[النور : 2] الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ
2 - (الزانية والزاني) غير المحصنين لرجمها بالسنة وأل فيما ذكر موصولة وهو مبتدأ ولشبهه بالشرط دخلت الفاء في خبره وهو (فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة) ضربة يقال جلده ضرب جلده ويزاد على ذلك بالسنة تغريب عام والرقيق على النصف مما ذكر (ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) حكمه بأن تتركوا شيئا من حدهما (إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) يوم البعث في هذا تحريض على ما قبل الشرط وهو جوابه أو دال على جوابه (وليشهد عذابهما) الجلد (طائفة من المؤمنين) قيل ثلاثة وقيل أربعة عدد شهود الزنا
يقول تعالى ذكره : من زنى من الرجال ، أو زنت من النساء ، وهو حر بكر غير محصن بزوج ، فاجلدوه ضربا مائة جلدة ، عقوبة لما صنع ، وأتى من معصية الله " ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله " يقول تعالى ذكره : لا تأخذكم بالزاني والزانية أيها المؤمنون رأفة ، وهي رقة الرحمة في دين الله ، يعني في طاعة الله فيما أمركم به من إقامة الحد عليهما ، على ما ألزمكم به .
واختلف أهل التأويل في لمنهي عنه المؤمنون من أخذ الرأفة بهما ، فقال بعضهم : هو ترك إقامة حد الله عليهما ، فأما إذا أقيم عليهما الحد ، فلم تأخذهم بهما رأفة في دين الله .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو هشام ، قال : ثنا يحيى بن أبي زائدة ، عن نافع بن عمر ، عن ابن أبي مليكة ، عن عبيد الله بن عبدالله بن عمر ، قال : جلد ابن عمر جارية له أحدثت ، فجلد رجليها ، قال نافع ، : وحسبت أنه قال : وظهرها ، فقلت " ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله " فقال : وأخذتني بها رأفة ، إن الله لم يأمرني أن أقتلها .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن ابن جريج ، قال : سمعت عبدالله بن أبي مليكة يقول : ثني عبيد الله بن عمر ، أن عبدالله بن عمر حد جارية له ، فقال للجالد ، وأشار إلى رجلها ، وإلى أسفلها ، قلت : فأين قول الله " ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله " قال : أفأقتلها ؟
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله " قال : أن تقيم الحد .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن أبي جريج "ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله " قال : لا تضيعوا حدود الله .
قال ابن جريج : وقال مجاهد : " ولا تأخذكم بهما رأفة " : لا تضيعوا الحدود في أن تقيموها ، وقالها عطاء بن أبي رباح .
حدثنا أبو هشام ، قال : ثنا عبد الملك و حجاج ، عن عطاء " ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله " قال : يقام حد الله ولا يعطل ، وليس بالقتل .
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثني محمد بن فضيل ، عن داود ، عن سعيد بن جبير ، قال : الجلد .
حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري ، قال : ثنا محمد بن فضيل ، عن المغيرة ، عن إبراهيم ، في قوله " ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله " قال : الضرب .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا المعتمر ، قال : سمعت عمران ، قال : قلت لأبي مجلز "الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما " ... إلى قوله " واليوم الآخر " إنا لنرحمهم أن يجلد الرجل حدا ، أو تقطع يده ، قال : إنما ذلك أنه ليس للسلطان إذا رفعوا إليه أن يدعهم رحمة لهم حتى يقيم الحد .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله " ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله " قال : لا تقام الحدود .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " ولا تأخذكم بهما رأفة " فتدعوهما من حدود الله التي أمر بها ، وافترضها عليهما .
قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا ابن لهيعة ، عن خالد بن أبي عمران ، أنه سأل سليمان بن يسار ، عن قول الله " ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله " أي في الحدود ، أو في العقوبة ؟ قال : ذلك فيهما جميعا .
حدثنا عمرو بن عبد الحميد الآملي ، قال : ثنا يحيى بن زكريا ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عطاء في قوله " ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله " قال : أن يقام حد الله ، ولا يعطل ، وليس بالقتل .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن عطاء ، عن عامر في قوله " ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله " قال : الضرب الشديد .
وقال آخرون : بل معنى ذلك " ولا تأخذكم بهما رأفة " فتخففوا الضرب عنهما ، ولكن أوجعوهما ضربا .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا يحيى بن أبي بكر ، قال : ثنا أبو جعفر ، عن قتادة ، عن الحسن و سعيد بن المسيب " ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله " قال : الجلد الشديد .
قال ثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن حماد ، قال : يحد القاذف والشارب وعليهما الجلد فقلت لحماد : أهذا في الحكم ؟ قال : في الحكم والجلد .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، قال : يجتهد في حد الزاني والفرية ، ويخفف في حد الشرب . وقال قتادة : يخفف في الشراب ، ويجتهد في الزاني .
وأولى القولين في ذلك بالصواب : قول من قال : معنى ذلك : ولا تأخذكم بهما رأفة في إقامة حد الله عليهما ، الذي افترض عليكم إقامته عليهما .
وإنما قلنا ذلك أولى التأويلين بالصواب ، لدلالة قول الله بعده " في دين الله " ، يعين في طاعة الله التي أمركم بها ، ومعلوم أن دين الله الذي أمر به في الزانيين : إقامة الحد عليهما ، على ما أمر من جلد كل واحد منهما مائة جلدة ، مع أن الشدة في الضرب لا حد لها يوقف عليه ، وكل ضرب أوجع فهو شديد ، وليس الذي يوجع في الشدة حد لا زيادة فيه ، فيؤمر به . وغير جائز وصفه جل ثناؤه بأنه أمر بما لا سبيل للمأمور به إلى معرفته . وإذا كان ذلك كذلك ، فالذي للمأمورين إلى معرفته السبيل هو عدد الجلد على ما أمر به ، وذلك هو إقامة الحد على ما قلنا . وللعرب في الرأفة لغتان : الرأفة بتسكين الهمزة ، والرآفة بمدها ، كالسأمة والسآمة ، والكأبة والكآبة . وكأن الرأفة المرة الواحدة ، والرآفة المصدر ، كما قيل : ضؤل ضآلة ، مثل فعل فعالة ، وقبح قباحة .
