[إبراهيم : 25] تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
25 - (تؤتي) تعطي (أكلها) ثمرها (كل حين بإذن ربها) بإرادته كذلك كلمة الإيمان ثابتة في قلب المؤمن وعمله يصعد إلى السما ويناله بركته وثوابه كل وقت (ويضرب) يبين (الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون) يتعظون فيؤمنوا
قال أبو جعفر : يقول عز ذكره : وأدخل الذين صدقوا الله ورسوله ، فأقروا بواحدانية الله وبرسالة رسله ، وأن ما جاءت به من عند الله حق ، "وعملوا الصالحات" ، يقول : وعملوا بطاعة الله ، فانتهوا إلى أمر الله ونهيه ، "جنات تجري من تحتها الأنهار" ، بساتين تجري من تحتها الأنهار ، "خالدين فيها" ، يقول : ما كثين فيها أبداً ، "بإذن ربهم" ، يقول : أدخلوها بأمر الله لهم بالدخول ، "تحيتهم فيها سلام" ، وذلك إن شاء الله كما :
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ، قوله : "تحيتهم فيها سلام" ، قال : الملائكة يسلمون عليهم في الجنة .
وقوله : "ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة" ، يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ألم تر ، يا محمد ، بعين قلبك ، فتعلم كيف مثل الله مثلاً وشبه شبهاً ، "كلمة طيبة" ، ويعني بالطيبة الإيمان به جل ثناؤه ، كشجرة طيبة الثمرة ، وترك ذكر الثمرة استغناءً بمعرفة السامعين عن ذكرها بذكر الشجرة . وقوله : "أصلها ثابت وفرعها في السماء" ، يقول عز ذكره : اصل هذه الشجرة ثابت في الأرض ، "وفرعها" ، وهو أعلاها في "السماء "، يقول : مرتفع علواً نحو السماء . وقوله : "تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" ، يقول : تطعم ما يؤكل منها من ثمرها كل حين بأمر ربها ، "ويضرب الله الأمثال للناس" ، يقول : ويمثل الله الأمثال للناس ، ويشبه لهم الأشباه ، "لعلهم يتذكرون" ، يقول : ليتذكروا حجة الله عليهم ، فيعتبروا بها ويتعظوا ، فينزجروا عما هم عليه من الكفر به إلى الإيمان .
وقد اختلف أهل التأويل في المعني بالكلمة الطيبة .
فقال بعضهم : عني بها إيمان المؤمن .
ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : "كلمة طيبة" ، شهادة أن لا إله إلا الله ، "كشجرة طيبة" ، وهو المؤمن ، "أصلها ثابت" ، يقول : لا إله إلا الله ، ثابت في قلب المؤمن ،"وفرعها في السماء" ، يقول : يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء .
حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس : "كلمة طيبة" ، قال : هذا مثل الإيمان ، فالإيمان الشجرة الطيبة ، واصله الثابت الذي لا يزول الإخلاص لله ، وفرعه في السماء ، فرعه خشية الله .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ، قال مجاهد : "ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة" ، قال : كنخلة . قال ابن جريج ، وقال آخرون : الكلمة الطيبة ، أصلها ثابت ، هي ذات أصل في القلب ، "وفرعها في السماء" ، تعرج فلا تحجب حتى تنتهي إلى الله .
وقال آخرون : بل عني بها المؤمن نفسه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : "ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" ، يعني بالشجرة الطيبة المؤمن ، ويعني بالأصل الثابت في الأرض ، وبالفرع في السماء ، يكون المؤمن يعمل في الأرض ويتكلم ، فيبلغ عمله وقوله السماء وهو في الأرض .
حدثنا أحمد قال ، حدثنا أبو أحمد قال ،حدثنا فضيل بن مرزوق ، عن عطية العوفي في قوله : "ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة" ، قال : ذلك مثل المؤمن لا يزال يخرج منه كلام طيب وعمل صالح يصعد إليه .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس ، قال : أصلها ثابت في الأرض ، وكذلك كان يقرؤها . قال : ذلك المؤمن ضرب مثله . قال : الإخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له ، قال : "أصلها ثابت" ، قال : اصل عمله ثابت في الأرض ، "وفرعها في السماء" ، قال : ذكره في السماء .
