[الشعراء : 69] وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ
69 - (واتل عليهم) كفار مكة (نبأ) خبر (إبراهيم) ويبدل منه
يقول تعالى ذكره : واقصص على قومك من المشركين يا محمد خبر إبراهيم حين قال لأبيه وقومه : اي شيء تعبدون ؟ " قالوا " له : " نعبد أصناما فنظل لها عاكفين " يقول : فنظل لها خدما مقيمين على عبادتها وخدمتها . قد بينا معنى العكوف بشواهده فيما مضى قبل ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .
وكان ابن عباس فيما روي عنه يقول في معنى ذلك ما :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس ، قوله " قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين " قال : الصلاة لأصنامهم .
قوله تعالى : " واتل عليهم نبأ إبراهيم " نبه المشركين على فرط جهلهم إذا رغبوا عن اعتقاد إبراهيم ودينه وهو أبوهم . والنبأ الخبر ، أي اقصص عليهم يا محمد خبره وحديثه وعيبه على قومه ما يعبدون . وإنما قال ذلك ملزماً لهم الحجة . والجمهور من القراء على تخفيف الهمزة الثانية وهو أحسن الوجوه ، لأنهم قد أجمعوا على تخفيف الثانية من كلمة واحدة نحو آدم . وإن شئت خففت الأولى . وثم وجه خامس إلا أنه بعيد في العربية وهو أن يدغم الهمزة في الهمزة كما يقال رأس للذي يبيع الرؤوس . وإنما بعد لأنك تجمع بين همزتين كأنهما في كلمة واحدة ، وحسن في فعال لأنه لا يأتي إلا مدغماً .
هذا إخبار من الله تعالى عن عبده ورسوله وخليله إبراهيم عليه السلام إمام الحنفاء, أمر الله تعالى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم أن يتلوه على أمته ليقتدوا به في الإخلاص والتوكل, وعبادة الله وحده لا شريك له, والتبري من الشرك وأهله, فإن الله تعالى آتى إبراهيم رشده من قبل, أي من صغره إلى كبره, فإنه من وقت نشأ وشب أنكر على قومه عبادة الأصنام مع الله عز وجل "إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون" أي ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ؟ "قالوا نعبد أصناماً فنظل لها عاكفين" أي مقيمين على عبادتها ودعائها " قال هل يسمعونكم إذ تدعون * أو ينفعونكم أو يضرون * قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون " يعني اعترفوا بأن أصنامهم لا تفعل شيئاً من ذلك, وإنما رأوا آباءهم كذلك يفعلون, فهم على آثارهم يهرعون, فعند ذلك قال لهم إبراهيم "أفرأيتم ما كنتم تعبدون * أنتم وآباؤكم الأقدمون * فإنهم عدو لي إلا رب العالمين" أي إن كانت هذه الأصنام شيئاً ولها تأثير, فلتخلص إلي بالمساءة, فإني عدو لها لا أبالي بها ولا أفكر فيها, وهذا كما قال تعالى مخبراً عن نوح عليه السلام: "فأجمعوا أمركم وشركاءكم" الاية, وقال هود عليه السلام " إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون * من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون * إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم " وهكذا تبرأ إبراهيم من آلهتهم فقال "وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله" الاية. وقال تعالى: " قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده " وقال تعالى: "وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون * إلا الذي فطرني فإنه سيهدين * وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون" يعني لا إله إلا الله.
قوله: 69- "واتل عليهم" معطوف على العامل في قوله: "وإذ نادى ربك موسى" وقد تقدم، والمراد بنبأ إبراهيم خبره: أي أقصص عليهم يا محمد خبر إبراهيم وحديثه.
قوله:69- "واتل عليهم نبأ إبراهيم".
69 -" واتل عليهم " على مشركي العرب . " نبأ إبراهيم " .
69. Recite unto them the story of Abraham:
69 - And verily thy Lord is He, the Exalted in Might, Most Merciful.