وقوله " إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر " يقول : إن كنتم تصدقون بالله ربكم وباليوم الآخر ، وأنكم فيه مبعوثون لحشر القيامة ، وللثواب والعقاب ، فإن من كان بذلك مصدقا ، فإنه لا يخالف الله في أمره ونهيه ، خوف عقابه على معاصيه . وقوله " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين " يقول تعالى ذكره : وليحضر جلد الزانيين البكرين وحدهما إذا أقيم عليهما طائفة من المؤمنين . والعرب تسمي الواحد فما زاد : طائفة . وقوله " من المؤمنين " يقول : من أهل الإيمان بالله ورسوله .
وقد اختلف أهل التأويل في مبلغ عدد الطائفة الذي أمر الله بشهود عذاب الزانيين البكرين ، فقال بعضهم : أقله واحد.
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : الطائفة : رجل .
حدثنا علي بن سهل بن موسى بن إسحاق الكناني و ابن القواس ، قالا : ثنا يحيى بن عيسى ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين " قال : الطائفة رجل ، قال علي : فما فوق ذلك ، وقال ابن القواس : فأكثر من ذلك .
حدثنا علي ، قال : ثنا زيد ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : الطائفة : رجل .
حدثنا يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، قال : قال ابن نجيح " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين " قال مجاهد : أقله رجل .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا هشيم ، قال : أخبرنا أبو بشر ، عن مجاهد ، في قوله " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين " قال : الطائفة : الواحد إلى الألف .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن مجاهد في هذه الآية " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين " قال : الطائفة واحد إلى الألف ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ) الحجرات : 9.
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثني وهب بن جرير ، قال : ثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن مجاهد ، قال : الطائفة : الرجل الواحد إلى الألف ، قال ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ) الحجرات : 9 غنما كانا رجلين .
حدثنا القاسم ،قال : ثنا الحسين ، قال : سمعت عيسى بن يونس ، يقول : ثنا النعمان بن ثابت ، عن حماد و إبراهيم قالا : الطائفة : رجل .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : اخبرنا الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين " قال : الطائفة : رجل واحد فما فوقه .
وقال آخرون : أقلة في هذا الموضع رجلان .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا ابن علية ، قال : ثنا ابن أبي نجيح ، في قوله " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين " قال : قال عطاء : أقله رجلان .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، أخبرني عمر بن عطاء عن عكرمة قال : ليحضر رجلان فصاعدا .
وقال آخرون : أقل ذلك ثلاثة فصاعدا .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا عيسى بن يونس ، عن ابن أبي ذئب ، عن الزهري ، قال : الطائفة : الثلاثة فصاعدا .
حدثنا محمد بن عيد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين " قال : نفر من المسلمين .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، مثله .
حدثني أبو السائب ، قال : ثنا حفص بن غياث ، قال : ثنا أشعث ، عن أبيه ، قال : أتيت أبا برزة الأسلمني في حاجة ، وقد أخرج جارية إلى باب الدار ، وقد زنت ، فدعا رجلا فقال : اضربها خمسين ، فدعا جماعة ، ثم قرأ " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين " .
حدثنا أبو هشام الرفاعي ، قال : ثنا يحيى ، عن أشعث ، عن أبيه ، أن أبا برزة أمر ابنه أن يضرب جارية له ولدت من الزنا ، ضربا غير مبرح ، فألقى عليها ثوبا وعنده قوم ، وقرأ " وليشهد عذابهما " الآية .
وقال آخرون : بل أقل ذلك أربعة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين " قال : فقال : الطائفة التي يجب بها الحد أربعة .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب : قول من قال : أقل ما ينبغي حضور لك من عدد المسلمين : الواحد فصاعدا ، وذلك أن الله عم بقوله " وليشهد عذابهما طائفة " والطائفة : قد تقع عند العرب على الواحد فصاعدا . فإذ كان ذلك كذلك ، ولم يكن الله تعالى ذكره وضع دلالة على أن مراده من ذلك خاص من العدد ، كان معلوما أن حضور ما وقع عليه أدنى اسم الطائفة ذلك المحضر مخرج مقيم الحد ، مما أمره الله به بقوله " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين " غير أني وإن كان الأمر على ما وصفت ، أستحب أن لا يقصر بعدد من يحضر ذلك الموضع عن أربعة أنفس ، عدد من تقبل شهادته على الزنا ، لأن ذلك إذا كان كذلك ، فلا خلاف بين الجميع أنه قد أدى المقيم الحد ما عليه في ذلك ، وهم فيما دون ذلك مختلفون .
فيه إحدى وعشرون مسألة:
الأولى: قوله تعالى: " الزانية والزاني " كان الزنى في اللغة معروفاً قبل الشرع، مثل اسم السرقة والقتل. وهو اسم لوطء الرجل امرأة في فرجها من غير نكاح ولا شبهة نكاح بمطاوعتها. وإن شئت قلت: هو إدخال فرج في فرج مشتهىً طبعاً محرم شرعاً، فإذا كان ذلك وجب الحد. وقد مضى الكلام في حج الزنى وحقيقته وما للعلماء في ذلك. وهذه الآية ناسخة لآية الحبس وآية الأذى اللتين في سورة ((النساء)) باتفاق.
الثانية: قوله تعالى: " مائة جلدة " هذا حد الزاني الحر البالغ البكر، وكذلك الزانية البالغة البكر الحرة. وثبت بالسنة تغريب عام، على الخلاف في ذلك. وأما المملوكات فالواجب خمسون جلدة، لقوله تعالى: " فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب " [النساء: 25] وهذا في الأمة، ثم العبد في معناها. وأما المحصن من الأحرار فعليه الرجم دون الجلد. ومن العلماء من يقول: يجلد مائة ثم يرجم. وقد مضى هذا كله ممهداً في ((النساء)) فأغنى عن إعادته، والحمد لله.
