[إبراهيم : 2] اللّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ
2- (الله) بالجر بدل أو عطف بيان وما بعده صفة والرفع مبتدأ خبره (الذي له ما في السماوات وما في الأرض) ملكاً وخلقاً وعبيداً (وويل للكافرين من عذاب شديد)
قال أبو جعفر : اختلفت القرأة في قراءة ذلك .
فقرأته عامة قرأة المدينة والشام : الله الذي له ما في السماوات ، برفع اسم "الله" ، على الابتداء ، وتصيير قوله : "الذي له ما في السماوات" ، خبره .
وقرأته عامة قرأة أهل العراق والكوفة والبصرة : "الله الذي" ، بخفض اسم "الله" ، على إتباع ذلك العزيز الحميد ، وهما خفض .
وقد اختلف أهل العربية في تأويله إذ قرىء كذلك .
فذكر عن ابي عمرو بن العلاء أنه كان يقرأه بالخفض . ويقول : معناه : بإذن ربهم إلى صراط الله العزيز الحميد الذي له ما في السماوات . ويقول : هو من المؤخر الذي معناه التقديم ، ويمثله بقول القائل : مررت بالظريف عبد الله ، والكلام الذي يوضع مكان الاسم النعت ، ثم يجعل الاسم مكان النعت ، فيتبع إعرابه إعراب النعت الذي وضع موضع الاسم ، كما قال بعض الشعراء :
‌‌‌لو كنت ذا نبل وذا شزيب ما خفت شدات الخبيث الذيب
وأما الكسائي فإنه كان يقول فيما ذكر عنه : من خفض أراد أن يجعله كلاماً واحداً ، وأتبع الخفض الخفض ، وبالخفض كان يقرأ .
قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مشهورتان ، قد قرأ بكل واحدة منهما أئمة من القراء ، معناهما واحد ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .
وقد يجوزأ أن يكون الذي قرأه بالرفع أراد معنى من خفض في إتباع الكلام بعضه بعضاً ، ولكنه رفع لانفصاله من الآية التي قبله ، كما قال جل ثناؤه : ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم ) إلى آخر الآية ثم قال : ( التائبون العابدون ) .
ومعنى قوله : "الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض" ، الله الذي يملك جميع ما في السماوات وما في الأرض .
يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : أنزلنا إليك هذا الكتاب لتدعو عبادي إلى عبادة من هذه صفته ،ويدعو عبادة من لا يملك لهم ولا لنفسه ضراً ولا نفعاً من الآلهة والأوثان . ثم توعد جل ثناؤه من كفر به ، ولم يستجب لدعاء رسوله إلى ما دعاء إليه من إخلاص التوحيد له فقال : "وويل للكافرين من عذاب شديد" ، يقول : الوادي الذي يسيل من صديد أهل جهنم ، لمن جحد وحدانيته ، وعبد معه غيره ، عذاب الله الشديد .
قوله تعالى: " الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض " أي ملكاً وعبيداً واختراعاً وخلقاً. وقرأ نافع وابن عامر وغيرهما: ( الله) بالرفع على الابتداء ( الذي) خبره. وقيل: ( الذي) صفة، والخبر مضمر، أي الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض قادر على كل شيء. الباقون بالخفض نعتاً للعزيز الحميد فقدم النعت على المنعوت، كقولك: مررت بالظريف زيد. وقيل: على البدل من ( الحميد) وليس صفة، لأن اسم الله صار كالعلم فلا يوسف، كما لا يوصف بزيد وعمرو، بل يجوز أن يوصف به من حيث المعنى، لأن معناه أنه المنفرد بقدرة الإيجاد. وقال أبو عمرو: والخفض على التقديم والتأخير، مجازه: إلى صراط الله العزيز الحميد الذي له ما في السماوات وما في الأرض. وكان يعقوب إذا وقف على ( الحميد) رفع، وإذا وصل خفض على النعت. قال ابن الأنباري: من خفض وقف على " وما في الأرض ".
قوله تعالى: " وويل للكافرين من عذاب شديد " قد تقدم معنى الويل في ( البقرة) وقال الزجاج: هي كلمة تقال للعذاب والهلكة. ( من عذاب شديد) أي في جهنم.