واختلفوا في هذه الشجرة التي جعلت للكلمة الطيبة مثلاً .
فقال بعضهم : هي النخلة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن المثنى قال ، حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة ، عن معاوية بن قرة قال : سمعت أنس بن مالك في هذا الحرف ، "كشجرة طيبة" ، قال : هي النخلة .
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا أبو قطن قال ، حدثنا شعبة ،عن معاوية بن قرة ، عن أنس ، مثله .
حدثنا الحسن قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثنا شعبة ، عن معاوية بن قرة قال : سمعت أنس بن مالك يقول : "كلمة طيبة كشجرة طيبة" ، قال : النخل .
حدثني يعقوب و الحسن بن محمد قالا ، حدثنا ابن علية قال ، حدثنا شعيب قال ، قال : خرجت مع أبي العالية نريد أنس بن مالك ، قال : فأتيناه ، فدعا لنا بقنو عليه رطب ، فقال : كلوا من هذه الشجرة التي قال الله عز وجل : "ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء" ، وقال الحسن في حديثه : بقناع .
حدثنا خلاد بن أسلم قال ، أخبرنا النضر بن شميل قال ، أخبرنا حماد بن سلمة قال ، أخبرنا شعيب بن الحبحاب ، عن أنس :أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بقناع بسر ، فقال : "مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة" ، قال : هي النخلة .
حدثنا سوار بن عبد الله قال ، حدثنا أبي قال ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن شعيب بن الحبحاب ، عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بقناع فيه بسر فقال : "مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة" ، قال : هي النخلة . قال شعيب : فأخبرت بذلك أبا العالية فقال : كذلك كانوا يقولون .
حدثني المثنى قال ، حدثنا حجاج قال ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن شعيب بن الحبحاب قال : كنا عند أنس ، فأتينا بطبق ، أو قنع ، عليه رطب ، فقال : كل يا أبا العالية ، فإن هذا من الشجرة التي ذكر الله جل وعز في كتابه : "ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت" .
حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج بن المنهال قال ، حدثني مهدي بن ميمون ، عن شعيب بن الحبحاب قال : كان أبو العالية يأتيني ، فأتاني يوماً في منزلي بعد ما صليت الفجر ، فانطلقت معه إلى أنس بن مالك ، فدخلنا معه إلى أنس بن مالك ، فجيء بطبق عليه رطب فقال أنس لأبي العالية :كل ، يا أبا العالية ، فإن هذه من الشجرة التي قال الله في كتابه : الم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة ثابت أصلها ، قال : هكذا قرأها يومئذ أنس .
حدثنا أبو كريب قال ،حدثنا طلق قال ، حدثنا شريك ، عن السدي ، عن مرة ، عن عبد الله ، مثله .
حدثني الحارث قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا عبد الغفار بن القاسم ، عن جامع بن أبي راشد ، عن مرة بن شراحيل الهمداني ، عن مسروق : "كشجرة طيبة" ، قال : النخلة .
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ،حدثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال ، حدثنا الحسن قال ، حدثنا ورقاء ، جميعاً عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : "كشجرة طيبة" ، قال : كنخلة .
حدثنا الحسن قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثنا ورقاء ، وحدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا أحمد قال ، حدثنا أبو أحمد قال ،حدثنا إسرئيل ، عن السدي ، عن مرة ، عن عبد الله ،مثله .
حدثني المثنى قال ، حدثنا معلى بن أسد قال ، حدثنا خالد قال ، أخبرنا حصين ، عن عكرمة في قوله : "كشجرة طيبة" ، قال : هي النخلة ، لا تزال فيها منفعة .
حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : "كشجرة طيبة" ، قال : ضرب الله مثل المؤمن كمثل النخلة ، "تؤتي أكلها كل حين" .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : "مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة" ، كنا نحدث أنها النخلة .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : "كشجرة طيبة" ، قال : يزعمون أنها النخلة .
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : "تؤتي أكلها كل حين" ،قال : هي النخلة .
