[النحل : 25] لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ
25 - (ليحملوا) في عاقبة الأمر (أوزارهم) ذنوبهم (كاملة) لم يكفر منها شيء (يوم القيامة ومن) بعض (أوزار الذين يضلونهم بغير علم) لأنهم دعوهم إلى الضلال فاتبعوهم فاشتركوا في الإثم (ألا ساء) بئس (ما يزرون) يحملونه حملهم هذا
يقول تعالى ذكره : يقول هؤلاء المشركون لمن سألهم ، ماذا أنزل ربكم الذي أنزل ربنا فيما يزعم محمد عليه : أساطير الأولين ، لتكون لهم ذنوبهم التي هم عليها مقيمون من تكذيبهم الله ، وكفرهم بما أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومن ذنوب الذين يصدونهم عن الإيمان بالله يضلون يفتنون منهم بغير علم . وقوله "ألا ساء ما يزرون" يقول : ألا ساء الإثم الذي يأثمون ، والثقل الذي يتحملون .
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال :حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله "ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة" ومن أوزار من أضلوا احتمالهم ذنوب أنفسهم ، وذنوب من أطاعهم ، ولا يخفف ذلك عمن أطاعهم من العذاب شيئاً .
حدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، نحوه ، إلا أنه قال : ومن أوزار الذين يضلونهم حملهم ذنوب أنفسهم ، وسائر الحديث مثله .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، وحدثني المثنى ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ،عن ابن أبي نجيح ،عن مجاهد ، "ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم" قال :حملهم ذنوب أنفسهم وذنوب من أطاعهم ،ولا يخفف ذلك عمن أطاعهم من العذاب شيئاً .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال :حدثني حجاج ، عن ابن جريج ،عن مجاهد ، نحوه .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ،عن قتادة ، "ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة" أي ذنوبهم وذنوب الذين يضلونهم بغير علم "ألا ساء ما يزرون" .
حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثني ابي ، حدثني عمي ، قال : حدثني ابي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله "ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم" يقول : يحملون ذنوبهم ، وذلك مثل قوله ( وأثقالا مع أثقالهم ) يقول :يحملون مع ذنوبهم ذنوب الذين يضلونهم بغير علم .
حدثني المثنى ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، "ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون" قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : "أيما داع دعا إلى ضلالة فاتبع فإن عليه مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيء وأيما داع إلى هدى فاتبع فله مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء" .
حدثني المثنى ، قال : أخبرنا سويد ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن رجل ،قال : قال زيد بن أسلم : إنه بلغه أنه يتمثل للكافر عمله في صورة اقبح ما خلق الله وجهاً وأنتنه ريحاً ، فيجلس إلى جنبه كلما أفزعه شيء زاده فزعاً ، وكلما تخوف شيئاً زاده خوفاً ، فيقول : بئس الصاحب أنت ، ومن أنت ؟ فيقول :وما تعرفني ؟ فيقول لا ، فيقول : أنا عملك ، كان قبيحاً ، فلذلك تراني قبيحاً ،وكان منتناً فلذلك تراني منتناً ، طأطىء إلي أركبك ، فطالما ركبتني في الدنيا ، فيركبه ،وهو قوله : "ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة " .
قوله تعالى: " ليحملوا أوزارهم " قيل: هي لام كي، وهي متعلقة بما قبلها. وقيل: لام العاقبة، كقوله: " ليكون لهم عدوا وحزنا " ( القصص: 8). أي قولهم في القرآن والنبي أداهم إلى أن حملوا أوزارهم، أي ذنوبهم. " كاملة " لم يتركوا منها شيئاً لنكبة أصابتهم في الدنيا بكفرهم. وقيل: هي لام الأمر، والمعنى التهدد. " ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم " قال مجاهد: يحملون وزر من أضلوه ولا ينقص من إثم المضل شيء. وفي الخبر: " إيما داع دعا إلى ضلالة فاتبع فإن عليه مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم شيء وأيما داع دعا إلى هدىً فاتبع فله مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء " خرجه مسلم بمعناه. و ( من) للجنس لا للتبعيض، فدعاة الضلالة عليهم مثل أوزار من اتبعهم. وقوله: " بغير علم " أي يضلون الخلق جهلاً منهم بما يلزمهم من الآثام، إذ لو علموا لما أضلوا. " ألا ساء ما يزرون " أي بئس الوزر الذي يحملونه. ونظير هذه الآية " وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم " ( العنكبوت: 13) وقد تقدم في آخر ( الأنعام) بيان قوله: " ولا تزر وازرة وزر أخرى " ( الأنعام: 164)
