[طه : 114] فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا
114 - (فتعالى الله الملك الحق) عما يقول المشركون (ولا تعجل بالقرآن) أي بقراءته (من قبل أن يقضى إليك وحيه) أي يفرغ جبريل من إبلاغه (وقل رب زدني علما) أي بالقرآن فكلما انزل عليه شيء منه زاد به علمه
قوله تعالى ولا تعجل بالقرآن من قبل الآية أخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالقرآن أتعب نفسه في حفظه حتى يشق على نفسه فيخاف أن يصعد جبريل ولم يحفظه فأنزل الله ولا تعجل بالقرآن الآيه وتقدم في سورة النساء سبب آخر وهذا أصح
يقول تعالى ذكره : فارتفع الذي له العبادة من جميع خلقه ، الملك الذي قهر سلطانه كل ملك وجبار. الحق عما يصفه به المشركون من خلقه "ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه": يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولا تعجل يا محمد بالقرآن ، فتقرئه أصحابك ، أو تقرأه عليهم ، من قبل أن يوحى إليك بيان معانيه ، فعوقب على إكتابه وإملائه ما كان الله ينزله عليه من كتابه من كان يكتبه ذلك ، من قبل أن يبين له معانيه ، وقيل : لا تتله على أحد، ولا تمله عليه ، حتى نبينه لك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد، قوله "ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه"، قال : لا تتله على أحد حتى نبينه لك.
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : يقول : لا تتله على أحد حتى نتمه لك هكذا قال القاسم : حتى نتمه.
حدثني محمد بن سعد، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله "ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه" يعني : لا تعجل حتى نبينه لك.
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة "ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه": أي بيانه.
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر، عن قتادة "ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه" قال : تبيانه.
حدثنا ابن المثنى وابن بشار، قالا: ثنا محمد بن جعفر، قال : ثنا شعبة، عن قتادة "من قبل أن يقضى إليك وحيه" من قبل أن يبين لك بيانه.
وقوله "وقل رب زدني علما" يقول تعالى ذكره : وقل يا محمد: ربي زدني علما إلى ما علمتني، أمره بمسألته في فوائد العلم ما لا يعلم.
قوله تعالى: " فتعالى الله الملك الحق " لما عرف العباد عظيم نعمه، وإنزال القرآن نزه نفسه عن الأولاد والأنداد فقال: " فتعالى الله " أي جل الله الملك الحق، أي ذو الحق. " ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه " علم نبيه كيف يتلقى القرآن. قال ابن عباس: كان عليه السلام يبادر جبريل فيقرآ قبل أن يفرغ جبريل من الوحي حرصاً على الحفظ، وشفقة على القرآن مخافة النسيان، فنهاه الله عن ذلك وأنزل " ولا تعجل بالقرآن " [طه: 114]. وهذا كقوله: " لا تحرك به لسانك لتعجل به " [القيامة: 16] على ما يأتي. وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد : قال: لا تتله قبل أن تتبينه. وقيل: " ولا تعجل " أي لا تسل إنزاله من قبل أن يقضى أي يأتيك وحيه. وقيل: المعنى لا تلقه إلى الناس قبل أن يأتيك بيان تأويله. وقال الحسن : نزلت في رجل لطم وجه امرأته، فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تطلب القصاص، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم لها القصاص، فنزل " الرجال قوامون على النساء " [النساء: 34] ولهذا قال: " وقل رب زدني علما " أي فهماً، لأنه عليه السلام حكم بالقصاص وأبى الله ذلك. وقرأ ابن مسعود وغيره من قبل أن نقضي بالنون وكسر الضاد وحيه بالنصب.
يقول تعالى: ولما كان يوم المعاد والجزاء بالخير والشر واقعاً لا محالة, أنزلنا القرآن بشيراً ونذيراً بلسان عربي مبين فصيح لا لبس فيه ولا عي, "وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون" أي يتركون المآثم والمحارم والفواحش "أو يحدث لهم ذكراً" وهو إيجاد الطاعة وفعل القربات "فتعالى الله الملك الحق" أي تنزه وتقدس الملك الحق الذي هو حق ووعده حق, ووعيده حق ورسله حق, والجنة حق والنار حق وكل شيء منه حق, وعدله تعالى أن لا يعذب أحداً قبل الإنذار وبعثة الرسل, والإعذار إلى خلقه لئلا يبقى لأحد حجة ولا شبهة.
وقوله: " ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه ", كقوله تعالى في سورة لا أقسم بيوم القيامة " لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه * ثم إن علينا بيانه " وثبت في الصحيح عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, كان يعالج من الوحي شدة, فكان مما يحرك به لسانه, فأنزل الله هذه الاية يعني أنه عليه السلام كان إذا جاءه جبريل بالوحي, كلما قال جبريل آية قالها معه من شدة حرصه على حفظ القرآن, فأرشده الله تعالى إلى ما هو الأسهل والأخف في حقه لئلا يشق عليه, فقال: " لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه " أي أن نجمعه في صدرك, ثم تقرأه على الناس من غير أن تنسى منه شيئاً " فإذا قرأناه فاتبع قرآنه * ثم إن علينا بيانه " وقال في هذه الاية "ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه" أي بل أنصت, فإذا فرغ الملك من قراءته عليك فاقرأه بعده "وقل رب زدني علماً" أي زدني منك علماً, قال ابن عيينة رحمه الله ولم يزل صلى الله عليه وسلم في زيادة حتى توفاه الله عز وجل, ولهذا جاء في الحديث "إن الله تابع الوحي على رسوله, حتى كان الوحي أكثر ما كان يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم" وقال ابن ماجه : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة , حدثنا عبد الله بن نمير عن موسى بن عبيدة , عن محمد بن ثابت , عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "اللهم انفعني بما علمتني, وعلمني ما ينفعني, وزدني علماً, والحمد الله على كل حال". وأخرجه الترمذي عن أبي كريب , عن عبد الله بن نميربه . وقال : غريب من هذا الوجه, ورواه البزار عن عمرو بن علي الفلاس , عن أبي عاصم , عن موسى بن عبيدة به, وزاد في آخره "وأعوذ بالله من حال أهل النار".
114- "فتعالى الله الملك الحق" لما بين للعباد عظيم نعمته عليهم بإنزال القرآن نزه نفسه عن مماثلة مخلوقاته في شيء من الأشياء: أي جل الله عن إلحاد الملحدين وعما يقول المشركون في صفاته فإنه الملك الذي بيده الثواب والعقاب وأنه الحق أي ذو الحق " ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه " أي يتم إليك وحيه. قال المفسرون: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبادر جبريل فيقرأ قبل أن يفرغ جبريل من الوحي حرصاً منه على ما كان ينزل عليه منه فنهاه الله عن ذلك، ومثله قوله: "لا تحرك به لسانك لتعجل به" على ما يأتي إن شاء الله، وقيل المعنى: ولا تلقه إلى الناس قبل أن يأتيك بيان تأويله، وقرأ ابن مسعود ويعقوب والحسن والأعمش من قبل أن تقضي بالنون ونصب وحيه "وقل رب زدني علماً" أن سل ربك زيادة العلم بكتابه.
114. " فتعالى الله الملك الحق "، جل الله عن إلحاد الملحدين وعما يقوله المشركون، " ولا تعجل بالقرآن "، أراد النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا نزل عليه جبريل بالقرآن يبادر فيقرأ معه، قبل أن يفرغ جبريل مما يريد من التلاوة، ومخافة الانفلات والنسيان، فنهاه الله عن ذلك، وقال: " ولا تعجل بالقرآن " أي لا تعجل بقراءته " من قبل أن يقضى إليك وحيه "، أي من قبل أن يفرغ جبريل من الإبلاغ، نظيره قوله تعالى: " لا تحرك به لسانك لتعجل به " (سورة القيامة-16) وقرأ يعقوب : " يقضي " بالنون وفتحها وكسر الضاد، وفتح الياء: " وحيه "، بالنصب.
قال مجاهد و قتادة : معناه لا تقرئه أصحابك، ولا تمله عليهم حتى يتبين لك معانيه.
" وقل رب زدني علماً "، يعني بالقرآن ومعانيه. وقيل: علماً إلى ما علمت.
وكان ابن مسعود إذا قرأ هذه الآية قال: اللهم رب زدني علماً وإيماناً ويقيناً.
114ـ " فتعالى الله " في ذاته وصفاته عن مماثلة المخلوقين لا يماثل كلامه كلامهم كما لا تماثل ذاته ذاتهم . " الملك " النافذ أمره ونهيه الحقيق بأن يرجى وعده ويخشى وعيده . " الحق " في ملكوته يستحقه لذاته ، أو الثابت في ذاته وصفاته " ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه " نهي عن الاستعجال في تلقي الوحي من جبريل عليه السلام ومساوقته في القراءة حتى يتم وحيه بعد ذكر الإنزال على سبيل الاستطراد . وقيل نهي عن تبليغ ما كان مجملاً قبل أن يأتي بيانه . " وقل رب زدني علماً " أي سل الله زيادة العلم بدل الاستعجال فإن ما أوحي إليك تناله لا محالة .
114. Then exalted be Allah, the True King! And hasten not (O Muhammad) with the Quran ere its revelation hath been perfected unto thee, and say: My Lord! Increase me in knowledge.
114 - High above all is God, The King, the Truth! be not in haste with the Quran before its completed, but say, O my Lord! advance me in knowledge.