[النحل : 46] أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ
46 - (أو يأخذهم في تقلبهم) في أسفارهم للتجارة (فما هم بمعجزين) بفائتين العذاب
قوله تعالى : "أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين" .
" أو يأخذهم في تقلبهم " أي في أسفارهم وتصرفهم، قاله قتادة. " فما هم بمعجزين " أي مسابقين الله ولا فائتيه. وقيل: ( في تقلبهم) على فراشهم أينما كانوا. وقال الضحاك : بالليل والنهار.
يخبر تعالى عن حلمه وإنظاره العصاة الذين يعملون السيئات ويدعون إليها, ويمكرون بالناس في دعائهم إياهم وحملهم عليها, مع قدرته على أن يخسف بهم الأرض أو يأتيهم العذاب "من حيث لا يشعرون", أي من حيث لا يعلمون مجيئه إليهم, كقوله تعالى: "أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور * أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً فستعلمون كيف نذير." وقوله: "أو يأخذهم في تقلبهم" أي في تقلبهم في المعايش واشتغالهم بها في أسفارهم ونحوها من الأشغال الملهية, قال قتادة والسدي: تقلبهم أي أسفارهم, وقال مجاهد والضحاك وقتادة "في تقلبهم" في الليل والنهار كقوله "أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتاً وهم نائمون * أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون".
وقوله: "فما هم بمعجزين" أي لا يعجزون الله على أي حال كانوا عليه. وقوله: "أو يأخذهم على تخوف" أي أو يأخذهم الله في حال خوفهم من أخذه لهم, فإنه يكون أبلغ وأشد, فإن حصول ما يتوقع مع الخوف شديد, ولهذا قال العوفي عن ابن عباس: "أو يأخذهم على تخوف" يقول: إن شئت أخذته على أثر موت صاحبه وتخوفه بذلك, وكذا روي عن مجاهد والضحاك وقتادة وغيرهم. ثم قال تعالى: "فإن ربكم لرؤوف رحيم" أي حيث لم يعاجلكم بالعقوبة, كما ثبت في الصحيحين "لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله, إنهم يجعلون له ولداً وهو يرزقهم ويعافيهم" وفيهما "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته" ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم "وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد" وقال تعالى: "وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير".
46- "أو يأخذهم في تقلبهم" ذكر المفسرون فيه وجوهاً، فقيل المراد في أسفارهم ومتاجرهم فإنه سبحانه قادر على أن يهلكهم في السفر كما يهلكهم في الحضر، وهم لا يفوتونه بسبب ضربهم في الأرض، وبعدهم عن الأوطان، وقيل المراد في حال تقلبهم في قضاء أوطارهم بوجود الحيل، فيحول الله بينهم وبين مقاصدهم وحيلهم، وقيل في حال تقلبهم في الليل على فرشهم، وقيل في حال إقبالهم وإدبارهم، وذهابهم ومجيئهم بالليل والنهار، والقلب بالمعنى الأول مأخوذ من قوله: "لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد"، وبالمعنى الثاني مأخوذ من قوله: "وقلبوا لك الأمور" "فما هم بمعجزين" أي بفائتين ولا ممتنعين.
46- " أو يأخذهم "، بالعذاب، "في تقلبهم "، تصرفهم في الأسفار ، وقال ابن عباس: في اختلافهم .
وقال ابن جريح : في إقبالهم وإدبارهم ، " فما هم بمعجزين "، بسابقين الله.
46."أو يأخذهم في تقلبهم"أي متقلبين في مسايرهم ومتاجرهم ."فما هم بمعجزين ".
46. Or that He will not seize them in their going to and fro that there be no escape for them?
46 - Or that he may not call them to account in the midst of their goings to and fro, without a chance of their frustrating him?