[هود : 87] قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ
87 - (قالوا) له استهزاء (يا شعيب أصلاتك تأمرك) بتكليف (أن نترك ما يعبد آباؤنا) من الأصنام (أو) نترك (أن نفعل في أموالنا ما نشاء) المعنى هذا أمر باطل لا يدعو إليه داع بخير (إنك لأنت الحليم الرشيد) قالوا ذلك استهزاء
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : قال قوم شعيب : يا شعيب ، أصلواتك تأمرك أن نترك عبادة ما يعبد آباؤنا من الأوثان والأصنام ، "أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء" ، من كسر الدراهم وقطعها ، وبخس الناس في الكيل والوزن ،"إنك لأنت الحليم" ، وهو الذي لا يحمله الغضب أن يفعل ما لم يكن ليفعله في حال الرضى ، "الرشيد" ، يعني رشيد الأمر في أمره إياهم أن يتركوا عبادة الأوثان ، كما :
حدثنا محمود بن خداش قال ، حدثنا حماد بن خالد الخياط قال ، حدثنا داود بن قيس ، عن زيد بن أسلم في قول الله : "أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد" ، قال : كان مما نهاهم عنه حذف الدراهم ، أو قال : قطع الدراهم ، الشك من حماد .
حدثنا سهل بن موسى الرازي قال ، حدثنا ابن أبي فديك ، عن أبي مودود قال : سمعت محمد بن كعب القرظي يقول : بلغني أن قوم شعيب عذبوا في قطع الدراهم ، وجدت ذلك في القرآن : أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو نفعل في أموالنا ما نشاء .
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا زيد بن حباب ، عن موسى بن عبيدة ، عن محمد بن كعب القرظي قال : عذب قوم شعيب في قطعهم الدراهم ، فقالوا : "يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء" .
قال ، حدثنا حماد بن خالد الخياط ، عن داود بن قيس ، عن زيد بن أسلم في قوله : "أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء" ، قال : كان مما نهاهم عنه حذف الدراهم .
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : " قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد" ، قال : نهاهم عن قطع الدنانير والدراهم فقالوا : إنما هي أموالنا نفعل فيها ما نشاء ، إن شئنا قطعناها ، وإن شئنا حرفناها ، وإن شئنا طرحناها !
قال ، وأخبرنا ابن وهب قال ، وأخبرني داود بن قيس المري : أنه سمع زيد بن اسلم يقول في قول الله : قالوا يا شعيب أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ، قال زبد : كان من ذلك قطع الدارهم .
وقوله : أصلواتك كان الأعمش يقول في تأويلها ، ما :
حدثنا الحسن قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا الثوري ، عن الأعمش في قوله : أصلواتك ، قال : قراءتك .
فإن قال قائل : وكيف قيل : أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ، وإنما كان شعيب نهاهم أن يفعلوا في أموالهم ما قد ذكرت أنه نهاهم عنه فيها ؟
قيل : إن معنى ذلك بخلاف ما توهمت . وقد اختلف أهل العربية في معنى ذلك .
فقال بعض البصريين : معنى ذلك : أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نترك أن نفعل في أموالنا ما نشاء ، وليس معناه : تأمرك أن نفعل في أموالنا ما نشاء ، لأنه ليس بذا أمرهم .
وقال بعض الكوفيين نحو هذا القول . قال : وفيها وجه آخر ، يجعل الأمر كالنهي ،كأنه قال : أصلواتك تأمرك بذا ،وتنهانا عن ذا ؟ فهي حينئذ مردودة على أن الأولى منصوبة بقوله : "تأمرك" ، وأن الثانية منصوبة عطفاً بها على "ما" التي في قوله : "ما يعبد" . وإذا كان ذلك كذلك ، كان معنى الكلام : أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا ، أو أن نترك أن نفعل في أموالنا ما نشاء .
وقد ذكر عن بعض القرأة أنه قرأه : ما نشاء .
قال أبو جعفر : فمن قرأ ذلك كذلك ، فلا مؤونة فيه ، وكانت أن الثانية حينئذ معطوفة على أن الأولى .
وأما قوله لشعيب : "إنك لأنت الحليم الرشيد" ، فإنهم أعداء الله ، قالوا ذلك له استهزاءً به ، وإنما سفهوه وجهلوه بهذا الكلام .
وبما قلنا من ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج : "إنك لأنت الحليم الرشيد" ، قال : يستهزئون .
