[الكهف : 46] الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا
المال والبنون زينة الحياة الدنيا) يتجمل بهما فيها (والباقيات الصالحات) هي سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر زاد بعضهم ولا حول ولا قوة إلا بالله (خير عند ربك ثوابا وخير أملا) أي ما يأمله الإنسان ويرجوه عند الله تعالى
يقول تعالى ذكره : المال والبنون أيها الناس التي يفخر بها عيينة والأقرع ، ويتكبران بها على سلمان وخباب وصهيب ، مما يتزين به في الحياة الدنيا، وليسا من عداد الآخرة " والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا" يقول : وما يعمل سلمان وخباب وصهيب من طاعة الله ، ودعائهم ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ، الباقي لهم من الأعمال الصالحة بعد فناء الحياة الدنيا، خير يا محمد عند ربك ثوابا من المال والبنين التي يفتخر هؤلاء المشركون بها، التي تفنى، فلا تبقى لأهلها " وخير أملا" يقول : وما يؤمل من ذلك سلمان وصهيب وخباب ، خير مما يؤمل عيينة والأقرع من أموالهما وأولادهما . وهذه الايات -من لدن قوله " واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك " إلى هذا الموضع ، ذكر أنها نزلت في عيينة والأقرع .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا الحسين بن عمرو العنقزي ، قال : ثنا أبي ، قال : ثنا أسباط بن نصر ، عن السدي ، عن أبي سعيد الأزدي ، وكان قارىء الأزد، عن أبي الكنود ، عن خباب في قوله " ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي " ثم ذكر القصة التي ذكرناها في سورة الأنعام في قصة عيينة والأقرع ، إلى قوله " ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا" قال : عيينة والأقرع " واتبع هواه " قال : قال : ثم قال ضرب لهم مثلا رجلين ، ومثل الحياة الدنيا .
واختلف أهل التاويل في المعني بالباقيات الصالحات ، اختلافهم في المعني بالدعاء الذي وصف جل ثناؤه به الذين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طردهم ، وأمره بالصبر معهم ، فقال بعضهم : هي الصلوات الخمس . وقال بعضهم : هي ذكر الله بالتسبيح والتقديس والتهليل ، ونحو ذلك.
وقال بعضهم : هي العمل بطاعة الله . وقال بعضهم : الكلام الطيب . ذكر من قال : هي الصلوات الخمس .
حدثني محمد بن إبراهيم الأنماطي ، قال : ثنا يعقوب بن كاسب ، قال : ثنا عبد الله بن عبد الله الأموي قال : سمعت عبد الله بن يزيد بن هرمز ، يحدث عن عبيد الله بن عتبة ، عن ابن عباس أنه قال : الباقيات الصالحات : الصلوات الخمس .
حدثني زريق بن اسحاق ، قال : ثنا قبيصة ، عن سفيان ، عن عبد الله بن مسلم ، عن سعيد بن جبير ، في قوله " والباقيات الصالحات " قال : الصلوات الخمس .
حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي ، قال : ثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الأعمش ، عن أبي اسحاق ، عن عمرو بن شرحبيل في هذه الآية " والباقيات الصالحات " قال : هي الصلوات المكتوبات .
حدثنا الحسن بن يحيى ،. قالى : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن عبد الله بن مسلم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : الباقيات الصالحات : الصلوات الخمس.
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان عن الحسن بن عبد الله ، عن إبراهيم ، قال" الباقيات الصالحات " الصلوات الخمس .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي إسحاق ، عن أبي ميسرة " والباقيات الصالحات " قال : الصلوات الخمس .
ذكر من قال : هن ذكر الله بالتسبيح والتحميد ونحوذلك .
حدثنا ابن حميد و عبد الله بن أبي زياد و محمد بن عمارة الأسدي ، قالوا : ثنا عبد الله بن يزيد ، قال : أخبرنا حيوة ، قال : أخبرنا أبو عقيل زهرة بن معبد القرشي من بني تيم من رهط أبي بكر الصديق، أنه سمع الحارث مولى عثمان بن عفان ، يقول : قيل لعثمان : ما الباقيات الصالحات ؟ قال : هن لا إله إلا الله ، وسبحان الله ، والحمد الله ، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا باللة .
حدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : ثنا أبو زرعة ، قال : ثنا حيوة ، قال : ثنا أبو عقيل زهرة بن معبد ، أنه سمع الحارث مولى عثمان بن عفان يقول : قيل لعثمان بن عفان : ما الباقيات الصالحات ؟ قال : هي لا إله إلا الله ، وسبحان الله وبحمده ، والله أكبر، والحمد لله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
حدثني ابن عبد الرحيم البرقي ، قال : ثنا ابن أبي مريم ، قال : ثنا نافع بن يزيد و رشدين ابن سعد، قالا: ثنا زهرة بن معبد ، قال : سمعت الحارث مولى عثمان بن عفان يقول : قالوا لعثمان ما الباقيات الصالحات ؟ فذكر مثله .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن عبد الله بن مسلم بن هرمز ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، في قوله " والباقيات الصالحات " قال : سبحان الله ، والحمد لله ، ولأ إله إلا الله ، والله أكبر.
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن إدريس ، قال : سمعت عبد الملك ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، في قوله " والباقيات الصالحات " قال : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر
حدثنا أبوكريب ، قال : ثنا طلق بن غنام ، عن زائدة ، عن عبد الملك ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، مثله .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا مالك ، عن عمارة بن عبد الله بن صياد ، عن سعيد بن المسيب ، قال " الباقيات الصالحات " : سبحان الله ، والحمد لله ،ولا إله إلا الله ، والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قال : أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن نافع بن سرجس ، أنه أخبره أنه سأل ابن عمر عن الباقيات الصالحات ، قال : لا إله إلا الله ، والله أكبر، وسبحان الله ، ولا حول ولا قوة إلا لابالله . قال ابن جريج : قال عطاء بن أبي رباح مثل ذلك .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : الباقيات الصالحات : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر.
حدثنا ابن المثنى ، قال : ثنا محمد بن جعفر ، قال : ثنا شعبة ، عن منصور ، عن مجاهد ، بنحوه .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، في قوله " والباقيات الصالحات " قال : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر .
حدثني . يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثني أبو صخر : أن عبد الله بن عبد الرحمن ، مولى سالم بن عبد الد، حدثه قال : أرسلني سالم بن محمد بن كعب القرظي ، فقال : قل له القني عند زاوية القبر، فإن لي إليك حاجة، قال : فالتقيا، فسلم أحدهما على الآخر، ثم قال سالم : ما تعد الباقيات الصالحات ؟ فقال : لا إله إلا الله ، والحمد لله ، وسبحان الله ، والله أكبر، ولا حول ولا قوه إلا بالله ، فقال له سالم : متى جعلت فيها لا حول ولا قوة إلا بالله ؟ فقال : ما زلت أجعلها. قال : فراجعه مرتين أو ثلاثا فلم ينزع ، قال : فاثبت ، قال سالم : أجل ، فاثبت فإن أبا أيوب الأنصاري حدثني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : عرج بي إلى السماء فأريت إبراهيم ، فقال : يا جبريل من هذا معك ؟ فقال : محمد، فرحب بي وسهل ، ثم قال : مر أمتك فلتكثر من غراس الجنة، فإن تربتها طيبة ، وأرضها واسعة، فقلت : وما غراس الجنة؟ قال : لا حول ولا قوة إلا بالله
وجدت في كتابي عن الحسن بن الصباح البزار ، عن أبي نصر التمار ، عن عبد العزيز بن مسلم ، عن محمد بن عجلان ، عن سعيد المقبري ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، من الباقيات الصالحات ، .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن الحسن و قتادة ، في قوله " والباقيات الصالحات خير" قال : لا إله إلا الله ، والله أكبر، والحمد لله ، وسبحان الله ، هن الباقيات الصالحات .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا عمرو بن الحارث ، أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : استكثروا من الباقيات الصالحات ، قيل ما هي يا رسول الله ؟ قال : الملة، قيل : وما هي يا رسول الله ؟ قال : التكبير والتهليل والتسبيح ،والحمد،ولاحول ولاقوة إلابالله .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني مالك ، عن عمارة بن صياد ، أنه سمع سعيد بن المسيب يقول في الباقيات الصالحات : إنها قول العبد : الله أكبر، وسبحان الله ، والحمد لله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
حدثني ابن البرقي ، قال : ثنا ابن أبي مريم ، قال : أخبرنا يحيى بن أيوب ، قال : ثني ابن عجلان ، عن عمارة بن صياد ، قال : سألني سعيد بن المسيب ، عن الباقيات الصالحات ، فقلت : الصلاة والصيام ، قال : لم تصب ، فقلت : الزكاة والحج ، فقال : لم تصب ، ولكنهن الكلمات الخمس : لا إله إلا الله ، والله أكبر، وسبحان الله ، والحمد لله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . ذكرمن قال :هي العمل بطاعة الله عزوجل .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس " والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا" قال : الأعمال الصالحة : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر.
حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله " والباقيات الصالحات " قال : هي ذكر الله قول لا إله إلأ الله ، والله أكبر، وسبحان الله ، والحمد لله ، وتبارك الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وأستغفر الله ، وصلى الله على رسول الله والصيام والصلاة والحج والصدقة والعتق والجهاد والصلة، وجميع أعمال الحسنات ، وهن الباقيات الصالحات ، التي تبقى لأهلها في الجنة ما دامت السموات والأرض .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا" قال : الأعمال الصالحة . ذكرمن قال : هي الكلم الطيب .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، تال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " والباقيات الصالحات " قال : الكلام الطيب . وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، قول من قال : هن جميع أعمال الخير، كالذي روي عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، لأن ذلك كله من الصالحات التي تبقى لصاحبها في الآخرة، وعليها يجازى ويثاب ، وإن الله عز ذكره لم يخصص من قوله " والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا" بعضا دون بعض في كتاب ، ولا بخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فإن ظن ظان أن ذلك مخصوص بالخبر الذي رويناه عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن ذلك بخلاف ما ظن ، وذلك أن الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لك كلت إنما ورد بان قول : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر، هن من الباقيات الصالحات ، ولم يقل : هن جميع الباقيات الصالحات ، ولا كل الباقيات الصالحات ، وجائز أن تكون هذه الباقيات ، وغيرها من أعمال البر أيضاً باقيات صالحات .
قوله تعالى : " المال والبنون زينة الحياة الدنيا " ويجوز ( زينتا ) وهو خبر الابتداء في التثنية والإفراد . وإنما كان المال والبنون زينة الحياة الدنيا لأن في المال جمالاً ونفعاً ، وفي البنين قوة ودفعاً ، فصار زينة الحياة الدنيا ، لكن معه قرينة الصفة للمال والبنين، لأن المعنى : المال والبنون زينة هذه الحياة المحتقرة فلا تتبعوها نفوسكم . وهو رد على عيينة ينحسن وأمثاله لما افتخروا بالغنى والشرف ، فأخبر تعالى أن ما كان من زينة الحياة الدنيا فهو غرور يمر ولا يبقى ، كالهشيم حين ذرته الريح ، إنما يبقى ما كان من زاد القبر وعدد الآخرة . وكان يقال : لا تعقد قلبك مع المال لأنه فيء ذاهب ، ولا مع النساء لأنها اليوم معك وغدا مع غيرك ، ولا مع السلطان لأنه اليوم لك وغداً لغيرك . ويكفي في هذا قوله الله تعالى : " إنما أموالكم وأولادكم فتنة " [ التغابن : 15] وقال تعالى : " إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم " [ التغابن : 14]
قوله تعالى : " والباقيات الصالحات " أي ما يأتي به سليمان وصهيب وفقراء المسلمين من الطاعات " خير عند ربك ثوابا " أي أفضل " وخير أملا " أي أفضل أملا نم ذي المال والبنين دون عمل صالح ، وليس في زينة الدنيا خير ، ولكنه خرج مخرج قوله " أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا " [الفرقان : 24] . وقيل : خير في التحقيق مما يظنه الجهال أنه خير في ظنهم .
