطبراني : حدثنا مطلب بن شعيب الأزدي , حدثنا عبد الله بن صالح , حدثني الليث بن سعيد بن محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه , عن عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ومن قال حين يصبح سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون, وله الحمد في السموات والأرض وعشياً وحين تظهرون, الاية بكمالها أدرك ما فاته في يومه, ومن قالها حين يمسي أدرك ما فاته في ليلته" إسناد جيد ورواه أبو داود في سننه..
وقوله تعالى: "يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي" هو ما نحن فيه من قدرته على خلق الأشياء المتقابلة, وهذه الايات المتتابعة الكريمة كلها من هذا النمط, فإنه يذكر فيها خلقه الأشياء وأضدادها, ليدل خلقه على كمال قدرته, فمن ذلك إخراج النبات من الحب والحب من النبات, والبيض من الدجاج والدجاج من البيض, والإنسان من النطفة والنطفة من الإنسان, والمؤمن من الكافر والكافر من المؤمن وقوله تعالى: "ويحيي الأرض بعد موتها" كقوله تعالى: " وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون * وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون " وقال تعالى: " وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج * ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير * وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور " وقال تعالى: " وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون " ولهذا قال ههنا "وكذلك تخرجون".
19- "يخرج الحي من الميت" كالإنسان من النطفة والطير من البيضة "ويخرج الميت من الحي" كالنطفة والبيضة من الحيوان. وقد سبق بيان هذا في سورة آل عمران. قيل ووجه تعلق هذه الآية بالتي قبلها أن الإنسان عند الصباح يخرج من شبه الموت، وهو النوم إلى شبه الوجود، وهو اليقظة، وعند العشاء يخرج من اليقظة إلى النوم "ويحيي الأرض بعد موتها" أي يحييها بالنبات بعد موتها باليباس، وهو شبيه بإخراج الحي من الميت "وكذلك تخرجون" أي ومثل ذلك الإخراج تخرجون من قبوركم. قرأ الجمهور "تخرجون" على البناء للمفعول. وقرأ حمزة والكسائي على البناء للفاعل، فأسند الخروج إليهم كقوله: " يوم يخرجون من الأجداث ".
قوله تعالى: 19- "يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون" قرأ حمزة، والكسائي: تخرجون بفتح التاء وضم الراء، وقرأ الباقون بضم التاء وفتح الراء.
19 -" يخرج الحي من الميت " كالإنسان من النطفة والطائر من البيضة . " ويخرج الميت من الحي " كالنطفة والبيضة ، أو يعقب الحياة الموت وبالعكس . " ويحيي الأرض " بالنبات . " بعد موتها " يبسها . " وكذلك " ومثل ذلك الإخراج . " تخرجون " من قبوركم فإنه أيضاً تعقيب الحياة الموت ، وقرأ حمزة و الكسائي بفتح التاء .
19. He bringeth forth the living from the dead, and He bringeth forth the dead from the living, and He reviveth the earth after her death. And even so will ye be brought forth.
19 - It is He Who brings out the dead, and brings out the dead from the living, and Who gives life to the earth after it is dead: and thus shall ye be brought out (from the dead).