الثالثة: قرأ الجمهور " الزانية والزاني " بالرفع. وقرأ عيس بن عمر الثقفي " الزانية " بالنصب، وهو أوجه عند سيبويه، لأنه عنده كقولك: زيداً اضرب. ووجه الرفع عنده: خبر ابتداء، وتقديره: فيما يتلى عليكم حكم الزانية والزاني. وأجمع الناس على الرفع وإن كان القياس عند سيبويه النصب. وأما الفراء والمبرد و الزجاج فإن الرفع عندهم هو الأوجه، والخبر في قوله: " فاجلدوا " لأن المعنى: الزانية والزاني مجلودان بحكم الله، وهو قول جيد، وهو قول أكثر النحاة. وإن شئت قدرت الخبر: ينبغي أن يجلدا. وقرأ ابن مسعود والزان بغير ياء.
الرابعة: ذكر الله سبحانه وتعالى الذكر والأنثى، والزاني كان يكفي منهما، فقيل: ذكرهما للتأكيد، كما قال تعالى: " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " [المائدة: 38]. ويحتمل أن يكون ذكرهما هنا لئلا يظن ظان أن الرجل لما كان هو الواطىء والمرأة محل ليست بواطئة فلا يجب عليها حد، فذكرها رفعاً لهذا الإشكال الذي أوقع جماعة من العلماء منهم الشافعي . فقالوا: لا كفارة على المرأة في الوطء في رمضان، " لأنه قال جامعت أهلي في نهار رمضان، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: كفر ". فأمره بالكفارة، والمرأة ليست بمجامعة ولا واطئة.
الخامسة: قدمت " الزانية " في هذه الآية من حيث كان في ذلك الزمان زنى النساء فاش، وكان لإماء العرب وبغايا الوقت رايات، وكن مجاهرات بذلك. وقيل: لأن الزنى في النساء أعر وهو لأجل الحبل أضر. وقيل: لأن الشهوة في المرأة أكثر وعليها أغلب، فصدرها تغليظاً لتردع شهوتها، وإن كان قد ركب فيها حياء لكنها إذا زنت ذهب الحياء كله. وأيضاً فإن العار بالنساء ألحق إذ موضوعهن الحجب والصيانة فقدم ذكرهن تغليظاً واهتماماً.
السادسة: الألف واللام في قوله: " الزانية والزاني " للجنس، وذلك يعطي أنها عامة في جميع الزناة. ومن قال بالجلد مع الرجم قال: السنة جاءت بزيادة حكم فيقام مع الجلد. وهو قول إسحاق بن راهويه و الحسن بن أبي الحسن ، وفعله علي بن أبي طالب رضي الله عنه بشراحة، وقد مضى في ((النساء)) بيانه. وقال الجمهور: هي خاصة في البكرين، واستدلوا على أنها غير عامة بخروج العبيد والإماء منها.
السابعة: نص الله سبحانه وتعالى على ما يجب على الزانيين إذا شهد بذلك عليهما، على ما يأتي، وأجمع العلماء على القول به. واختلفوا فيما يجب على الرجل يوجد مع المرأة في ثوب واحد، فقال إسحاق بن راهويه: يضر كل واحد منهما مائة جلدة. وروي ذلك عن عمر وعلي، وليس يثبت ذلك عنهما. وقال عطاء وسفيان الثوري: يؤدبان. وبه قال مالك و أحمد ، على قدر مذاهبهم في الأدب. قال ابن المنذر : والأكثر ممن رأيناه يرى على من وجد على هذه الحال الأدب. وقد مضى في ((هود)) اختيار ما في هذه المسألة، والحمد لله وحده.
الثامنة: قوله تعالى: " فاجلدوا " دخلت الفاء لأنه موضع أمر والأمر مضارع للشرط. وقال المبرد: فيه معنى الجزاء، أي إن زنى زان فافعلوا به كذا، ولهذا دخلت الفاء، وهكذا " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " [المائدة: 38].
التاسعة: لا خلاف أن المخاطب بهذا الأمر الإمام ومن ناب منابه. وزاد مالك و الشافعي : السادة في العبيد. قال الشافعي : في كل جلد وقطع. وقال مالك : في الجلد دون القطع. وقيل: الخطاب للمسلمين، لأن إقامة مراسم الدين واجبة على المسلمين، ثم الإمام ينوب عنهم، إذ لا يمكنهم الاجتماع على إقامة الحدود.
العاشرة: أجمع العلماء على أن الجلد بالسوط يجب. والسوط الذي يجب أن يجلد به يكون سوطاً بين سوطين، لا شديداً ولا ليناً. وروى مالك عن زيد بن أسلم " أن رجلاً اعترف على نفسه بالزنى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوط مكسور، فقال: فوق هذا، فأتى بسوط جديد لم تقطع ثمرته، فقال: دون هذا، فأتي بسوط قد ركب به ولان. فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلد "... الحديث. قال أبو عمر: هكذا روى هذا الحديث مرسلاً جميع رواة الموطأ ، ولا أعلمه يستند بهذا اللفظ بوجه من الوجوه، وقد روى معمر عن يحيى بن أبي كثير عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله سواء. وقد تقدم في ((المائدة)) ضرب عمر قدامة في الخمر بسوط تام. يريد وسطاً.
الحادية عشرة: اختلف العلماء في تجريد المجلود في الزنى، فقال مالك و أبو حنيفة وغيرهما: يجرد، ويترك على المرأة ما يسترها دون ما يقيها الضرب. وقال الأوزاعي : الإمام مخير إن شاء جرد وإن شاء ترك. وقال الشعبي و النخعي : لا يجرد، ولكن يترك عليه قميص. قال ابن مسعود: لا يحل في هذه الأمة تجريد ولا مد، وبه قال الثوري .
الثانية عشرة: اختلف العلماء في كيفية ضرب الرجال والنساء، فقال مالك : الرجل والمرأة في الحدود كلها سواء، لا يقام واحد منهما، ولا يجزي عنده إلا في الظهر. وأصحاب الرأي و الشافعي يرون أن يجلد الرجل وهو واقف، وهو قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وقال الليث و أبو حنيفة و الشافعي : الضرب في الحدود كلها وفي التعزير مجرداً قائماً غير ممدود، إلا حد القذف فإنه يضرب وعليه ثيابه. وحكاه المهدوي في التحصيل عن مالك . وينزع عنه الحشو والفرو. وقال الشافعي : إن كان مده صلاحاً مد.
