[طه : 131] وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى
131 - (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا) أصنافا (منهم زهرة الحياة الدنيا) زينتها وبهجتها (لنفتنهم فيه) بأن يطغوا (ورزق ربك) في الجنة (خير) مما أوتوه في الدنيا (وأبقى) أدوم
قوله تعالى ولا تمدن عينيك الآية أخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه والبزار وأبو يعلى عن أبي رافع قال أضاف النبي صلى الله عليه وسلم ضيفا فأرسلني إلى رجل من اليهود أن أسلفني دقيقا إلى هلال رجب فقال لا إلا برهن فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال أما والله إني لأمين في السماء أمين في الأرض فلم أخرج من عنده حتى نزلت هذه الآية ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ولا تنظر إلى ما جعلنا لضرباء هؤلاء المعرضين عن آيات ربهم وأشكالهم ، متعة في حياتهم الدنيا، يتمتعون بها، من زهرة عاجل الدنيا ونضرتها "لنفتنهم فيه" يقول : لنختبرهم فيما متعناهم به من ذلك ، ونبتليهم ، فإن ذلك فان زائل ، وغرور وخدع تضمحل "ورزق ربك" الذي وعدك أن يرزقكه في الآخرة حتى ترضى، وهو ثوابه إياه "خير" لك مما متعناهم به من زهرة الحياة الدنيا. "وأبقى" يقول : وأدوم ، لأنه لا انقطاع له ولا نفاد، وذكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من أجل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى يهودي يستسلف منه طعاماً، فأبى أن يسلفه إلا برهن.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبي ، عن موسى بن عبيدة، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ، عن أبي رافع ، قال : أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يهودي يستسلفه ، فأبى أن يعطيه إلا برهن ، فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله "ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا".
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا محمد بن كثير، عن عبد الله بن واقد، عن يعقوب بن يزيد، عن أبي رافع ، قال : نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم ضيف، فأرسلني إلى يهودي بالمدينة يستسلفه ، فأتيته ، فقال : لا أسلفه إلا برهن ، فأخبرته بذلك ، فقال : إني لأمين في أهل السماء وفي أهل الأرض فاحمل درعي إليه - فنزلت : "ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم" [الحجر: 87]. وقوله : "ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا" إلى قوله : "والعاقبة للتقوى" ويعني بقوله : "أزواجا منهم" رجالاً منهم أشكالاً ، وبزهرة الحياة الدنيا : زينة الحياة الدنيا.
كما حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة، قوله : "زهرة الحياة الدنيا": أي زينة الحياة الدنيا، ونصب زهرة الحياة الدنيا على الخروج من الهاء التي في قوله به من "متعنا به" كما يقال : مررت به الشريف الكريم ، فنصب الشريف الكريم على فعل مررت ، وكذلك قوله : "إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا" تنصب على الفعل بمعنى : متعناهم به زهرة في الحياة الدنيا وزينة لهم فيها.وذكر الفراء أن بعض بني فقعس أنشده:
أبعد الذي بالسفح سفح كواكب رهينة رمس من تراب وجندل
فنصب رهينة على الفعل من قوله: أبعد الذي بالسفح ، وهذا لا شك أنه أضعف في العمل نصباً من قوله : "متعنا به أزواجا منهم" لأن العامل في الاسم وهو رهينة ، حرف خافض لا ناصب.
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة، قوله : "لنفتنهم فيه" قال : لنبتليهم فيه "ورزق ربك خير وأبقى" مما متعنا به هؤلاء من هذه الدنيا.
