[العنكبوت : 67] أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ
67 - (أولم يروا أنا) يعلموا (جعلنا حرما) بلدهم مكة (آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل) قتلا وسببا دونهم (يؤمنون) الصنم (وبنعمة الله يكفرون ومن) بإشراكهم
قوله تعالى أو لم يروا الآية أخرج جويبر عن الضحاك عن ابن عباس انهم قالوا يا محمد ما يمنعنا أن ندخل في دينك إلا مخافة أن يتخطفنا الناس لتقتلنا والأعراب اكثر منا فمتى ما يبلغهم أنا قد دخلنا في دينك اختطفنا فكنا أكلة رأس فأنزل الله أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا
وقوله " أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا " يقول تعالى ذكره مذكراً هؤلاء المشركين من قريش، القائلين: لولا أنزل عليه آية من ربه، نعمته عليهم التي خصهم بها دون سائر الناس غيرهم مع كفرهم بنعمته وإشراكهم في عبادته الآلهة والأنداد: أولم ير هؤلاء المشركون من قريش، ما خصصناهم به من نعمتنا عليهم دون سائر عبادنا، فيشكرونا على ذلك، وينزجروا عن كفرهم بنا، وإشراكهم ما لا ينفعنا ولا يضرهم في عباتنا أنا جعلنا بلدهم حرماً، حرمنا على الناس أن يدخلوه بغارة أو حرب آمناً، يأمن فيه من سكنه، فأوى إليه من السباء والخوف والحرام الذي لا يأمنه غيرهم من الناس " ويتخطف الناس من حولهم " يقول: وتسلب الناس من حولهم قتلاً وسباء.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله " أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم " قال: كان لهم في ذلك آية أن الناس يغزون ويتخطفون وهم آمنون.
وقوله " أفبالباطل يؤمنون " يقول: أفبالشرك بالله يقرون بألوهة الأوثان بأن يصدقوا، وبنعمة الله التي خصهم بها من جعل بلدهم حرماً آمناً يكفرون، يعني بقوله ( يكفرون): يجحدون.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله " أفبالباطل يؤمنون ": أي بالشرك " وبنعمة الله يكفرون ": أي يجحدون.
قوله تعالى : " أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا " قال عبد الرحمن بن زيد : هي مكة وهم ريش أمنهم الله تعالى فيها . " ويتخطف الناس من حولهم " قال الضحاك : يقتل بعضهم بعضاً ويسبي بعضهم بعضاً . والخطف الأخذ بسرعة . وقد مضى في ( القصص ) وعيرها . وفأذكرهم الله عز وجل هذه النعمة ليذعنوا له بالطاعة . أي جعلت لهم حرماً آمناً أمنوا فيه من السبي والغارة والقتل ، وخلصتهم في البر كما خلصتهم في البحر ، فصاروا يشركون في البر ولا يشركون في البحر . وفهذا تعجب من تناقض أحوالهم . " أفبالباطل يؤمنون " قال قتادة : أفبالشرك . وقال يحيى بن سلام : أفبإبليس . " وبنعمة الله يكفرون " قال ابن عباس : أفبعافية الله وقال ابن شجرة : أفبعطاء الله وإحسانه . وقال ابن سلام : أفبما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى . وحكى النقاش : أفبإطعامهم من جوع ، وأمنهم من خوف يكفرون . وهذا تعجب وإنكار خرج مخرج الاستفهام .
يقول تعالى ممتناً على قريش فيما أحلهم من حرمه الذي جعله للناس سواء العاكف فيه والباد, ومن دخله كان آمناً فهم في أمن عظيم, والأعراب حوله ينهب بعضهم بعضاً, ويقتل بعضهم بعضاً, كما قال تعالى: " لإيلاف قريش * إيلافهم رحلة الشتاء والصيف * فليعبدوا رب هذا البيت * الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف " وقوله تعالى: "أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون" أي أفكان شكرهم على هذه النعمة العظيمة أن أشركوا به وعبدوا معه غيره من الأصنام والأنداد و"بدلوا نعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار" وكفروا بنبي الله وعبده ورسوله, فكان اللائق بهم إخلاص العبادة لله, وأن لا يشركوا به, وتصديق الرسول وتعظيمه وتوقيره, فكذبوه وقاتلوه, وأخرجوه من بين ظهرهم, ولهذا سلبهم الله تعالى ما كان أنعم به عليهم, وقتل من قتل منهم ببدر, ثم صارت الدولة لله ولرسوله وللمؤمنين, ففتح الله على رسوله مكة, وأرغم آنافهم وأذل رقابهم.