الثالثة عشرة: واختلفوا في المواضع التي تضرب من الإنسان في الحدود، فقال مالك : الحدود كلها لا تضرب إلا في الظهر، وكذلك التعزير. وقال الشافعي وأصحابه: يتقى الوجه والفرج وتضرب سائر الأعضاء، وروي عن علي. وأشار ابن عمر بالضرب إلى رجلي أمة جلدها في الزنى. قال ابن عطية : والإجماع في تسليم الوجه والعورة والمقاتل. واختلفوا في ضرب الرأس، فقال الجمهور: يتقى الرأس. وقال أبو يوسف : يضرب الرأس. وروي عن عمر وابنه فقالا: يضرب الرأس. وضرب عمر رضي الله عنه صبيغاً في رأسه وكان تغزيراً لا حداً. ومن حجة مالك ما أدرك عليه الناس، وقوله عليه السلام: " البينة وإلا حد في ظهرك " وسيأتي.
الرابعة عشرة: الضرب الذي يجب هو أن يكون مؤلماً لا يجرح ولا يبضع، ولا يخرج الضارب يده من تحت إبطه. وبه قال الجمهور، وهو قول علي وابن مسعود رضي الله عنهما. وأتي عمر رضي الله عنه برجل في حد فأتى بسوط بين سوطين وقال للضارب: اضرب ولا يرى إبطك، وأعط كل عضو حقه. وأتى رضي الله عنه بشارب فقال: لأبعثنك إلى رجل لا تأخده فيك هوادة، فبعثه إلى مطيع بن الأسود العدوي فقال: إذا أصبحت الغد فاضربه الحد، فجاء عمر رضي الله عنه وهو يضربه ضرباً شديداً فقال: قتلت الرجل! كم ضربته؟ فقال ستين، فقال: أقص عنه بعشرين. قال أبو عبيدة: ((أقص عنه بعشرين)) يقول: اجعل شدة هذا الضرب الذي ضربته قصاصاً بالعشرين التي بقيت ولا تضربه العشرين. وفي هذا الحديث من الفقه أن ضرب الشارب ضرب خفيف. وقد اختلف العلماء في أشد الحدود ضرباً وهي:
الخامسة عشرة: فقال مالك وأصحابه والليث بن سعد: الضرب في الحدود كلها سواء، ضرب غير مبرح، ضرب بين ضربين. وهو قول الشافعي رضي الله عنه. وقال أبو حنيفة وأصحابه: التعزير أشد الضرب، وضرب الزنى أشد من الضرب في الخمر، وضرب الشارب أشد من ضرب القذف. وقال الثوري : ضرب الزنى أشد من ضرب القذف، وضرب القذف أشد من ضرب الخمر. احتج مالك بورود التوقيف على عدد الجلدات ولم يرد في شيء منها تخفيف ولا تثقيل عمن يجب التسليم له. احتج أبو حنيفة بفعل عمر، فإنه ضرب في التعزير ضرباً أشد منه في الزنى. احتج الثوري بأن الزنى لما كان أكثر عدداً في الجلدات استحال أن يكون القذف أبلغ في النكاية. وكذلك الخمر، لأنه لم يثبت فيه الحد إلا بالاجتهاد وسبيل مسائل الاجتهاد لا يقوى قوة مسائل التوقيف.
السادسة عشرة: الحد الذي أوجب الله في الزنى والخمر والقذف وغير ذلك ينبغي أن يقام بين أيدي الحكام، ولا يقيمه إلا فضلاء الناس وخيارهم يختارهم الإمام لذلك. وكذلك كانت الصحابة تفعل كلما وقع لهم شيء من ذلك، رضي الله عنهم. وسبب ذلك أن قيام بقاعدة شرعية وقربة تعبدية، تجب المحافظة على فعلها وقدرها ومحلها وحالها، بحيث لا يتعدى شيء من شروطها ولا أحكامها، فإن دم المسلم وحرمته عظيمة، فيجب مراعاته بكل ما أمكن. روى الصحيح عن حضين بن المنذر أبي ساسان قال: شهدت عثمان بن عفان وأتي بالوليد قد صلى الصبح ركعتين ثم قال: أزيدكم؟ فشهد عليه رجلان، أحدهما حمران أنه شرب الخمر، وشهد آخر أنه رآه يتقيأ، فقال عثمان: إنه لم يتقيأ حتى شربها، فقال: يا علي قم فاجلده. فقال علي: قم يا حسن فاجلده. فقال الحسن : ول حارها من تولى قارها (فكأنه وجد عليه) فقال: يا عبد الله بن جعفر، قم فاجلده، فجلده وعلي يعد ... الحديث. وقد تقدم في المائدة. فانظر قول عثمان للإمام علي: قم فاجلده.
السابعة عشرة: نص الله تعالى على عدد الجلد في الزنى والقذف، وثبت التوقيف في الخمر على ثمانين من فعل عمر في جميع الصحابة - على ما تقدم في المائدة - فلا يجوز أن يتعدى الحد في ذلك كله. قال ابن العربي : ((هذا ما لم يتتابع الناس في الشر ولا احلولت لهم المعاصي، حتى يتخذوها ضراوة ويعطفون عليها بالهداوة فلا يتناهوا عن منكر فعلوه، فحينئد تتعين الشدة ويزاد الحد لأجل زيادة الذنب. وقد أتي عمر بسكران في رمضان فضربه مائة، ثمانين حد الخمر وعشرين لهتك حرمة الشهر. فهكذا يجب أن تركب العقوبات على تغليظ الجنايات وهتك الحرمات. وقد لعب رجل بصبي فضربه الوالي ثلثمائة سوط فلم يغير ذلك مالك حين بلغه، فكيف لو رأى زماننا هذا بهتك الحرمات والاستهتار بالمعاصي، والتظاهر بالمناكر وبيع الحدود واستيفاء العبيد لها في منصب القضاة، لمات كمداً ولم يجالس أحداً، وحسبنا الله ونعم الوكيل)).
