[الكهف : 1] الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا
1 - (الحمد) وهو الوصف بالجميل ثابت (لله) تعالى وهل المراد الإعلام بذلك للإيمان به أو الثناء به أو هما احتمالات أفيدها الثالث (الذي أنزل على عبده) محمد (الكتاب) القرآن (ولم يجعل له) أي فيه (عوجا) اختلافا أو تناقضا والجملة حال من الكتاب
أخرج ابن جرير من طريق ابن إسحق عن شيخ من أهل مصر عن عكرمة عن ابن عباس قال بعثت قريش النضر بن الحرث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة فقالوا لهم سلوهم عن محمد وصفوا لهم صفته وأخبروهم بقوله فإنهم أهل الكتاب الأول وعندهم ما ليس عندنا من علم الأنبياء فخرجا حتى أتيا المدينة فسألوا أحبار اليهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفوا لهم أمره وبعض قوله فقالوا لهم سلوه عن ثلاث فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل وإن لم يفعل فالرجل متقول سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان أمرهم فإنه كان لهم أمر عجيب وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه وسلوه عن الروح ما هو فأقبلا حتى قدما على قريش فقالا قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد فجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه فقال أخبركم غدا بما سألتم عنه ولم يستئن فانصرفوا ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة لا يحدث الله في ذلك إليه وحيا ولا يأتيه جبريل حتى أرجف أهل مكة وحتى أحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحي عنه وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة ثم جاءه جبريل من الله بسورة أصحاب الكهف فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية والرجل الطواف وقول الله ويسألونك عن الروح
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال اجتمع عتبة بن ربيعة وشيبة ابن ربيعة وأبو جهل بن هشام والنضر بن الحرث وأمية بن خلف والعاصي بن وائل والأسود بن المطلب وأبو البحتري في نفر من قريش وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كبر عليه ما يرى من خلاف قومه إياه وإنكارهم ما جاء به من النصيحة فأحزنه حزنا شديدا فأنزل الله فلعلك باخع نفسك على آثارهم الآية
وأخرج ابن مردويه أيضا عن ابن عباس قال أنزلت ولبثوا في كهفهم ثلثمائة فقيل يا رسول الله سنين أو شهورا فأنزل الله سنين وازدادوا تسعا
قال أبو جعفر : يقون تعالى ذكره : الحمد لله الذي خص برسالته محمدا وانتخبه لبلاغها عنه ، فابتعثه إلى خلقه نببا مرسلا، وأنزل عليه كتابه قيما، ولم يجعل له عوجا . وعني بقوله عز ذكره " قيما " معتدلا مستقيما. وقيل : عني به : أنه قيم على سائر الكتب يكمذقها ولحفظها. ذكرمن قال : عني به معتدلا مستقيما.
حدثني علي بني داود ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله " ولم يجعل له عوجا * قيما " يقول : أنزل الكتاب عدلا قيما، ولم يجعل له عوجا، فأخبز ابن عباس بقوله هذا مع بيانه معنى القيم أن القيم مؤخر بعد قوله ، ولم يجعل له عوجا، ومعناه التقديم بمعنى : أنزل الكتاب على عبده قيما.
حدثت عن محمد بن زيد ، عن جويبر ، عن الضحاك ، في قوله " قيما " قال : مستقيما .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق " ولم يجعل له عوجا* قيما ":أى معتدلا لا اختلاف فيه .
22858 - حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله أولم يجعل لة عوجا5قئما) قال : أنزل الله الكتاب قيما، ولم يجعل له عوجا.
22859 -حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله " الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا * قيما" . قال : وفي بعض القراءات (ولكن جعله قيما) .
والصواب من القول في ذلك عندنا : ما قاله ابن عباس ، ومن قال بقوله في ذلك ، لدلالة قوله " ولم يجعل له عوجا" فاخبر جل ثناؤه أنه أنزل الكتاب الذي أنزله إلى محمد صلى الله عليه وسلم " قيما " مستقيما لا اختلاف فيه ولا تفاوت ، بل بعضه يصدق بعضا، وبعضه يشهد لبعض ، لا عوج فيه ، ولا ميل عن الحق ، وكسرى العين من قوله " عوجا" لأن العرب كذلك تقول في كل اعوجاج كان في دين ، أو فيما لا يرى شخصه قائما، فيدرك عيانا منتصبا كالعاج في الدين ، ولذلك كسرت العين في هذا الموضع ، وكذلك العوج في الطريق ، لأنه ليس بالشخص المنتصب . فاما ما كان من عوج في الأشخاص المنتصبة قياما، فإن عينها تفتح كالعوج في القناة، والخشبة، ونحوها. وكان ابن عباس يقول في معنى قوله " ولم يجعل له عوجا": ولم يجعل له ملتبسا.