واختلف العلماء ( الباقيات الصالحات ) ، فقال ابن عباس و ابن جبير و أبو ميسرة وعمرو بن شرحبيل : هي الصلوات الخمس .وعن ابن عباس أيضاً : أنها كل علم صالح من قول أو فعل يبقى للآخرة . وقاله ابن زيد و رجحه الطبري . وهو الصحيح إن شاء الله ، لأن كل ما بقي ثوابه جاز أن يقال له هذا وقال علي رضي الله عنه : الحرث حرثان فحرث الدنيا المال والبنون ، وحرث الآخرة الباقيات الصالحات ، وقد يجمعهن الله تعالى لأقوام . وقال الجمهور : هي الكلمات المأثور فضلها : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوى إلا بالله العلي العظيم . خرجه مالك في موطئه عن عمارة بن صياد عن سعبد بن المسيب أنه سمعه يقول في الباقيات الصالحات : إنها قال العبد الله أكبر والحمد لله لاإله إلا الله ولا حول ولا قوة إالاى بالله . أسنده النسائي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " استكثروا من الباقيات الصالحات قيل : وما هي يا رسول الله ؟ قال التكبير والتهليل والتسبيح والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله " صححه أبو محمد عبد الحق رحمه الله وروى قتادة
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ غصناً فخرطه حتى سقط ورقه وقال : إن المسلم إذا قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تحتت خطاياه كما تحات هذا خذهن إليك أبا الدرداءقبل أن يحال بينك وبينهن فإنهن من كنوز الجنة وصفايا الكلام وهن الباقيات الصالحات " ذكره الثعلبي وحرجه ابن حاجة بمعناه من حديث أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " عليك بسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله الله والله أكبر فإنهن _ يعني يحططن الخطايا كما تحط الشجرة ورقها " وأخرجه الترمذي من حديث الأعمش " عن أنس بن مالك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بشرحة يابسة الورق فضربها بعصاة فتناثر الورق فقال : إن الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله أكبر لتساقط من ذنوب العبد كما تساقط ورق هذه الشجرة " قال : هذا حديث غريبولا نعرف للأعمش سماعاً من أنس ، إلا أنه قد رأه ونظر إليه . وخرج الترمذي أيضاً عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقيت إبراهيم عليه السلام ليلة اسى بي فقال يا محمد أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " قال : حديث حسن غريب ، خرجه الماوردي بمعناه وفيه _ فقلت : وما غراس الجنة ؟ قال (لا حول ولا قوة إلا بالله ) وخرج ابن ماجة عن أبي قريرة: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به يغرس غرساً فقال : يا أبا هريرة ما الذي تغرس قلت غراساً . قال ألا أدلك على غراس حير من هذا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر يغرس لك بكل واحدة شجرة في الجنة " وقد قيل الباقيات الصالحات هي النيات والهمات ، لأن بها تقبل الأعمال وترفع ، قاله الحسن . وقال عبيد بن عمير : هن البنات ، يدل عليه أوائل الآية قال الله تعالى : " المال والبنون زينة الحياة الدنيا " ثم قال ( والباقيات الصالحات ) يعني البنات الصالحات هن عند الله لآبائهن خير ثواباً ، وخير أملاً في الآخرة لمن أحسن إلهن . يدل عليه ما روته عائشة رضي الله عنها قالت : دخلت علي امرأة مسكينة الحديث ، وقد ذكرناه في سورة النحل في قوله " يتوارى من القوم " [ النحل : 59] الآية وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لقد رأيت رجلاً من أمتي أمر به إلى النار فتعلق به بناته وجعلن يصرخن ويقلن رب إنه كان يحسن إلينا في الدنيا فرحمه لله بهن " وقال قتادة في قوله تعالى : " فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما " [ الكهف : 81] قال : أبدلهما منه ابنة فتزوجها نبي فولدت له اثني عشر غلاماً كلهم أنبياء .
