[مريم : 29] فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا
29 - (فأشارت) لهم (إليه) أن كلموه (قالوا كيف نكلم من كان) أي وجد (في المهد صبيا)
يقول تعالى ذكره: فلما قال قومها ذلك لها قالت لهم ما أمرها عيسى بقيله لهم ، ثم أشارت لهم إلى عيسى أن كلموه.
كما حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو، قال : ثنا أسباط، عن السدي، قال: لما قالوا لها "ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا" قالت لهم ما أمرها الله به، فلما أرادوها بعد ذلك على الكلام أشارت إليه، إلى عيسى.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة، قوله "فأشارت إليه" قال: أمرتهم بكلامه.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عمن لا يتهم، عن وهب بن منبه "فأشارت إليه" يقول: أشارت إليه أن كلموه.
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله "فأشارت إليه" أن كلموه.
وقوله "قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا" يقول تعالى ذكره ، قال قومها لها: كيف نكلم من وجد في المهد؟ وكان في قوله "من كان في المهد صبيا" معناها التمام ، لا التي تقتضي الخبر، وذلك شبيه المعنى بكان التي في قوله "هل كنت إلا بشرا رسولا" [الإسراء: 93] وإنما معنى ذلك: هل أنا إلا بشر رسول؟ وهل وجدت أو بعثت ، وكما قال زهير بن أبي سلمى:
زجرت عليه حرةً أرحبيةً وقد كان لون الليل مثل الأرندج
بمعنى: وقد صار أو وجد. وقيل: إنه عني بالمهد في هذا الموضع: حجر أمه.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة "من كان في المهد صبيا" والمهد: الحجر.
قال أبو جعفر: وقد بينا معنى المهد فيما مض بشواهده، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع.
فيه خمس مسائل:
الأولى: قوله تعالى: " فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا " التزمت مريم عليها السلام ما أمرت به من ترك الكلام، ولم يرد في هذه الآية أنها نطقت بـ" إني نذرت للرحمن صوماً " وإنما ورد بأنها أشارت، فيقوى بهذا قول من قال: إن أمرها بـ" قولي " إنما أريد به الإشارة. ويروى أنهم لما أشارت إلى الطفل قالوا: استخفافها بنا أشد علينا من زناها، ثم قالوا لها على جهة التقرير: " كيف نكلم من كان في المهد صبيا " و " كان " هنا ليس يراد بها الماضي، لأن كل واحد قد كان في المهد صبياً. وإنما هي في معنى هو الآن. وقال أبو عبيدة: " كان " هنا لغو، كما قال:
وجيران لنا كانوا كرام
وقيل: هي بمعنى الوجود والحدوث كقوله: " وإن كان ذو عسرة " [البقرة: 280] وقد تقدم. وقال ابن الأنباري : لا يجوز أن يقال زائدة وقد نصبت " صبيا "، ولا أن يقال " كان " بمعنى حدث، لأنه لو كانت بمعنى الحدوث والوقوع لاستغنى فيه عن الخبر، تقول: كان الحر وتكتفي به. والصحيح أن " من " في معنى الجزاء و " كان " بمعنى يكن، التقدير: من يكن في المهد صبياً فكيف نكلمه؟! كما تقول: كيف أعطي من كان لا يقبل عطية، أي من يكن لا يقبل. والماضي قد يذكر بمعنى المستقبل في الجزاء، كقوله تعالى: " تبارك الذي إن شاء جعل لك خيراً من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار " [الفرقان: 10] أي إن يشأ يجعل. وتقول: من كان إلي منه إحسان كان إليه مني مثله، أي من يكن منه إلى إحسان يكن إليه مني مثله. و " المهد " قيل: كان سريراً كالمهد. وقيل: " المهد " هاهنا حجر الأم. وقيل: المعنى كيف نكلم من كان سبيله أن ينوم في المهد لصغره،
فلما سمع عيسى عليه السلام كلامهم قال لهم من مرقده " إني عبد الله " وهي: الثانية: فقيل: كان عيسى عليه السلام يرضع فلما سمع كلامهم ترك الرضاعة وأقبل عليهم بوجهه، واتكأ على يساره، وأشار إليهم بسبابته اليمنى، و " قال إني عبد الله " فكان أول ما نطق به الاعتراف بعبوديته لله تعالى وربوبيته، رداً على من غلا من بعده في شأنه والكتاب الإنجيل، قيل: آتاه في تلك الحالة الكتاب، وفهمه وعلمه، وآتاه النبوة كما علم آدم الأسماء كلها، وكان يصوم ويصلي. وهذا في غاية الضعف على ما نبينه في المسألة بعد هذا. وقيل: أي حكم لي بإيتاء الكتاب والنبوة في الأزل، وإن لم يكن الكتاب منزلاً في الحال، وهذا أصح.