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا محمد بن عبيد قال ، حدثنا الأعمش ،عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : "وفرعها في السماء" ، قال : النخل .
حدثنا الحسن قال ، حدثنا سعيد بن منصور قال ، حدثنا خالد ، عن الشيباني ، عن عكرمة : "تؤتي أكلها كل حين" ، قال : هي النخلة .
حدثنا محمد بن الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر قال ، قال شعيب بن الحبحاب ، عن أنس بن مالك : الشجرة الطيبة ، النخلة .
وقال آخرون : بل هي شجرة في الجنة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا عفان قال ، حدثنا أبو كدينة قال ، حدثنا قابوس بن أبي ظبيان ، عن أبيه ، عن ابن عباس في قول الله جل وعز : "ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" ، قال : هي شجرة في الجنة .
قال أبو جعفر : وأولى القولين بالصواب في ذلك قول من قال : هي النخلة ، لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما :
حدثنا به الحسن بن محمد قال، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : "صحبت ابن عمر إلى المدينة ، فلم اسمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثاً واحداً قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فأتي بجمار فقال : من الشجر شجرة مثلها مثل الرجل المسلم . فأردت أن أقول هي النخلة ، فإذا أنا أصغر القوم ، فسكت ، فقال رسول الله صى الله عليه وسلم : هي النخلة" .
حدثنا الحسن قال ، حدثنا يزيد بن هرون قال أخبرنا سليمان ، عن يوسف بن سرج ، عن رجل ، عن ابن عمر : "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : هل تدرون ما الشجرة الطيبة ؟ قال ابن عمر : فأردت أن اقول : هي النخلة ، فمنعني مكان عمر ، فقالوا : الله ورسوله أعلم ‍، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هي النخلة" .
حدثنا الحسن قال ، حدثنا يحيى بن حماد قال ، حدثنا عبد العزيز قال ، حدثنا عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر قال : "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه : إن شجرة من الشجر لا تطرح ورقها مثل المؤمن ؟ قال : فوقع الناس في شجر البدو ، ووقع في قلبي أنها النخلة ، فاستحييت ، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هي النخلة" .
حدثنا الحسن قال ، حدثنا عاصم بن علي قال ، حدثنا عبد العزيز بن مسلم القسملي قال ، حدثنا عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر : "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها ، وهي مثل المؤمن ، فحدثوني ما هي ؟ فذكر نحوه" .
حدثنا الحسن قال ، حدثنا علي ، قال ، حدثنا يحيى بن سعيد قال ، حدثنا عبد الله قال ، حدثني نافع ، عن عبد الله قال : "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أخبروني بشجرة كمثل الرجل المسلم ، تؤتي أكلها كل حين ، لا يتحات ورقها ؟ قال : فوقع في نفسي أنها النخلة ، فكرهت أن أتكلم وثم أبو بكر وعمر ، فلما لم يتكلموا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هي النخلة" .
حدثنا الحسن قال ، حدثنا محمد بن الصباح قال ، حدثنا إسماعيل ، عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، نحوه .
واختلف أهل التأويل في معنى الحين الذي ذكر الله جل وعز في هذا الموضع فقال : "تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" .
فقال بعضهم : معناه : تؤتي أكلها كل غداة وعيشة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا أبو معاوية قال ، حدثنا الأعمش ،عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس قال : الحين ، قد يكون غدوة وعشية .
حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا محمد بن عبيد قال ، حدثنا الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس في قوله : "تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" ، قال : غدوة وعشية .
حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا يحيى قال ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس ، مثله .
حدثنا محمد بن المثنى قال ، حدثنا محمد بن أبي عدي ، عن شعبة ، عن سليمان ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس ، مثله .
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا طلق ، عن زائدة ، عن الأعمش ،عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس ، مثله .
حدثنا الحسن قال ، حدثنا علي بن الجعد قال ، حدثنا شعبة عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس في قوله : "تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" ، قال : بكرة وعشياً .
حدثنا أحمد قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا شريك ، عن الأعمش ،عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس : ‌"تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" ،قال: بكرة وعشية .
حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني ابي ،عن أبيه ، عن ابن عباس : "تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" ، قال: يذكر الله كل ساعة من الليل والنهار .
حدثنا الحسن قال ، حدثنا عفان قال ، حدثنا أبو كدينة قال ، حدثنا قابوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس : "تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" ، قال : غدوة وعشية .
حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ، قال : المؤمن يطيع الله بالليل والنهار وفي كل حين .
حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس : "تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" ، يصعد عمله أول النهار وآخره .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس : "تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" ، قال : يصعد عمله غدوة وعشية .
حدثت عن الحسن قال ، سمعت أبا معاذ قال ، أخبرنا عبيد بن سليمان قال ، سمعت الضحاك يقول في قوله : "تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" ، قال : تخرج ثمرتها كل حين . وهذا مثل المؤمن يعمل كل حين ، كل ساعة من النهار وكل ساعة من الليل ، وبالشتاء والصيف ، بطاعة الله .
وقال آخرون : معنى ذلك تؤتي أكلها كل ستة أشهر ، من بين صرامها إلى حملها .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن بشار قال ، حدثنا يحيى قال ، حدثنا سفيان ، عن طارق بن عبد الرحمن ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : الحين ستة أشهر .
حدثني يعقوب قال ، حدثنا ابن علية قال ، أخبرنا ايوب قال ، قال عكرمة : سئلت عن رجل حلف أن لا يصنع كذا وكذا إلى حين ؟ فقلت : إن من الحين حيناً يدرك ، ومن الحين حيناً لا يدرك ، فالحين الذي لا يدرك قوله : ( ولتعلمن نبأه بعد حين ) ، والحين الذي يدرك ، "تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" ، قال : وذلك من حين تصرم النخلة إلى حين تطلع ، وذلك ستة أشهر .
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن الأصبهاني ،عن عكرمة قال : الحين ، ستة أشهر .
حدثنا الحسن قال ، حدثنا سعيد بن منصور قال ، حدثنا خالد ، عن الشيباني ، عن عكرمة في قوله : "تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" ، قال : هي النخلة ، و الحين ، ستة أشهر .
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا كثير بن هشام قال ، حدثنا جعفر قال ، حدثنا عكرمة : "تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" ، قال : هو ما بين حمل النخلة إلى أن تجد .
حدثني المثنى قال ، حدثنا قبيصة بن عقبة قال ، حدثنا سفيان قال ، حدثنا عكرمة : الحين ستة أشهر .
حدثنا أحمد قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا قيس ، عن طارق بن عبد الرحمن ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : أنه سئل عن رجل حلف أن لا يكلم أخاه حيناً ؟ قال : الحين ستة اشهر . ثم ذكر النخلة ، ما بين حملها إلى صرامها ستة أشهر .
حدثنا أبو كريب قال ،حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن طارق ، عن سعيد بن جبير : "تؤتي أكلها كل حين" ، قال : ستة اشهر .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : "تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" ، والحين ما بين السبعة والستة ،وهي تؤكل شتاءً وصيفاً .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر قال ، قال الحسن : ما بين الستة الأشهر والسبعة ، يعني الحين .
حدثنا ابن بشار قال ، حدثنا عبد الرحمن قال ، حدثنا سفيان ، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني ، عن عكرمة قال : الحين ستة أشهر .
وقال آخرون : بل الحين ههنا سنة .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب قال ،حدثنا وكيع ، عن أبي مكين ، عن عكرمة :أنه نذر أن يقطع يد غلامه أو يحبسه حيناً . قال : فسألني عمر بن عبد العزيز ، قال فقلت : لا تقطع يده ، ويحبسه سنة ،والحين سنة . ثم قرأ : ( ليسجننه حتى حين ) ، وقرأ : "تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" ، حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا وكيع قال: حين يعرف وحين لا يعرف ، فأما الحين الذي يعرف : ( ولتعلمن نبأه بعد حين ) ، وأما الحين الذي يعرف فقوله : "تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" .
