[النور : 16] وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ
16 - (ولولا) هلا (إذ) حين (سمعتموه قلتم ما يكون) ما ينبغي (لنا أن نتكلم بهذا سبحانك) هو للتعجب هنا (هذا بهتان) كذب (عظيم)
يقول تعالى ذكره : " فلولا " أيها الخائضون في الإفك ، الذي جاءت به عصبة منكم " إذ سمعتموه " ممن جاء به " قلتم " ما يحل لنا أن نتكلم بهذا ، وما ينبغي لنا أن نتفوه به " سبحانك هذا بهتان عظيم "تنزيها لك يا رب ، وبراءة إليك مما جاء به هؤلاء . " هذا بهتان عظيم " يقول : هذا القول بهتان عظيم .
الرابعة عشرة: قوله تعالى: " ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم * يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين * ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم " عتاب لجميع المؤمنين، أي كان ينبغي عليكم أن تنكروه ولا يتعاطاه بعضكم من بعض على جهة الحكاية والنقل، وأن تنزهوا الله تعالى عن أن يقع هذا من زوج نبيه عليه الصلاة والسلام، وأن تحكموا على هذه المقالة بأنها بهتان، وحقيقة البهتان أن يقال في الإنسان ما ليس فيه، والغيبة أن يقال في الإنسان ما فيه. وهذا المعنى قد جاء في صحيح الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. ثم وعظهم تعالى في العودة إلى مثل هذه الحالة. و " أن " مفعول من أجله، بتقدير: كراهية أن، ونحوه.
الخامسة عشرة: قوله تعالى: " إن كنتم مؤمنين " توقيف وتوكيد، كما تقول: ينبغي لك أن تفعل كذا وكذا إن كنت رجلاً.
هذا تأديب آخر بعد الأول الامر بظن الخير, أي إذا ذكر ما لا يليق من القول في شأن الخيرة فأولى ينبغي الظن بهم خيراً, وأن لا يشعر نفسه سوى ذلك, ثم إن علق بنفسه شيء من ذلك وسوسة أو خيالاً, فلا ينبغي أن يتكلم به, فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الله تعالى تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تقل أو تعمل" أخرجاه في الصحيحين . وقال الله تعالى: "ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا" أي ما ينبغي لنا أن نتفوه بهذا الكلام ولا نذكره لأحد "سبحانك هذا بهتان عظيم" أي سبحان الله أن يقال هذا الكلام على زوجة رسوله وحليلة خليله.
ثم قال تعالى: "يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبداً" أي ينهاكم الله متوعداً أن يقع منكم ما يشبه هذا أبداً أي فيما يستقبل, فلهذا قال "إن كنتم مؤمنين" أي إن كنتم تؤمنون بالله وشرعه, وتعظمون رسوله صلى الله عليه وسلم, فأما من كان متصفاً بالكفر فذاك حكم آخر, ثم قال تعالى: " ويبين الله لكم الآيات " أي يوضح لكم الأحكام الشرعية والحكم القدرية "والله عليم حكيم" أي عليم بما يصلح عباده, حكيم في شرعه وقدره.
16- "ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا" هذا عتاب لجميع المؤمنين: أي هلا إذ سمعتم حديث الإفك قلتم تكذيباً للخائضين فيه المفترين له ما ينبغي لنا ولا يمكننا أن نتكلم بهذا الحديث ولا يصدر ذلك منا بوجه من الوجوه، ومعنى قوله: "سبحانك هذا بهتان عظيم" التعجب من أولئك الذين جاءوا بالإفك، وأصله التنزيه لله سبحانه، ثم كثر حتى استعمل في كل متعجب منه، والبهتان هو أن يقال في الإنسان ما ليس فيه: أي هذا كذب عظيم لكونه قيل في أم المؤمنين رضي الله عنها، وصدوره مستحيل شرعاً من مثلها. ثم وعظ سبحانه الذي خاضوا في الإفك.
16- "ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك"، هذا اللفظ ها هنا معناه التعجب، "هذا بهتان عظيم"، أي: كذب عظيم يبهت ويتحير من عظمته. وفي بعض الأخبار أن أم أيوب قالت لأبي أيوب الأنصاري: أما بلغك ما يقول الناس في عائشة؟ فقال أبو أيوب: سبحانك هذا بهتان عظيم، فنزلت الآية على وفق قوله.
16 -" ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا " ما ينبغي وما يصح لنا . " أن نتكلم بهذا " يجوز أن تكون الإشارة إلى القول المخصوص وأن تكون إلى نوعه ، فإن قذف آحاد الناس محرم شرعاً فضلاً عن تعرض الصديقة ابنة الصديق حرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم . " سبحانك " تعجب من ذلك الإفك أو ممن يقول ذلك ، وأصله أن يذكر عند كل متعجب تنزيهاً لله تعالى من أن يصعب عليه مثله ثم كثر فاستعمل لكل متعجب ، أو تنزيه لله تعالى من أن تكون حرمة نبيه فاجرة فإن فجورها ينفر عنه ويخل بمقصود الزواج بخلاف كفرها فيكون تقريراً لما قبله وتمهيداً لقوله : " هذا بهتان عظيم " لعظمة المبهوت عليه فإن حقارة الذنوب وعظمها باعتبار متعلقاتها .
16. Wherefore, when ye heard it, said ye not: It is not for us to speak of this. Glory be to Thee (O Allah) ; This is awful calumny.
16 - And why did ye not, when ye heard it, say? It is not right of us to speak of this: glory to God! this is a most serious slander!