يقول تعالى مخبراً عن مريم حين أمرت أن تصوم يومها ذلك وأن لا تكلم أحداً من البشر, فإنها ستكفى أمرها ويقام بحجتها, فسلمت لأمر الله عز وجل واستسلمت لقضائه, فأخذت ولدها فأتت به قومها تحمله, فلما رأوها كذلك أعظموا أمرها واستنكروه جداً, و"قالوا يا مريم لقد جئت شيئاً فريا", أي أمراً عظيماً, قاله مجاهد وقتادة والسدي وغير واحد. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا عبد الله بن أبي زياد , حدثنا سيار , حدثنا جعفر بن سليمان , حدثنا أبو عمران الجوني عن نوف البكالي قال: وخرج قومها في طلبها, قال: وكانت من أهل بيت نبوة وشرف فلم يحسوا منها شيئاً, فلقوا راعي بقر فقالوا: رأيت فتاة كذا وكذا نعتها ؟ قال: لا ولكني رأيت الليلة من بقري مالم أره منها قط, قالوا: وما رأيت ؟ قال: رأيتها الليلة تسجد نحو هذا الوادي.
قال عبد الله بن زياد : وأحفظ عن سيار أنه قال: رأيت نوراً ساطعاً فتوجهوا حيث قال لهم, فاستقبلتهم مريم, فلما رأتهم قعدت وحملت ابنها في حجرها فجاؤوا حتى قاموا عليها " قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا " أمراً عظيماً "يا أخت هارون" أي يا شبيهة هارون في العبادة "ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغياً" أي أنت من بيت طيب طاهر معروف بالصلاح والعبادة والزهادة, فكيف صدر هذا منك ؟ قال علي بن أبي طلحة والسدي : قيل لها: "يا أخت هارون" أي أخي موسى, وكانت من نسله كما يقال للتميمي: يا أخا تميم, وللمضري يا أخا مضر, وقيل: نسبت إلى رجل صالح كان فيهم اسمه هارون, فكانت تقاس به في الزهادة والعبادة, وحكى ابن جرير عن بعضهم أنهم شبهوها برجل فاجر كان فيهم يقال له هارون.
ورواه ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير , وأغرب من هذا كله ما رواه ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين الهجستاني , حدثنا ابن أبي مريم , حدثنا المفضل بن فضالة , حدثنا أبو صخر عن القرظي في قوله الله عز وجل: "يا أخت هارون" قال: هي أخت هارون لأبيه وأمه, وهي أخت موسى أخي هارون التي قصت أثر موسى "فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون" وهذا القول خطأ محض, فإن الله تعالى قد ذكر في كتابه أنه قفى بعيسى بعد الرسل, فدل على أنه آخر الأنبياء بعثاً, وليس بعده إلا محمد صلوات الله وسلامه عليهما, ولهذا ثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أنا أولى الناس بابن مريم إلا أنه ليس بيني وبينه نبي" ولو كان الأمر كما زعم محمد بن كعب القرظي , لم يكن متأخراً عن الرسل سوى محمد, ولكان قبل سليمان وداود, فإن الله قد ذكر أن داود بعد موسى عليهما السلام في قوله تعالى: "ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله" وذكر القصة إلى أن قال: "وقتل داود جالوت" الاية, والذي جرأ القرظي على هذه المقالة ما في التوراة بعد خروج موسى وبني إسرائيل من البحر وإغراق فرعون وقومه, قال: وكانت مريم بنت عمران أخت موسى وهارون النبيين تضرب بالدف هي والنساء معها يسبحن الله ويشكرنه على ما أنعم به على بني إسرائيل, فاعتقد القرظي أن هذه هي أم عيسى وهذه هفوة وغلطة شديدة, بل هي باسم هذه, وقد كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم وصالحيهم, كما قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن إدريس , سمعت أبي يذكره عن سماك عن علقمة بن وائل عن المغيرة بن شعبة قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نجران فقالوا: أرأيت ما تقرؤون "يا أخت هارون" وموسى قبل عيسى بكذا وكذا ؟ قال: فرجعت فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ألا أخبرتهم أنهم كانوا يتسمون بالأنبياء والصالحين قبلهم" انفرد بإخراجه مسلم والترمذي والنسائي من حديث عبد الله بن إدريس عن أبيه عن سماك به, وقال الترمذي حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن إدريس , وقال ابن جرير : حدثني يعقوب حدثنا ابن علية عن سعيد بن أبي صدقة عن محمد بن سيرين قال أنبئت أن كعباً قال إن قوله: "يا أخت هارون" ليس بهارون أخي موسى قال فقالت له عائشة كذبت قال يا أم المؤمنين إن كان النبي صلى الله عليه وسلم قاله فهو أعلم وأخبر وإلا فإني أجد بينهما ستمائة سنة قال فسكتت وفي هذا التاريخ نظر.
