[طه : 129] وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى
129 - (ولولا كلمة سبقت من ربك) لتأخير العذاب عنهم إلى الآخرة (لكان) الإهلاك (لزاما) لازما لهم في الدنيا (وأجل مسمى) مضروب لهم معطوف على الضمير المستتر في كان وقام الفصل بخبرها مقام التأكيد
يقول تعالى ذكره : "ولولا كلمة سبقت من ربك" يا محمد أن كل من قضى له أجلاً فإنه لا يخترمه قبل بلوغه أجله "وأجل مسمى" يقول : ووقت مسمى عند ربك سماه لهم في أم الكتاب وخطه فيه ، هم بالغوه ومستوفوه "لكان لزاما" يقول : للازمهم الهلاك عاجلاً، وهو مصدر من قول القائل : لازم فلان فلاناً يلازمه ملازمة ولزاماً : إذا لم يفارقه ، وقدم قوله "لكان لزاما" قبل قوله : "أجل مسمى" ومعنى الكلام : ولولا كلمة سبقت من ربك وأجل مسمى لكان لزاماً، فاصبر على ما يقولون.
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد، قوله : "ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى" الأجل المسمى : الدنيا.
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة، قوله : "ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى" وهذه من مقاديم الكلام ، يقول : لولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى كان لزاماً، والأجل المسمى : الساعة، لأن الله تعالى يقول : "بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر" [القمر : 46].
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد، في قوله : "ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى" قال : هذا مقدم ومؤخر، ولولا كلمة سبقت من ربك وأجل مسمى لكان لزاما.
واختلف أهل التأويل في معنى قوله : "لكان لزاما" فقال بعضهم : معناه : لكان موتاً.
ذكر من قال ذلك:
حدثني علي قال : ثني أبو صالح ، قال : ثني معاوية، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : "لكان لزاما" يقول : موتاً.
وقال آخرون : معناه لكان قتلاً.
ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد "لكان لزاما" واللزام : القتل.
قوله تعالى: " ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما " فيه تقديم وتأخير، أي ولولا كلمة سبقت من ربك وأجل مسمى لكان لزاماً، قاله قتادة . واللزام الملازمة، أي لكان العذاب لازماً لهم. وأضمر اسم كان. قال الزجاج : " وأجل مسمى " عطف على " كلمة ". قتادة : والمراد القيامة، وقاله القتبي . وقيل: تأخيرهم إلى يوم بدر.
يقول تعالى: "أفلم يهد" لهؤلاء المكذبين بما جئتهم به يا محمد كم أهلكنا من الأمم المكذبين بالرسل قبلهم, فبادوا فليس لهم باقية ولا عين ولا أثر, كما يشاهدون ذلك من ديارهم الخالية التي خلفوهم فيها يمشون فيها " إن في ذلك لآيات لأولي النهى " أي العقول الصحيحة والألباب المستقيمة, كما قال تعالى: "أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور" وقال في سورة الم السجدة: " أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم " الاية, ثم قال تعالى: "ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاماً وأجل مسمى" أي لولا الكلمة السابقة من الله وهو أنه لايعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه, والأجل المسمى الذي ضربه الله تعالى لهؤلاء المكذبين إلى مدة معينة, لجاءهم العذاب بغتة, ولهذا قال لنبيه مسلياً له: "فاصبر على ما يقولون" أي من تكذيبهم لك "وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس" يعني صلاة الفجر "وقبل غروبها" يعني صلاة العصر, كما جاء في الصحيحين عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: " كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة البدر, فقال: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر, لا تضامون في رؤيته, فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا" ثم قرأ هذه الاية.
وقال الإمام أحمد : حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن عمارة بن رؤيبة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها" رواه مسلم من حديث عبدالملك بن عمير به, وفي المسند والسنن عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينظر في ملكه مسيرة ألفي سنة, ينظر الى أقصاه كما ينظر الى أدناه, وإن أعلاهم منزلة لمن ينظر إلى الله تعالى في اليوم مرتين".
وقوله: "ومن آناء الليل فسبح" أي من ساعاته فتهجد به, وحمله بعضهم على المغرب والعشاء, "وأطراف النهار" في مقابلة آناء الليل "لعلك ترضى" كما قال تعالى: "ولسوف يعطيك ربك فترضى" وفي الصحيح "يقول الله تعالى ياأهل الجنة, فيقولون: لبيك ربنا وسعديك, فيقول: هل رضيتم ؟ فيقولون: ربنا وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك, فيقول: إني أعطيكم أفضل من ذلك, فيقولون: وأي شىء أفضل من ذلك ؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً" وفي الحديث الاخر "يا أهل الجنة, إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه: فيقولون: وما هو ؟ ألم يبيض وجوهنا ويثقل موازيننا ويزحزحنا عن النار ويدخلنا الجنة, فيكشف الحجاب فينظرون إليه, فو الله ما أعطاهم خيراً من النظر إليه, وهي الزيادة" .
129- "ولولا كلمة سبقت من ربك" أي ولولا الكلمة السابقة، وهي وعد الله سبحانه بتأخير عذاب هذه الأمة إلى الدار الآخرة "لكان" عقاب ذنوبهم "لزاماً" أي لازماً لهم، لا ينفك عنهم بحال ولا يتأخر. وقوله: "وأجل مسمى" معطوف على كلمة، قاله الزجاج وغيره، والأجل المسمى هو يوم القيامة، أو يوم بدر، واللزام مصدر لازم، قيل ويجوز عطف وأجل مسمى على الضمير المستتر في كان العائد إلى الأخذ العاجل المفهوم من السياق تنزيلاً للفصل بالخبر منزلة التأكيد: أي لكان الأخذ العاجل "وأجل مسمى" لازمين لهم كما كانا لازمين لعاد وثمود، وفيه تعسف ظاهر.
129. " ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى "، فيه تقديم وتأخير، تقديره: ولولا كلمة سبقت من ربك لكن لزاماً زأجل مسمى، والكلمة الحكم بتأخير العذاب عنهم، أي ولولا حكم سبق بتأخير العذاب عنهم وأجل مسمى وهو القامة لكان لزاماً، أي لكان العذاب لا زماً لهم كما لزم القرون الماضية الكافرة.
129ـ " ولولا كلمة سبقت من ربك " وهي العدة بتأخير عذاب هذه الأمة إلى الآخرة . " لكان لزاماً " لكان مثل ما نزل بعاد وثمود لازماً لهؤلاء الكفرة ، وهو مصدر وصف به أو اسم آلة سمي به اللازم لفرط لزومه كقولهم لزاز خصم . " وأجل مسمى" عطف على كلمة أي ولولا العدة بتأخير العذاب وأجل مسمى لأعمارهم ، أو لعذابهم وهو يوم القيامة أو يوم بدر لكان العذاب لزاماً والفصل للدلالة على استقلال كل منهما بنفي لزوم العذاب ، ويجوز عطفه على المستكن في كان أي لكان الأخذ العاجل وأجل مسمى لازمين له .
129. And but for a decree that had already gone forth from thy Lord, and a term already fixed, the judgment would (have) been inevitable (in this world).
129 - Had it not been for a word that went forth before from thy Lord, (their punishment) must necessarily have come; but there is a term appointed (for respite).