قلت: ولهذا المعنى - والله أعلم - زيد في حد الخمر حتى انتهى إلى ثمانين. وروى الدارقطني ((حدثنا القاضي الحسين بن إسماعيل حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي حدثنا صفوان بن عيسى حدثنا أسامة بن زيد " عن الزهري قال: أخبرني عبد الرحمن بن أزهر قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه سولم يوم حنين وهو يتخلل الناس يسأل عن منزل خالد بن الوليد، فأتي بسكران، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن عنده فضربوه بما في أيديهم. وقال: وحثا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه التراب ". قال: ثم أتي أبو بكر رضي الله عنه بسكران، قال: فتوخى الذي كان من ضربهم يومئذ، فضرب أربعين. قال الزهري ثم أخبرني حميد بن عبد الرحمن عن ابن وبرة الكلبي قال: أرسلني خالد بن الوليد إلى عمر، قال: فأتيته ومعه عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وعلي وطلحة والزبير وهم معه متكئون في المسجد فقلت: إن خالد بن الوليد أرسلني إليك وهو يقرأ عليك السلام ويقول: إن الناس قد انهمكوا في الخمر! وتحاقروا العقوبة فيه، فقال عمر: هم هؤلاء عندك فسلهم. فقال علي: نراه إذا سكر هذى وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون، قال فقال عمر: أبلغ صاحبك ما قال. قال: فجلد خالد ثمانين وعمر ثمانين. قال: وكان عمر إذا أتي بالرجل الضعيف الذي كانت منه الذلة ضربه أربعين. قال: وجلد عثمان أيضاً ثمانين وأربعين)). ومن هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم:
" لو تأخر الهلال لزدتكم " كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا. في رواية:
" لو مد لنا الشهر لواصلنا وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم ". وروى حامد بن يحيى عن سفيان عن مسعر عن عطاء بن أبي مروان أن علياً ضرب النجاشي في الخمر مائة جلدة، ذكره أبو عمر ولم يذكر سبباً.
الثامنة عشرة: قوله تعالى: " ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله " أي لا تمتنعوا عن إقامة الحدود شفقةً على المحدود، ولا تخففوا الضرب من غير إيجاع، هذا قول جماعة أهل التفسير. وقال الشعبي و النخعي وسعيد بن جبير: " لا تأخذكم بهما رأفة " قالوا في الضرب والجلد. وقال أبو هريرة رضي الله عنه: إقامة حد بأرض خير لأهلها من مطر أربعين ليلة، ثم قرأ هذه الآية. والرأفة أرق الرحمة. وقرىء " رأفة " بفتح الألف على وزن فعلة. وقرىء رآفة على وزن فعالى، ثلاث لغات، وهي كلها مصادر، أشهرها الأولى، من رؤف إذا رق ورحم. ويقال: رأفة ورآفة، مثل كأبة وكآبة. وقد رأفت به ورؤفت به. والرؤوف من صفات الله تعالى: العطوف الرحيم.
التاسعة عشرة: قوله تعالى: " في دين الله " أي في حكم الله، كما قال تعالى " ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك " [يوسف: 76] أي في حكمه. وقيل: " في دين الله " أي في طاعة الله وشرعه فيما أمركم به من إقامة الحدود. ثم قررهم على معنى التثبيت والحض بقوله تعالى: " إن كنتم تؤمنون بالله ". وهذا كما تقول لرجل تحضه: إن كنت رجلاً فافعل كذا! أي هذه أفعال الرجال.
الموفية عشرين: قوله تعالى: " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين " قيل: لا يشهد التعذيب إلا من لا يستحق التأديب. قال مجاهد : رجل فما فوقه إلى ألف. وقال ابن زيد: لا بد من حضور أربعة قياساً على الشهادة على الزنى، وأن هذا باب منه، وهو قول مالك و الليث و الشافعي . وقال عكرمة و عطاء : لا بد من اثنين، وهذا مشهور قول مالك ، فرآها موضع شهادة. وقال الزهري : ثلاثة، لأنه أقل الجمع. الحسن : واحد فصاعداً، وعنه عشرة. الربيع: ما زاد على الثلاثة. وحجة مجاهد قوله تعالى: " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة " [التوبة: 122]، وقوله: " وإن طائفتان " [الحجرات: 9]، ونزلت في تقاتل رجلين، فكذلك قوله تعالى: " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ". والواحد يسمى طائفة إلى الألف، وقاله ابن عباس وإبراهيم. وأمر أبو برزة الأسلمي بجارية له قد زنت وولدت فألقى عليها ثوباً، وأمر ابنه أن يضربها خمسين ضربة غير مبرح ولا خفيف لكن مؤلم، ودعا جماعة ثم تلا " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ".
الحادية والعشرون: اختلف في المراد بحضور الجماعة، هل المقصود بها الإغلاط على الزناة والتوبيخ بحضرة الناس، وأن ذلك يردع المحدود، ومن شهده وحضره يتعظ به ويزدجر لأجله، ويشيع حديثه فيعتبر به من بعده، أو الدعاء لهما بالتوبة والرحمة، قولان للعلماء.
الثانية والعشرون: روي عن حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" يا معاشر الناس اتقوا الزنى فإن فيه ست خصال ثلاثاً في الدنيا وثلاثاً في الآخرة فأما اللواتي في الدنيا فيذهب البهاء ويورث الفقر وينقص العمر وأما اللواتي في الآخرة فيوجب السخط وسوء الحساب والخلود في النار ". وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" إن أعمال أمتي تعرض علي في كل جمعة مرتين فاشتد غضب الله على الزناة ". وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله على أمتي فغفر لكل مؤمن لا يشرك بالله شيئاً إلا خمسةً ساحراً أو كاهناً أو عاقاً لوالديه أو مدمن خمر أو مصراً على الزنا ".