وقال ابن جرير أيضاً: حدثنا بشر , حدثنا يزيد , حدثنا سعيد عن قتادة قوله: "يا أخت هارون" الاية, قال: كانت من أهل بيت يعرفون بالصلاح ولا يعرفون بالفساد, ومن الناس من يعرفون بالصلاح ويتوالدون به, وآخرون يعرفون بالفساد ويتوالدون به, وكان هارون مصلحاً محبباً في عشيرته وليس بهارون أخي موسى ولكنه هارون آخر, قال: وذكر لنا أنه شيع جنازته يوم مات أربعون ألفاً كلهم يسمى هارون من بني إسرائيل. وقوله: "فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً" أي إنهم لما استرابوا في أمرها واستنكروا قضيتها وقالوا لها ما قالوا معرضين بقذفها ورميها بالفرية, وقد كانت يومها ذلك صائمة صامتة, فأحالت الكلام عليه, وأشارت لهم إلى خطابه وكلامه, فقالوا متهكمين بها ظانين أنها تزدري بهم وتلعب بهم "كيف نكلم من كان في المهد صبياً" قال ميمون بن مهران : "فأشارت إليه" قالت كلموه, فقالوا: على ما جاءت به من الداهية تأمرنا أن نكلم من كان في المهد صبياً, وقال السدي لما أشارت إليه غضبوا وقالوا: لسخريتها بنا حتى تأمرنا أن نكلم هذا الصبي أشد علينا من زناها "قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً" أي من هو موجود في مهده في حال صباه وصغره, كيف يتكلم ؟ قال: "إني عبد الله", أول شيء تكلم به أن نزه جناب ربه تعالى وبرأه عن الولد, وأثبت لنفسه العبودية لربه.
وقوله: "آتاني الكتاب وجعلني نبياً" تبرئة لأمه مما نسبت إليه من الفاحشة, قال نوف البكالي : لما قالو لأمه ما قالوا, كان يرتضع ثديه, فنزع الثدي من فمه واتكأ على جنبه الأيسر وقال " إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا * وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا " وقال حماد بن سلمة عن ثابت البناني : رفع أصبعه السبابة فوق منكبه وهو يقول: "إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً" الاية, وقال عكرمة : "آتاني الكتاب" أي قضى أنه يؤتيني الكتاب فيما قضى, وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا محمد بن المصفى , حدثنا يحيى بن سعيد هو العطار عن عبد العزيز بن زياد , عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان عيسى بن مريم قد درس التوارة وأحكمها وهو في بطن أمه, فذلك قوله: "إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً" يحيى بن سعيد العطار الحمصي متروك.
وقوله: " وجعلني مباركا أين ما كنت " قال مجاهد وعمرو بن قيس والثوري : وجعلني معلماً للخير. وفي رواية عن مجاهد : نفاعاً. وقال ابن جرير : حدثني سليمان بن عبد الجبار , حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس المخزومي , سمعت وهيب بن الورد مولى بني مخزوم قال: لقي عالم عالماً هو فوقه في العلم, فقال له: يرحمك الله ما الذي أعلن من عملي ؟ قال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فإنه دين الله الذي بعث به أنبياءه إلى عباده, وقد أجمع الفقهاء على قول الله: " وجعلني مباركا أين ما كنت " وقيل: ما بركته ؟ قال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أينما كان. وقوله: "وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً" كقوله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين". وقال عبد الرحمن بن القاسم عن مالك بن أنس في قوله " وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً" قال: أخبره بما هو كائن من أمره إلى أن يموت, ماأبينها لأهل القدر.
