[العنكبوت : 53] وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُّسَمًّى لَجَاءهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ
53 - (ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى) له (لجاءهم العذاب) عاجلا (وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون) بوقت إتيانه
يقول تعالى ذكره: ويستعجلك يا محمد هؤلاء القائلون من قومك: لولا أنزل عليه آية من ربه بالعذاب، ويقولون: ( اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء) ( الأنفال: 32) ولولا أجل سميته لهم فلا أهلكهم حتى يستوفوه ويبلغوه، لجاءهم العذاب عاجلاً. وقوله " وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون " يقول: وليأتينهم العذاب فجأة وهم لا يشعرون بوقت مجيئه قبل مجيئه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله " ويستعجلونك بالعذاب " قال: قال ناس من جهلة هذه الأمة ( اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم) ( الأنفال: 32) ... الآية.
قوله تعالى : " ويستعجلونك بالعذاب " لما أنذرهم بالعذاب قالوا لفرط الإنكار عجل لنا هذا العذاب . وقيل : إن قائل ذلك النضر بن الحارث وأبو جهل حين قالا ، " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء " [الأنفال : 32] وقولهم : " ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب " [ص. 16] وقوله : " ولولا أجل مسمى " في نزول العذاب . قال ابن عباس : يعني هو ما وعدتك ألا أعذب قومك وأؤخرهم إلى يوم القيامة . بيانه : " بل الساعة موعدهم " [ القمر : 46] . وقال الضحاك : هو مدة أعمارهم الوقت الذي قدره الله لهلاكهم وعذابهم ، قاله ابن شجرة .قيل : هو القتل يوم بدر . على الجملة فلكل عذاب أجل لا يتقدم ولا يتأخر . ودليله قوله :" لكل نبإ مستقر " [ الأنعام : 67] " لجاءهم العذاب " يعني الذي استعجلوه . " وليأتينهم بغتة " أي فجأة . " وهم لا يشعرون " أي لا يعلموهن بنزوله عليهم .
يقول تعالى مخبراً عن جهل المشركين في استعجالهم عذاب الله أن يقع بهم وبأس الله أن يحل عليهم, كما قال تعالى: "وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم" وقال ههنا: "ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب" أي لولا ما حتم الله من تأخير العذاب إلى يوم القيامة لجاءهم العذاب قريباً سريعاً كما استعجلوه, ثم قال: "وليأتينهم بغتة" أي فجأة "وهم لا يشعرون * يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين" أي يستعجلون العذاب وهو واقع بهم لا محالة.
قال شعبة عن سماك عن عكرمة : قال في قوله: "وإن جهنم لمحيطة بالكافرين" قال: البحر وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين , حدثنا عمر بن إسماعيل بن مجالد , حدثنا أبي عن مجالد عن الشعبي أنه سمع ابن عباس يقول: "وإن جهنم لمحيطة بالكافرين" وجهنم هو هذا البحر الأخضر تنتثر الكواكب فيه, وتكور فيه الشمس والقمر, ثم يوقد فيكون هو جهنم. وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عاصم , أخبرنا عبد الله بن أمية , حدثني محمد بن حيي , أخبرني صفوان بن يعلى عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "البحر هو جهنم قالوا ليعلى, فقال: ألا ترون أن الله تعالى يقول: "ناراً أحاط بهم سرادقها" قال: لا والذي نفس يعلى بيده, لا أدخلها أبداً حتى أعرض على الله ولا يصيبني منها قطرة حتى أعرض على الله تعالى " , هذا تفسير غريب, وحديث غريب جداً, والله أعلم.
ثم قال عز وجل: "يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم" كقوله تعالى: "لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش" وقال تعالى: "لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل" وقال تعالى: "لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم" الاية, فالنار تغشاهم من سائر جهاتهم, وهذا أبلغ في العذاب الحسي. وقوله تعالى: "ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون" تهديد وتقريع وتوبيخ, وهذا عذاب معنوي على النفوس, كقوله تعالى: "يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر * إنا كل شيء خلقناه بقدر" وقال تعالى: "يوم يدعون إلى نار جهنم دعاً * هذه النار التي كنتم بها تكذبون * أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون * اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون".
53- "ويستعجلونك بالعذاب" استهزاء وتكذيباً منهم بذلك كقولهم "أمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم" "ولولا أجل مسمى" قد جعله الله لعذابهم وعينه، وهو القيامة، وقال الضحاك: الأجل مدة أعمارهم لأنهم إذا ماتوا صاروا إلى العذاب "لجاءهم العذاب" أي لولا ذلك الأجل المضروب لجاءهم العذاب الذي يستحقونه بذنوبهم. وقيل المراد بالأجل المسمى النفخة الأولى، وقيل الوقت الذي قدره الله لعذابهم في الدنيا بالقتل والأسر يوم بدر. والحاصل أن لكل عذاب أجلاً لا يتقدم عليه ولا يتأخر عنه كما في قوله سبحانه: " لكل نبإ مستقر " وجملة "وليأتينهم بغتة" مستأنفة مبينة لمجيء العذاب المذكور قبلها، ومعنى بغتة فجأة، وجملة "وهم لا يشعرون" في محل نب على الحال: أي حال كونهم لا يعلمون بإتيانه،
53- "ويستعجلونك بالعذاب"، نزلت في النضر بن الحارث حين قال: فأمطر علينا حجارة من السماء، "ولولا أجل مسمى"، قال ابن عباس: ما وعدتك أني لا أعذب قومك ولا أستأصلهم وأؤخر عذابهم إلى يوم القيامة كما قال: "بل الساعة موعدهم" (القمر-46)، وقال الضحاك: مدة أعمارهم، لأنهم إذا ماتوا صاروا إلى العذاب، وقيل: يوم بدر، "لجاءهم العذاب وليأتينهم"، يعني: العذاب وقيل الأجل، "بغتة وهم لا يشعرون"، بإتيانه.
53ـ " ويستعجلونك بالعذاب " بقولهم " فأمطر علينا حجارة من السماء " . " ولولا أجل مسمى " لكل عذاب أو قوم . " لجاءهم العذاب " عاجلاً . " وليأتينهم بغتةً " فجأة في الدنيا كوقعة بدر أو الآخرة عند نزول الموت بهم . " وهم لا يشعرون " بإتيانه .
53. They bid thee hasten on the doom (of Allah). And if a term had not been appointed, the doom would assuredly have come unto them (ere now). And verily it will come upon them suddenly when they perceive not.
53 - They ask thee to hasten on the Punishment (for them): had it not been for a term (of respite) appointed, the Punishment would certainly reach them, of a sudden, while they perceive not!