[الشعراء : 32] فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ
32 - (فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين) حية عظيمة
القول في تأويل قوله تعالى : " فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين " .
قوله تعالى : " فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين " .
لما قامت الحجة على فرعون بالبيان والعقل, عدل إلى أن يقهر موسى بيده وسلطانه, وظن أنه ليس وراء هذا المقام مقال, فقال "لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين" فعند ذلك قال موسى " أو لو جئتك بشيء مبين " أي ببرهان قاطع واضح "قال فأت به إن كنت من الصادقين * فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين" أي ظاهر واضح في غاية الجلاء والوضوح والعظمة, ذات قوائم, وفم كبير, وشكل هائل مزعج "ونزع يده" أي من جبيه "فإذا هي بيضاء للناظرين" أي تتلألأ كقطعة من القمر, فبادر فرعون بشقاوته إلى التكذيب والعناد, فقال للملإ حوله "إن هذا لساحر عليم" أي فاضل بارع في السحر, فروج عليهم فرعون أن هذا من قبيل السحر لا من قبيل المعجزة, ثم هيجهم وحرضهم على مخالفته والكفر به, فقال "يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره" الاية, أي أراد أن يذهب بقلوب الناس معه بسبب هذا, فيكثر أعوانه وأنصاره وأتباعه, ويغلبكم على دولتكم, فيأخذ البلاد منكم, فأشيروا علي فيه ماذا أصنع به ؟ "قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين * يأتوك بكل سحار عليم" أي أخره وأخاه حتى تجمع له من مدائن مملكتك وأقاليم دولتك كل سحار عليم يقابلونه, ويأتون بنظير ما جاء به, فتغلبه أنت, وتكون لك النصرة والتأييد, فأجابهم إلى ذلك. وكان هذا من تسخير الله تعالى لهم في ذلك ليجتمع الناس في صعيد واحد, وتظهر آيات الله وحججه وبراهينه على الناس في النهار جهرة.
32- "فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين" وقد تقدم تفسير هذا وما بعده في سورة الأعرفا، واشتقاق الثعبان من ثعبت الماء في الأرض فانثعب: أي فجرته فانفجر، وقد عبر سبحانه في موضع آخر مكان الثعبان بالحية بقوله: "فإذا هي حية تسعى" وفي موضع بالجان، فقال: "كأنها جان" والجان هو المائل إلى الصغر، والثعبان هو المائل إلى الكبر، والحية جنس يشمل الكبير والصغير، ومعنى "فماذا تأمرون" ما رأيكم فيه وما مشورتكم في مثله؟ فأظهر لهم الميل إلى ما يقولونه تألفاً لهم واستجلاباً لمودتهم، لأنه قد أشرف ما كان فيه من دعوى الربوبية على الزوال، وقارب ما كان يغرر به عليهم الاضمحلال، وإلا فهو أكبر تيهاً وأعظم كبراً من أن يخاطبهم مثل هذه المخاطبة المشعرة بأنه فرد من أفرادهم وواحد منهم، مع كونه قبل هذا الوقت يدعي أنه إلههم ويذعنون له بذلك ويصدقونه في دعواه.
32- "فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين"، فقال: وهل غيرها؟
32 -" فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين " ظاهر ثعبانيته واشتقاق الثعبان من ثعبت الماء فانثعب إذا فجرته فانفجر .
32. Then he Sung down his staff and it became a serpent manifest,
32 - So (Moses) threw his rod, and behold, it was a serpent, plain (for all to see)!