[الحج : 16] وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ
16 - (وكذلك) أي مثل إنزالنا الآية السابقة (أنزلناه) أي القرآن الباقي (آيات بينات) ظاهرات حال (وأن الله يهدي من يريد) هداه معطوف على هاء أنزلناه
القول في تأويل قوله تعالى " وكذلك أنزلناه آيات بينات و أن الله يهدي من يريد " .
قوله تعالى: " وكذلك أنزلناه آيات بينات " يعني القرآن. " وأن الله " أي وكذلك أن الله " يهدي من يريد "، علق وجود الهداية بإرادته، فهو الهادي لا هادي سواه.
قال ابن عباس : من كان يظن أن لن ينصر الله محمداً صلى الله عليه وسلم في الدنيا والاخرة, فليمدد بسبب أي بحبل "إلى السماء" أي سماء بيته "ثم ليقطع" يقول ثم ليختنق به, وكذا قال مجاهد وعكرمة وعطاء وأبو الجوزاء وقتادة وغيرهم, وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم "فليمدد بسبب إلى السماء" أي ليتوصل إلى بلوغ السماء, فإن النصر إنما يأتي محمداً من السماء "ثم ليقطع" ذلك عنه إن قدر على ذلك, وقول ابن عباس وأصحابه أولى وأظهر في المعنى وأبلغ في التهكم, فإن المعنى من كان يظن أن الله ليس بناصر محمداً وكتابه ودينه, فليذهب فليقتل نفسه إن كان ذلك غائظه, فإن الله ناصره لا محالة, قال الله تعالى: "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد" الاية, ولهذا قال: " فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ " قال السدي : يعني من شأن محمد صلى الله عليه وسلم. وقال عطاء الخراساني : فلينظر هل يشفي ذلك ما يجد في صدره من الغيط. وقوله: "وكذلك أنزلناه" أي القرآن "آيات بينات" أي واضحات في لفظها ومعناها, حجة من الله على الناس, "وأن الله يهدي من يريد" أي يضل من يشاء ويهدي من يشاء, وله الحكمة التامة والحجة القاطعة في ذلك "لا يسأل عما يفعل وهم يسألون" أما هو فلحكمته ورحمته وعدله وعلمه وقهره وعظمته لا معقب لحكمه, وهو سريع الحساب.
16- "وكذلك أنزلناه آيات بينات" أي مثل ذلك الإنزال البديع أنزلناه آيات واضحات ظاهرة الدلالة على مدلولاتها "وأن الله يهدي من يريد" هدايته ابتداء أو زيادة فيها لمن كان مهدياً من قبل.
وقد أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: "ثاني عطفه" قال: لاوي عنقه. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس والسدي وابن زيد وابن جريج أنه المعرض. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله: "ثاني عطفه" قال: أنزلت في النضر بن الحارث. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : هو رجل من بني عبد الدار . وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: "ومن الناس من يعبد الله على حرف" قال: كان الرجل يقدم المدينة، فإن ولدت امرأته غلاماً وأنتجت خيله قال: هذا دين صالح، وإن لم تلد امرأته ولم تنتج خيله قال: هذا دين سوء. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عنه بسند صحيح قال: كان الرجل يقدم المدينة، فإن ولدت امرأته غلاماً وأنتجت خيله قال: هذا دين صالح، وإن لم تلد امرأته ولم تنتج خيله قال: هذا دين سوء. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عنه بسند صحيح قال: كان ناس من الأعراب يأتون النبي صلى الله عليه وسلم يسلمون، فإذا رجعوا إلى بلادهم، فإن وجدوا عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن قالوا: إن ديننا هذا لصالح فتمسكوا به، وإن وجدوا عام جدب وعام ولاد سوء وعام قحط قالوا: ما في ديننا هذا خير، فأنزل الله "ومن الناس من يعبد الله على حرف". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عنه أيضاً نحوه، وفي إسناده العوفي. وأخرج ابن مردويه أيضاً من طريقه أيضاً عن أبي سعيد قال: "أسلم رجل من اليهود فذهب بصره ماله وولده فتشاءم بالإسلام، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أقلني أقلني، قال: إن الإسلام لا يقال، فقال: لم أصب من ديني هذا خيراً ذهب بصري ومالي ومات ولدي، فقال: يا يهودي الإسلام يسبك الرجال كما تسبك النار خبث الحديد والذهب والفضة، فنزلت "ومن الناس من يعبد الله على حرف"". وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: "من كان يظن أن لن ينصره الله" قال: من كان يظن أن لن ينصر الله محمداً في الدنيا والآخرة "فليمدد بسبب" قال: فليربط بحبل "إلى السماء" قال: إلى سماء بيته السقف "ثم ليقطع" قال: ثم ليختنق به حتى يموت. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه قال " من كان يظن أن لن ينصره الله " يقول: أن لن يرزقه الله "فليمدد بسبب إلى السماء" فليأخذ حبلاً فليربطه في سماء بيته فليختنق به "فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ" قال: فلينظر هل ينفعه ذلك أو يأتيه برزق.
16. " وكذلك " أي: مثل ذلك، ما تقدم من آيات القرآن، " أنزلناه "، يعني: القرآن " آيات بينات وأن الله يهدي من يريد ".
16ـ " وكذلك " ومثل ذلك الإنزال . " أنزلناه " أنزلنا القرآن كله . " آيات بينات " واضحات ." وأن الله يهدي " به أو يثبت على الهدى . " من يريد " هدايته أو إثباته أنزله كذلك مبيناً .
16. Thus We reveal it as plain revelations, and verily Allah guideth whom He will.
16 - Thus have we sent down clear signs; and verily God doth guide whom he will!