[طه : 92] قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا
92 - (قال) موسى بعد رجوعه (يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا) بعبادته
يقول تعالى ذكره : قال موسى لأخيه هارون لما فرغ من خطاب قومه ومراجعته
إياهم على ما كان من خطأ فعلهم : يا هارون أي شيء منعك إذ رأيتهم ضلوا عن
دينهم ، فكفروا بالله وعبدوا العجل ألا تتبعني.
واختلف أهل التأويل في المعنى الذي عذل موسى عليه أخاه من تركه اتباعه ،
فقال بعضهم : عذله على تركه السير بمن أطاعه في أثره على ما كان عهد إليه.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال : ثنا سلمة، عن ابن إسحق ، عن حكيم بن
جبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ، قال ، لما قال القوم "لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى" أقام هارون فيمن تبعه من المسلمين ممن لم
يفتتن ، وأقام من يعبد العجل على عبادة العجل ، وتخوف هارون إن سار بمن معه
من المسلمين أن يقول له موسى "فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي" وكان
له هائباً مطيعاً.
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد، في قوله
" ما منعك إذ رأيتهم ضلوا * أن لا تتبعن " قال : تدعهم.
وقال آخرون : بل عذله على تركه أن يصلح ما كان من فساد القوم.
فلما رأى هارون أخذ شعر رأسه بيمينه ولحيته بشماله غضباً و " قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا " أي أخطأوا الطريق وكفروا. " أن لا تتبعن " " لا " زائدة على أن تتبع أمري ووصيتي. وقيل: ما منعك عن اتباعي في الإنكار عليهم. وقيل: معناه هلا قاتلتهم إذا قد علمت أني لو كنت بينهم لقاتلتهم على كفرهم. وقيل: ما منعك من اللحوق بي لما فتنوا.
يخبر تعالى عن موسى عليه السلام حين رجع إلى قومه, فرأى ما قد حدث فيهم من الأمر العظيم, فامتلأ عند ذلك غضباً وألقى ما كان في يده من الألواح الإلهية, وأخذ برأس أخيه يجره إليه, وقد قدمنا في سورة الأعراف بسط ذلك, وذكرنا هناك حديث "ليس الخبر كالمعاينة" وشرع يلوم أخاه هارون, فقال: " ما منعك إذ رأيتهم ضلوا * أن لا تتبعن " أي فتخبرني بهذا الأمر أول ما وقع "أفعصيت أمري" أي فيما كنت قدمت إليك, وهو قوله: "اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين" "قال يا ابن أم" ترقق له بذكر الأم مع أنه شقيقه لأبويه, لأن ذكر الأم ههنا أرق وأبلغ في الحنو والعطف, ولهذا قال: "يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي" الاية, هذا اعتذار من هارون عند موسى في سبب تأخره عنه حيث لم يلحقه فيخبره بما كان من هذا الخطب الجسيم, قال: "إني خشيت" أن أتبعك فأخبرك بهذا, فتقول لي لم تركتهم وحدهم وفرقت بينهم "ولم ترقب قولي" أي وما راعيت ما أمرتك به حيث استخلفتك فيهم, قال ابن عباس : وكان هارون هائباً مطيعاً له.
جملة 92- "قال يا هارون" مستأنفة جواب سؤال مقدر، والمعنى: أن موسى لما وصل إليهم أخذ بشعور رأس أخيه هارون وبلحيته وقال "ما منعك" من اتباعي واللحوق بي عند أن وقعوا في هذه الضلالة ودخلوا في الفتنة.
92. " قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا "، أشركوا
92ـ " قال يا هارون " أي قال له موسى حين رجع . " ما منعك إذ رأيتهم ضلوا " بعبادة العجل .
92. He (Moses) said: O Aaron! What held thee back when thou didst see them gone astray,
92 - (Moses) said: O Aaron! what kept thee back, when thou sawest them going wrong.