يقول تعالى: "واضرب" يا محمد للناس "مثل الحياة الدنيا" في زوالها وفنائها وانقضائها "كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض" أي ما فيها من الحب, فشب وحسن, وعلاه الزهر والنور والنضرة, ثم بعد هذا كله "أصبح هشيماً" يابساً "تذروه الرياح" أي تفرقه وتطرحه ذات اليمين وذات الشمال, " وكان الله على كل شيء مقتدرا " أي هو قادر على هذه الحال وهذه الحال, وكثيراً ما يضرب الله مثل الحياة الدنيا بهذا المثل, كما قال تعالى في سورة يونس "إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام" الاية, وقال في الزمر: " ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه " الاية, وقال في سورة الحديد "اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته" الاية, وفي الحديث الصحيح "الدنيا خضرة حلوة" وقوله "المال والبنون زينة الحياة الدنيا" كقوله: "زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب" الاية, وقال تعالى: "إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم" أي الإقبال عليه والتفرغ لعبادته خير لكم من اشتغالكم بهم, والجمع لهم, والشفقة المفرطة عليهم, ولهذا قال: "والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملاً".
قال ابن عباس وسعيد بن جبير وغير واحد من السلف: الباقيات الصالحات الصلوات الخمس. وقال عطاء بن أبي رباح وسعيد بن جبير عن ابن عباس : الباقيات الصالحات سبحان الله, والحمد لله, ولا إله إلا الله, والله أكبر, وهكذا سئل أمير المؤمنين عثمان بن عفان عن الباقيات الصالحات ما هي ؟ فقال: هي لا إله إلا الله, وسبحان الله, والحمد لله, والله أكبر,ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم, رواه الإمام أحمد , حدثنا أبو عبد الرحمن المقري , حدثنا حيوة , حدثنا أبو عقيل أنه سمع الحارث مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول: جلس عثمان يوماً وجلسنا معه, فجاءه المؤذن, فدعا بماء في إناء أظنه سيكون فيه مد, فتوضأ ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وضوئي هذا, ثم قال: " من توضأ وضوئي هذا, ثم قام فصلى صلاة الظهر غفر له ما كان بينها وبين الصبح: ثم صلى العصر غفر له ما بينها وبين الظهر, ثم صلى المغرب غفر له ما بينها وبين العصر, ثم صلى العشاء غفر له ما بينها وبين المغرب, ثم لعله يبيت يتمرغ ليلته, ثم إن قام فتوضأ وصلى صلاة الصبح غفر له ما بينها وبين صلاة العشاء, وهي الحسنات يذهبن السيئات" قالوا هذه الحسنات, فما الباقيات الصالحات يا عثمان ؟ قال لا إله إلا الله, وسبحان الله, والحمد لله والله أكبر, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم, تفرد به.
وروى مالك عن عمارة بن عبد الله بن صياد عن سعيد بن المسيب قال: الباقيات الصالحات: سبحان الله والحمد لله,ولا إله إلا الله, والله أكبر, ولا حول ولا قوة إلا بالله, وقال محمد بن عجلان عن عمارة قال: سألني سعيد بن المسيب عن الباقيات الصالحات, فقلت: الصلاة والصيام, فقال لم تصب, فقلت الزكاة والحج, فقال: لم تصب, ولكنهن الكلمات الخمس: لا إله إلا الله, والله أكبر, وسبحان الله, والحمد لله,ولا حول ولا قوة إلا بالله. وقال ابن جريج : أخبرني عبد الله بن عثمان بن خيثم عن نافع بن سرجس أنه أخبره أنه سأل ابن عمر عن الباقيات الصالحات. قال: لا إله إلا الله, والله أكبر, وسبحان الله, ولا حول ولا قوة إلا بالله, قال ابن جريج وقال عطاء بن أبي رباح مثل ذلك.