قد تقدم الكلام على الحروف المقطعة في أوائل السور "كتاب أنزلناه إليك" أي هذا كتاب أنزلنا إليك يا محمد, وهو القرآن العظيم الذي هو أشرف كتاب أنزله الله من السماء, على أشرف رسول بعثه الله في الأرض إلى جميع أهلها عربهم وعجمهم "لتخرج الناس من الظلمات إلى النور" أي إنما بعثناك يا محمد بهذا الكتاب لتخرج الناس مما هم فيه من الضلال والغي إلى الهدى والرشد, كما قال تعالى: " الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات " الاية. وقال تعالى: "هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور" الاية.
وقوله: "بإذن ربهم" أي هو الهادي لمن قدر له الهداية على يدي رسوله المبعوث عن أمره يهديهم "إلى صراط العزيز", أي العزيز الذين لا يمانع ولا يغالب, بل هو القاهر لكل ما سواه, "الحميد" أي المحمود في جميع أفعاله وأقواله وشرعه وأمره ونهيه الصادق في خبره. وقوله: "الله الذي له ما في السموات وما في الأرض" قرأ بعضهم مستأنفاً مرفوعاً وقرأ آخرون على الإتباع صفة للجلالة, كقوله تعالى: "قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض" الاية. وقوله: "وويل للكافرين من عذاب شديد" أي ويل لهم يوم القيامة إذ خالفوك يا محمد وكذبوك, ثم وصفهم بأنهم يستحبون الحياة الدنيا على الاخرة, أي يقدمونها ويؤثرونها عليها ويعملون للدنيا, ونسوا الاخرة وتركوها وراء ظهورهم "ويصدون عن سبيل الله" وهي اتباع الرسل "ويبغونها عوجاً" أي ويحبون أن تكون سبيل الله عوجاً مائلة عائلة, وهي مستقيمة في نفسها لا يضرها من خالفها, ولا من خذلها فهم في ابتغائهم ذلك في جهل وضلال بعيد من الحق, لا يرجى لهم والحالة هذه صلاح.
2- "الله الذي له ما في السموات وما في الأرض" قرأ نافع وابن عامر بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف: أي هو الله المتصف بملك ما في السموات وما في الأرض. وقرأ الجمهور بالجر على أنه عطف بيان لكونه من الأعلام الغالبة، فلا يصح وصف ما قبله به، لأن العلم لا يوصف به، وقيل يجوز أن يوصف به من حيث المعنى. وقال أبو عمرو: إن قراءة الجر محمولة على التقديم والتأخير، والتقدير: إلى صراط الله العزيز الحميد. وكان يعقوب إذا وقف على الحميد رفع، وإذا وصل خفض. قال ابن الأنباري: من خفض وقف على وما في الأرض. ثم توعد من لا يعترف بربوبيته فقال: "وويل للكافرين من عذاب شديد" قد تقدم بيان معنى الويل، وأصله النصب كسائر المصادر، ثم رفع للدلالة على الثبات. قال الزجاج: هي كلمة تقال للعذاب والهلكة، فدعا سبحانه وتعالى بذلك على من لم يخرج من الكفار بهداية رسول الله صلى الله عليه وسلم له بما أنزله الله عليه مما هو فيه من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان و "من عذاب شديد" متعلق بويل على معنى يولولون ويضجون من العذاب الشديد الذي صاروا فيه.
"الله الذي" قرا أبو جعفر، وابن عامر: "الله" بالرفع على الاستئناف، وخبره فيما بعده.
وقرأ الآخرون بالخفض نعتا للعزيز الحميد.
وكان يعقوب إذا وصل خفض.
وقال أبو عمرو: الخفض على التقديم والتأخير، مجازه: إلى صراط الله العزيز الحميد، "الذي له ما في السموات وما في الأرض وويل للكافرين من عذاب شديد".
2."الله الذي له ما في السموات وما في الأرض"على قراءة نافع وابن عامرمبتدأ وخبر ، أو"الله"خبر مبتدأ محذوف والذي صفته وعلى قراءة الباقين عطف بيان لـ"العزيز"لأنه كالعلم لاختصاصه بالمعبود على الحق ."وويل للكافرين من عذاب شديد"وعيد لمن كفر بالكتاب ولم يخرج به من الظلمات إلى النور ، والويل نقيض الوأل وهو النجاة ، وأصله النصب لأنه مصدر إلا أنه لم يشتق منه فعل لكنه رفع لإفادة الثبات .
2. Allah, unto Whom belongeth whatsoever is in the heavens and whatsoever is in the earth. And woe unto the disbelievers from an awful doom.
2 - Of God, to whom do belong all things in the heaven and on earth but alas for the unbelievers for a terrible penalty (their unfaith will bring them)