يقول تعالى: وإذا قيل لهؤلاء المكذبين "ماذا أنزل ربكم قالوا" معرضين عن الجواب " أساطير الأولين " أي لم ينزل شيئاً, إنما هذا الذي يتلى علينا أساطير الأولين, أي مأخوذ من كتب المتقدمين, كما قال تعالى: " وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا " أي يفترون على الرسول ويقولون أقوالاً متضادة مختلفة كلها باطلة, كما قال تعالى: "انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلاً" وذلك أن كل من خرج عن الحق فمهما قال أخطأ, وكانوا يقولون: ساحر وشاعر وكاهن ومجنون, ثم استقر أمرهم إلى ما اختلقه لهم شيخهم الوحيد المسمى بالوليد بن المغيرة المخزومي لما " فكر وقدر * فقتل كيف قدر * ثم قتل كيف قدر * ثم نظر * ثم عبس وبسر * ثم أدبر واستكبر * فقال إن هذا إلا سحر يؤثر " أي ينقل ويحكى, فتفرقوا عن قوله ورأيه قبحهم الله قال تعالى: "ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم" أي إنما قدرنا عليهم أن يقولوا ذلك ليتحملوا أوزارهم ومن أوزار الذين يتبعونهم ويوافقونهم أي يصير عليهم خطيئة ضلالهم في أنفسهم, وخطيئة إغوائهم لغيرهم واقتداء أولئك بهم, كما جاء في الحديث " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا " وقال تعالى: " وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون " وهكذا روى العوفي عن ابن عباس في الاية "ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم" أنها كقوله: "وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم" وقال مجاهد: يحملون أثقالهم ذنوبهم وذنوب من أطاعهم, ولا يخفف عمن أطاعهم من العذاب شيئاً.
25- "ليحملوا أوزارهم كاملة" أي قالوا هذه المقالة لكي يحملوا أوزارهم كاملة. لم يكفر منها شيء لعدم إسلامهم الذي هو سبب لتكفير الذنوب، وقيل إن اللام هي لام العاقبة، لأنهم لم يصفوا القرآن بكونه أساطير لأجل يحملون الأوزار، ولكن لما كان عاقبتهم ذلك حسن التعليل به كقوله: "ليكون لهم عدواً وحزناً" وقيل هي لام الأمر "ومن أوزار الذين يضلونهم" أي ويحملون بعض أوزار الذين أضلوهم لأن من سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها، وقيل من للجنس لا للتبعيض: أي يحملون كل أوزار الذين يضلونهم، ومحل "بغير علم" النصب على الحال من فاعل "يضلونهم" أي يضلون الناس جاهلين غير عالمين بما يدعونهم إليه، ولا عارفين بما يلزمهم من الآثام، وقيل إنه حال من المفعول: أي يضلون من لا علم له، ومثل هذه الآية "وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم". وقد تقدم في الأنعام الكلام على قوله: "ولا تزر وازرة وزر أخرى"، "ألا ساء ما يزرون" أي بئس شيئاً يزرونه ذلك.
25-"ليحملوا أوزارهم"،ذنوب أنفسهم،"كاملة"،وإنما ذكر الكمال لأن البلايا التي تلحقهم في الدنيا وما يفعلون من الحسنات لا تكفر عنهم شيئا "يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم"،بغير حجة فيصدونهم عن الإيمان،"ألا ساء ما يزرون"، يحملون.
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن الفضل ألخرقي،أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني،أخبرناعبد الله بن عمر الجوهري ،اخبرنا أحمد بن علي الكشميهني،حدثنا علي بن حجر ، حدثنا إسماعيل ابن جعفر،عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه،عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من دعا الى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا،ومن دعا إلى ضلالة كان علية من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا".
25."ليحملوا أوزارهم كاملةً يوم القيامة"أي قالوا ذلك إضلالاً للناس فحملوا أوزار ضلالهم كاملة فإن إضلالهم نتيجة رسوخهم في الضلال ."ومن أوزار الذين يضلونهم"وبعض أوزار ضلال من يضلونهم وهو حصة التسبب."بغير علم"حال من المفعول أي يضلون من لا يعلم أنهم ضلال، وفائدتها الدلالة على أن جهلهم لا يعذرهم ن إذ كان عليهم أن يبحثوا ويميزوا بين المحق والمبطل ."ألا ساء ما يزرون"بئس شيئاً يزرونه فعلهم.
25. That they may bear their burdens undiminished on the Day of Resurrection, with somewhat of the burdens of those whom they mislead without knowledge. Ah! evil is that which they bear!
25 - Let them bear, on the day of judgment, their own burdens in full, and also (something) of the burdens of those without knowledge, whom they Misled. Alas, how grievous the burdens they will bear