حدثنا ابن المثنى قال ، حدثنا محمد بن جعفر قال ، حدثنا شعبة قال : سألت حماداً و الحكم عن رجل حلف أن لا يكلم رجلاً إلى حين ؟ قال : الحين سنة .
حدثنا محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال ، حدثنا الحسن قال ، حدثنا ورقاء ، وحدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثني ورقاء ، وحدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ،عن ابن ابي نجيح ، عن مجاهد قوله : "كل حين" ، قال : كل سنة .
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : "تؤتي أكلها كل حين" ، قال : كل سنة .
حدثنا احمد قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا سلام ، عن عطاء بن السائب ، عن رجل منهم : أنه سأل ابن عباس فقال : حلفت أن لا أكلم رجلاً حيناً ؟ فقرأ ابن عباس : "تؤتي أكلها كل حين" ، فالحين سنة .
حدثنا أحمد قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا ابن غسيل ، عن عكرمة قال : أرسل إلي عمر بن عبد العزيز فقال : يا مولى ابن عباس ، إني حلفت أن لا افعل كذا وكذا ، حيناً ، فما الحين الذي تعرف به ؟ قلت :إن من الحين حيناً لا يدرك ، ومن الحين حين يدرك ، فأما الحين الذي لا يدرك فقول الله : ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ) ، والله ما يدرى كم أتى له إلى أن خلق ، وأما الذي يدرك فقوله : "تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" ، فهو ما بين العام إلى العام المقبل . فقال : اصبت يا مولى ابن عباس ، ما أحسن ما قلت .
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا جرير ، عن عطاء قال : أتى رجل ابن عباس فال : إني نذرت أن لا أكلم رجلاً حيناً ؟ فقال ابن عباس : "تؤتي أكلها كل حين" ، فالحين سنة .
وقال آخرون : بل الحين في هذا الموضع شهران .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أحمد بن إسحاق قال ، حدثنا أبو أحمد قال ، حدثنا محمد بن مسلم الطائفي ، عن إبراهيم بن ميسرة قال : جاء رجل إلى سعيد بن المسيب فقال : إني حلفت أن لا أ كلم فلاناً حيناً ؟ فقال : قال الله تعالى : "تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها"، قال : هي النخلة ، لا يكون منها أكلها إلا شهرين ، فالحين شهران .
قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال : عني بالحين ، في هذا الموضع ، غدوة وعشية ، وكل ساعة ،لأن الله تعالى ذكره ضرب ما تؤتي هذه الشجرة كل حين من الأكل لعمل المؤمن وكلامه مثلاً ، ولا شك أن المؤمن يرفع له إلى الله في كل يوم صالح من العمل والقول ، لا في كل سنة ، أو في كل ستة أشهر ، أو في كل شهرين .فإذ كان ذلك كذلك ، فلا شك أن المثل لا يكون خلافاً للممثل به في المعنى . وإذا كان ذلك كذلك ، كان بيناً صحة ما قلنا .
فإن قال قائل : فأي نخلة تؤتي في كل وقت أكلاً صيفاً وشتاءً ؟ قيل : أما في الشتاء ، فإن الطلع من أكلها ، وأما في الصيف فالبلح والبسر والرطب والتمر ، وذلك كله من أكلها .
وقوله : "تؤتي أكلها" ، فإنه كما :
حدثنا به محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : "تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" ، قال : يؤكل ثمرها في الشتاء والصيف .
حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة : "تؤتي أكلها كل حين" ، قال : هي تؤكل شتاء وصيفا .
حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس : "تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" ، يصعد عمله ، يعني عمل من أول النهار وآخره .

