[النمل : 81] وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلَالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ
81 - (وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن) ما (تسمع) سماع إفهام وقبول (إلا من يؤمن بآياتنا) القرآن (فهم مسلمون) مخلصةن بتوحيد الله
اختلف القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين " وما أنت بهادي " بالياء والألف وإضافته إلى العمي بمعنى: لست يا محمد بهادي من عمي عن الحق " عن ضلالته " وقراءة عامة قراء الكوفة ( وما أنت تهدي العمي) بالتاء ونصب العمي، بمعنى: ولست تهديهم " عن ضلالتهم " ولكن الله يهديهم إن شاء.
والقول في ذلك عندي أنهما قراءتان متقاربتا المعنى مشهورتان في قراء الأمصار، فبأيتهما قرأ القاريء فمصيب. وتأويل الكلام على ما وصفت " وما أنت " يا محمد " بهادي " من أعماه الله عن الهدى والرشاد فجعل على بصره غشاوة أن يتبين سبيل الرشاد عن ضلالته التي هو فيها إلى طريق الرشاد وسبيل الرشاد. وقوله " إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا " يقول: ما تقدر أن تفهم الحق وتوعيه أحداً إلا سمع من يصدق بآياتنا يعني بأدلته وحججه وآي تنزيله " فهم مسلمون " فإن أولئك يسمعون منك ما تقول ويتدبرونه، ويفكرون فيه، ويعملون به، فهم الذين يسمعون.
قوله تعالى : " وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم " أي كفرهم ، أي ليس في وسعك خلق الإيمان في قلوبهم . وقرأ حمزة : وما أنت تهدي العمي عن ضلالتهم كقوله " أفأنت تهدي العمي " [ يونس : 43 ] . الباقون : بهادي العمي وهي اختيار أبي عبيد و أبي حاتم وفي ( الروم ) مثله . وكلهم وقف على (( بهادي )) بالياء فيؤ هذه السورة وبغير ياء في ( الروم ) اتباعاً للمصحف ، وإلا يعقوب فإنه وقف فيهما جميعاً بالياء . وأجاز الفراء و أبو حاتم : وما أنت بهد العمي وهي الأصل . وفي حرف عبد الله وما أن تهدي العمي " إن تسمع " أي ما تسمع . " إلا من يؤمن بآياتنا " قال ابن عباس : أي إلا من خلقته للسعادة فهم مخلصون في التوحيد .
يقول تعالى مخبراً عن كتابه العزيز وما اشتمل عليه من الهدى والبيان والفرقان أنه يقص على بني إسرائيل وهم حملة التوراة والإنجيل "أكثر الذي هم فيه يختلفون" كاختلافهم في عيسى وتباينهم فيه فاليهود افتروا والنصارى غلوا فجاء القرآن بالقول الوسط الحق العدل أنه عبد من عباد الله وأنبيائه ورسله الكرام, عليه أفضل الصلاة والسلام, كما قال تعالى: "ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون", وقوله "وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين" أي هدى لقلوب المؤمنين به ورحمة لهم في العمليات.
ثم قال تعالى: "إن ربك يقضي بينهم" أي يوم القيامة "بحكمه وهو العزيز" أي في انتقامه "العليم" بأفعال عباده وأقوالهم "فتوكل على الله" أي في جميع أمورك وبلغ رسالة ربك "إنك على الحق المبين" أي أنت على الحق المبين وإن خالفك من خالفك ممن كتبت عليه الشقاوة وحقت عليهم كلمة ربك أنهم لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية, ولهذا قال تعالى: "إنك لا تسمع الموتى" أي لا تسمعهم شيئاً ينفعهم, فكذلك هؤلاء على قلوبهم غشاوة وفي آذانهم وقر الكفر, ولهذا قال تعالى: " ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين * وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون " أي إنما يستجيب لك من هو سميع بصير, السمع والبصر النافع في القلب والبصيرة, الخاضع لله ولما جاء عنه على ألسنة الرسل عليهم السلام.
ثم ضرب العمي مثلاً لهم فقال: 81- "وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم" أي ما أنت بمرشد من أعماه الله عن الحق إرشاداً يوصله إلى المطلوب منه وهو الإيمان، وليس في وسعك ذلك، ومثله قوله: "إنك لا تهدي من أحببت" قرأ الجمهور بإضافة هادي إلى العمي. وقرأ يحيى بن الحارث وأبو حيان بهاد العمي بتنوين هاد. وقرأ حمزة تهدي فعلاً مضارعاً، وفي حرف عبد الله وما أن تهدي العمي "إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا" أي ما تسمع إلا من يؤمن لا من يكفر، والمراد بمن يؤمن بالآيات من يصدق القرآن، وجملة "فهم مسلمون" تعليل للإيمان: أي فهم مناقدون مخلصون. ثم هدد العباد بذكر طرف من أشراط الساعة وأهوالها.
81- "وما أنت بهادي العمي"، قرأ الأعمش، وحمزة: تهدي بالتاء وفتحها على الفعل العمي بنصب الياء هاهنا وفي الروم. وقرأ الآخرون بهادي بالباء على الاسم، العمي بكسرالياء، "عن ضلالتهم"، أي: ما أنت بمرشد من أعماه الله عن الهدى وأعمى قلبه عن الإيمان، "إن تسمع"،ما تسمع، "إلا من يؤمن بآياتنا"، إلا يصدق بالقرآن أنه من الله، "فهم مسلمون"، مخلصون.
81 -" وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم " حيث الهداية لا تحصل إلا بالبصر . وقرأ حمزة وحده (( وما أنت تهدي العمي )) . " إن تسمع " أي ما يجدي إسماعك . " إلا من يؤمن بآياتنا " من هو في علم الله كذلك . " فهم مسلمون " مخلصون من أسلم وجهه لله .
81. Nor canst thou lead the blind out of their error. Thou canst make none to hear, save those who believe Our revelations and who have surrendered.
81 - Nor canst thou be a guide to the Blind, (to prevent them) from straying: only those wilt thou get to listen who believe in Our Signs, and they will bow in Islam.