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ،قال ابن زيد في قوله : "إنك لأنت الحليم الرشيد" ، المستهزئون ، يستهزئون : إنك لأنت الحليم الرشيد !
قوله تعالى: " قالوا يا شعيب أصلاتك " وقرىء ( أصلاتك) من غير جمع. " تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا " ( أن) في موضع نصب، قال الكسائي : موضعها خفض على إضمار الباء. وروي أن شعيباً عليه السلام كان كثير الصلاة، مواظباً على العبادة فرضها ونفلها ويقول: الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر، فلما أمرهم ونهاهم عيروه بما رأوه يستمر عليه من كثرة الصلاة، واستهزؤوا به فقالوا ما أخبر الله عنهم. وقيل: إن الصلاة هنا بمعنى القراءة، قاله سفيان عن الأعمش ، أي قراءتك تأمرك، ودل بهذا على أنهم كانوا كفاراً. وقال الحسن: لم يبعث الله نبياً إلا فرض عليه الصلاة والزكاة. " أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء " زعم الفراء أن التقدير: أو تنهانا أن نفعل في أموالنا ما نشاء. وقرأ السلمي و الضحاك بن قيس ( أو أن تفعل في أموالنا ما تشاء) بالتاء في الفعلين، والمعنى: ما تشاء أنت يا شعيب. وقال النحاس : ( أو أن) على هذه القراءة معطوفة على ( أن) الأولى. وروي عن زيد بن أسلم أنه قال: كان مما نهاهم عنه حذف الدراهم. وقيل: معنى. ( أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء) إذا تراضينا فيمان بيننا بالبخس فلم تمنعنا منه؟!. " إنك لأنت الحليم الرشيد " يعنون عند نفسك بزعمك، ومثله في صفة أبي جهل: " ذق إنك أنت العزيز الكريم " ( الدخان: 49) أي عند نفسك بزعمك. وقيل: قالوه على وجه الاستهزاء والسخرية، قاله قتادة. ومنه قولهم للحبشي: أبو البيضاء، وللأبيض أبو الجون، ومنه قول خزنة جهنم لأبي جهل. ( ذق إنك أنت العزيز الكريم). وقال سفيان بن عيينة: العرب تصف الشيء بضده للتطير والتفاؤل، كما قيل للديغ سليم، وللفلاة مفازة. وقيل: هو تعريض أرادوا به السب، وأحسن من هذا كله، ويدل ما قبله على صحته، أي أنك أنت الحليم الرشيد حقاً، فكيف تأمرنا أن نترك ما يعبد آباؤنا! ويدل عليه. " أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا " أنكروا لما رأوا من كثرة صلاته وعبادته، وأنه حليم رشيد بأن يكون يأمرهم بترك ما كان يبعد آباؤهم، وبعده أيضاً ما يدل عليه.
يقولون له على سبيل التهكم قبحهم الله " أصلاتك " قال الأعمش أي قراءتك "تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا" أي الأوثان والأصنام "أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء" فتترك التطفيف على قولك وهي أموالنا نفعل فيها ما نريد, قال الحسن في قوله: "أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا" أي والله إن صلاته لتأمرهم أن يتركوا ما كان يعبد آباؤهم, وقال الثوري في قوله: " أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء " يعنون الزكاة "إنك لأنت الحليم الرشيد" قال ابن عباس وميمون بن مهران وابن جريج وابن أسلم وابن جرير يقولون ذلك أعداء الله على سبيل الاستهزاء قبحهم الله ولعنهم عن رحمته وقد فعل.
