[مريم : 81] وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا
81 - (واتخذوا) أي كفار مكة (من دون الله) الأوثان (آلهة) يعبدونهم (ليكونوا لهم عزا) شفعاء عند الله بأن لا يعذبوا
يقول تعالى ذكره : واتخذ يا محمد هؤلاء المشركون من قومك آلهة يعبدونها من دون الله ، لتكون هؤلا الآلهة لهم عزاً، يمنعونهم من عذاب الله ، ويتخذون عبادتهموها عند الله زلفى . وقوله "كلا" يقول عز ذكره : ليس الأمر كما ظنوا وأملوا من هذه الآلهة التي يعبدونها من دون الله ، في أنها تنقذهم من عذاب الله ، وتنجيهم منه ، ومن سوء إن أراده بهم ربهم. وقوله "سيكفرون بعبادتهم" يقول عز ذكره : ولكن سيكفر الآلهة في الآخرة بعبادة هؤلاء المشركين يوم القيامة إياها، وكفرهم بها قيلهم لربهم : تبرأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون ، فجحدوا أن يكونوا عبدوهم أو أمروهم بذلك ، وتبرءوا منهم ، وذلك كفرهم بعبادتهم.
قوله تعالى: " واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا " يعني مشركي قريش. و " عزا " معناه أعواناً ومنعة، يعني أولاداً. والعز المطر الجود أيضاً، قاله الهروي . وظاهر الكلام أن " عزا " راجع إلى الآلهة التي عبدوها من دون الله. ووحد لأنه بمعنى المصدر، أي لينالوا بها العز ويمتنعون بها من عذاب الله،
يخبر تعالى عن الكفار المشركين بربهم أنهم اتخذوا من دونه آلهة لتكون تلك الالة "عزاً" يعتزون بها ويستنصرونها ثم أخبر أنه ليس الأمر كما زعموا ولا يكون ما طمعوا فقال: "كلا سيكفرون بعبادتهم" أي يوم القيامة "ويكونون عليهم ضداً" أي بخلاف ما ظنوا فيهم كما قال تعالى: "ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين" وقرأ أبو نهيك " كلا سيكفرون بعبادتهم ". وقال السدي : "كلا سيكفرون بعبادتهم" أي بعبادة الأوثان.
وقوله: "ويكونون عليهم ضداً" أي بخلاف ما رجوا منهم. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "ويكونون عليهم ضداً" قال: أعواناً. قال مجاهد : عوناً عليهم تخاصمهم وتكذبهم. وقال العوفي عن ابن عباس "ويكونون عليهم ضداً", قال: قرناء. وقال قتادة : قرناء في النار يلعن بعضهم بعضاً, ويكفر بعضهم ببعض. وقال السدي "ويكونون عليهم ضداً" قال: الخصماء الأشداء في الخصومة, وقال الضحاك "ويكونون عليهم ضداً" قال: أعداء. وقال ابن زيد : الضد البلاء, وقال عكرمة : الضد الحسرة.
وقوله: "ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزاً" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : تغويهم إغواءاً, وقال العوفي عنه: تحرضهم على محمد وأصحابه. وقال مجاهد : تشليهم إشلاء وقال قتادة : تزعجهم إزعاجاً إلى معاصي الله, وقال سفيان الثوري : تغريهم إغراءاً وتستعجلهم استعجالاً. وقال السدي : تطغيهم طغياناً. وقال عبد الرحمن بن زيد : هذا كقوله تعالى: "ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين" وقوله: "فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عداً" أي لا تعجل يا محمد على هؤلاء في وقوع العذاب بهم "إنما نعد لهم عداً" أي إنما نؤخرهم لأجل معدود مضبوط, وهم صائرون لا محالة إلى عذاب الله ونكاله. وقال: "ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون" الاية, "فمهل الكافرين أمهلهم رويداً" "إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً" "نمتعهم قليلاً ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ" "قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار" وقال السدي : إنما نعد لهم عداً: السنين والشهور والأيام والساعات. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "إنما نعد لهم عداً" قال: نعد أنفاسهم في الدنيا.
حكى سبحانه ما كان عليه هؤلاء الكفار الذين تمنوا ما لا يستحقونه، وتألوا على الله سبحانه من اتخاذهم الآلهة من دون الله لأجل يتعززون بذلك. قال الهروي: معنى 81- "ليكونوا لهم عزاً" ليكونوا لهم أعواناً. قال الفراء: معناه ليكونوا لهم شفعاء في الآخرة، وقيل معناه: ليتعززوا بهم من عذاب الله ويمتنعوا بها.
81 - قوله عز وجل : " واتخذوا من دون الله آلهة " يعني : مشركي قريش اتخذوا الأصنام آلهة يعبدونها ، " ليكونوا لهم عزاً " ، أي منعة ، حتى يكونوا لهم شفعاء يمنعونهم من العذاب .
81 -" واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا " ليتعززوا بهم حيث يكونون لهم وصلة إلى الله وشفعاء عنده.
81. And they have chosen (other) gods beside Allah that they may be a power for them.
81 - And they have taken (for worship) gods other than God, to give them power and glory!