[العنكبوت : 11] وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ
11 - (وليعلمن الله الذين آمنوا) بقلوبهم (وليعلمن المنافقين) فيجازي الفريقين واللام في الفعلين لام قسم
يقول تعالى ذكره: " وليعلمن الله " أولياء الله، وحزبه أهل الإيمان بالله منكم أيها القوم، وليعلمن المنافقين منكم حتى يميزوا كل فريق منكم من الفريق الآخر، بإظهار الله ذلك منكم بالمحن والابتلاء والاختبار وبمسارعة المسارع منكم إلى الهجرة من دار الشرك إلى دار الإسلام، وتثاقل المتثاقل منكم عنها.
قوله تعالى : " وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين " قال قتادة : نزلت في القوم الذين ردهم المشركون إلى مكة .
يقول تعالى مخبراً عن صفات قوم من المكذبين الذين يدعون الإيمان بألسنتهم ولم يثبت الإيمان في قلوبهم, بأنهم إذا جاءتهم محنة وفتنة في الدنيا اعتقدوا أن هذا من نقمة الله تعالى بهم, فارتدوا عن الإسلام, ولهذا قال تعالى: "ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله" قال ابن عباس : يعني فتنته أن يرتد عن دينه إذا أوذي في الله, وكذا قال غيره من علماء السلف, وهذه الاية كقوله تعالى: " ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين * يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد " ثم قال عز وجل: "لئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم" أي ولئن جاء نصر قريب من ربك يا محمد, وفتح ومغانم, ليقولن هؤلاء لكم: إنا كنا معكم, أي إخوانكم في الدين, كما قال تعالى: " الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين ", وقال تعالى: "فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين" وقال تعالى مخبراً عنهم ههنا: "ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم" ثم قال الله تعالى: "أو ليس الله بأعلم بما في صدور العالمين" أي أو ليس الله بأعلم بما في قلوبهم وما تكنه ضمائرهم, وإن أظهروا لكم الموافقة.
وقوله تعالى: "وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين" أي وليختبرن الله الناس بالضراء والسراء, ليتميز هؤلاء من هؤلاء, من يطيع الله في الضراء والسراء, ومن إنما يطيعه في حظ نفسه, كما قال تعالى: "ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم", وقال تعالى بعد وقعة أحد التي كان فيها ما كان من الاختبار والامتحان "ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب" الاية.
ولقوله: 11- "وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين" فإنها لتقرير ما قبلها وتأكيده: أي ليميزن الله بين الطائفتين ويظهر إخلاص المخلصين ونفاق المنافقين، فالمخلص الذي لا يتزلزل بما يصيبه من الأذى ويصبر في الله حق الصبر، ولا يجعل فتنة الناس كعذاب الله. والمنافق الذي يميل هكذا وهكذا، فإن أصابه أذى من الكافرين وافقهم وتابعهم وكفر بالله عز وجل، وإن خفقت ريح الإسلام وطلع نصره ولاح فتحه رجع إلى الإسلام، وزعم أنه من المسلمين.
11- "وليعلمن الله الذين آمنوا"، صدقوا فثبتوا على الإسلام عند البلاء، "وليعلمن المنافقين"، بترك الإسلام عند نزول البلاء.
واختلفوا في نزول هذه الآية، قال مجاهد: نزلت في أناس كانوا يؤمنون بألسنتهم، فإذا أصابهمبلاء من الناس أو مصيبة في أنفسهم افتتنوا.
وقال عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: نزلت في الذين أخرجهم المشركون إلى بدر، وهم الذين نزلت فيهم: "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم" (النساء - 97).
وقال الشعبي: هذه الآيات العشر من أول السورة إلى هاهنا مدنية، وباقي السورة مكية.
11ـ " وليعلمن الله الذين آمنوا " بقلوبهم . " وليعلمن المنافقين " فيجازي الفريقين .
11. Verily Allah knoweth those who believe, and verily He knoweth the hypocrites.
11 - And God most certainly knows those who believe, and as certainly those who are Hypocrites.