وجملة 87- " قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا " مستأنفة جواب سؤال مقدر، كأنه قيل: فماذا قالوا لشعيب؟ وقرئ "أصلاتك" بالإفراد، و "أن نترك" في موضع نصب. وقال الكسائي: موضعها خفض على إضمار الباء، ومرادهم بما يعبد آباؤهم ما كانوا يعبدون من الأوثان، والاستفهام للإنكار عليه والاستهزاء به، لأن الصلوات عندهم ليست من الخير الذي يقال لفاعله عند إرادة تليين قلبه وتذليل صعوبته كما يقال لمن كان كثير الصدقة إذا فعل ما لا يناسب الصواب: أصدقتك أمرتك بهذا، وقيل: المراد بالصلاة هنا القراءة، وقيل: المراد بها الدين، وقيل: المراد بالصلوات أتباعه، ومنه المصلي الذي يتلو السابق، وهذا منهم جواب لشعيب عن أمره لهم بعبادة الله وحده، وقولهم: "أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء" جواب له عن أمرهم بإيفاء الكيل والوزن، ونهيهم عن نقصهما وعن بخس الناس وعن العثي في الأرض، وهذه الجملة معطوفة على ما في ما يعبد آباؤنا. والمعنى أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا وتأمرك أن نترك أن تفعل في أموالنا ما نشاء من الأخذ والإعطاء والزيادة والنقص. وقرئ " نفعل في أموالنا ما نشاء " بالفوقية فيهما. قال النحاس: فتكون أو على هذه القراءة للعطف على أن الأولى، والتقدير: أصلواتك تأمرك أن تفعل في أموالنا ما تشاء. وقرئ نفعل بالنون وما تشاء بالفوقية، ومعناه: أصلواتك تأمرك أن نفعل نحن في أموالنا ما تشاؤه أنت وندع ما نشاؤه نحن وما يجري به التراضي بيننا، ثم وصفوه بوصفين عظيمين فقالوا: "إنك لأنت الحليم الرشيد" على طريقة التهكم به، لأنهم يعتقدون أنه على خلافهما، أو يريدون إنك لأنت الحليم الرشيد عن نفسك وفي اعتقادك، ومعناهم: أن هذا الذي نهيتنا عنه وأمرتنا به يخالف ما تعتقده في نفسك من الحلم والرشد، وقيل إنهم قالوا ذلك لا على طريقة الاستهزاء بل هو عندهم كذلك، وأنكروا عليه الأمر والنهي منه لهم بما يخالف الحلم والرشد في اعتقادهم. قد تقدم تفسير الحلم والرشد.
87- "قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا"، من الأوثان. قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان شعيب عليه السلام كثير الصلاة. لذلك قالوا هذا. وقال الأعمش: يعني: أقراءتك. "أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء" من الزيادة والنقصان.
وقيل: كان شعيب عليه السلام نهاهم عن قطع الدنانير والدراهم وزعم أنه محرم عليهم، فقالوا: أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء من قطعها.
"إنك لأنت الحليم الرشيد" قال ابن عباس رضي الله عنهما: أرادوا: السفينة الغاوي، والعرب تصف الشيء بضده فتقول: للديغ سليم وللفلاة مفازة. وقيل: قالوه على وجه الاستهزاء.
وقيل: معناه الحليم الرشيد بزعمك.
وقيل: هو على الصحة أي إنك يا شعيب فينا حليم رشيد، لا يجمل بك شق عصا قومك ومخالفة دينهم، كما قال قوم صالح عليه السلام: "قد كنت فينا مرجواً قبل هذا" (هود-62).
87." قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا "من الأصنام ، أجابوا به آمرهم بالتوحيد على الاستهزاء به والتهكم بصلواته والإشعار بأن مثله لا يدعو إليه داع عقلي، وإنما دعاك إليه خطرات ووساس من جنس ما تواظب عليه.وكان شعيب كثير الصلاة فلذلك جمعوا وخصوا الصلاة بالذكر . وقرأ حمزة والكسائي وحفص على الإفراد والمعنى أصلواتك تأمرك بتكليف أن نترك ، فحذف المضاف لأن الرحل لا يؤمر بفعل غيره."أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء"عطف على ما أي وأن نترك فعلنا ما نشاء في أموالنا . وقرئ بالتاء فيهما على أن العطف على"أن نترك"وهو جواب النهي عن التطفيف والأمر بالإيفاء .وقيل كان ينهاهم عن تقطيع الدراهم والدنانير فأرادوا بذلك ."إنك لأنت الحليم الرشيد"تهكموا به وقصدوا وصفه بضد ذلك ، أو عللوا إنكار ما سمعوا منه واستبعاده بأنه موسوم بالحلم والرشد المانعين عن المبادرة إلى أمثال ذلك .
87. They said: O Shueyb! Doth thy way of prayer command thee that we should forsake that which our fathers (used to) worship, or that we (should leave off) doing what we will with our own property. Lo! thou are the mild, the guide to right behavior.
87 - They said: O Shu'aib does thy (religion of) prayer command thee that we leave off the worship which our fathers practised, or that we leave off doing what we like with our property? truly, thou art the one that forbeareth with faults and is right minded