[الرعد : 9] عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ
9 - (عالم الغيب والشهادة) ما غاب وما شوهد (الكبير) العظيم (المتعال) على خلقه بالقهر بياء ودونها
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : والله عالم ما غاب عنكم وعن أبصاركم فلم تروه ، وما شاهدتموه فعاينتم بأبصاركم ، لا يخفى عليه شيء ، لأنهم خلقه وتدبيره : "الكبير" ، الذي كل شيء دونه ، "المتعال" ، المستعلي على كل شيء بقدرته .
وهو المتفاعل من العلو ، مثل المتقارب ، من القرب ، و المتداني ، من الدنو .
قلت: هذه الآية تمدح الله سبحانه وتعالى بها بأنه " عالم الغيب والشهادة " أي هو عالم بما غاب عن الخلق، وبما شهدوه. فالغيب مصدر الغائب. والشهادة مصدر بمعنى الشاهد، فنبه سبحانه على انفراده بعلم الغيب، والإحاطة بالباطن الذي يخفى على الخلق، فلا يجوز أن يشاركه في ذلك أحد، فأما أهل الطب الذي يستدلون بالأمارات والعلامات فإن قطعوا بذلك فهو كفر، وإن قالوا إنها تجربة تركوا وما هم عليه، ولم يقدح ذلك في الممدوح، فإن العادة يجوز انكسارها، والعلم لا يجوز تبدله. و" الكبير " الذي كل شيء دونه. " المتعال " عما يقول المشركون، المستعلي على كل شيء بقدرته وقهره، وقد ذكرناهما في شرح الأسماء مستوفى، والحمد لله.
يخبر تعالى عن تمام علمه الذي لا يخفى عليه شيء, وأنه محيط بما تحمله الحوامل من كل إناث الحيوانات, كما قال تعالى: "ويعلم ما في الأرحام" أي ما حملت من ذكر أو أنثى, أو حسن أو قبيح, أو شقي أو سعيد, أو طويل العمر أو قصيره, كقوله تعالى: "هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة" الاية, وقال تعالى: "يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث" أي خلقكم طوراً من بعد طور, كما قال تعالى: " ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين " وفي الصحيحين عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن خلق إحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً, ثم يكون علقة مثل ذلك, ثم يكون مضغة مثل ذلك, ثم يبعث الله إليه ملكاً فيؤمر بأربع كلمات, بكتب رزقه, وعمره, وعمله, وشقي أو سعيد". وفي الحديث الاخر "فيقول الملك أي رب أذكر أم أنثى ؟ أي رب أشقي أم سعيد ؟ فما الرزق ؟ فما الأجل ؟ فيقول الله, ويكتب الملك " .
وقوله "وما تغيض الأرحام وما تزداد" قال البخاري: حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا معن حدثنا مالك عن عبد الله بن دينار, عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مفاتيح الغيب خمس, لا يعلمهن إلا الله: لا يعلم ما في غد إلا الله, ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله, ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله, ولا تدري نفس بأي أرض تموت, ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله" وقال العوفي عن ابن عباس "وما تغيض الأرحام" يعني السقط,"وما تزداد" يقول: ما زادت الرحم في الحمل على ما غاضت حتى ولدته تماماً, وذلك أن من النساء من تحمل عشرة أشهر, ومن تحمل تسعة أشهر, ومنهن من تزيد في الحمل, ومنهن من تنقص, فذلك الغيض والزيادة التي ذكر الله تعالى وكل ذلك بعلمه تعالى.
وقال الضحاك عن ابن عباس في قوله: "وما تغيض الأرحام وما تزداد" قال: ما نقصت من تسعة وما زاد عليها, وقال الضحاك: وضعتني أمي وقد حملتني في بطنها سنتين, وولدتني وقد نبتت ثنيتي. وقال ابن جريج عن جميلة بنت سعد عن عائشة قالت: لا يكون الحمل أكثر من سنتين قدر ما يتحرك ظل مغزل, وقال مجاهد "وما تغيض الأرحام وما تزداد" قال: ما ترى من الدم في حملها, وما تزداد على تسعة أشهر, وبه قال عطية العوفي والحسن البصري وقتادة والضحاك, وقال مجاهد أيضاً: إذا رأت المرأة الدم دون التسعة, زاد على التسعة مثل أيام الحيض, وقاله عكرمة وسعيد بن جبير وابن زيد. وقال مجاهد أيضاً: "وما تغيض الأرحام" إراقة الدم حتى يخس الولد, "وما تزداد" إن لم تهرق المرأة, تم الولد وعظم. وقال مكحول: الجنين في بطن أمه لا يطلب ولا يحزن ولا يغتم, وإنما يأتيه رزقه في بطن أمه من دم حيضتها, فمن ثم لا تحيض الحامل, فإذا وقع إلى الأرض, استهل, واستهلاله استنكاره لمكانه, فإذا قطعت سرته, حول الله رزقه إلى ثديي أمه حتى لا يحزن ولا يطلب ولا يغتم, ثم يصير طفلاً يتناول الشيء بكفه فيأكله, فإذا هو بلغ قال: هو الموت أو القتل أنى لي بالرزق ؟ فيقول مكحول ياويلك: غذاك وأنت في بطن أمك وأنت طفل صغير, حتى إذا اشتددت وعقلت قلت: هو الموت أو القتل أنى لي بالرزق, ثم قرأ مكحول "الله يعلم ما تحمل كل أنثى" الاية.
وقال قتادة: "وكل شيء عنده بمقدار" أي بأجل, حفظ أرزاق خلقه وآجالهم, وجعل لذلك أجلاً معلوماً. وفي الحديث الصحيح أن إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم بعثت إليه أن ابناً لها في الموت, وأنها تحب أن يحضره. فبعث إليها يقول: "إن لله ما أخذ, وله ما أعطى, وكل شيء عنده بأجل مسمى, فمروها فلتصبر ولتحتسب" الحديث بتمامه. وقوله: "عالم الغيب والشهادة" أي يعلم كل شيء مما يشاهده العباد ومما يغيب عنهم, ولا يخفى عليه منه شيء "الكبير" الذي هو أكبر من كل شيء, "المتعال" أي على كل شيء "قد أحاط بكل شيء علماً" وقهر كل شيء, فخضعت له الرقاب ودان له العباد طوعاً وكرهاً.
9- "عالم الغيب والشهادة" أي عالم كل غائب عن الحس، وكل مشهود حاضر، أو كل معدوم وموجود ولا مانع من حمل الكلام على ما هو أعم من ذلك "الكبير المتعال" أي العظيم الذي كل شيء دونه، المتعالي عما يقوله المشركون، أو المستعلي على كل شيء بقدرته وعظمته وقهره.
9- "عالم الغيب والشهادة الكبير"، الذي كل شيء دونه، "المتعال"، المستعلي على كل شيء بقدرته.
9."عالم الغيب"الغائب عن الحس ."والشهادة"الحاضر له."الكبير"العظيم الشأن الذي لا يخرج عن عمله شيء"المتعال"المستعلي على كل شيء بقدرته ، او الذي كبر عن نعت المخلوقين وتعالى عنه.
9. He is the Knower of the invisible and the visible, the Great, the Nigh Exalted.
9 - He knoweth the unseen and that which is open: he is the great, the most high.