ذكر من قال ذلك :
22860 -حدثنا علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس " ولم يجعل له عوجا * قيما" ولم يجعل له ملتبسا.
وهي مكية في قول جميع المفسرين . وروي عن فرقة أن أول السورة نزلت بالمدينة إلى قوله : " جرزا " والأول أصح . وروي في فضلها من حديث أنس أنه قال : من قرأ بها أعطي نوراً بين السماء والأرض ووقي بها فتنة القبر . وقال إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ألا أدلكم على سورة شيعها سبعون ألف ملك ملأ عظمها ما بين السماء والأرض لتاليها مثل ذلك . قالوا : بلى يا رسول الله ؟ قال : سورة أصحاب الكهف من قرأها يوم الجمعة غفر له إلى الجمعة غفر له إلى الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام وأعطي نوراً يبلغ السماء ووقي فتنة الدجال " ذكره الثعلبي ، و المهدوي أيضاً بمعناه . وفي مسند الدارمي عن أبي سعيد الخدري قال من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة اضاء له من النور فيما بينه وبين البيت العتيق . وفي صحيح مسلم عن أبي الدرداء أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال " من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال " وفي رواية ( من آخر الكهف ) . وفي مسلم أيشاً من حديث النواس بن سمعان : " فمن أردكه _ يعني الدجال _ فلقرأ عليه فواتح سورة الكهف " . وذكره الثعلبي قال : سمرة بن جندب قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من قرأ عشر آيات من سورة الكهف حفظاً لم تضره فتنة الدجال ، ومن قرأ السورة كلها دخل الجنة " .
قوله تعالى : " الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا" .
سورة الكهف
وهي مكية
(ذكر ما ورد في فضلها والعشر الايات من أولها وآخرها وأنها عصمة من الدجال)
قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر , حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت البراء يقول: قرأ رجل الكهف وفي الدار دابة, فجعلت تنفر, فنظر فإذا ضبابة أو سحابة قد غشيته, فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "اقرأ فلان, فإنها السكينة تنزل عند القرآن أو تنزلت للقرآن" أخرجاه في الصحيحين من حديث شعبة به, وهذا الرجل الذي كان يتلوها هو أسيد بن الحضير كما تقدم في تفسير سورة البقرة. وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد , أخبرنا هشام بن يحيى عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد , عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال" رواه مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي من حديث قتادة به, ولفظ الترمذي "من حفظ ثلاث آيات من أول الكهف" وقال: حسن صحيح.
(طريق أخرى) ـ قال الإمام أحمد : حدثنا حجاج , حدثنا شعبة عن قتادة , سمعت سالم بن أبي الجعد يحدث عن معدان عن أبي الدرداء , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال" فيحتمل أن سالماً سمعه من ثوبان ومن أبي الدرداء . وقال أحمد : حدثنا حسين , حدثنا ابن لهيعة , حدثنا زبان بن فايد عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني , عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قرأ أول سورة الكهف وآخرها, كانت له نوراً من قدمه إلى رأسه, ومن قرأها كلها كانت له نوراً ما بين السماء والأرض" انفرد به أحمد ولم يخرجوه, وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره بإسناد له غريب عن خالد بن سعيد بن أبي مريم , عن نافع عن ابن عمر قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء يضيء له يوم القيامة وغفر له ما بين الجمعتين" وهذا الحديث في رفعه نظر, وأحسن أحواله الوقف.
وهكذا روى الإمام سعيد بن منصور في سننه عن هشيم بن بشير عن أبي هاشم عن أبي مجلز عن قيس بن عباد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق. هكذا وقع موقوفاً, وكذا رواه الثوري عن أبي هاشم به من حديث أبي سعيد الخدري وقد أخرجه الحاكم في مستدركه عن أبي بكر محمد بن المؤمل , حدثنا الفضيل بن محمد الشعراني , حدثنا نعيم بن حماد , حدثنا هشيم , حدثنا أبو هاشم عن أبي مجلز عن قيس بن عباد , عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين الجمعتين" ثم قال: هذا حديث صحيح الإسناد, ولم يخرجاه, وهكذا رواه الحافظ أبو بكر البيهقي في سننه عن الحاكم , ثم قال البيهقي : ورواه يحيى بن كثير عن شعبة عن أبي هاشم بإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قرأ سورة الكهف كما نزلت, كانت له نوراً يوم القيامة" وفي المختارة للحافظ الضياء المقدسي من حديث عبد الله بن مصعب عن منظور بن زيد بن خالد الجهني , عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي مرفوعاً: من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة, فهو معصوم إلى ثمانية أيام من كل فتنة, وإن خرج الدجال عصم منه.