" أكرموا عمتكم قالوا: ومن عمتنا يا رسول الله؟ قال: ( النخلة). " تؤتي أكلها كل حين "" قال الربيع: ( كل حين) غدوة وعشية كذلك يصعد عمل المؤمن أول النهار وآخره، وقاله ابن عباس. وعنه " تؤتي أكلها كل حين " قال: هو شجرة جوزة الهند لا تتعطل من ثمرة، تحمل في كل شهر، شبه عمل المؤمن لله عز وجل في كل وقت بالنخلة التي تؤتي أكلها في أوقات مختلفة. وقال الضحاك : كل ساعة من ليل أو نهار شتاء وصيفاً يؤكل في جميع الأوقات، وكذلك المؤمن لا يخلو من الخير في الأوقات كلها. وقال النحاس : وهذه الأقوال متقاربة غير متناقضة، لأن الحين عند جميع أهل اللغة إلا من شذ منهم بمعنى الوقت يقع لقليل الزمان وكثيره، وأنشد الأصمعي بيت النابغة:
‌‌ تناذرها الراقون من سوء سمها تطلقه حيناً وحيناً تراجع ‌
فهذا يبين لك أن الحين بمعنى الوقت، فالإيمان ثابت في قلب المؤمن، وعمله وقوله وتسبيحه عال مرتفع في السماء ارتفاع فروع النخلة، وما يكسب من بركة الإيمان وثوابه كما ينال من ثمرة النخلة في أوقات السنة كلها، من الرطب والبسر والبلح والزهو والتمر والطلع. وفي رواية عن ابن عباس: إن الشجرة شجرة في الجنة تثمر في كل وقت. و ( مثلاً) مفعول بـ ( ـضرب)، ( كلمة) بدل منه، والكاف في قوله: ( كشجرة) في موضع نصب على الحال من ( كلمة) التقدير: كلمة طيبة مشبهة بشجرة طيبة.
الثانية: قوله تعالى: " تؤتي أكلها كل حين " لما كانت الأشجار تؤتي أكلها كل سنة مرة كان في ذلك بيان حكم الحين، ولهذا قلنا: من حلف ألا يكلم فلاناً حيناً، ولا يقول كذا حيناً إن الحين سنة. وقد ورد الحين في موضع آخر يراد به أكثر من ذلك لقوله تعالى: " هل أتى على الإنسان حين من الدهر " قيل في التفسير : أربعون عاماً. وحكى عكرمة أن رجلاً قال: إن فعلت كذا وكذا إلى حين فغلامه حر، فأتى عمر بن عبد العزيز فسأله، فسألني عنها فقلت: إن من الحين حيناً لا يدرك، قوله: " وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين " ( الأنبياء: 111) فأرى أن تمسك ما بين صرام النخلة إلى حملها، فكأنه أعجبه، وهو قول أبي حنيفة في الحين أنه ستة أشهر اتباعاً لعكرمة وغيره. وقد مضى ما للعلماء في الحين في ( البقرة) مستوفى والحمد لله. " ويضرب الله الأمثال " أي الأشباه " للناس لعلهم يتذكرون " ويعتبرون، وقد تقدم.
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله " مثلا كلمة طيبة " شهادة أن لا إله إلا الله "كشجرة طيبة" وهو المؤمن, "أصلها ثابت" يقول: لا إله إلا الله في قلب المؤمن, "وفرعها في السماء" يقول يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء, وهكذا قال الضحاك وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وغير واحد: إن ذلك عبارة عن عمل المؤمن, وقوله الطيب, وعمله الصالح, وإن المؤمن كشجرة من النخل لا يزال يرفع له عمل صالح في كل حين ووقت وصباح ومساء, وهكذا رواه السدي عن مرة عن ابن مسعود قال: هي النخلة, وشعبة عن معاوية بن قرة عن أنس: هي النخلة. وحماد بن سلمة عن شعيب بن الحبحاب عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بقناع بسر فقرأ " مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة " قال: هي النخلة, وروي من هذا الوجه ومن غيره عن أنس موقوفاً, وكذا نص عليه مسروق ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والضحاك وقتادة وغيرهم.
وقال البخاري: حدثنا عبيد بن إسماعيل عن أبي أسامة, عن عبيد الله عن نافع, عن ابن عمر قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أخبروني عن شجرة تشبه ـ أو ـ كالرجل المسلم لا يتحات ورقها صيفاً ولا شتاء, وتؤتي أكلها كل حين بإذن ربها" قال ابن عمر: فوقع في نفسي أنها النخلة, ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان, فكرهت أن أتكلم, فلما لم يقولوا شيئاً, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هي النخلة", فلما قمنا قلت لعمر: يا أبتاه, والله لقد كان وقع في نفسي أنها النخلة. قال: ما منعك أن تتكلم ؟ قلت: لم أركم تتكلمون, فكرهت أن أتكلم أو أقول شيئاً, قال عمر: لأن تكون قلتها أحب إلي من كذا وكذا.
