[العنكبوت : 22] وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاء وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ
22 - (وما أنتم بمعجزين) ربكم عن إدراككم (في الأرض ولا في السماء) لو كنتم فيها أي لاتفوتونه (وما لكم من دون الله) غيره (من ولي) يمنعكم منه (ولا نصير) ينصركم من عذابه
وأما قوله " وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء " فإن ابن زيد قال في ذلك ما:
حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب، قال قال ابن زيد، في قوله " وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء " قال: لا يعجزه أهل الأرضين في الأرضين ولا أهل السماوات في السماوت إن عصوه، وقرأ ( مثقال ذرة في السماوت ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين) ( يونس: 61).
وقال في ذلك بعض أهل العربية من أهل البصرة: وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا من في السماء معجزين قال: وهو من غامض العربية للضمير الذي لم يظهر في الثاني. قال: ومثله قول حسان بن ثابت:
أمن يهجو رسول الله منكم ويمدحه وينصره سواء؟
أراد: ومن ينصره ويمدحه، فأضمر ( من). قال: وقد يقع في وهم السامع أن النصر والمدح لمن هذه الظاهرة، ومثله في الكلام: أكرم من أتاك وأتى أباك، وأكرم من أتاك ولم يأت زيداً. تريد: ومن لم يأت زيداً فيكتفي باختلاف الأفعال من إعادة من، كأنه قال: أمن يهجو، ومن يمدحه، ومن ينصره. ومنه قول الله عز وجل ( ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار) ( الرعد: 10) وهذا القول أصح عندي في المعنى من القول الآخر، ولو قال قائل: معناه: ولا أنتم بمعجزين في الأرض، ولا أنتم لو كنتم في السماء بمعجزين كان مذهباً.
وقوله " وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير " يقول: وما كان لكم أيها الناس من دون الله من ولي يلي أموركم، ولا نصير ينصركم من الله إن أراد بكم سوءاً ولا يمنعكم منه إن أحل بكم عقوبته.
قوله تعالى : " وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير " ويجوز ( نصير) بالرفع علىالموضع ، وتكون ( من ) زائدة .
يقول تعالى مخبراً عن الخليل عليه السلام أنه أرشدهم إلى إثبات المعاد الذي ينكرونه بما يشاهدونه في أنفسهم من خلق الله إياهم بعد أن لم يكونوا شيئاً مذكوراً, ثم وجدوا وصاروا أناساً سامعين مبصرين, فالذي بدأ هذا قادر على إعادته, فإنه سهل عليه يسير لديه, ثم أرشدهم إلى الاعتبار بما في الافاق من الايات المشاهدة من خلق الله الأشياء: السموات وما فيها من الكواكب النيرة الثوابت والسيارات, والأرضين وما فيها من مهاد وجبال, وأودية وبراري وقفار, وأشجار وأنهار, وثمار وبحار, كل ذلك دال على حدوثها في أنفسها, وعلى وجود صانعها الفاعل المختار, الذي يقول للشيء كن فيكون, ولهذا قال: " أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير " كقوله تعالى: "وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه" ثم قال تعالى: " قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة " أي يوم القيامة "إن الله على كل شيء قدير" وهذا المقام شبيه بقوله تعالى: " سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق " وكقوله تعالى: "أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون ؟ * أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون".
وقوله تعالى: "يعذب من يشاء ويرحم من يشاء" أي هو الحاكم المتصرف الذي يفعل ما يشاء, ويحكم ما يريد, لا معقب لحكمه, ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون, فله الخلق والأمر مهما فعل فعدل, لأنه المالك الذي لا يظلم مثقال ذرة, كما جاء في الحديث الذي رواه أهل السنن "إن الله لو عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم" ولهذا قال تعالى: "يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون" أي ترجعون يوم القيامة.
وقوله تعالى: "وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء" أي لا يعجزه أحد من أهل سمواته وأرضه, بل هو القاهر فوق عباده, فكل شيء خائف منه فقير إليه, وهو الغني عما سواه "وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير * والذين كفروا بآيات الله ولقائه" أي جحدوها وكفروا بالمعاد "أولئك يئسوا من رحمتي" أي لا نصيب لهم فيها "وأولئك لهم عذاب أليم" أي موجع شديد في الدنيا والاخرة.
22- "وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء" قال الفراء: ولا من في السماء بمعجزين الله فيها. قال: وهو كما في قول حسان:
فمن يهجو رسول الله منكم ويمدحه وينصره سواء
أي ومن يمدحه وينصره سواء. ومثله قوله تعالى: "وما منا إلا له مقام معلوم" أي إلا من له مقام معلوم، والمعنى: أنه لا يعجزه سبحانه أهل الأرض ولا أهل السماء في السماء إن عصوه. وقال قطرب: إن معنى الآية: ولا في السماء لو كنتم فيها، كما تقول: لا يفوتني فلان ها هنا ولا بالبصرة: يعني ولا بالبصرة لو صار إليها. وقال المبرد: المعنى ولا من في السماء، على أن من ليست موصولة بل نكرة، وفي السماء صفة لها، فأقيمت الصفة مقام الموصوف، ورد ذلك علي بن سليمان وقال: لا يجوز، ورجح ما قاله قطرب "وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير" من مزيدة للتأكيد: أي ليس لكم ولي يواليكم ولا نصير ينصركم ويدفع عنكم عذاب الله.
22- "وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء"، فإن قيل: ما وجه قوله: "ولا في السماء" والخطاب مع الآدميين، وهم ليسوا في السماء؟
قال الفراء: معناه ولا من في السماء بمعجز، كقول حسان بن ثابت:
فمن يهجو رسول الله منكم ويمدحه وينصره سواء
أراد: من يمدحه ومن ينصره، فأضمر من، يريد: لا يعجزه أهل الأرض في الأرض، ولا أهل السماء في السماء. وقال قطرب: معناه وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء لو كنتم فيها، كقول الرجل: ما يفوتني فلان ها هنا ولا بالبصرة، أي: ولا بالبصرة لو كان بها، "وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير"، أي: من ولي يمنعكم مني ولا نصير ينصركم من عذابي.
22ـ" وما أنتم بمعجزين " ربكم عن إدراككم . " في الأرض ولا في السماء " إن فررتم من قضائه بالتواري في الأرض أو الهبوط في مهاويها ، و التحصن " في السماء " أو القلاع الذاهبة فيها وقيل ولا من في السماء كقول حسان :
أمن يهجو رسول الله منكم ويمدحه وينصره سواء
" وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير " يحرسكم عن بلاء يظهر من الأرض أو ينزل من السماء ويدفعه عنكم .
22. Ye cannot escape (from Him) in the earth or in the sky, and beside Allah there is for you no friend nor helper.
22 - Not on earth nor in heaven will ye be able (fleeing) to frustrate (His Plan), nor have ye, besides God, any protector or helper.