[الشعراء : 212] إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ
212 - (إنهم عن السمع) لكلام الملائكة (لمعزولون) بالشهب
القول في تأويل قوله تعالى :" إنهم عن السمع لمعزولون " .
قوله تعالى : " إنهم عن السمع لمعزولون " أي برمي الشهب كما مضى في سورة ( الحجر ) بيانه . وقرأ الحسن و محمد بن السميع : " وما تنزلت به الشياطين " قال المهدوي : وهو غير جائز في العربية ومخالف للخط . وقال النحاس : وهذا غلطط عند جميع النحويين ، وسمعت علي ين سليمان يقول سمعت محمد بن يزيد يقول : هذا غلط عند العلماء ، إنما يكون بدخلو شبهة ، لما رأى الحسن في آخره ياء ونوناً وهو في موضع رفع اشتبه عليه بالجمع المسلم فغلط ، وفي الحديث : " احذروا زلة العالم " وقد قرأ هو مع الناس : " وإذا خلوا إلى شياطينهم " [ البقرة : 14] ولو كان هذا بالواو في موضع رفع لوجب حذف النون للإضافة . وقال الثعلبي : قال الفراء : غلط الشيخ _ يعني الحسن _ فقيل ذلك للنضر بن شميل فقال : إن جاز أن يحتج بقول رؤبة والعجاج وذويهما ، وجاز أن يحتج بقول الحسن وصاحبه . مع أنا نعلم أنهما لم يقرأ بذلك إلا وقد سمعا في ذلك شيئاً ، وقال المؤرج : إن كان الشيطان من شاط يشيط كان لقراءتهما وجه . وقال يونس بن حبيب : سمعت أعرابياً يقول دخلنا بساتين من ورائها بساتون ، فقلت : ما أشبه هذا بقراءة الحسن .
يقول تعالى مخبراً عن كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد أنه نزل به الروح الأمين المؤيد من الله "وما تنزلت به الشياطين" ثم ذكر أنه يمتنع عليهم ذلك من ثلاثة أوجه: أحدها أنه ما ينبغي لهم, أي ليس هو من بغيتهم ولا من طلبتهم, لأن من سجاياهم الفساد وإضلال العباد, وهذا فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, ونور وهدى وبرهان عظيم, فبينه وبين الشياطين منافاة عظيمة, ولهذا قال تعالى: "وما ينبغي لهم".
وقوله تعالى: "وما يستطيعون" أي ولو انبغى لهم ما استطاعوا ذلك, قال الله تعالى: "لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله" ثم بين أنه لو انبغى لهم واستطاعوا حمله وتأديته, لما وصلوا إلى ذلك, لأنهم بمعزل عن استماع القرآن حال نزوله, لأن السماء ملئت حرساً شديداً وشهباً في مدة إنزال القرآن على رسول الله, فلم يخلص أحد من الشياطين إلى استماع حرف واحد منه لئلا يشتبه الأمر, وهذا من رحمة الله بعباده, وحفظه لشرعه, وتأييده لكتابه ولرسوله, ولهذا قال تعالى: "إنهم عن السمع لمعزولون" كما قال تعالى مخبراً عن الجن " وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا * وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا * وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا ".
212- "إنهم عن السمع" للقرآن، أو لكلام الملائكة "لمعزولون" محجوبون مرجومون بالشهب. وقرأ الحسن وابن السميفع والأعمش وما تنزلت به الشياطين بالواو والنون إجراءً له مجرى السلامة. قال النحاس: وهذا غلط عند جميع النحويين. قال: وسمعت علي بن سليمان يقول: سمعت محمد بن يزيد يقول: هذا من غلط العلماء، وإنما يكون بشبهة لما رأى الحسن في آخره ياء ونوناً، وهو في موضع رفع اشتبه عليه بالجمع السالم فغلط. قال الفراء: غلط الشيخ: يعني الحسن، فقيل ذلك للنضر بن شميل فقال: إن جاز أن يحتج بقوله رؤبة والعجاج وذويهما جاز أن يحتج بقول الحسن وصاحبه: يعني محمد بن السميفع مع أنا نعلم أنهما لم يقرآ بذلك إلا وقد سمعا فيه شيئاً. وقال المؤرج: إن كان الشيطان من شاط يشيط كان لقراءتهما وجه. قال يونس بن حبيب: سمعت أعرابياً يقول: دخلنا بساتين من ورائها بساتون. ثم لما قرر سبحانه حقية القرآن وأنه منزل من عنده أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بدعاء الله وحده.
212- "إنهم عن السمع"، أي: عن استراق السمع من السماء، "لمعزولون"، أي: محجوبون بالشهب مرجومون.
212 -" إنهم عن السمع " لكلام الملائكة . " لمعزولون " لأنه مشروط بمشاركة في صفاء الذات وقبول فيضان الحق والانتقاش بالصور الملكوتية ، ونفوسهم خبيثة ظلمانية شريرة بالذات لا تقبل ذلك والقرآن مشتمل على حقائق ومغيبات لا يمكن تلقيها إلا من الملائكة .
212. Lo! verily they are banished from the hearing.
212 - Indeed they have been removed far from even (a chance of) hearing it.