قوله تعالى: " ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به " وقد تقدم معناه في ((الحجر)). " أزواجا " مفعول بـ" متعنا ". و " زهرة " نصب على الحال. وقال الزجاج : " زهرة " منصوبة بمعنى " متعنا " لأن معناه جعلنا لهم الحياة الدنيا زهرة، أو بفعل مضمر وهو " جعلنا " أي جعلنا لهم زهرة الحياة الدنيا، عن الزجاج أيضا. وقيل: هي بدل من الهاء في " به " على الموضع، كما تقول: مررت به أخاك. وأشار الفراء إلى نصبه على الحال، والعامل فيه " متعنا " قال: كما تقول مررت به المسكين، وقدره: متعناهم به زهرة الحياة في الدنيا وزينة فيها. ويجوز أن ينتصب على المصدر مثل " صنع الله " [النمل: 88] و " وعد الله " [الروم: 6] وفيه نظر. والأحسن أن ينتصب على الحال ويحذف التنوين لسكونه وسكون اللام من الحياة، كما قرىء " ولا الليل سابق النهار " [يس: 40] بنصب النهار بسابق على تقدير حذف التنوين لسكونه وسكون اللام، وتكون " الحياة " مخفوضة على البدل من " ما " في قوله: " إلى ما متعنا به " فيكون التقدير: ولا تمدن عينيك إلى الحياة الدنيا زهرةً أي في حال زهرتها. ولا يحسن أن يكون " زهرة " بدلاً من " ما " على الموضع في قوله: " إلى ما متعنا " لأن " لنفتنهم " متعلق بـ"متعنا " و " زهرة الحياة الدنيا " يعني زينتها بالنبات. والزهرة، بالفتح في الزاي والهاء نور النبات. والزهرة بضم الزاي وفتح الهاء النجم. وبنو زهرة بسكون الهاء، قاله ابن عزيز. وقرأ عيسى بن عمر " زهرة " بفتح الهاء مثل نهر ونهر. ويقال: سراج زاهر أي له بريق. وزهر الأشجار ما يروق من ألوانها. وفي الحديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم أزهر اللون، أي نير اللون، يقال لكل شيء مستنير: زاهر، وهو أحسن الألوان. " لنفتنهم فيه " أي لنبتليهم. وقيل: لنجعل ذلك فتنة لهم وضلالاً. ومعنى الآية: لا تجعل يا محمد لزهرة الدنيا وزناً، فإنه لا بقاء لها. " ولا تمدن " أبلغ من لا تنظرن، لأن الذي يمد بصره، إنما يحمله على ذلك حرص مقترن، والذي ينظر قد لا يكون ذلك معه.
مسألة: قال بعض الناس: سبب نزول هذه الآية ما رواه أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
" نزل ضيف برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسلني عليه السلام إلى رجل من اليهود، وقال: قل له يقول لك محمد: نزل بنا ضيف ولم يلف عندنا بعض الذي يصلحه، فبعني كذا وكذا من الدقيق، أو أسلفني إلى هلال رجب فقال: لا، إلا برهن. قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: والله إني لأمين في السماء أمين في الأرض ولو أسلفني أو باعني لأديت إليه اذهب بدرعي إليه " ونزلت الآية تعزية له عن الدنيا. قال ابن عطية : وهذا معترض أن يكون سبباً، لأن السورة مكية والقصة المذكورة مدنية في آخر عمر النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه مات ودرعه مرهونة عند يهودي بهذه القصة التي ذكرت، وإنما الظاهر أن الآية متناسقة مع ما قبلها، وذلك أن الله تعالى وبخهم على ترك الاعتبار بالأمم السالفة ثم توعدهم بالعذاب المؤجل، ثم أمر نبيه بالاحتقار لشأنهم، والصبر على أقوالهم، والإعراض عن أموالهم وما في أيديهم من الدنيا، إذ ذلك منصرم عنهم صائر إلى خزي.
قلت: وكذلك ما روي عنه عليه السلام أنه مر بإبل بني المصطلق وقد عبست في أبوالها وأبعارها من السمن فتقنع بثوبه ثم مضى، لقوله عز وجل: " ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم " الآية. ثن سلاه فقال: "ورزق ربك خير وأبقى " أي ثواب الله على الصبر وقلة المبالاة بالدنيا أولى، لأنه يبقى والدنيا تفنى. وقيل: يعني بهذا الرزق ما يفتح الله على المؤمنين من البلاد والغنائم.
يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا تنظر إلى ما هؤلاء المترفون وأشباههم ونظراؤهم فيه من النعيم, فإنما هو زهرة زائلة ونعمة حائلة, لنختبرهم بذلك وقليل من عبادي الشكور. وقال مجاهد : "أزواجاً منهم", يعني الأغنياء, فقد آتاك خيراً مما آتاهم, كما قال في الاية الأخرى " ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم * لا تمدن عينيك " الاية, وكذلك ما ادخره الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم في الاخرة أمر عظيم لا يحد ولا يوصف, كما قال تعالى: "ولسوف يعطيك ربك فترضى" ولهذا قال: "ورزق ربك خير وأبقى" وفي الصحيح أن عمر بن الخطاب لما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك المشربة التي كان قد اعتزل فيها نساءه حين آلى منهن, فرآه متوسداً مضطجعاً على رمال حصير, وليس في البيت إلا صبرة من قرظ وأهب معلقة, فابتدرت عينا عمر بالبكاء, فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مايبكيك يا عمر ؟ فقال: يا رسول الله إن كسرى وقيصر فيما هما فيه, وأنت صفوة الله من خلقه ؟ فقال: أو في شك أنت يا ابن الخطاب ؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا" فكان صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا مع القدرة عليها, إذا حصلت له ينفقها هكذا وهكذا في عباد الله, ولم يدخر لنفسه شيئاً لغد.
قال ابن أبي حاتم : أنبأنا يونس , أخبرنا ابن وهب , أخبرني مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار , عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أخوف ما أخاف عليكم ما يفتح الله لكم من زهرة الدنيا قالوا: وما زهرة الدنيا يا رسول الله ؟ قال بركات الأرض". وقال قتادة والسدي : زهرة الحياة الدنيا, يعني زينة الحياة الدنيا. وقال قتادة : "لنفتنهم فيه" لنبتليهم. وقوله: "وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها" أي استنقذهم من عذاب الله بإقام الصلاة, واصبر أنت على فعلها, كما قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً". وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا أحمد بن صالح , حدثنا ابن وهب , أخبرني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب كان يبيت عنده أنا ويرفأ, وكان له ساعة من الليل يصلي فيها, فربما لم يقم, فنقول: لا يقوم الليلة كما كان يقوم, وكان إذا استيقظ أقام يعني أهله, وقال "وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها".
وقوله: "لا نسألك رزقاً نحن نرزقك" يعني إذا أقمت الصلاة أتاك الرزق من حيث لا تحتسب, كما قال تعالى: " ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب " وقال تعالى: " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون * ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون * إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين " ولهذا قال: "لا نسألك رزقاً نحن نرزقك". وقال الثوري : "لا نسألك رزقاً", أي لا نكلفك الطلب. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج , حدثنا حفص بن غياث عن هشام عن أبيه أنه كان إذا دخل على أهل الدنيا فرأى من دنياهم طرفاً, فإذا رجع إلى أهله, فدخل الدار قرأ " ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى * وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك " ثم يقول: " الصلاة. الصلاة رحمكم الله " .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا عبد الله بن أبي زياد القطواني , حدثنا سيار , حدثنا جعفر عن ثابت قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصابه خصاصة نادى أهله: يا أهلاه صلوا, صلوا " . قال ثابت : وكانت الأنبياء إذا نزل بهم أمر فزعوا إلى الصلاة, وقد روى الترمذي وابن ماجه من حديث عمران بن زائدة عن أبيه عن أبي خالد الوالبي , عن أبي هريرة قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك, وإن لم تفعل, ملأت صدرك شغلاً ولم أسد فقرك" وروى ابن ماجه من حديث الضحاك عن الأسود عن ابن مسعود : سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: "من جعل الهموم هماً واحداً هم المعاد كفاه الله هم دنياه, ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديته هلك", وروي أيضاً من حديث شعبة عن عمر بن سليمان عن عبد الرحمن بن أبان , عن أبيه عن زيد بن ثابت , سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره, وجعل فقره بين عينيه, ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له, ومن كانت الاخرة نيته, جمع له أمره وجعل غناه في قلبه, وأتته الدنيا وهي راغمة" وقوله: "والعاقبة للتقوى" أي وحسن العاقبة في الدنيا والاخرة, وهي الجنة لمن اتقى الله. وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رأيت الليلة كأنا في دار عقبة بن رافع, وأنا أتينا برطب ابن طاب, فأولت ذلك أن العاقبة لنا في الدنيا والرفعة, وأن ديننا قد طاب".