يقول تعالى: هذه "سورة أنزلناها" فيه تنبيه على الاعتناء بها ولا ينفي ما عداها "وفرضناها". قال مجاهد وقتادة : أي بينا الحلال والحرام والأمر والنهي والحدود. وقال البخاري : ومن قرأ فرضناها, يقول فرضناها عليكم وعلى من بعدكم "وأنزلنا فيها آيات بينات" أي مفسرات واضحات "لعلكم تذكرون", ثم قال تعالى: "الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة" هذه الاية الكريمة فيها حكم الزاني في الحد, وللعلماء فيه تفصيل ونزاع, فإن الزاني لا يخلو إما أن يكون بكراً وهو الذي لم يتزوج, أو محصناً وهو الذي قد وطى في نكاح صحيح وهو حر بالغ عاقل, فأما إذا كان بكراً لم يتزوج, فإن حده مائة جلدة كما في الاية, ويزاد على ذلك أن يغرب عاماً عن بلده عند جمهور العلماء خلافاً لأبي حنيفة رحمه الله, فإن عنده أن التغريب إلى رأي الإمام: إن شاء غرب وإن شاء لم يغرب, وحجة الجمهور في ذلك ما ثبت في الصحيحين من رواية الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني في الأعرابيين اللذين أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال أحدهما: يا رسول الله إن ابني هذا كان عسيفاً ـ يعني أجيراً ـ على هذا, فزنى بامرأته, فافتديت ابني منه بمائة شاة ووليدة, فسألت أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام, وأن على امرأة هذا الرجم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله تعالى, الوليدة والغنم رد عليك, وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام, واغد يا أنيس ـ لرجل من أسلم ـ إلى امرأة هذا, فإن اعترفت فارجمها فغدا عليها فاعترفت فرجمها", ففي هذا دلالة على تغريب الزاني مع جلد مائة إذا كان بكراً لم يتزوج, فأما إذا كان محصناً وهو الذي قد وطى في نكاح صحيح وهو حر بالغ عاقل فإنه يرجم.
كما قال الإمام مالك حدثني محمد بن شهاب , أخبرنا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن ابن عباس أخبره أن عمر قام فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال: أما بعد, أيها الناس فإن الله تعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق, وأنزل عليه الكتاب فكان فيما أنزل عليه آية الرجم, فقرأناها ووعيناها, ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده, فأخشى أن يطول بالناس زمان أن يقول قائل لا نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة قد أنزلها الله, فالرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء, إذا قامت البينة أو الحبل أو الاعتراف. أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك مطولاً, وهذه قطعة منه فيها مقصودنا ههنا.
وروى الإمام أحمد عن هشيم عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس : حدثني عبد الرحمن بن عوف أن عمر بن الخطاب خطب الناس فسمعته يقول: ألا وإن أناساً يقولون مابال الرجم ؟ في كتاب الله الجلد, وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده, ولولا أن يقول قائل أو يتكلم متكلم أن عمر زاد في كتاب الله ما ليس منه لأثبتها كما نزلت به وأخرجه النسائي من حديث عبيد الله بن عبد الله به, وقد روى الإمام أحمد أيضاً عن هشيم عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال: خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه فذكر الرجم, فقال: لا تخدعن عنه فإنه حد من حدود الله تعالى, ألا وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجم ورجمنا بعده, ولولا أن يقول قائلون: زاد عمر في كتاب الله ما ليس فيه لكتبت في ناحية من المصحف وشهد عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف وفلان وفلان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجم ورجمناه بعده, ألا إنه سيكون من بعدكم قوم يكذبون بالرجم, وبالدجال وبالشفاعة, وبعذاب القبر, وبقوم يخرجون من النار بعدما امتحشوا.
وروى أحمد أيضاً عن يحيى القطان عن يحيى الأنصاري عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب "إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم" الحديث رواه الترمذي من حديث سعيد عن عمر , وقال صحيح . وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري , حدثنا يزيد بن زريع , حدثنا ابن عون عن محمد هو ابن سيرين , قال: نبئت عن كثير بن الصلت قال: كنا عند مروان وفينا زيد , فقال زيد بن ثابت : كنا نقرأ: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة", قال مروان : ألا كتبتها في المصحف ؟ قال: ذكرنا ذلك وفينا عمر بن الخطاب , فقال: أنا أشفيكم من ذلك, قال: قلنا فكيف ؟ قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكر كذا وكذا وذكر الرجم, فقال: يا رسول الله اكتب لي آية الرجم, قال "لا أستطيع الان" هذا أو نحو ذلك. وقد رواه النسائي من حديث محمد بن المثنى عن غندر عن شعبة عن قتادة عن يونس بن جبير عن كثير بن الصلت عن زيد بن ثابت به, وهذه طرق كلها متعددة ودالة على أن آية الرجم كانت مكتوبة فنسخ تلاوتها وبقي حكمها معمولاً به, والله أعلم.
وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجم هذه المرأة وهي زوجة الرجل الذي استأجر الأجير لما زنت مع الأجير, ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعزاً والغامدية, وكل هؤلاء لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم جلدهم قبل الرجم, وإنما وردت الأحاديث الصحاح المتعددة الطرق والألفاظ بالإقتصار على رجمهم وليس فيها ذكر الجلد, ولهذا كان هذا مذهب جمهور العلماء, وإليه ذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي رحمهم الله, وذهب الإمام أحمد رحمه الله إلى أنه يجب أن يجمع على الزاني المحصن بين الجلد للاية, والرجم للسنة.
كما روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه لما أتى بسراحة, وكانت قد زنت وهي محصنة, فجلدها يوم الخميس, ورجمها يوم الجمعة, فقال: جلدتها بكتاب الله, ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد روى الإمام أحمد وأهل السنن الأربعة و مسلم من حديث قتادة عن الحسن عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً, البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام, والثيب بالثيب جلد مائة والرجم". وقوله تعالى: "ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله" أي في حكم الله, أي لا ترحموهما وترأفوا بهما في شرع الله, وليس المنهي عنه الرأفة الطبيعية على إقامة الحد, وإنما هي الرأفة التي تحمل الحاكم على ترك الحد فلا يجوز ذلك. قال مجاهد " ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله " قال: إقامة الحدود إذا رفعت إلى السلطان فتقام ولا تعطل, وكذا روي عن سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح . وقد جاء في الحديث "تعافوا الحدود فيما بينكم, فما بلغني من حد فقد وجب", وفي الحديث الاخر "لحد يقام في الأرض خير لأهلها من أن يمطروا أربعين صباحاً". وقيل المراد "ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله" فلا تقيموا الحد كما ينبغي من شدة الضرب الزاجر عن المأثم, وليس المراد الضرب المبرح.