وقوله: "وبراً بوالدتي" أي وأمرني ببر والدتي, ذكره بعد طاعة الله ربه, لأن الله تعالى كثيراً ما يقرن بين الأمر بعبادته وطاعة الوالدين, كما قال تعالى: " وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا " وقال "أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير". وقوله: "ولم يجعلني جباراً شقياً" أي ولم يجعلني جباراً مستكبراً عن عبادته وطاعته وبر والدتي, فأشقى بذلك. قال سفيان الثوري : الجبار الشقي الذي يقتل على الغضب. وقال بعض السلف: لا تجد أحداً عاقاً لوالديه إلا وجدته جباراً شقياً, ثم قرأ: "وبراً بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً" قال: ولا تجد سيء الملكة إلا وجدته مختالاً فخوراً, ثم قرأ: "وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً".
قال قتادة : ذكر لنا أن امرأة رأت ابن مريم يحيي الموتى ويبرىء الأكمه والأبرص في آيات سلطه الله عليهن وأذن له فيهن, فقالت: طوبى للبطن الذي حملك, وطوبى للثدي الذي أرضعت به, فقال نبي الله عيسى عليه السلام يجيبها: طوبى لمن تلا كتاب الله فاتبع ما فيه, ولم يكن جباراً شقياً. وقوله: " والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا " إثبات منه لعبوديته لله عز وجل, وأنه مخلوق من خلق الله يحيى ويموت ويبعث كسائر الخلائق, ولكن له السلامة في هذه الأحوال التي هي أشق ما يكون على العباد, صلوات الله وسلامه عليه.
29- "فأشارت إليه" أي إلى عيسى، وإنما اكتفت بالإشارة ولم تأمره بالنطق، لأنها نذرت للرحمن صوماً عن الكلام كما تقدم، هذا على تقدير أنها كانت إذ ذاك في أيام نذرها، وعلى تقدير أنها قد خرجت من أيام نذرها، فيمكن أن يقال إن اقتصارها على الإشارة للمبالغة في إظهار الآية العظيمة، وأن هذا المولود يفهم الإشارة ويقدر على العبارة "قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً" هذا الاستفهام للإنكار والتعجب من إشارتها إلى ذلك المولود بأن يكلمهم. قال أبو عبيدة: في الكلام حشو زائد. والمعنى: كيف نكلم صبياً في المهد كقول الشاعر:
وجيران لنا كانوا كرام
وقال الزجاج: الأجود أن تكون من في معنى الشرط والجزاء، والمعنى: من يكون في المهد صبياً فكيف نكلمه، ورجحه ابن الأنباري وقال: لا يجوز أن يقال إن كان زائدة وقد نصبت صبياً، ويجاب عنه بأن القائل بزيادتها يجعل الناصب له الفعل، وهو نكلم كما سبق تقديره، وقيل إن كان هنا هي التامة التي بمعنى الحدوث والوجود، ورد بأنها لو كانت تامة لاستغنت عن الخبر، والمهد هو شيء معروف يتخذ لتنويم الصبي. والمعنى كيف نكلم من سبيله أن ينوم في المهد لصغره، وقيل هنا حجر الأم، وقيل سرير كالمهد.
29 - " فأشارت " ،مريم ، " إليه " ،أي إلى عيسى عليه السلام : أن كلموه .
قال ابن مسعود رضي الله عنه : لما لم يكن لها حجة وأشارت إليه ، ليكون كلامه حجةً لها .
وفي القصة : لما أشارت إليه غضب القوم ، وقالوا مع ما فعلت تسخرين بنا ؟
" قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبياً " أي : من هو في المهد ، هو حجرها.
وقيل : هو المهد بعينه و ( كان ) بمعنى : هو . وقال أبو عبيدة ( كان ) صلة ، أي: كيف نكلم صبياً في المهد . وقد يجيء ( كان ) حشواً في الكلام لا معنى له كقوله " هل كنت إلا بشراً رسولاً " (الإسراء : 93 ) أي : هل أنا ؟
قال السدي : فلما سمع عيسى كلامهم ترك الرضاع وأقبل عليهم .
وقيل : لما أشارت إليه ترك الثدي واتكأ على يساره ، وأقبل عليهم وجعل يشير بيمينه :
29ـ "فأشارت إليه" إلى عيسى عليه الصلاة والسلام أي كلموه ليجيبكم. "قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا" ولم نعهد صبياً في المهد كلمه عاقل، و" كان " زائدة والظرف صلة من. و " صبياً " حال من المستكن فيه أو تامة أو دائمة كقوله تعالى: "وكان الله عليماً حكيماً" أو بمعنى صار.
29. Then she pointed to him. They said How can we tale to one who is in the cradle, a young boy?
29 - But she pointed to the babe. They said: How can we talk to one who is a child in the cradle?