ثم قال تعالى: "ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بالحق لما جاءه" أي لا احد أشد عقوبة ممن كذب على الله, فقال: إن الله أوحى إليه ولم يوح إليه شيء. ومن قال: سأنزل مثل ما أنزل الله, وهكذا لا أحد أشد عقوبة ممن كذب بالحق لما جاءه, فالأول مفتر والثاني مكذب, ولهذا قال تعالى: "أليس في جهنم مثوى للكافرين" ثم قال تعالى: "والذين جاهدوا فينا" يعني الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين "لنهدينهم سبلنا" أي لنبصرنهم سبلنا, أي طرقنا في الدنيا والاخرة.
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا أحمد بن أبي الحواري , أخبرنا عباس الهمداني أبو أحمد من أهل عكا في قول الله تعالى: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين" قال: الذين يعملون بما يعلمون يهديهم الله لما لا يعلمون. قال أحمد بن أبي الحواري : فحدثت به أبا سليمان الداراني , فأعجبه وقال: ليس ينبغي لمن ألهم شيئاً من الخير أن يعمل به حتى يسمعه في الأثر, فإذا سمعه في الأثر عمل به, وحمد الله حتى وافق ما في نفسه. وقوله "وإن الله لمع المحسنين" قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي , حدثنا عيسى بن جعفر قاضي الري, حدثنا أبو جعفر الرازي عن المغيرة عن الشعبي قال: قال عيسى ابن مريم عليه السلام: إنما الإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك, ليس الإحسان أن تحسن إلى من أحسن إليك, والله أعلم. آخر تفسير سورة العنكبوت. و للهالحمد والمنة.
67- " أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا " أي ألم ينظروا: يعني كفار قريش أنا جعلنا حرمهم هذا حرماً آمنا يأمن فيه ساكنه من الغارة والقتل والسبي والنهب فصاروا في سلامة وعافية مما صار فيه غيرهم من العرب فإنهم في كل حين تطرقهم الغارات، وتجتاح أموالهم الغزاة، وتسفك دماءهم الجنود، وتستبيح حرمهم وأموالهم شطار العرب وشيطانها، وجملة "ويتخطف الناس من حولهم" في محل نصب على الحال: أي يختلسون من حولهم بالقتل والسبي والنهب، والخطف: الأخذ بسرعة، وقد مضى تحقيق معناه في سورة القصص "أفبالباطل يؤمنون" وهو الشرك بعد ظهور حجة الله عليهم وإقرارهم بما يوجب التوحيد "وبنعمة الله يكفرون" يجعلون كفرها مكان شكرها، وفي هذا الاستفهام من التقريع والتوبيخ ما لا يقادر قدره.
67- "أولم يروا أنا جعلنا حرماً آمناً ويتخطف الناس من حولهم"، يعني العرب، يسبي بعضهم بعضاً، وأهل مكة آمنون، "أفبالباطل"، بالأصنام والشيطان، "يؤمنون وبنعمة الله"، بمحمد والإسلام، "يكفرون".
67ـ " أو لم يروا " يعني أهل مكة . " أنا جعلنا حرماً آمناً " أي جعلنا بلدهم مصوناً عن النهب والتعدي آمناً أهله عن القتل والسبي . " ويتخطف الناس من حولهم " يختلسون قتلاً وسبياً إذ كانت العرب حوله في تغاور وتناهب . " أفبالباطل يؤمنون " أبعد هذه النعمة المكشوفة وغيرها مما لا يقدر عليه إلا الله يؤمنون بالصنم أو الشيطان . " وبنعمة الله يكفرون " حيث أشركوا به غيره وتقديم الصلتين للاهتمام أو الاختصاص على طريق المبالغة .
67. Have they not seen that We have appointed a sanctuary immune (from violence), while mankind are ravaged all around them? Do they then believe in falsehood and disbelieve in the bounty of Allah?
67 - Do they not then see that We have made a Sanctuary secure, and that Men are being snatched away from all around them? then, do they believe in that which is vain, and reject the Grace of God?