قال عامر الشعبي "ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله" قال: رحمة في شدة الضرب. وقال عطاء : ضرب ليس بالمبرح. وقال سعيد بن أبي عروبة عن حماد بن أبي سليمان : يجلد القاذف وعليه ثيابه والزاني تخلع ثيابه, ثم تلا "ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله" فقلت هذا في الحكم ؟ قال: هذا في الحكم, والجلد يعني في إقامة الحد وفي شدة الضرب. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي , حدثنا وكيع عن نافع عن ابن عمرو عن ابن أبي مليكة , عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر أن جارية لابن عمر زنت فضرب رجليها, قال نافع : أراه قال وظهرها, قال قلت "ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله" قال: يا بني ورأيتني أخذتني بها رأفة إن الله لم يأمرني أن أقتلها, ولا أن أجعل جلدها في رأسها, وقد أوجعت حين ضربتها. وقوله تعالى: " إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر " أي فافعلوا ذلك وأقيموا الحدود على من زنى, وشددوا عليه الضرب ولكن ليس مبرحاً ليرتدع هو ومن يصنع مثله بذلك, وقد جاء في المسند عن بعض الصحابة أنه قال: يا رسول الله إني لأذبح الشاة وأنا أرحمها: فقال "ولك في ذلك أجر".
وقوله تعالى: "وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين" هذا فيه تنكيل للزانيين إذا جلدا بحضرة الناس, فإن ذلك يكون أبلغ في زجرهما وأنجع في ردعهما, فإن في ذلك تقريعاً وتوبيخاً وفضيحة إذا كان الناس حضوراً. قال الحسن البصري في قوله "وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين" يعني علانية: ثم قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين"الطائفة الرجل فما فوقه. وقال مجاهد : الطائفة رجل إلى ألف, وكذا قال عكرمة , ولهذا قال أحمد : إن الطائفة تصدق على واحد, وقال عطاء بن أبي رباح : اثنان, وبه قال إسحاق بن راهويه , وكذا قال سعيد بن جبير "طائفة من المؤمنين" قال: يعني رجلين فصاعداً, وقال الزهري : ثلاثة نفر فصاعداً.
وقال عبد الرزاق : حدثني ابن وهب عن الإمام مالك في قوله "وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين" قال: الطائفة أربعة نفر فصاعداً, لأنه لا يكفي شهادة في الزنا دون أربعة شهداء فصاعداً, وبه قال الشافعي . وقال ربيعة: خمسة. وقال الحسن البصري : عشرة وقال قتادة : أمر الله أن يشهد عذابهما طائفة من المؤمنين, أي نفر من المسلمين ليكون ذلك موعظة وعبرة ونكالاً. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا يحيى بن عثمان , حدثنا بقية قال: سمعت نصر بن علقمة يقول في قوله تعالى: "وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين" قال: ليس ذلك للفضيحة, إنما ذلك ليدعى الله تعالى لهما بالتوبة والرحمة.

2- "الزانية والزاني"، هذا شروع في تفصيل ما أجمل من الآيات البينات، والارتفاع على الابتداء، والخبر "فاجلدوا كل واحد منهما" أو على الخبرية لسورة كما تقدم، والزنا هو وطء الرجل للمرأة في فرجها من غير نكاح ولا شبهة نكاح. وقيل هو إيلاج فرج في فرج مشتهى طبعاً محرم شرعاً، والزانية هي المرأة المطاوعة للزنا الممكنة منه كما تنبئ عنه الصيغة لا المكرهة، وكذلك الزاني، ودخول الفاء في الخبر لتضمن المبتدأ معنى الشرط على مذهب الأخفش، وأما على مذهب سيبويه فالخبر محذوف، والتقدير: فيما يتلى عليكم حكم الزانية، ثم بين ذلك بقوله: "فاجلدوا" والجلد الضرب، يقال: جلده إذا ضرب جلده، مثل بطنه إذا ضرب بطنه، ورأسه إذا ضرب رأسه، وقوله: "مائة جلدة" هو حد الزاني الحر البالغ البكر، وكذلك الزانية، وثبت بالسنة زيادة على هذا الجلد، وهي تغريب عام، وأما المملوك والمملوكة فجلد كل واحد منهما خمسون جلدة لقوله سبحانه: "فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب" وهذا نص في الإماء، وألحق بهن العبيد لعدم الفارق، وأما من كان محصناً فعليه الرجم بالسنة الصحيحة المتواترة وبإجماع أهل العلم بل وبالقرآن المنسوخ لفظه الباقي حكمه وهو الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة وزاد جماعة من أهل العلم مع الرجم جلد مائة، وقد أوضحنا ما هو الحق في ذلك في شرحنا للمنتقى، وقد مضى الكلام في حد الزنا مستوفى، وهذه الآية ناسخة لآية الحبس وآية الأذى اللتين في سورة النساء. وقرأ عيسى بن عمر الثقفي ويحيى بن يعمر وأبو جعفر وأبو شيبة "الزانية والزاني" بالنصب، قيل وهو القياس عند سيبويه لأنه عنده كقولك زيداً اضرب. وأما الفراء والمبرد والزجاج فالرفع عندهم أوجه به قرأ الجمهور. ووجه تقديم الزانية على الزاني هاهنا أن الزنا في ذلك الزمان كان في النساء أكثر حتى كان لهن رايات تنصب على أبوابهن ليعرفهن من أراد الفاحشة منهن. وقيل وجه التقديم أن المرأة هي الأصل في الفعل، وقيل لأن الشهوة فيها أكثر وعليها أغلب، وقيل لأن العار فيهن أكثر إذ موضوعهن الحجبة والصيانة، فقدم ذكر الزانية تغليظاً واهتماماً. والخطاب في هذه الآية للأئمة ومن قام مقامهم، وقيل للمسلمين أجمعين، لأن إقامة الحدود واجبة عليهم جميعاً، والإمام ينوب عنهم، إذ لا يمكنهم الاجتماع على إقامة الحدود "ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله" يقال رأف يرأف رأفة على وزن فعلة، ورآفة على وزن فعالة، مثل النشأة والنشاءة وكلاهما بمعنى الرقة والرحمة، وقيل هي أرق الرحمة. وقرأ الجمهور " رأفة " بسكون الهمزة، وقرأ ابن كثير بفتحها، وقرأ ابن جريح رآفة بالمد كفعالة، ومعنى "في دين الله" في طاعته وحكمه- كما في قوله: "ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك" ثم قال مثبتاً للمأمورين ومهيجاً لهم "إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر" كما تقول للرجل تحضه على أمر: إن كنت رجلاً فافعل كذا: أي إن كنتم تصدقون بالتوحيد والبعث الذي فيه جزاء الأعمال فلا تعطلوا الحدود "وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين" أي ليحضره زيادة في التنكيل بهما وشيوع العار عليهما وإشهار فضيحتهما، والطائفة الفرقة التي تكون حافة حول الشيء، من الطوف، وأقل الطائفة ثلاثة، وقيل اثنان، وقيل واحد، وقيل أربعة، وقيل عشرة.
