[المؤمنون : 101] فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ
101 - (فإذا نفخ في الصور) القرن النفخة الأولى أو الثانية (فلا أنساب بينهم يومئذ) يتفاخرون بها (ولا يتساءلون) عنها خلاف حالهم في الدنيا لما يشغلهم من عظم الأمر عن ذلك في بعض مواطن القيامة وفي بعضها يفيقون وفي آية فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون
اختلف أهل التأويل في المعني بقوله : " فإذا نفخ في الصور " من النفختين أيتهم عني بها ، فقال بعضهم : عني بها النفخة الأولى .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام بن سلم ، قال : عمرو بن مطوف ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، أن رجلا أتى ابن عباس فقال : سمعت الله يقول : " فلا أنساب بينهم يومئذ " ... الآية . و قال في آية أخرى : " وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون" (الصافات : 27 - الطور : 25) فقال : أما قوله : " فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون " فذلك في النفخة الأولى ، فلا يبقى على الأرض شيء " فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون " وأما قوله " وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون "( الصافات : 27 ـ الطور : 25) فإنهم لما دخلوا الجنة أقبل بعضهم على بعض يتساءلون .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا أبو أحمد قال : ثنا سفيان ، عن السدي ، في قوله : " فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون " قال : في النفخة الأولى .
حدثنا علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : " فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون " فذلك حين ينفخ في الصور فلا حي يبقى إلا الله " وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون " الصافات : 27- الطور : 25 فذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية .
قال أبو جعفر : فمعنى ذلك على هذا التأويل : فإذا نفخ في الصور ، فصعق من في السماوات و من في الأرض إلا من شاء الله ، فلا أنساب بينهم يومئذ يتواصلون بها ، ولا يتساءلون ، ولا يتزاورون ، فيتساءلون عن أحوالهم و أنسابهم .
وقال آخرون : بل عني بذلك النفخة الثانية .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن فضيل ، عن هارون بن أبي وكيع ، قال : سمعت زاذان يقول : أتيت ابن مسعود ، وقد اجتمع الناس إليه في داره ، فلم أقدر على مجلس ، فقلت : يا أبا عبد الرحمن ، من أجل أني رجل من العجم تحقرني ؟ قال : ادن ، قال : فدنوت ، فلم يكن بيني و بينه جليس ، فقال : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة ، على رؤوس الأولين و الآخرين قال وينادي مناد : ألا إن هذا فلان ابن فلان فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه ، قال : فتفرح المرأة يومئذ أن يكون لها حق على ابنها ، أو على أبيها ، أو على أخيها ، أو على زوجها " فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون " .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا عيسى بن يونس ، عن هارون بن عنترة ، عن زاذان ، قال : سمعت ابن مسعود يقول : يؤخذ العبد أو الأمة يوم القيامة ، فينصب على رءوس الأولين و الآخرين ، ثم ينادي مناد ، ثم كر نحوه ، وزاد فيه : فيقول الرب تبارك و تعالى للعبد : أعط هؤلاء حقوقهم ، فيقول : أي رب فنيت الدنيا ، فمن أين أعطيهم ؟ فيقول للملائكة : خذوا من أعماله الصالحة ، و أعطوا لكل إنسان بقدر طلبته ، فإن كان له فضل مثقال حبة من خردل ، ضاعفها الله له ، حتى يدخله بها الجنة ، ثم تلا ابن مسعود : " إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها و يؤت من لدنه أجرا عظيما " النساء : 40 و إن كان عبدا شقيا قالت الملائكة : ربنا ، فنيت حسناته ، و بقي طالبون كثير ، فيقول : خذوا من أعمالهم السيئة ، فأضيفوها إلى سيئاته ، وصكوا له صكا إلى النار .
قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج " فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون " قال : لا يسأل أحد يومئذ بنسب شيئا ، ولا يتساءلون ، ولا يمت إليه برحم .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا محمد بن كثير ، عن حفص بن المغيرة ، عن قتادة ، قال : ليس شيء أبغض إلى الإنسان يوم القيامة من أن يرى من يعافه مخافة أن يذوب له عليه شيء ، ثم قرأ "يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * و صاحبته وبنيه * لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه " عبس : 34 - 37 .
قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا الحكم بن سنان ، عن سدوس صاحب السائري ، عن أنس بن مالك ، قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إذا دخل أهل الجنة الجنة ، و أهل النار النار ، نادى مناد من أهل العرش : يا أهل التظالم تداركوا مظالمكم ، وادخلوا الجنة " .
قوله تعالى: " فإذا نفخ في الصور " المراد بهذا النفخ النفخة الثانية. " فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون " قال ابن عباس: لا يفتخرون بالأنساب في الآخرة كما يفتخرون بها في الدنيا، ولا يتساءلون فيها كما يتساءلون في الدنيا، من أي قبيلة أنت ولا من أي نسب، ولا يتعارفون لهول ما أذهلهم. وعن ابن عباس أن ذلك في النفخة الأولى حين يصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون، ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون، وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون. وسأل رجل ابن عباس عن هذه الآية وقوله: " فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون " [الصافات: 50]فقال: لا يتساؤلون في النفخة الأولى، لأنه لا يبقى على الأرض حي، فلا أنساب ولا تساؤل. وأما قوله: " فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون " فإنهم إذا دخلوا الجنة تساءلوا. وقال ابن مسعود إنما عنى في هذه الآية والنفخة الثانية. وقال أبو عمر زاذان: دخلت على ابن مسعود فوجدت أصحاب الخير واليمنة قد سبقوني إليه، فناديت بأعلى صوتي: يا عبد الله بن مسعود! من أجل أني رجل أعجمي أدنيت هؤلاء وأقصيتني! فقال: ادنه، فدنوت، حتى ما كان بيني وبينه جليس فسمعته يقول: يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة فينصب على رؤوس الأولين والآخرين ثم ينادي مناد: هذا فلان بين فلان، من كان له حق فليأت إلى حقه، فتفرح المرأة أن يدور لها الحق على أبيها أو على زوجها أو على أخيها أو على ابنها ثم قرأ ابن مسعود: " فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون " فيقول الرب سبحانه وتعالى: آت هؤلاء حقوقهم فيقول: يا رب قد فنيت الدنيا فمن أين أوتيهم، فيقول الرب للملائكة: (( خذوا من حسناته فأعطوا كل إنسان بقدر طلبته )) فإن كان ولياً لله فضلت من حسناته مثقال حبة من خردل فيضاعفها الله تعالى حتى يدخله بها الجنة، ثم قرأ ابن مسعود: " إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما " [النساء: 40]. وإن كان شقياً قالت الملائكة: رب! فنيت حسناته وبقي طالبون، فيقول الله تعالى: ((خذوا من أعمالهم فأضيفوها إلى سيئاته وصكوا له صكا إلى جهنم)).
يخبر تعالى أنه إذا نفخ في الصور نفخة النشور, وقام الناس من القبور "فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون" أي لا تنفع الأنساب يومئذ ولا يرني والد لولده ولا يلوي عليه, قال الله تعالى: " ولا يسأل حميم حميما * يبصرونهم " أي لايسأل القريب عن قريبه وهو يبصره ولو كان عليه من الأوزار ما قد أثقل ظهره, وهو كان أعز الناس عليه في الدنيا ما التفت إليه ولا حمل عنه وزن جناح بعوضة, قال الله تعالى: " يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه " الاية, وقال ابن مسعود : إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والاخرين, ثم نادى مناد: ألا من كان له مظلمة فليجىء فليأخذ حقه ـ قال فيفرح المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغيراً, ومصداق ذلك في كتاب الله قال الله تعالى: "فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون" رواه ابن أبي حاتم .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم , حدثنا عبد الله بن جعفر , حدثتنا أم بكر بنت المسور بن مخرمة عن عبد الله بن أبي رافع عن المسور ـ هو ابن مخرمة ـ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فاطمة بضعة مني, يغيظني ما يغيظها, وينشطني ما ينشطها, وإن الأنساب تنقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي وصهري" وهذا الحديث له أصل في الصحيحين عن المسور بن مخرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فاطمة بضعة مني, يريبني ما يريبها, ويؤذيني ما آذاها".
وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عامر , حدثنا زهير عن عبد الله بن محمد عن حمزة بن أبي سعيد الخدري عن أبيه , قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على هذا المنبر: ما بال رجال يقولون إن رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنفع قومه ؟ بلى والله إن رحمي موصولة في الدنيا والاخرة, وإني أيها الناس فرط لكم إذا جئتم قال رجل: يا رسول الله أنا فلان بن فلان, فأقول لهم: أما النسب فقد عرفت ولكنكم أحدثتم بعدي وارتددتم القهقرى" وقد ذكرنا في مسند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب من طرق متعددة عنه رضي الله عنه أنه لما تزوج أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنهما قال: أما والله ما بي إلا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل سبب ونسب فإنه منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي" رواه الطبراني والبزار والهيثم بن كليب والبيهقي , والحافظ الضياء في المختارة وذكر أنه أصدقها أربعين ألفاً إعظاماً وإكراماً رضي الله عنه, فقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة أبي العاص بن الربيع زوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق أبي القاسم البغوي : حدثنا سليمان بن عمر بن الأقطع , حدثنا إبراهيم بن عبد السلام عن إبراهيم بن يزيد عن محمد بن عباد بن جعفر سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري" وروي فيها من طريق عمار بن سيف عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً "سألت ربي عز وجل أن لا أتزوج إلى أحد من أمتي ولا يتزوج إلي أحد منهم إلا كان معي في الجنة فأعطاني ذلك" ومن حديث عمار بن سيف عن إسماعيل عن عبد الله بن عمرو .
وقوله تعالى: "فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون" أي من رجحت حسناته على سيئاته ولو بواحدة, قاله ابن عباس , "فأولئك هم المفلحون" أي الذين فازوا فنجوا من النار وأدخلوا الجنة, وقال ابن عباس : أولئك الذين فازوا بما طلبوا, ونجوا من شر ما منه هربوا "ومن خفت موازينه" أي ثقلت سيئاته على حسناته "فأولئك الذين خسروا أنفسهم" أي خابوا وهلكوا وفازوا بالصفقة الخاسرة. وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث , حدثنا داود بن المحبر , حدثنا صالح المري عن ثابت البناني وجعفر بن زيد ومنصور بن زاذان عن أنس بن مالك يرفعه قال: إن لله ملكاً موكلاً بالميزان, فيؤتى بابن آدم فيوقف بين كفتي الميزان, فإن ثقل ميزانه نادى ملك بصوت يسمعه الخلائق: سعد فلان سعادة لا يشقى بعدها أبداً, وإن خف ميزانه نادى ملك بصوت يسمع الخلائق: شقي فلان شقاوة لا يسعد بعدها أبداً, إسناده ضيعف فإن داود بن المحبر ضعيف متروك, ولهذا قال تعالى: "في جهنم خالدون" أي ما كثون فيها دائمون مقيمون فلا يظعنون "تلفح وجوههم النار" كما قال تعالى: "وتغشى وجوههم النار" وقال تعالى: "لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم" الاية.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا فروة بن أبي المغراء , حدثنا محمد بن سليمان بن الأصبهاني عن أبي سنان ضرار بن مرة عن عبد الله بن أبي الهذيل عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن جهنم لما سيق لها أهلها تلقاهم لهبها, ثم تلفحهم لفحة فلم يبق لهم لحم إلا سقط على العرقوب" وقال ابن مردويه : حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى القزاز , حدثنا الخضر بن علي بن يونس القطان , حدثنا عمر بن أبي الحارث بن الخضر القطان , حدثنا سعيد بن سعيد المقبري عن أخيه عن أبيه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى: "تلفح وجوههم النار" قال: تلفحهم لفحة تسيل لحومهم على أعقابهم.
وقوله تعالى: "وهم فيها كالحون" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : يعني عابسون. وقال الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود "وهم فيها كالحون" قال: ألم تر إلى الرأس المشيط الذي قد بدا أسنانه وقلصت شفتاه. وقال الإمام أحمد أخبرنا علي بن إسحاق أخبرنا عبد الله هو ابن المبارك رحمه الله, أخبرنا سعيد بن يزيد عن أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ""وهم فيها كالحون" ـ قال ـ تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه, وتسترخي شفته السفلى حتى تبلغ سرته" ورواه الترمذي عن سويد بن نصر عن عبد الله بن المبارك به, وقال: حسن غريب.