وقال مجاهد : الباقيات الصالحات: سبحان الله, والحمد لله, ولا إله إلا الله, والله أكبر, وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الحسن وقتادة في قوله: "والباقيات الصالحات" قال: لا إله إلا الله, والله أكبر, والحمد لله, وسبحان الله, هن الباقيات الصالحات, قال ابن جرير : وجدت في كتابي عن الحسن بن الصباح البزار , عن أبي نصر التمار عن عبد العزيز بن مسلم , عن محمد بن عجلان سعيد المقبري عن أبيه , عن أبي هريرة قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله, والحمد لله, ولا إله إلا الله, والله أكبر, هن الباقيات الصالحات " قال: وحدثني يونس أخبرنا ابن وهب أخبرنا عمرو بن الحارث أن دراجاً أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "استكثروا من الباقيات الصالحات قيل: وما هن يا رسول الله قال الملة قيل: وما هي يا رسول الله ؟ قال التكبير, والتهليل, والتسبيح, والحمد لله, ولا حول ولا قوة إلا بالله" وهكذا رواه أحمد من حديث دراج به.
قال ابن وهب : أخبرني أبو صخر أن عبد الله بن عبد الرحمن مولى سالم بن عبد الله حدثه قال: أرسلني سالم إلى محمد بن كعب القرظي في حاجة, فقال: قل له القني عند زاوية القبر, فإن لي إليك حاجة, قال: فالتقيا فسلم أحدهما على الاخر, ثم قال سالم : ما تعد الباقيات الصالحات ؟ فقال: لا إله إلا الله والله أكبر, وسبحان الله, ولا حول ولا قوة إلا بالله, فقال له سالم : متى جعلت فيها لا حول ولا قوة إلا بالله ؟ قال: ما زلت أجعلها, قال: فراجعه مرتين أو ثلاثاً فلم ينزع, قال: فأثبت ؟ قال سالم : أجل فأثبت, فإن أبا أيوب الأنصاري حدثني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "عرج بي إلى السماء فأريت إبراهيم عليه السلام, فقال: يا جبريل من هذا الذي معك ؟ فقال: محمد, فرحب بي وسهل, ثم قال: مر أمتك فلتكثر من غراس الجنة, فإن تربتها طيبة وأرضها واسعة, فقلت: وما غراس الجنة فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله".
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن يزيد عن العوام , حدثني رجل من الأنصار من آل النعمان بن بشير , قال: " خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في المسجد بعد صلاة العشاء, فرفع بصره إلى السماء ثم خفض حتى ظننا أنه قد حدث في السماء شيء, ثم قال: أما إنه سيكون بعدي أمراء يكذبون ويظلمون, فمن صدقهم بكذبهم ومالأهم على ظلمهم, فليس مني ولست منه, ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يمالئهم على ظلمهم, فهو مني وأنا منه. ألا وإن سبحان الله, والحمد لله, ولا إله إلا الله, والله أكبر, هن الباقيات الصالحات".
وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان , حدثنا أبان , حدثنا يحيى بن أبي كثير عن زيد عن أبي سلام , عن مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بخ بخ لخمس ما أثقلهن في الميزان: لا إله إلا الله والله أكبر, وسبحان الله, والحمد لله, والولد الصالح يتوفى فيحتسبه والده ـ وقال ـ بخ بخ لخمس من لقي الله مستيقناً بهن دخل الجنة: يؤمن بالله واليوم الاخر, وبالجنة والنار, وبالبعث بعد الموت, وبالحساب".
وقال الإمام أحمد : حدثنا روح , حدثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية , قال: كان شداد بن أوس رضي الله عنه في سفر, فنزل منزلاً فقال لغلامه: ائتنا بالشفرة نعبث بها, فأنكرت عليه, فقال: ما تكلمت بكلمة منذ أسلمت إلا وأنا أخطمها وأزمها غير كلمتي هذه, فلاتحفظوها علي واحفظوا ما أقول لكم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا كنز الناس الذهب والفضة فاكنزوا أنتم هؤلاء الكلمات: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد وأسألك شكر نعمتك وأسألك حسن عبادتك, وأسألك قلباً سليماً, وأسألك لساناً صادقاً, وأسألك من خير ما تعلم, وأعوذ بك من شر ما تعلم, وأستغفرك لما تعلم, إنك أنت علام الغيوب" ثم رواه أيضا النسائي من وجه آخر عن شداد بنحوه.
وقال الطبراني : حدثنا عبد الله بن ناجية , حدثنا محمد بن سعد العوفي , حدثني أبي , حدثنا عمي الحسين عن يونس بن نفيع الجدلي , عن سعد بن جنادة رضي الله عنه قال: كنت في أول من أتى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الطائف, فخرجت من أهلي من السراة غدوة, فأتيت منى عند العصر, فتصاعدت في الجبل: ثم هبطت " فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم, فأسلمت وعلمني "قل هو الله أحد" و "إذا زلزلت" وعلمني هؤلاء الكلمات: سبحان الله والحمد لله, ولا إله إلا الله, والله أكبر, وقال: هن الباقيات الصالحات" وبهذا الإسناد "من قام من الليل فتوضأ ومضمض فاه, ثم قال سبحان الله مائة مرة, والحمد لله مائة مرة, والله أكبر مائة مرة, ولا إله إلا الله مائة مرة, غفرت ذنوبه إلا الدماء فإنها لا تبطل" وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: "والباقيات الصالحات" قال: هي ذكر الله قول لا إله إلا الله, والله أكبر وسبحان الله, والحمد لله, وتبارك الله, ولاحول ولاقوة إلا بالله, وأستغفر الله, وصلى الله على رسول الله, والصيام, والصلاة, والحج, والصدقة, والعتق, والجهاد, والصلة, وجميع أعمال الحسنات وهن الباقيات الصالحات التي تبقى لأهلها في الجنة ما دامت السموات والأرض. وقال العوفي عن ابن عباس : هي الكلام الطيب. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : هي الأعمال الصالحة كلها, واختاره ابن جرير رحمه الله.
46- "المال والبنون زينة الحياة الدنيا" هذا رد على الرؤساء الذين كانوا يفتخرون بالمال والغنى والأبناء فأخبرهم سبحانه أن ذلك مما يتزين به في الدنيا لا مما ينفع في الآخرة، كما قال في الآية الأخرى "إنما أموالكم وأولادكم فتنة" وقال "إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم" ولهذا عقب هذه الزينة الدنيوية بقوله: "والباقيات الصالحات" أي أعمال الخير، وهي ما كان يفعله فقراء المسلمين من الطاعات "خير عند ربك ثواباً" أي أفضل من هذه الزينة بالمال والبنين ثواباً، وأكثر عائدة ومنفعة لأهلها "وخير أملاً" أي أفضل أملاً، يعني أن هذه الأعمال الصالحة لأهلها من الأمل أفضل مما يؤمله أهل المال والبنين، لأنهم ينالون بها في الآخرة أفضل مما كان يؤمله هؤلاء الأغنياء في الدنيا، وليس في زينة الدنيا خير حتى تفضل عليها الآخرة، ولكن هذا التفضل خرج مخرج قوله تعالى: "أصحاب الجنة يومئذ خير مستقراً"، والظاهر أن الباقيات الصالحات كل عمل خير فلا وجه لقصرها على الصلاة كما قال البعض، ولا لقصرها على نوع من أنواع الذكر كما قاله بعض آخر، ولا على ما كان يفعله فقراء المهاجرين باعتبار السبب، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وبهذا تعرف أن تفسير الباقيات الصالحات في الأحاديث بما سيأتي لا ينافي إطلاق هذا اللفظ على ما هو عمل صالح من غيرها.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن علي قال: "المال والبنون" حرث الدنيا والعمل الصالح حرث الآخرة، وقد جمعهما الله لأقوام. وأخرج ابن أبي شيبة ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: "والباقيات الصالحات" قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "استكثروا من الباقيات الصالحات، قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد ولا حول ولا قوة إلا بالله". وأخرج الطبراني وابن شاهين وابن مردويه عن أبي الدرداء مرفوعاً بلفظ "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، هن الباقيات الصالحات". وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني في الصغير والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة مرفوعاً "خذوا جنتكم، قيل يا رسول الله من أي عدو قد حضر؟ قال: بل جنتكم من النار قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فإنهن يأتين يوم القيامة مقدمات معقبات ومجنبات، وهي الباقيات الصالحات". وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وابن مردويه عن النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا وإن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله الباقيات الصالحات". وأخرج ابن مردويه نحوه من حديث أنس مرفوعاً، وزاد التكبير وسماهن الباقيات الصالحات. وأخرج ابن مردويه نحوه من حديث أبي هريرة. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن مردويه من حديث عائشة مرفوعاً نحوه، وزادت "ولا حول ولا قوة إلا بالله". وأخرج ابن أبي حاتم وبن مردويه من حديث علي مرفوعاً نحوه. وأخرج ابن مردويه من طريق الضحاك عن ابن عباس مرفوعاً فذكر نحوه دون الحوقلة. وأخرج الطبراني عن سعد بن جنادة مرفوعاً نحوه. وأخرج البخاري في تاريخه وابن جرير عن ابن عمر من قوله نحوه. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس من قوله نحوه. وكل هذه الأحاديث مصرحة بأنها الباقيات الصالحات، وأما ما ورد في فضل هذه الكلمات من غير تقييد بكونها المرادة في الآية فأحاديث كثيرة لا فائدة في ذكرها هنا. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال: كل شيء من طاعة الله، فهو من الباقيات الصالحات.
46 - " المال والبنون " ، التي يفتخر بها عتبة وأصحابه الأغنياء ، " زينة الحياة الدنيا " ، ليست من زاد الآخرة .
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : المال والبنون حرث الدنيا ، والأعمال الصالحات حرث الآخرة ، وقد يجمعها الله لأقوام .
" والباقيات الصالحات " ، اختلفوا فيها ، فقال ابن عباس ، و عكرمة ، و مجاهد : هي قول سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله والله أكبر ، وقد روينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أفضل الكلام أربع كلمات : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر " .
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد الحنفي ، أنبأنا أبو بكر محمد بن الحسن الحيري ، أخبرنا أبو جعفر عبد الله بن إسماعيل الهاشمي ، أنبأنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لأن أقول سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، أحب إلي مما طلعت عليه الشمس " .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان ، أنبأنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار ، أنبأنا حميد بن زنجويه ، حدثنا عثمان عن أبي صالح ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا دراج عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " استكثروا من الباقيات الصالحات ، قيل : وما هن يا رسول الله ؟ [ قال : ( الملة )قيل : وما هي يا رسول الله ؟ ] قال : التكبير ، والتهليل ، والتسبيح ، والحمد لله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " .
وقال سعيد بن جبير ، و مسروق و إبراهيم : ( الباقيات الصالحات ) هي : الصلوات الخمس . ويروى هذا عن ابن عباس .
وعنه رواية أخرى : أنها الأعمال الصالحة وهو قول قتادة .
قوله تعالى : " خير عند ربك ثوابا " ، أي جزاء ، المراد " وخير أملاً " ، أي ما يأمله الإنسان .
46."المال والبنون زينة الحياة الدنيا"يتزين بها الإنسان في دنياه وتفنى عنه عما قريب . "والباقيات الصالحات"وأعمال الخيرات التي تبقى له ثمرتها أبد الآباد
، ويندرج فيها ما فسرت به من الصلوات الخمس وأعمال الحج وصيام رمضان وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر والكلام الطيب . "خير عند ربك"من المال والبنين."ثواباً"عائدة "وخير أملاً"لأن صاحبها ينال بها في الآخرة ما كان يؤمل بها في الدنيا.
46. Wealth and children are an ornament of life of the world. But the good deeds which endure are better in thy Lord's sight for reward, and better in respect of hope.
46 - Wealth and sons are allurements of the life of this world: but the things that endure, good deeds, are best in the sight of thy Lord, as rewards, and best as (the foundation for) hopes.