قوله عز وجل: 2- "الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة"، أراد إذا كانا حرين بالغين عاقلين بكرين غير محصنين فاجلدوا: فاضربوا كل واحد منهما مائة جلدة، يقال جلده إذا ضرب جلده، كما يقال رأسه وبطنه، إذا ضرب رأسه وبطنه، وذكر بلفظ الجلد لئلا يبرح ولا يضرب بحيث يبلغ اللحم، وقد وردت السنة أنه يجلد مائة ويغرب عاماً وهو قول أكثر أهل العلم، وإن كان الزاني محصناً فعليه الرجم، ذكرناه في سورة النساء.
"ولا تأخذكم بهما رأفة"، رحمة ورفقة، وقرأ ابن كثير رأفة بفتح الهمزة ولم يختلفوا في سورة الحديثث أنها ساكنة لمجاورة قوله ورحمة، والرأفة معنى في القلب، لا ينهى عنه لأنه لا يكون باختيار الإنسان.
روي أن عبد الله بن عمر جلد جارية له زنت، فقال للجلاد: اضرب ظهرها ورجليها، فقال له ابنه: لا تأخذكم بهما رأفة في دين الله، فقال يا بني إن الله عز وجل لم يأمرني بقتلها وقد ضربت فأوجعت.
واختلفوا في معنى الآية، فقال قوم: لا تأخذكم بهما رأفة فتعطلوا الحدود ولا تقيموها، وهذا قول مجاهد وعكرمة وعطاء وسعيد بن جبير والنخعي والشعبي. وقال جماعة: معناها ولا تأخذكم بهما رأفة فتخففوا الضرب ولكن أوجعوهما ضرباً، وهو قول سعيد بن المسيب والحسن، قال الزهري: يجتهد في حد الزنا والفرية ويخفف في حد الشرب. وقال قتادة: يجتهد في حد الزنا ويخفف في الشرب والفرية.
"في دين الله"، أي: في حكم الله، "إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر"، معناه أن المؤمن لا تأخذه الرأفة إذا جاء أمر الله تعالى.
"وليشهد"، وليحضر، "عذابهما" حدهما إذا أقيم عليهما "طائفة"، نفر، "من المؤمنين"، قال مجاهد والنخعي: أقله رجل واحد فما فوق، وقال عكرمة وعطاء: رجلان فصاعداً. وقال الزهري وقتادة: ثلاثة فصاعداً. وقال مالك وابن زيد: أربعة بعدد شهود الزنا.
2 -" الزانية والزاني " أو فيما فرضنا أو أنزلنا حكمها وهو الجلد ، ويجوز أن يرفعا بالابتداء والخبر : " فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة " والفاء لتضمنها معنى الشرط إذ اللام بمعنى الذي ، وقرئ بالنصب على إضمار فعل يفسره الظاهر وهو أحسن من نصب سورة لأجل الأمر والزان بلا ياء ، وإنما قدم " الزانية " لأن الزنا في الأغلب يكون بتعرضها للرجل وعرض نفسها عليه ولأن مفسدته تتحقق بالإضافة إليها ، والجلد ضرب الجلد وهو حكم يخص بمن ليس بمحصن لما دل على أن حد المحصن هو الرجم ، وزاد الشافعي عليه تغريب الحر سنة لقوله عليه الصلاة والسلام " البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام " ، وليس في الآية ما يدفعه لينسخ أحدها الآخر نسخاً مقبولاً أو مردوداً ، وله في العبد ثلاثة أقوال . والإحصان : بالحرية والبلوغ والعقل والإصابة في نكاح صحيح ، واعتبرت الحنفية الإسلام أيضاً وهو مردود برجمه عليه الصلاة والسلام يهوديين ، ولا يعارضه " من أشرك بالله فليس بمحصن " إذ المراد بالمحصن الذي يقتص له من المسلم . " ولا تأخذكم بهما رأفة " رحمة . " في دين الله " في طاعته وإقامة حده فتعطلوه أن تسامحوا فيه ، لذلك قال عليه الصلاة والسلام " لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها " . وقرأ ابن كثير بفتح الهمزة وقرئت بالمد على فعالة . " إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر " فإن الإيمان يقتضي الجد في طاعة الله تعالى والاجتهاد في إقامة حدوده وأحكامه ، وهو من باب التهييج . " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين " زيادة في التنكيل فإن التفضيح قد ينكل أكثر مما ينكل التعذيب ، والـ " طائفة " فرقة يمكن أن تكون حافة حول شيء من الطوف وأقلها ثلاثة وقيل واجداً واثنان ، والمراد جمع يحصل به التشهير .
2. The adulterer and the adulteress, scourge ye each one of them (with) a hundred stripes. And let not pity for the twain withhold you from obedience to Allah, if ye believe in Allah and the Last Day. And let a party of believers witness their punishment.
2 - The woman and the man guilty of adultery or fornication, flog each of them with a hundred stripes: let not compassion move you in their case, in a matter prescribed by God, if ye believe in God and the Last Day: and let a party of the Believers witness their punishment.