[الشعراء : 38] فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ
38 - (فجمع السحرة لميقات يوم معلوم) وهو وقت الضحى من يوم الزينة
يقول تعالى ذكره : فجمع الحاشرون الذين بعثهم فرعون بحشر السحرة " لميقات يوم معلوم " يقول : لوقت واعد فرعون لموسى الاجتماع معه فيه من يوم معلوم ، و ذلك يوم الزينة ( و أن يحشر الناس ضحى ) طه : 59 و قيل للناس : هل أنتم مجتمعون لتنظروا إلى ما يفعل الفريقان ، و لمن تكون الغلبة ، لموسى أو للسحرة ؟ فلعلنا نتبع السحرة ، و معنى لعل هنا كي يقول : كي نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين موسى . وإنما قلت ذلك معناها ، لأن قوم فرعون كانوا على دين فرعون ، فغير معقول أن يقول : من كان على دين أنظر إلى حجة من هو على خلافي لعلي أتبع ديني ، وإنما يقال : أنظر إليها كي أزداد بصيرة بديني ، فأقيم عليه ، وكذلك قال قوم فرعون ، فإياها عنوا بقيلهم : لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغلبين . و قيل : إن اجتماعهم للميقات الذي اتعد للاجتماع فيه فرعون و موسى كان بالإسكندرية .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " و قيل للناس هل أنتم مجتمعون " قال : كانوا بالإسكندرية ، قال : ويقال : بلغ ذنب الحية من وراء البحيرة يومئذ ، قال : وهربوا و أسلموا فرعون وهمت به ، فقال : فخذها يا موسى ، قال : فكان فرعون مما يلي الناس منه أنه كان لا يضع على الأرض شيئا ، قال : فأحدث يومئذ تحته ، قال : وكان إرساله الحية في القبة الحمراء .
قوله تعالى : " فجمع السحرة لميقات يوم معلوم " سورة الشعراء
ذكر الله تعالى هذه المناظرة الفعلية بين موسى عليه السلام والقبط في سورة الأعراف, وفي سورة طه, وفي هذه السورة, وذلك أن القبط أرادوا أن يطفئوا نور الله بأفواههم, فأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون, وهذا شأن الكفر والإيمان ما تواجها وتقابلا إلا غلبه الإيمان "بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون" "وقل جاء الحق وزهق الباطل" الاية, ولهذا لما جاء السحرة وقد جمعوهم من أقاليم بلاد مصر, وكانوا إذ ذاك من أسحر الناس وأصنعهم وأشدهم تخييلاً في ذلك, وكان السحرة جمعاً كثيراً وجماً غفيراً, قيل: كانوا اثني عشر ألفاً, وقيل خمسة عشر ألفاً, وقيل سبعة عشر ألفاً, وقيل تسعة عشر ألفاً, وقيل بضعة وثلاثين ألفاً, وقيل ثمانين ألفاً, وقيل غير ذلك, والله أعلم بعدتهم. قال ابن إسحاق : وكان أمرهم راجعاً إلى أربعة منهم وهم رؤساؤهم, وهم: سابور, وعاذور, وحطحط, ويصفى, واجتهد الناس في الاجتماع ذلك اليوم, وقال قائلهم "لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين" ولم يقولوا نتبع الحق سواء كان من السحرة أو من موسى, بل الرعية على دين ملكهم "فلما جاء السحرة" أي إلى مجلس فرعون, وقد ضربوا له وطاقاً, وجمع خدمه وحشمه ووزراءه ورؤساء دولته وجنود مملكته, فقام السحرة بين يدي فرعون يطلبون منه الإحسان إليهم والتقرب إليه إن غلبوا, أي هذا الذي جمعتنا من أجله, فقالوا "أإن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين * قال نعم وإنكم إذاً لمن المقربين" أي وأخص مما تطلبون أجعلكم من المقربين عندي وجلسائي, فعادوا إلى مقام المناطرة "قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى * قال بل ألقوا" وقد اختصر هذا ههنا, فقال لهم موسى "ألقوا ما أنتم ملقون * فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون" وهذا كما تقول الجهلة من العوام إذا فعلوا شيئاً هذ بثواب فلان, وقد ذكر الله تعالى في سورة الأعراف أنهم " سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاؤوا بسحر عظيم ". وقال في سورة طه " فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى * فأوجس في نفسه خيفة موسى * قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى * وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى " وقال ههنا "فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون" أي تخطفه وتجمعه من كل بقعة وتبتلعه فلم تدع منه شيئاً. قال الله تعالى: " فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون * فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين * وألقي السحرة ساجدين * قالوا آمنا برب العالمين * رب موسى وهارون " فكان هذا أمراً عظيماً جداً, وبرهاناً قاطعاً للعذر, وحجة دامغة, وذلك أن الذي استنصر بهم وطلب منهم أن يغلبوا, غلبوا وخضعوا, وآمنوا بموسى في الساعة الراهنة, سجدوا لله رب العالمين الذي أرسل موسى وهارون بالحق وبالمعجزة الباهرة, فغلب فرعون غلباً لم يشاهد العالم مثله, وكان وقحاً جريئاً, عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين, فعدل إلى المكابرة والعناد ودعوى الباطل, فشرع يتهددهم ويتوعدهم ويقول "إنه لكبيركم الذي علمكم السحر" وقال "إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة" الاية.
38- "فجمع السحرة لميقات يوم معلوم" هو يوم الزينة كما في قوله: "قال موعدكم يوم الزينة".
38- "فجمع السحرة لميقات يوم معلوم"، وهو يوم الزينة.وروي عن ابن عباس قال: وافق ذلك اليوم يوم السبت،في أول يوم من السنة، وهو يوم النيروز.
38 -" فجمع السحرة لميقات يوم معلوم " لما وقت به من ساعات يوم معين وهو وقت الضحى من يوم الزينة .
38. So the wizards were gathered together at a set time on a day appointed.
38 - So the sorcerers were got together for the appointment of a day well known,