وقال أحمد: حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد: صحبت ابن عمر إلى المدينة فلم أسمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثاً واحداً قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتي بجمار, فقال: "من الشجر شجرة مثلها مثل الرجل المسلم" فأردت أن أقول هي النخلة, فنظرت فإذا أنا أصغر القوم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هي النخلة", أخرجاه. وقال مالك وعبد العزيز عن عبد الله بن دينار, عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه: "إن من الشجر شجرة لا يطرح ورقها مثل المؤمن". قال: فوقع في شجر الوادي, ووقع في قلبي أنها النخلة, فاستحييت حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هي النخلة", أخرجاه أيضاً.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا موسى بن إسماعيل, حدثنا أبان يعني ابن زيد العطار, حدثنا قتادة أن رجلاً قال: يا رسول الله, ذهب أهل الدثور بالأجور, فقال: "أرأيت لو عمد إلى متاع الدنيا فركب بعضه على بعض أكان يبلغ السماء, أفلا أخبرك بعمل أصله في الأرض وفرعه في السماء ؟" قال: ما هو يا رسول الله ؟ قال: "تقول لا إله إلا الله, والله أكبر, وسبحان الله, والحمد لله, عشر مرات في دبر كل صلاة, فذاك أصله في الأرض وفرعه في السماء". وعن ابن عباس "كشجرة طيبة" قال: هي شجرة في الجنة. وقوله: "تؤتي أكلها كل حين" قيل: غدوة وعشياً, وقيل: كل شهر. وقيل: كل شهرين. وقيل: كل ستة أشهر. وقيل: كل سبعة أشهر. وقيل: كل سنة, والظاهر من السياق أن المؤمن مثله كمثل شجرة لا يزال يوجد منها ثمر في كل وقت من صيف أو شتاء أو ليل أو نهار, كذلك المؤمن لا يزال يرفع له عمل صالح آناء الليل وأطراف النهار في كل وقت وحين "بإذن ربها" أي كاملاً حسناً كثيراً طيباً مباركاً "ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون".
وقوله تعالى: "ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة" هذا مثل كفر الكافر لا أصل له ولا ثبات, مشبه بشجرة الحنظل, ويقال لها الشريان, رواه شعبة عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك: أنها شجرة الحنظل وقال أبو بكر البزار الحافظ: حدثنا يحيى بن محمد السكن, حدثنا أبو زيد سعيد بن الربيع, حدثنا شعبة عن معاوية بن قرة عن أنس أحسبه رفعه, قال " مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة " قال: هي النخلة, "ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة" قال: هي الشريان, ثم رواه عن محمد بن المثنى عن غندر عن شعبة, عن معاوية عن أنس موقوفاً. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا موسى بن إسماعيل, حدثنا حماد هو ابن سلمة عن شعيب بن الحبحاب, عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ""ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة" هي الحنظلة" فأخبرت بذلك أبا العالية فقال: هكذا كنا نسمع. ورواه ابن جرير من حديث حماد بن سلمة به.
ورواه أبو يعلى في مسنده بأبسط من هذا فقال: حدثنا غسان عن حماد عن شعيب, عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بقناع عليه بسر, فقال: " مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها " فقال "هي النخلة" "ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار" قال: "هي الحنظل" قال شعيب: فأخبرت بذلك أبا العالية فقال: كذلك كنا نسمع. وقوله: "اجتثت" أي استؤصلت "من فوق الأرض ما لها من قرار" أي لا أصل لها ولا ثبات, كذلك الكفر لا أصل له ولافرع, ولا يصعد للكافر عمل, ولا يتقبل منه شيء.