بسم الله الرحمـن الرحيم
قد تقدم في أول التفسير أنه تعالى يحمد نفسه المقدسة عند فواتح الأمور وخواتمها, فإنه المحمود على كل حال, وله الحمد في الأولى والاخرة, ولهذا حمد نفسه على إنزاله كتابه العزيز على رسوله الكريم محمد صلوات الله وسلامه عليه, فإنه أعظم نعمة أنعمها الله على أهل الأرض إذ أخرجهم به من الظلمات إلى النور حيث جعله كتاباً مستقيماً لا اعوجاج فيه ولا زيغ, بل يهدي إلى صراط مستقيم واضحاً بيناً جلياً نذيراً للكافرين, بشيراً للمؤمنين, ولهذا قال: "ولم يجعل له عوجاً" أي لم يجعل فيه اعوجاجاً ولا ميلاً, بل جعله معتدلاً مستقيماً ولهذا قال: "قيماً" أي مستقيما "لينذر بأساً شديداً من لدنه" أي لمن خالفه وكذبه ولم يؤمن به ينذره بأساً شديداً عقوبة عاجلة في الدنيا وآجلة في الأخرى "من لدنه" أي من عند الله الذي لا يعذب عذابه أحد, ولا يوثق وثاقه أحد "ويبشر المؤمنين" أي بهذا القرآن الذين صدقوا إيمانهم بالعمل الصالح "أن لهم أجراً حسناً" أي مثوبة عند الله جميلة "ماكثين فيه" في ثوابهم عند الله, وهو الجنة خالدين فيه "أبداً" دائماً لا زوال له ولا انقضاء.
وقوله: "وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولداً" قال ابن إسحاق : وهم مشركو العرب في قولهم نحن نعبد الملائكة وهم بنات الله " ما لهم به من علم " أي بهذا القول الذي افتروه وائتفكوه " ولا لآبائهم " أي لأسلافهم "كبرت كلمة" نصب على التمييز تقديره كبرت كلمتهم هذه كلمةً. وقيل: على التعجب تقديره أعظم بكلمتهم كلمة, كما تقول: أكرم بزيد رجلاً, قاله بعض البصريين, وقرأ ذلك بعض قراء مكة: كبرت كلمة, كما يقال عظم قولك وكبر شأنك, والمعنى على قراءة الجمهور أظهر, فإن هذا تبشيع لمقالتهم واستعظام لإفكهم, ولهذا قال: "كبرت كلمة تخرج من أفواههم" أي ليس لها مستند سوى قولهم, ولا دليل لهم عليها إلا كذبهم وافتراؤهم, ولهذا قال: "إن يقولون إلا كذبا" وقد ذكر محمد بن إسحاق سبب نزول هذه السورة الكريمة, فقال: حدثني شيخ من أهل مصر قدم علينا منذ بضع وأربعين سنة عن عكرمة عن ابن عباس قال: بعثت قريش النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة, فقالوا لهم: سلوهم عن محمد وصفوا لهم صفته وأخبروهم بقوله, فإنهم أهل الكتاب الأول وعندهم ما ليس عندنا من علم الأنبياء, فخرجا حتى أتيا المدينة فسألوا أحبار اليهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, ووصفوا لهم أمره وبعض قوله, وقالا: إنكم أهل التوراة وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا, قال: فقالوا لهم سلوه عن ثلاث نأمركم بهن, فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل, وإلا فرجل متقول فتروا فيه رأيكم: سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم, فإنهم قد كان لهم حديث عجيب ؟ وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه, وسلوه عن الروح ما هو ؟ فإن أخبركم بذلك فهو نبي فاتبعوه, وإن لم يخبركم فإنه رجل متقول فاصنعوا في أمره ما بدا لكم, فأقبل النضر وعقبة حتى قدما على قريش فقالا: يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد, قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمور فأخبروهم بها, فجاؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد أخبرنا, فسألوه عما أمروهم به, فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أخبركم غدا عما سألتم عنه" ولم يستثن فانصرفوا عنه ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة لا يحدث الله له في ذلك وحياً, ولا يأتيه جبرائيل عليه السلام حتى أرجف أهل مكة وقالوا: وعدنا محمد غداً, واليوم خمس عشرة قد أصبحنا فيها, لا يخبرنا بشيء عما سألناه عنه وحتى أحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحي عنه وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة, ثم جاءه جبرائيل عليه السلام من الله عز وجل بسورة أصحاب الكهف, فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية والرجل الطواف, وقول الله عز وجل "ويسألونك عن الروح ؟ قل الروح" الاية.
