[طه : 106] فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا
106 - (فيذرها قاعا) منبسطا (صفصفا) مستويا
"فيذرها قاعا صفصفا" يقول تعالى ذكره : فيدع أماكنها من الأرض إذا نسفها نسفاً، قاعاً: يعني : أرضاً ملساء، صفصفاً: يعني مستوياً لا نبات فيه ، ولا نشز، ولا ارتفاع.
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله "قاعا صفصفا" يقول : مستوياً لا نبات فيه.
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد، في قوله "فيذرها قاعا صفصفا" قال : مستوياً، الصفصف : المستوي.
حدثني يونس ، قال : أخبرنا عبد الله بن يوسف ، قال : ثنا عبد الله بن لهيعة، قال : ثنا أبو الأسود، عن عروة، قال : كنا قعوداً عند عبد الملك حين قال كعب : إن الصخرة موضع قدم الرحمن يوم القيامة، فقال : كذب كعب ، إنما الصخرة جبل من الجبال ، إن الله يقول "يسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا" فسكت عبد الملك.
حدثني محمد بن عمرو، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد، قوله "صفصفا" قال : مستوياً.
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد، مثله.
قال أبو جعفر: وكان بعض أهل العلم بلغات العرب من أهل الكوفة يقول : القاع : مستنقع الماء، والصفصف : الذي لا نبات فيه.
" فيذرها "أي يذر مواضعها " قاعا صفصفا " القاع الأرض الملساء بلا نبات ولا بناء، قاله ابن الأعرابي. وقال الجوهري : والقاع المستوي من الأرض والجمع أقوع وأقواع وقيعان صارت الواو ياء لكسر ما قبلها. وقال الفراء : القاع مستنقع الماء والصفصف القرعاء. الكلبي : هو الذي لا نبات فيه. وقيل: المستوي من الأرض كأنه على صف واحد في استوائه، قاله مجاهد . والمعنى واحد في القاع والصفصف، فالقاع الموضع المنكشف، والصفصف المستوي الأملس. وأنشد سيبويه:
وكم دون بيتك من صفصف ودكداك رمل وأعقادها
و " قاعا " نصب على الحال والصفصف.
يقول تعالى: "ويسألونك عن الجبال" أي هل تبقى يوم القيامة أو تزول ؟ "فقل ينسفها ربي نسفاً" أي يذهبها عن أماكنها ويمحقها ويسيرها تسييراً "فيذرها" أي الأرض "قاعاً صفصفاً" أي بساطاً واحداً, والقاع هو المستوي من الأرض, والصفصف تأكيد لمعنى ذلك, وقيل الذي لا نبات فيه, والأول أولى وإن كان الاخر مراداً أيضاً باللازم, ولهذا قال: "لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً" أي لا ترى في الأرض يومئذ وادياً ولا رابية ولا مكاناً منخفضاً ولا مرتفعاً, كذا قال ابن عباس وعكرمة ومجاهد والحسن البصري والضحاك وقتادة وغير واحد من السلف "يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له" أي يوم يرون هذه الأحوال والأهوال يستجيبون مسارعين إلى الداعي حيثما أمروا بادروا إليه, ولو كان هذا في الدنيا لكان أنفع لهم ولكن حيث لا ينفعهم, كما قال تعالى: "أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا" وقال: "مهطعين إلى الداع" وقال محمد بن كعب القرظي : يحشر الله الناس يوم القيامة في ظلمة, ويطوي السماء, وتتناثر النجوم, وتذهب الشمس والقمر, وينادي مناد, فيتبع الناس الصوت يؤمونه, فذلك قوله: "يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له" وقال قتادة : لا عوج له, لا يميلون عنه. وقال أبو صالح : لا عوج له أي لا عوج عنه.
وقوله: "وخشعت الأصوات للرحمن" قال ابن عباس : سكنت, وكذا قال السدي "فلا تسمع إلا همساً" قال سعيد بن جبير عن ابن عباس : يعني وطء الأقدام, وكذا قال عكرمة ومجاهد والضحاك والربيع بن أنس وقتادة وابن زيد وغيرهم. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "فلا تسمع إلا همساً" الصوت الخفي, وهو رواية عن عكرمة والضحاك . وقال سعيد بن جبير "فلا تسمع إلا همساً" الحديث وسره ووطء الأقدام, فقد جمع سعيد كلا القولين, وهو محتمل, أما وطء الأقدام فالمراد سعي الناس إلى المحشر, وهو مشيهم في سكون وخضوع, وأما الكلام الخفي فقد يكون في حال دون حال, فقد قال تعالى: "يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد".
والضمير في قوله: 106- "فيذرها" راجع إلى الجبال باعتبار مواضعها: أي فيذر مواضعها بعد نسف ما كان عليها من الجبال "قاعاً صفصفاً" قال ابن الأعرابي: القاع الصفصف الأرض الملساء التي لا نبات فيها. وقال الجوهري: القاع المستوي من الأرض، والجمع أقوع وأقواع وقيعان. والظاهر من لغة العرب أن القاع: الموضع المنكشف، والصفصف المستوي الأملس، وأنشد سيبويه:
وكم دون بيتك من صفصف ودكداك رمل وأعقادها
وانتصاب قاعاً على أنه مفعول ثان ليذر على تضمينه معنى التصيير، أو على الحال، والصفصف صفة له.
106. " فيذرها "، أي فيدع أماكن الجبال من الأرض، " قاعاً صفصفاً "، أي أرضاً ملساء مستوية لا نبات فيها، و((القاع)): ما انبسط من الأرض، و((الصفصف)): الأملس.
106ـ " فيذرها " فيذر مقارها ، أو الأرض وإضمارها من غير ذكر لدلالة " الجبال " عليها كقوله تعالى : " ما ترك عليها من دابة " . " قاعاً " خالياً " صفصفاً " مستوياً كأن أجزاءها على صف واحد .
106. And leave it as an empty plain,
106 - He will leave them as plains smooth and level;