[الأنبياء : 110] إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ
110 - (إنه) تعالى (يعلم الجهر من القول) والفعل منكم ومن غيركم (ويعلم ما تكتمون) أنتم وغيركم من السر
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل لهؤلاء المشركين ، إن الله يعلم الجهر الذي تجهرون به من القول ، ويعلم ما تخفونه ، فلا تجهرون به ، سواء عنده خفية وظاهره ، وسره وعلانيته ، إنه لا يخفى عليه منه شيء ، فان أخر عنكم عقابه على ما تخفون من الشرك به ، أو تجهرون به ، فما أدري ما السبب الذي من أجله يؤخر ذلك عنكم ؟ لعل تأخيره ذلك عنكم مع وعده إياكم ، لفتنة يريدها بكم ، ولتتمتعوا بحياتكم إلى أجل قد جعله لكم تبلغونه ، ثم ينزل بكم حينئذ نقمته .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء الخرساني ، عن ابن عباس " وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين " يقول : لعل ما أقرب لكم من العذاب والساعة ، أن يؤخر عنكم لمدتكم ، ومتاع إلى حين ، فيصير قولي ذلك لكم فتنة .
قوله تعالى: " إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون " أي من الشرك وهو المجازي عليه.
يقول تعالى آمراً رسوله صلواته وسلامه عليه أن يقول للمشركين " إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون "أي متبعون على ذلك مستسلمون منقادون له "فإن تولوا" أي تركوا ما دعوتهم إليه "فقل آذنتكم على سواء" أي أعلمتكم أني حرب لكم كما أنكم حرب لي بريء منكم كما أنتم برآء مني, كقوله: " وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون " وقال: "وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء" أي ليكن علمك وعلمهم بنبذ العهود على السواء, وهكذا ههنا "فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء" أي أعلمتكم ببراءتي منكم وبراءتكم مني لعلمي بذلك.
وقوله: "وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون" أي هو واقع لا محالة, ولكن لا علم لي بقربه ولا ببعده "إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون" اي إن الله يعلم الغيب جميعه ويعلم ما يظهره العباد وما يسرون, يعلم الظواهر والضمائر, ويعلم السر وأخفى, ويعلم ما العباد عاملون في أجهارهم وأسرارهم, وسيجزيهم على ذلك القليل والجليل. وقوله: "وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين" أي وما أدري لعل هذا فتنة لكم ومتاع إلى حين. قال ابن جرير : لعل تأخير ذلك عنكم فتنة لكم ومتاع إلى أجل مسمى, وحكاه عون عن ابن عباس فالله أعلم "قال رب احكم بالحق" أي افصل بيننا وبين قومنا المكذبين بالحق. قال قتادة : كانت الأنبياء عليهم السلام يقولون: "ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين" وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول ذلك, وعن مالك عن زيد بن أسلم : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شهد قتالاً قال: "رب احكم بالحق". وقوله: "وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون" أي على ما يقولون ويفترون من الكذب ويتنوعون في مقامات التكذيب والإفك, والله المستعان عليكم في ذلك.
آخر تفسير سورة الأنبياء عليهم السلام ولله الحمد والمنة.
110- "إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون" أي يعلم سبحانه ما تجاهرون به من الكفر والطعن على الإسلام وأهله وما تكتمونه من ذلك وتخفونه.
110. " إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون ".
110ـ " إنه يعلم الجهر من القول " ما تجاهرون به من الطعن في الإسلام . " ويعلم ما تكتمون " من الإحن والأحقاد للمسلمين فيجازيكم عليه .
110. Lo! He knoweth that which is said openly, and that which ye conceal.
110 - It is he Who knows What is open in speech and what ye hide (In your hearts).