[المؤمنون : 37] إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ
37 - (إن هي) ما الحياة (إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا) بحياة آبائنا (وما نحن بمبعوثين)
وقوله " إن هي إلا حياتنا الدنيا " يقول : ما حياة إلا حياتنا الدنيا التي نحن فيها نموت ونحيا يقول : تموت الأحياء منا فلا تحيا ، ويحدث آخرون منا ، فيولدون أحياء " وما نحن بمبعوثين " : يقول : قالوا : وما نحن بمبعوثين بعد الممات .
كما حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : في قوله " إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين " قال : يقول ليس آخره ولا بعث ، يكفرون بالبعث ، يقولون : إنما هي حياتنا هذه ، ثم نموت ولا نحيا ، يموت هؤلاء ، ويحيا هؤلاء ، يقولون : إنما الناس كالزرع يحصد هذا ، وينبت هذا : يقولون : يموت هؤلاء ، ويأتي آخرون ، وقرأ " وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد " (سبأ : 7) وقرأ " لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم " (سبا : 3) .
قوله تعالى: " إن هي إلا حياتنا الدنيا " " هي " كناية عن الدنيا، أي ما الحياة إلا ما نحن فيه لا الحياة الآخرة التي تعدنا بعد البعث. " نموت ونحيا " يقال: كيف قالوا نموت ونحيا وهم لا يقرون بالبعث؟ ففي هذا أجوبة، منها أن يكون المعنى: نكون مواتا، أي نطفا ثم نحيا في الدنيا. وقيل: فيه تقديم وتأخير، أي إن هي إلا حياتنا الدنيا نحيا فيها ونموت، كما قال: " واسجدي واركعي " [آل عمران: 43]. وقيل: " نموت " يعني الآباء، " ونحيا " يعني الأولاد. " وما نحن بمبعوثين " بعد الموت.
يخبر تعالى أنه أنشأ بعد قوم نوح قرناً آخرين, قيل: المراد بهم عاد, فإنهم كانوا مستخلفين بعدهم, وقيل: المراد بهؤلاء ثمود لقوله: "فأخذتهم الصيحة بالحق" وأنه تعالى أرسل فيهم رسولاً منهم, فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له, فكذبوه وخالفوه وأبوا عن اتباعه لكونه بشراً مثلهم, واستنكفوا عن اتباع رسول بشري, وكذبوا بلقاء الله في القيامة وأنكروا المعاد الجثماني وقالوا: "أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً أنكم مخرجون * هيهات هيهات لما توعدون" أي بعيد بعيد ذلك "إن هو إلا رجل افترى على الله كذباً" أي فيما جاءكم به من الرسالة والنذارة والإخبار بالمعاد "وما نحن له بمؤمنين * قال رب انصرني بما كذبون" أي استفتح عليهم الرسول واستنصر ربه عليهم, فأجاب دعاءه "قال عما قليل ليصبحن نادمين" أي بمخالفتك وعنادك فيما جئتهم به "فأخذتهم الصيحة بالحق" أي وكانوا يستحقون ذلك من الله بكفرهم وطغيانهم, والظاهر أنه اجتمع عليهم صيحة مع الريح الصرصر العاصف القوي الباردة "تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم". وقوله: "فجعلناهم غثاء" أي صرعى هلكى كغثاء السيل, وهو الشيء الحقير التافه الهالك الذي لا ينتفع بشيء منه, "فبعداً للقوم الظالمين" كقوله: "وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين" أي بكفرهم وعنادهم ومخالفة رسول الله, فليحذر السامعون أن يكذبوا رسولهم.
ثم بين سبحانه إترافهم بأنهم قالوا: 37- "إن هي إلا حياتنا الدنيا" أي ما الحياة إلا حياتنا الدنيا، لا الحياة الآخرة التي تعدنا بها، وجملة "نموت ونحيا" مفسرة لما ادعوه من قصرهم حياتهم على حياة الدنيا.
37. " إن هي "، يعنون الدنيا، " إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا "، قيل فيه تقديم وتأخير، أي: نحيا ونموت لأنهم كانوا ينكرون البعث بعد الموت. وقيل: يموت الآباء ويحيا الأبناء. وقيل: يموت قوم ويحيا قوم. " وما نحن بمبعوثين "، بمنشرين بعد الموت.
37ـ " إن هي إلا حياتنا الدنيا " أصله إن الحياة " إلا حياتنا الدنيا " فأقيم الضمير مقام الأولى لدلالة الثانية عليها حذراً عن التكرير وإشعاراً بأن تعينها مغن عن التصريح بها كقوله :
هي النفس ما حملتها تتحمل
ومعناه لا حياة إلا هذه الحياة لأن " أن " نافية دخلت على " هي " التي في معنى الحياة الدالة على الجنس فكانت مثل لا التي تنفي ما بعدها نفي الجنس . " نموت ونحيا " يموت بعضنا ويولد بعض . " وما نحن بمبعوثين " بعد الموت .
37. There is naught but our life of the world; we die and we live, and we shall not be raised (again).
37 - There is nothing but Our life in this world! We shall die and we live! But we shall never be raised up again!