101- "فإذا نفخ في الصور" قيل هذه هي النفخة الأولى، وقيل الثانية، وهذا أولى، وهي النفخة التي تقع بين البعث والنشور، وقيل المعنى، فإذا نفخ في الأجساد أرواحها، على أن الصور جمع صورة، لا القرن ويدل على هذا قراءة ابن عباس والحسن الصور بفتح الواو مع ضم الصاد جمع صورة. وقرأ أبو رزين بفتح الصاد والواو. وقرأ الباقون بضم الصاد وسكون الواو، وهو القرن الذي ينفخ فيه " فلا أنساب بينهم يومئذ " أي لا يتفاخرون بالأنساب ويذكرونها لما هم فيه من الحيرة والدهشة "ولا يتساءلون" أي لا يسأل بعضهم بعضاً، فإن لهم إذ ذاك شغلاً شاغلاً، ومنه قوله تعالى: " يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه "، وقوله: "ولا يسأل حميم حميماً"، ولا ينافي هذا ما في الآية الأخرى من قوله: "وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون" فإن ذلك محمول على اختلاف المواقف يوم القيامة، فالإثبات باعتبار بعضها، والنفي باعتبار بعض آخر كما قررناه في نظائر هذا، مما أثبت تارة ونفي أخرى.
101. " فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم "، اختلفوا في هذه النفخة، فروى سعيد بن جبير عن ابن عباس: أنها النفخة الأولى " ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض " (الزمر-68)، " فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون "، " ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون " (الزمر-68)، " وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون " (الصافات-27).
وعن ابن مسعود: أنها النفخة الثانية، قال: يؤخذ بيد العبد والأمة يوم القيامة فينصب على رؤوس الأولين والآخرين ثم ينادي مناد: هذا فلان ابن فلان، فمن كان له قبله حق فليأت إلى حقه، فيفرح المرء أن [يكوزن له] الحق على والده وولده أو زوجته أو أخيه فيأخذ منه، ثم قرأ ابن مسعود: " فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ".
وفي رواية عطاء عن ابن عباس: أنها الثانية فلا أنساب بينهم أي: لا يتفاخرون بالأنساب يومئذ كما كانوا يتفاخرون في الدنيا، ولا يتساءلون سؤال تواصل كما كانوا يتساءلون في الدنيا: من أنت ومن أي قبيلة أنت؟ ولم يرد أن الأنساب تنقطع.
فإن قيل: أليس قد جاء في الحديث: " كل سبب ونسب ينقطع إلا نسبي وسببي ".
قيل: معناه لا يبقى يوم القيامة سبب ولا نسب إلا نسبه وسببه، وهو الإيمان والقرآن.
فإن قيل: قد قال هاهنا " ولا يتساءلون " وقال في موضع آخر: " وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون " (الصافات-27)؟.
الجواب: ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن للقيامة أحوالاً ومواطن، ففي موطن يشتد عليهم الخوف، فيشغلهم عظم الأمر عن التساؤل فلا يتساءلون، وفي موطن يفيقون إفاقةً فيتساءلون.
101ـ " فإذا نفخ في الصور " لقيام الساعة والقراءة بفتح الواو وبه وبكسر الصاد يؤيد أن " الصور " أيضاً جمع الصورة . " فلا أنساب بينهم " تنفعهم لزوال التعاطف والتراحم من فرط الحيرة واستيلاء الدهشة بحيث يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه أو يفتخرون بها . " يومئذ " كما يفعلون اليوم . " ولا يتساءلون " " ويلعن بعضكم بعضا " لاشتغاله بنفسه ، وهو لا يناقض قوله " وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون " لأنه عند النفخة وذلك بعد المحاسبة ، أو دخول أهل الجنة الجنة والنار النار .
101. And when the trumpet is blown there will be no kinship among them that day, nor will they ask of one another.
101 - Then when the Trumpet is blown, there will be no more relationships between them that day, nor will one ask after another!