وهي مائة وإحدى عشرة آية
قال القرطبي: وهي مكية في قول جميع المفسرين. وروي عن فقرقة أن أول السورة نزل بالمدينة إلى قوله: "جرزاً" والأول أصح انتهى. ومن القائلين إنها مكية جميعها ابن عباس، أخرجه عنه النحاس وابن مردويه ومنهم ابن الزبير، أخرجه عنه ابن مردويه. وقد ورد في فضلها أحاديث: منها ما أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال". وأخرج أحمد ومسلم والنسائي وابن حبان عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال". وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن البراء قال "قرأ رجل سورة الكهف وفي الدار دابة، فجعلت تنفر، فنظر فإذا ضبابة أو سحابة قد غشيته، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: اقرأ فلان، فإن السكينة نزلت القرآن"، وهذا الذي كان يقرأ هو أسيد بن حضير كما بينه الطبراني. وأخرج الترمذي وصححه عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ ثلاث آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال" وفي قراءة العشر الآيات من أولها أو من آخرها أحاديث. وأخرج ابن مردويه والضياء في المختارة عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ الكهف يوم الجمعة فهو معصوم إلى ثمانية أيام من كل فتنة تكون، فإن خرج الدجال عصم منه". وأخرج الطبراني في الأوسط والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي والضياء عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ سورة الكهف كانت له نوراً من مقامه إلى مكة، ومن قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يضره". وأخرج الحاكم وصححه من حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين". وأخرجه البيهقي أيضاً في السنن من هذا الوجه ومن وجه آخر. وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء يضيء له يوم القيامة وغفر له ما بين الجمعتين". وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بسورة ملأ عظمتها ما بين السماء والأرض ولكاتبها من الأجر مثل ذلك ومن قرأها يوم الجمعة غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام، ومن قرأ الخمس الأواخر منها عند نومه بعثه الله من أي الليل شاء؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: سورة أصحاب الكهف". وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البيت الذي تقرأ فيه سورة الكهف لا يدخله شيطان تلك الليلة" وفي الباب أحاديث وآثار، وفيما أوردناه كفاية مغنية.
علم عباده كيف يحمدونه على إفاضة نعمه عليهم، ووصفه بالموصول يشعر بعلية ما في حيز الصلة لما قبله ووجه كون إنزال الكتاب، وهو القرآن نعمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم كونه اطلع بواسطته على أسرار التوحيد، وأحوال الملائكة والأنبياء، وعلى كيفية الأحكام الشرعية التي تعبده الله وتعبد أمته بها، وكذلك العباد كان إنزال الكتاب على نبيهم نعمة لهم لمثل ما ذكرناه في النبي 1- "ولم يجعل له عوجاً" أي شيئاً من العوج بنوع من أنواع الاختلال في اللفظ والمعنى، والعوج بالكسر في المعاني، وبالفتح في الأعيان كذا قيل، ويرد عليه قوله سبحانه: "لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً" يعني الجبال، وهي من الأعيان. قال الزجاج: المعنى في الآية لم يجعل فيها اختلافاً كما قال: "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً". والقيم المستقيم الذي لا ميل فيه، أو القيم بمصالح العباد الدينية والدنيوية، أو القيم على ما قبله من الكتب السماوية مهيمناً عليها، وعلى الأول يكون تأكيداً لما دل عليه نفي العوج، فرب مستقيم في الظاهر لا يخلو عن أدنى عوج في الحقيقة، وانتصاب قيماً بمضمر: أي جعله قيماً، ومنع صاحب الكشاف أن يكون حالاً من الكتاب، لأن قوله "ولم" يجعل معطوف على "أنزل" فهو داخل في حيز الصلة، فجاعله حالاً من الكتاب فاصل بين الحال وذي الحال ببعض الصلة. وقال الأصفهاني: هما حالان متواليان إلا أن الأول جملة والثاني مفرد، وهذا صواب لأن قوله: "ولم يجعل" لم يكن معطوفاً على ما قبله بل الواو للحال، فلا فصل بين الحال وذي الحال ببعض الصلة.
1 - مائة وعشر آيات - وهي مكية ." الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب " ، أثنى الله على نفسه بإنعامه على خلقه ، وخص رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذكر ، لأن إنزال القرآن عليه كان نعمة عليه على الخصوص ، وعلى سائر الناس على العموم . " ولم يجعل له عوجاً " .
وقيل إلا قوله "واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم "الآية وهي مائة وإحدى عشر آية .
بسم الله الرحمن الرحيم
1." الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب "يعني القرآن ، رتب استحقاق الحمد على إنزاله تنبيهاً على أنه أعظم نعمائه ، وذلك لأنه الهادي إلى ما فيه كمال العباد والداعي إلى ما يه ينتظم صلاح المعاش والمعاد."ولم يجعل له عوجاً "شيئاً من العوج باختلال في اللفظ وتناف في المعنى، أو انحراف من الدعوة إلى جانب الحق وهو في المعاني كالعوج في الأعيان .
Surah 18. Al-Kahf
1. Praise be to Allah Who hath revealed the Scripture unto His slave, and hath not placed therein any crookedness,
SURA 18: KAHF
1 - Praise be to God, who hath sent to his servants the book, and hath allowed therein no Crookedness: