[المؤمنون : 106] قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ
106 - (قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا) وفي قراءة شقاوتنا بفتح أوله وألف وهما مصدران بمعنى (وكنا قوما ضالين) عن الهدية
القول في تأويل قوله تعالى : " قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين " .
قوله تعالى: " قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا " قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وعاصم " شقوتنا " وقرأ الكوفيون إلا عاصماً شقاوتنا. وهذه القراءة مروية عن ابن مسعود و الحسن . ويقال: شقاء وشقاً، بالمد والقصر. وأحسن ما قيل في معناه: غلبت علينا لذاتنا وأهواؤنا، فسمى اللذات والأهواء شقوة، لأنهما يؤديان إليها، كما قال الله عز وجل: " إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا " [النساء: 10]، لأن ذلك يؤديهم إلى النار. وقيل: ما سبق في علمك، وكتب علينا في أم الكتاب من الشقاوة. وقيل: حسن الظن بالنفس وسوء الظن بالخلق. " وكنا قوما ضالين " أي كنا في فعلنا ضالين عن الهدى. وليس هذا اعتذار منهم إنما هو إقرار.
هذا تقريع من الله وتوبيخ لأهل النار على ما ارتكبوه من الكفر والمآثم والمحارم والعظائم التي أوبقتهم في ذلك, فقال تعالى: "ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون" أي قد أرسلت إليكم الرسل, وأنزلت عليكم الكتب, وأزلت شبهكم, ولم يبق لكم حجة, كما قال تعالى: "لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل" وقال تعالى: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً" وقال تعالى: " كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير * قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير * وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير * فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير " ولهذا قالوا: "ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوماً ضالين" أي قد قامت علينا الحجة, ولكن كنا أشقى من أن ننقاد لها ونتبعها, فضللنا عنها ولم نرزقها. ثم قالوا: "ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون" أي ارددنا إلى الدنيا, فإن عدنا إلى ما سلف منا فنحن ظالمون مستحقون للعقوبة, كما قال: " فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل * ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير " أي لا سبيل إلى الخروج لأنكم كنتم تشركون بالله إذا وحده المؤمنون.
وجملة 106- "قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا" مستأنفة جواب سؤال مقدر: أي غلبت علينا لذاته وشهواتنا، فسمى ذلك شقوة، لأنه يؤول إلى الشقاء. قرأ أهل المدينة أبو عمرو وعاصم "شقوتنا" وقرأ الباقون " شقوتنا " وهذه القراءة مروية عن ابن مسعود والحسن "وكنا قوماً ضالين" أي بسبب ذلك فإنهم ضلوا عن الحق بتلك الشقوة.
106. " قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا "، قرأ حمزة و الكسائي : ((شقاوتنا)) بالألف وفتح الشين، وهما لغتان: غلبت علينا شقوتنا التي كتبت علينا فلم نهتد. " وكنا قوماً ضالين "، عن الهدى.
106ـ " قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا " ملكتنا بحيث صارت أحوالنا مؤدية إلى سوء العاقبة ، وقرأ حمزة و الكسائي (( شقوتنا )) بالفتح كالسعادة وقرئ بالكسر كالكتابة . " وكنا قوماً ضالين " عن الحق .
106. They will say: Our Lord! Our evil fortune conquered us, and we were erring folk.
106 - They will say: Our Lord! Our misfortune overwhelmed us, and we became a people astray!