[الحجر : 41] قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ
41 - (قال) تعالى (هذا صراط علي مستقيم)
قوله تعالى : "قال هذا صراط علي مستقيم" .
قال عمر بن الخطاب: معناه هذا صراط يستقيم بصاحبه حتى يهجم به على الجنة. الحسن: ( علي) بمعنى إلي. مجاهد و الكسائي : هذا على الوعيد والتهديد، كقولك لمن تهدده: طريقك علي ومصيرك إلي. وكقوله: " إن ربك لبالمرصاد " ( الفجر: 14). فكان معنى الكلام: هذا طريق مرجعه إلي فأجازي كلاً بعمله، يعني طريق العبودية. وقيل: المعنى علي أن أدر على الصراط المسستقيم بالبيان والبرهان. وقيل: بالتوفيق والهداية. وقرأ ابن سيرين وقتادة والحسن وقيس بن عباد وأبو رجاء وحميد ويعقوب ( هذا صراط علي مستقيم) برفع (علي) وتنوينه، ومعناه رفيع مستقيم، أي رفيع في الدين والحق. وقيل: رفيع أن ينال، مستقيم أن يمال.
يقول تعالى مخبراً عن إبليس وتمرده وعتوه أنه قال للرب: "بما أغويتني" قال بعضهم: أقسم بإغواء الله له. "قلت" ويحتمل أنه بسبب ما أغويتني وأضللتني "لأزينن لهم" أي لذرية آدم عليه السلام "في الأرض" أي أحبب إليهم المعاصي وأرغبهم فيها وأؤزهم إليها, وأزعجهم إليها إزعاجاً "ولأغوينهم أجمعين" أي كما أغويتني وقدرت علي ذلك "إلا عبادك منهم المخلصين" كقوله: " أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا " "قال" الله تعالى له متهدداً ومتوعداً " هذا صراط علي مستقيم " أي مرجعكم كلكم إلي, فأجازيكم بأعمالكم إن خيراً فخير وإن شراً فشر, كقوله تعالى: "إن ربك لبالمرصاد". وقيل: طريق الحق مرجعها إلى الله تعالى, وإليه تنتهي, قاله مجاهد والحسن وقتادة كقوله: "وعلى الله قصد السبيل" وقرأ قيس بن عبادة ومحمد بن سيرين وقتادة " هذا صراط علي مستقيم " كقوله: "وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم" أي رفيع والمشهور القراءة الأولى.
وقوله "إن عبادي ليس لك عليهم سلطان" أي الذي قدرت لهم الهداية فلا سبيل لك عليهم ولا وصول لك إليهم "إلا من اتبعك من الغاوين" استثناء منقطع. وقد أورد ابن جرير ههنا من حديث عبد الله بن المبارك عن عبد الله بن موهب, حدثنا يزيد بن قسيط قال: كانت الأنبياء يكون لهم مساجد خارجة من قراهم, فإذا أراد النبي أن يستنبىء ربه عن شيء خرج إلى مسجده فصلى ما كتب الله له, ثم سأله ما بدا له, فبينا نبي في مسجده إذ جاء عدو الله ـ يعني إبليس ـ حتى جلس بينه وبين القبلة, فقال النبي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم, قال: فردد ذلك ثلاث مرات, فقال عدو الله: أخبرني بأي شيء تنجو مني ؟ فقال النبي: بل أخبرني بأي شيء تغلب ابن آدم مرتين ؟ فأخذ كل واحد منهما على صاحبه, فقال النبي: إن الله تعالى يقول: "إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين". قال عدو الله: قد سمعت هذا قبل أن تولد. قال النبي: ويقول الله: "وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم", وإني و الله ما أحسست بك قط إلا استعذت بالله منك. قال عدو الله: صدقت بهذا تنجو مني, فقال النبي: أخبرني بأي شيء تغلب ابن آدم ؟ قال آخذه عند الغضب والهوى.
قوله: "وإن جهنم لموعدهم أجمعين" أي جهنم موعد جميع من اتبع إبليس, كما قال عن القرآن "ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده", ثم أخبر أن لجهنم سبعة أبواب "لكل باب منهم جزء مقسوم" أي قد كتب لكل باب منها جزء من أتباع إبليس يدخلونه لا محيد لهم عنه, أجارنا الله منها, وكل يدخل من باب بحسب عمله, ويستقر في درك بقدر عمله. قال إسماعيل بن علية وشعبة, كلاهما عن أبي هارون الغنوي عن حطان بن عبد الله أنه قال: سمعت علي بن أبي طالب وهو يخطب قال: إن أبواب جهنم هكذا ـ قال أبو هارون ـ أطباقاً بعضها فوق بعض. وقال إسرائيل عن أبي إسحاق عن هبيرة بن أبي يريم, عن علي رضي الله عنه قال: أبواب جهنم سبعة بعضها فوق بعض, فيمتلىء الأول ثم الثاني ثم الثالث حتى تمتلىء كلها.
وقال عكرمة: سبعة أبواب سبعة أطباق, وقال ابن جريج: سبعة أبواب: أولها جنهم, ثم لظى, ثم الحطمة, ثم السعير, ثم سقر, ثم الجحيم, ثم الهاوية. وروى الضحاك عن ابن عباس نحوه: وكذا روي عن الأعمش بنحوه أيضاً, وقال قتادة: "لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم" هي والله منازل بأعمالهم, رواهن ابن جرير, وقال جويبر عن الضحاك "لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم" قال: باب لليهود, وباب للنصارى, وباب للصابئين, وباب للمجوس, وباب للذين أشركوا وهم كفار العرب, وباب للمنافقين, وباب لأهل التوحيد, فأهل التوحيد يرجى لهم ولا يرجى لأولئك أبداً.
وقال الترمذي: حدثنا عبد بن جنيد, حدثنا عثمان بن عمر عن مالك بن مغول عن حميد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لجهنم سبعة أبواب, باب منها لمن سل السيف على أمتي ـ أو قال على أمة محمد " ثم قال: لا نعرفه إلا من حديث مالك بن مغول. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا عباس بن الوليد الخلال, حدثنا زيد ـ يعني ابن يحيى ـ حدثنا سعيد بن بشير عن قتادة عن أبي نضرة عن سمرة بن جندب, عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "لكل باب منهم جزء مقسوم" قال "إن من أهل النار من تأخذه النار إلى كعبيه, وإن منهم من تأخذه النار إلى حجزته, ومنهم من تأخذه النار إلى تراقيه, منازلهم بأعمالهم, فذلك قوله: "لكل باب منهم جزء مقسوم" " .
41- " قال هذا صراط علي مستقيم " أي حق علي أن أراعيه، وهو أن لا يكون لك على عبادي سلطان. قال الكسائي: هذا على الوعيد والتهديد، كقولك لمن تهدده طريقك علي ومصيرك إلي، وكقوله: "إن ربك لبالمرصاد" فكأن معنى هذا الكلام هذا طريق مرجعه إلي فأجازي كلاً بعمله وقيل على هنا بمعنى إلى، وقيل المعنى على أن الصراط المستقيم بالبيان والحجة، وقيل بالتوفيق والهداية. وقرأ ابن سيرين وقتادة والحسن وقيس بن عباد وأبو رجاء وحميد ويعقوب "هذا صراط علي" على أنه صفة مشبهة، ومعناه رفيع.
41-"قال"، الله تعالى، "هذا صراط علي مستقيم"، قال الحسن: معناه صراط إلي مستقيم.
وقال مجاهد: الحق يرجع إلى الله تعالى، وعليه طريقه، ولا يعوج عليه شيء.
وقال الأخفش: يعني: علي الدلالة على الصراط المستقيم.
قال الكسائي: هذا على التهديد والوعيد كما يقول الرجل لمن يخاصمه: طريقك علي، أي: لا تفلت مني، كما قال عز وجل: "إن ربك لبالمرصاد" (الفجر-14).
وقيل: معناه على استقامة بالبيان والبرهان والتوفيق والهداية.
وقرأ ابن سيرين، وقتادة، ويعقوب: علي، من العلو أي: رفيع، وعبر بعضهم عنه: رفيع أن ينال مستقيم أن يمال.
41." قال هذا صراط علي "حق علي أن أراعيه."مستقيم"لا انحراف عنه ، والإشارة إلى ما تضمنه الاستثناء وهو تخليص المخلصين من إغوائه ، أو الإخلاص على معنى أنه طريق" علي "يؤدي إلى الوصول إلى من غير اعوجاج وضلال. وقرئ على من علو الشرف.
41. He said: This is a right course incumbent upon Me:
41 - (God) said: This (way of my sincere servants) is indeed a way that leads straight to me.