[النحل : 45] أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ
45 - (أفأمن الذين مكروا) المكرات (السيئات) بالنبي صلى الله عليه وسلم في دار الندوة من تقييده أو قتله أو إخراجه كما ذكر في الأنفال (أن يخسف الله بهم الأرض) كقارون (أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون) أي من جهة لا تخطر ببالهم وقد اهلكوا ببدر ولم يكونوا يقدرون ذلك
يقول تعالى ذكره : افأمن الذين ظلموا المؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فراموا أن يفتنوهم عن دينهم من مشركي قريش الذين قالوا ـ إذ قيل لهم : ماذا أنزل ربكم ـ : اساطير الأولين ، صداً منهم لمن أراد الإيمان بالله عن قصد السبيل ، أن يخسف الله بهم الأرض على كفرهم وشركهم ،أو يأتيهم عذاب الله من مكان لا يشعر به ، ولا يدري من أين يأتيه . وكان مجاهد يقول : عنى بذلك نمرود بن كنعان .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، وحدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله، عن ورقاء جميعاً عن ابن ابي نجيح عن مجاهد : "أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض" ... إلى قوله "أو يأخذهم على تخوف" قال : هو نمرود بن كنعان وقومه .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .
وإنما اخترنا القول الذي قلناه في تأويل ذلك ، لأن ذلك تهديد من الله أهل الشرك به ، وهو عقيب قوله "وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" فكان تهديد من لم يقر بحجة الله الذي جرى الكلام بخطابه قبل ذلك أحرى من الخبر عمن انقطع ذكره عنه .
وكان قتادة يقول في معنى السيئات في هذا الموضع ما :
حدثنا به بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله "أفأمن الذين مكروا السيئات" : أي الشرك .
قوله تعالى: " أفأمن الذين مكروا السيئات " أي بالسيئات، وهذا وعيد للمشركين الذين احتالوا في إبطال الإسلام. " أن يخسف الله بهم الأرض " قال ابن عباس: كما خسف بقارون، يقال: خسف المكان يخسف خسوفاً ذهب في الأرض، وخسف الله به الأرض خسوفاً أي غاب به فيها، ومنه قوله: " فخسفنا به وبداره الأرض " ( القصص: 81). وخس هو في الأرض وخسف به. والاستفهام بمعنى الإنكار، أي يجب ألا يأمنوا عقوبة تلحقهم كما لحقت المكذبين. " أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون " كما فعل بقوم لوط وغيرهم. وقيل: يريد يوم بدر، فإنهم أهلكوا ذلك اليوم، ولم يكن شيء منه في حسابهم.
يخبر تعالى عن حلمه وإنظاره العصاة الذين يعملون السيئات ويدعون إليها, ويمكرون بالناس في دعائهم إياهم وحملهم عليها, مع قدرته على أن يخسف بهم الأرض أو يأتيهم العذاب "من حيث لا يشعرون", أي من حيث لا يعلمون مجيئه إليهم, كقوله تعالى: "أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور * أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً فستعلمون كيف نذير." وقوله: "أو يأخذهم في تقلبهم" أي في تقلبهم في المعايش واشتغالهم بها في أسفارهم ونحوها من الأشغال الملهية, قال قتادة والسدي: تقلبهم أي أسفارهم, وقال مجاهد والضحاك وقتادة "في تقلبهم" في الليل والنهار كقوله "أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتاً وهم نائمون * أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون".
وقوله: "فما هم بمعجزين" أي لا يعجزون الله على أي حال كانوا عليه. وقوله: "أو يأخذهم على تخوف" أي أو يأخذهم الله في حال خوفهم من أخذه لهم, فإنه يكون أبلغ وأشد, فإن حصول ما يتوقع مع الخوف شديد, ولهذا قال العوفي عن ابن عباس: "أو يأخذهم على تخوف" يقول: إن شئت أخذته على أثر موت صاحبه وتخوفه بذلك, وكذا روي عن مجاهد والضحاك وقتادة وغيرهم. ثم قال تعالى: "فإن ربكم لرؤوف رحيم" أي حيث لم يعاجلكم بالعقوبة, كما ثبت في الصحيحين "لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله, إنهم يجعلون له ولداً وهو يرزقهم ويعافيهم" وفيهما "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته" ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم "وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد" وقال تعالى: "وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير".
45- "أفأمن الذين مكروا السيئات" يحتمل أن تكون السيئات صفة مصدر محذوف: أي مكروا المكرات السيئات، وأن تكون مفعولة للفعل المذكور على تضمينه معنى العمل: أي عملوا السيئات، أو صفة لمفعول مقدر: أي أفأمن الماكرون العقوبات السيئات، أو على حذف حرف الجر:أي مكروا بالسيئات "أن يخسف الله بهم الأرض" هو مفعول أمن، أو بدل من مفعوله على القول بأن مفعوله محذوف، وأن السيئات صفة للمحذوف، والاستفهام للتقريع والتوبيخ، ومكر السيئات: سعيهم في إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وإيذاء أصحابه على وجه الخفية، واحتيالهم في إبطال الإسلام، وكيد أهله "أن يخسف الله بهم" كما خسف بقارون، يقال خسف المكان يخسف خسوفاً: ذهب في الأرض، وخسف الله به الأرض خسوفاً: أي غاب به فيها، ومنه قوله: "فخسفنا به وبداره الأرض" وخسف هو في الأرض وخسف به "أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون" به في حال غفلتهم عنه كما فعل بقوم لوط وغيرهم، وقيل يريد يوم بدر فإنهم أهلكوا ذلك اليوم ولم يكن في حسبانهم.
45- " أفأمن الذين مكروا " عملوا " السيئات "، من قبل، يعني: نمرود بن كنعان وغيرة من الكفار، " أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون " .
45."أفأمن الذين مكروا السيئات "أي المكرات السيئات وهم الذين احتالوا لهلاك الأنبياء ، أو الذين مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم وراموا صد أصحابه عن الإيمان ."أن يخسف الله بهم الأرض"كما خسف بقارون "أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون "بغتة من جانب السماء كما فعل بقوم لوط.
45. Are they who plan ill deeds then secure that Allah will not cause the earth to swallow them, or that the doom will not come on them whence they know not?
45 - Do then those who devise evil (plots) feel secure that God will not cause the earth to swallow them up, or that the wrath will not seize them from directions they little perceive?