ثم وصفها سبحانه بأنها 25- "تؤتي أكلها كل حين" كل وقت "بإذن ربها" بإرادته ومشيئته، قيل وهي النخلة، وقيل غيرها. قيل والمراد بكونها تؤتي أكلها كل حين: أي كل ساعة من الساعات من ليل أو نهار في جميع الأوقات من غير فرق بين شتاء وصيف، وقيل المراد في أوقات مختلفة من غير تعيين، وقيل كل غدوة وعشية، وقيل كل شهر، وقيل كل ستة أشهر. قال النحاس: وهذه الأقوال متقاربة غير متناقضة لأن الخبر عند جميع أهل اللغة إلا من شذ منهم بمعنى الوقت يقع لقليل الزمان وكثيره، وأنشد الأصمعي قول النابغة:
تطلقه حيناً وحينا تراجع
قال النحاس: وهذا يبين لك أن الحين بمعنى الوقت. وقد ورد الحين في بعض المواضع يراد به أكثر كقوله: "هل أتى على الإنسان حين من الدهر". وقد تقدم بيان أقوال العلماء في الحين في سورة البقرة في قوله: "ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين". وقال الزجاج: الحين الوقت طال أم قصر "ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون" يتفكرون أحوال المبدإ والمعاد، وبدائع صنعه سبحانه الدالة على وجوده ووحدانيته، وفي ضرب الأمثال زيادة تذكير وتفهيم وتصوير للمعاني.
"تؤتي أكلها"، تعطي ثمرها، "كل حين بإذن ربها"/ والحين في اللغة هو الوقت.
وقد اختلفوا في معناه هاهنا فقال مجاهد وعكرمة: الحين هاهنا: سنة كاملة، لأن النخلة تثمر كل سنة.
وقال سعيد بن جبير وقتادة والحسن: ستة أشهر من وقت إطلاعها إلى صرامها. وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وقيل: أربعة أشهر من حين ظهورها إلى إدراكها.
وقال سعيد بن المسيب: شهران من حين تؤكل إلى حين الصرام.
وقال الربيع بن أنس: كل حين: أي: كل غدوة وعشية، لأن ثمر النخل يؤكل أبدا ليلا ونهارا، صيفا وشتاء، إما تمرا أو رطبا أو بسرا، كذلك عمل المؤمن يصعد أول النهار وآخره وبركة إيمانها لا تنقطع أبدا، بل تصل إليه في كل وقت.
والحكمة في تمثيل الإيمان بالشجرة: هي أن الشجرة لا تكون شجرة إلا بثلاثة أشياء: عرق راسخ، وأصل قائم، وفرع عال، كذلك الإيمان لا يتم إلا بثلاثة أشياء: تصديق بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالأبدان.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي، أنبأنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني، أنبأنا عبد الله بن عمر الجوهري، أخبرنا أحمد بن علي الكشميهني، حدثنا علي بن حجر، حدثنا إسماعيل ابن جعفر، حدثنا عبد الله بن دينار أنه سمع ابن عمر رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي؟ قال عبد الله: فوقع الناس في شجر البوادي، ووقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت، ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله؟ قال: هي النخلة. قال عبد الله: فذكرت ذلك لعمر، فقال: لأن تكون قلت هي النخلة كان أحب إلى من كذا وكذا".
وقيل الحكمة في تشبيهها بالنخلة من بين سائر الأشجار: أن النخلة شبه الأشجار بالإنسان من حيث إنها إذا قطع رأسها يبست، وسائر الأشجار تتشعب من جوانبها بعد قطع رؤوسها ولأنها تشبه الإنسان في أنها لا تحمل إلا بالتلقيح ولأنها خلقت من فضل طينة آدم عليه السلام، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أكرموا عمتكم قيل: ومن عمتنا؟ قال: النخلة" "ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون".
25."تؤتي أكلها"تعطي ثمرها."كل حين"وقته الله تعالى لإثمارها."بإذن ربها"بإرادة خالقها تكوينه ."ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون"لأن في ضربها زيادة إفهام وتذكير ، فإنه تصوير للمعاني وإدناء من الحس .
25. Giving its fruit at every season by permission of its Lord? Allah coineth the similitudes for mankind in order that they may reflect.
25 - It brings forth its fruit at all times, by the leave of its Lord. so God sets forth parables for men, in order that they may receive admonition.