[يوسف : 103] وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ
103 - (وما أكثر الناس) أي أهل مكة (ولو حرصت) على إيمانهم (بمؤمنين)
قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه : وما أكثر مشركي قومك ، يا محمد ، ولو حرصت على أن يؤمنوا بك فيصدقوك ويتبعوا ما جئتهم به من عند ربك ، بمصدقيك ولا متبعيك .
قوله تعالى: " وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين " ظن أن العرب لما سألته عن هذه القصة وأخبرهم يؤمنون، فلم يؤمنوا، فنزلت الآية تسلية للنبي صلى الله عليه السلام، أي ليس تقدر على هداية من أردت هدايته، تقول: حرص يحرص، مثل: ضرب يضرب. وفي لغة ضعيفة حرص يحرص مثل حمد يحمد. والحرص طلب الشيء باختيار.
يقول تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم لما قص عليه نبأ إخوة يوسف, وكيف رفعه الله عليهم, وجعل له العاقبة والنصر والملك والحكم, مع ما أرادوا به من السوء والهلاك والإعدام, هذا وأمثاله يا محمد من أخبار الغيوب السابقة "نوحيه إليك" ونعلمك به يا محمد لما فيه من العبرة لك, والاتعاظ لمن خالفك "وما كنت لديهم" حاضراً عندهم ولا مشاهداً لهم "إذ أجمعوا أمرهم" أي على إلقائه في الجب "وهم يمكرون" به, ولكنا أعلمناك به وحياً إليك وإنزالاً عليك, كقوله: "وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم" الاية, وقال تعالى: "وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر" الاية, إلى قوله: "وما كنت بجانب الطور إذ نادينا" الاية, وقال: "وما كنت ثاوياً في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا" الاية, وقال " ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون * إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين " يقول تعالى: إنه رسوله وإنه قد أطلعه على أنباء ما قد سبق, مما فيه عبرة للناس ونجاة لهم في دينهم ودنياهم, ومع هذا ما آمن أكثر الناس, ولهذا قال: "وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين" وقال: "وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله" كقوله: " إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين " إلى غير ذلك من الايات. وقوله: "وما تسألهم عليه من أجر" أي ما تسألهم يا محمد على هذا النصح والدعاء إلى الخير والرشد من أجر, أي من جعالة ولا أجرة على ذلك, بل تفعله ابتغاء وجه الله ونصحاً لخلقه "إن هو إلا ذكر للعالمين" يتذكرون به ويهتدون وينجون به في الدنيا والاخرة.
قال الله سبحانه ذاكراً لهذا103- "وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين" أي وما أكثر الناس المعاصرين لك يا محمد، أو ما أكثر الناس على العموم ولو حرصت على هدايتهم وبالغت في ذلك بمؤمنين بالله لتصميمهم على الكفر الذي هو دين آبائهم، يقال حرص يحرص مثل ضرب يضرب، وفي لغة ضعيفة حرص يحرص مثل حمد يحمد، والحرص طلب الشيء باجتهاد. قال الزجاج ومعناه وما أكثر الناس بمؤمنين ولو حرصت على أن تهديهم، لأنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء. قال ابن الأنباري: إن قريشاً واليهود سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة يوسف وإخوته فشرحهما شرحاً شافياً، وهو يؤمل أن يكون ذلك سبباً لإسلامهم، فخالفوا ظنه، وحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك فعزاه الله بقوله: "وما أكثر الناس".
103-"وما أكثر الناس"، يا محمد، "ولو حرصت بمؤمنين"، على إيمانهم.
وروي أن اليهود وقريشا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة يوسف، فلما أخبرهم على موافقة التوراة لم يسلموا، فحزن النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل له: إنهم لا يؤمنون وإن حرصت على إيمانهم.
103."وما أكثر الناس ولو حرصت"على إيمانهم وبالغت في إظهار الآيات عليهم "بمؤمنين"لعنادهم وتصميمهم على الكفر.
103. And though thou try much, most men will not believe.
103 - Yet no faith will the greater part of mankind have, however ardently thou dost desire it.