131- "ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم" قد تقدم تفسير هذه الآية في الحجر. والمعنى: لا تطل نظر عينيك، وأزواجاً مفعول متعنا، وزهرة منصوبة على الحال، أو بفعل محذوف: أي جعلنا أو أعطينا، ذكر معنى هذا الزجاج. وقيل هي بدل من الهاء في به باعتبار محله، وهو النصب لا باعتبار لفظه، فإنه مجرور كما تقول مررت به أخاك. ورجح الفراء النصب على الحال، ويجوز أن تكون بدلاً، ويجوز أن تكون منتصبة على المصدر مثل "صبغة الله" و" عبد الله " و"زهرة الحياة الدنيا" زينتها وبهجتها بالنبات وغيره. وقرأ عيسى بن عمر زهرة بفتح الهاء، وهي نور النبات، واللام في "لنفتنهم" فيه متعلق بمتعنا: أي لنجعل ذلك فتنة لهم وضلالة، ابتلاءً منا لهم كقوله: " إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم " وقيل لنعذبهم، وقيل لنشدد عليهم في التكليف "ورزق ربك خير وأبقى" أي ثواب الله، وما ادخر لصالحي عباده في الآخرة خير مما رزقهم في الدنيا على كل حال، وأيضاً فإن ذلك لا ينقطع، وهذا ينقطع، وهو معنى وأبقى. وقيبل المراد بهذا الرزق ما يفتح الله على المؤمنين من الغنائم ونحوها. والأول أولى لأن الخيرية المحققة والدوام الذي لا ينقطع إنما يتحققان في الرزق الأخروي لا الدنيوي، وإن كان حلالاً طيباً " ما عندكم ينفد وما عند الله باق ".
131. قوله تعالى: " ولا تمدن عينيك "، قال أبو رافع : " نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم ضيف فبعثني إلى يهودي فقال لي: قل له إن رسول الله يقول لك بعني كذا وكذا من الدقيق وأسلفني إلى هلال رجب فأتيته فقلت له ذلك فقال: والله لا أبيعه ولا أسلفه إلا برهن، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: والله لئن باعني وأسلفني لقضيته وإني لأمين في السماء وأمين في الأرض، اذهب بدرعي الحديد إليه " فنزلت هذه الآية: " ولا تمدن عينيك "، لا تنظر، " إلى ما متعنا به "، أعطينا، " أزواجاً "، أصنافاً، " منهم زهرة الحياة الدنيا "، أي زينتها وبهجتها، وقرأ يعقوب زهرة بفتح الهاء وقرأ العامة بجزمها، " لنفتنهم فيه "، أي لنجعل ذلك فتنة لهم بأن أزيد لهم النعمة فيزيدوا كفراً وطغياناً، " ورزق ربك "، في المعاد، يعني: الجنة، " خير وأبقى "، قال أبي بن كعب: من لم يتعز بعزة الله تقطعت نفسه حسرات، ومن يتبع بصره فيما في أيد الناس بطل حزنه، ومن ظن أن نعمة الله في مطعمه ومشربه وملبسه فقد قل علمه وحضر عذابه.
131ـ " ولا تمدن عينيك " أي نظر عينيك . " إلى ما متعنا به " استحساناً له وتمنياً أن يكون لك مثله . " أزواجاً منهم " وأصنافاً من الكفرة ، ويجوز أن يكون حالاً من الضمير في به والمفعول منهم أي الذي متعنا به ، وهو أصناف بعضهم أو ناساً منهم . " زهرة الحياة الدنيا " منصوب بمحذوف دل عليه " متعنا " أو " به " على تضمينه معنى أعطينا ، أو بالبدل من محل " به " أو من " أزواجاً " بتقدير مضاف ودونه ، أو بالذم وهي الزينة والبهجة . وقرأ يعقوب بالفتح وهو لغة كالجهرة في الجهرة ، أو جمع زاهر وصف لهم بأنهم زاهرو الدنيا لتنعمهم وبهاء زيهم بخلاف ما عليه المؤمنون الزهاد . " لنفتنهم فيه " لنبلوهم ونختبرهم فيه ، أو لنعذبهم في الآخرة بسببه . " ورزق ربك " وما ادخر لك في الآخرة ، أو ما رزقك من الهدى والنبوة . " خير" مما منحهم في الدنيا . " وأبقى " فإنه لا ينقطع .
131. And strain not thine eyes toward that which We cause some wedded pairs among them to enjoy, the flower of the life of the world, that We may try them thereby. The provision of thy Lord is better and more lasting.
131 - Nor strain thine eyes in longing for the things we have given for enjoyment to parties Of them, the splendour Of the life of this world, through which we test them: But the provision of the Lord is better and more enduring.