[الأنبياء : 16] وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ
16 - (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين) عابثين بل دالين على قدرتنا ونافعين عبادنا
يقول تعالى ذكره : " و ما خلقنا السماء و الأرض و ما بينهما " إلا حجة عليكم أيها الناس ، و لتعتبروا بذلك كله ، فتعلموا أن الذي دبره و خلقه لا يشبهه شيء ، و أنه لا تكون الألوهة إلا له ، و لا تصلح العبادة لشيء غيره ، ولم يخلق ذلك عبثا و لعبا .
كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " و ما خلقنا السماء و الأرض وما بينهما لاعبين " يقول : ما خلقناهما عبثا و لا باطلا.
قوله تعالى: " وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين " أي عبثاً وباطلاً، بل للتنبيه على أن لها خالقاً قادراً يجب امتثال أمره، أنه يجازي المسيء والمحسن، أي ما خلقنا السماء والأرض ليظلم بعض الناس بعضاً، ويكفر بعضهم، ويخالف بعضهم ما أمر به ثم يموتوا ولا يجاوزوا، ولا يؤمروا في الدنيا بحسن ولا ينهوا عن قبيح. وهذا اللعب المنفي عن الحكيم ضده الحكمة.
يخبر تعالى أنه خلق السموات والأرض بالحق, أي بالعدل والقسط, " ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ", وأنه لم يخلق ذلك عبثاً ولا لعباً كما قال: "وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار" وقوله تعالى: " لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين " قال ابن أبي نجيح عن مجاهد " لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا " يعني من عندنا, يقول: وما خلقنا جنة ولا ناراً ولا موتاً ولا بعثاً ولا حساباً. وقال الحسن وقتادة وغيرهما "لو أردنا أن نتخذ لهواً" اللهو المرأة بلسان أهل اليمن. وقال إبراهيم النخعي " لاتخذناه " من الحور العين. وقال عكرمة والسدي : والمراد باللهو ههنا الولد, وهذا والذي قبله متلازمان, وهو كقوله تعالى: " لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار " فنزه نفسه عن اتخاذ الولد مطلقاً ولا سيما عما يقولون من الإفك والباطل من اتخاذ عيسى أو العزير أو الملائكة سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً.
وقوله: "إن كنا فاعلين" قال قتادة والسدي وإبراهيم النخعي ومغيرة بن مقسم : أي ما كنا فاعلين. وقال مجاهد كل شيء في القرآن "إن" فهو إنكار. وقوله: "بل نقذف بالحق على الباطل" أي نبين الحق فيدحض الباطل, ولهذا قال: "فيدمغه فإذا هو زاهق" أي ذاهب مضمحل "ولكم الويل" أي أيها القائلون لله ولد "مما تصفون" أي تقولون وتفترون. ثم أخبر تعالى عن عبودية الملائكة له ودأبهم في طاعته ليلاً ونهاراً, فقال: "وله من في السموات والأرض ومن عنده" يعني الملائكة "لا يستكبرون عن عبادته" أي لا يستنكفون عنها, كما قال: " لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا ".
وقوله: " ولا يستحسرون " أي لا يتعبون ولا يملون "يسبحون الليل والنهار لا يفترون" فهم دائبون في العمل ليلاً ونهاراً, مطيعون قصداً وعملاً, قادرون عليه, كما قال تعالى: "لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون" وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن أبي دلامة البغدادي , أنبأنا عبد الوهاب بن عطاء حدثنا سعيد عن قتادة عن صفوان بن محرز عن حكيم بن حزام قال: " بينا رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه إذ قال لهم هل تسمعون ما أسمع ؟ قالوا: ما نسمع من شيء, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأسمع أطيط السماء, وما تلام أن تئط وما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم" غريب, ولم يخرجوه, ثم رواه ـ أعني ابن أبي حاتم ـ من طريق يزيد بن أبي زريع عن سعيد عن قتادة مرسلاً. وقال أبو إسحاق عن حسان بن مخارق عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: جلست إلى كعب الأحبار وأنا غلام, فقلت له: أرأيت قول الله تعالى للملائكة: "يسبحون الليل والنهار لا يفترون" أما يشغلهم عن التسبيح الكلام والرسالة والعمل. فقال: من هذا الغلام ؟ فقالوا من بني عبد المطلب, قال فقبل رأسي ثم قال: يا بني إنه جعل لهم التسبيح كما جعل لكم النفس أليس تتكلم وأنت تتنفس وتمشي وأنت تتنفس ؟
16-"وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين" أي لم نخلقهما عبثاً ولا باطلاً، بل للتنبيه على أن لهما خالقاً قادراً يجب امتثال أمره، وفيه إشارة إجمالية إلى تكوين العالم، والمراد بما بينهما سائر المخلوقات الكائنة بين السماء والأرض على اختلاف أنواعها وتباين أجناسها.
16. قوله عز وجل: " وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين "، أي عبثاً وباطلاً.
16ـ " وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين " وإنما خلقناها مشحونة بضروب البدائع تبصرة للنظار وتذكرة لذوي الاعتبار وتسبباً لما ينتظم به أمور العباد في المعاش والمعاد ، فينبغي أن يتسلقوا بها إلى تحصيل الكمال ولا يغتروا بزخارفها فإنها سريعة الزوال .
16. We created not the heaven and the earth and all that is between them in play.
16 - Not for (idle) sport did we Create the heavens and the earth and all that is between!