[هود : 79] قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ
79 - (قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق) حاجة (وإنك لتعلم ما نريد) إتيان الرجال
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : قال قوم لوط للوط : "لقد علمت" ، يا لوط ، "ما لنا في بناتك من حق" ، لأنهن لسن لنا أزواجاً ، كما :
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : "قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق" ، أي : من أزواج ، "وإنك لتعلم ما نريد" .
وقوله : "إنك لتعلم ما نريد" ، يقول : قالوا : وإنك يا لوط لتعلم أن حاجتنا في غير بناتك ، وأن الذي نريد هو ما تنهانا عنه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني موسى قال ، حدثنا عمرو قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : "وإنك لتعلم ما نريد" ، إنا نريد الرجال .
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحق : "وإنك لتعلم ما نريد" ، أي : إن بغيتنا لغير ذلك . فلما لم يتناهوا ، ولم يردهم قوله ، ولم يقبلوا منه شيئاً مما عرض عليهم من أمور بناته ، قال :"لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد" .
قوله تعالى: " قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق " روي أن قوم لوط خطبوا بناته فردهم، وكانت سنتهم أن من رد في خطبة امرأة لم تحل له أبداً، فذلك قوله تعالى: " قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق " وبعد ألا تكون هذه الخاصية. فوجه الكلام أنه ليس لنا إلى بناتك تعلق، ولا هن قصدنا، ولا لنا عادة نطلب ذلك. " وإنك لتعلم ما نريد " إشارة إلى الأضياف.
يخبر تعالى عن قدوم رسله من الملائكة بعد ما أعلموا إبراهيم بهلاكهم وفارقوه وأخبروه بإهلاك الله قوم لوط هذه الليلة فانطلقوا من عنده فأتوا لوطاً عليه السلام وهو على ما قيل في أرض له وقيل في منزله ووردوا عليه وهم في أجمل صورة تكون على هيئة شبان حسان الوجوه ابتلاء من الله وله الحكمة والحجة البالغة فساءه شأنهم وضاقت نفسه بسببهم وخشي إن لم يضيفهم أن يضيفهم أحد من قومه فينالهم بسوء "وقال هذا يوم عصيب" قال ابن عباس وغير واحد: شديد بلاؤه وذلك أنه علم أنه سيدافع عنهم ويشق عليه ذلك. وذكر قتادة أنهم أتوه وهو في أرض له فتضيفوه فاستحيا منهم فانطلق أمامهم وقال لهم في أثناء الطريق كالمعرض لهم بأن ينصرفوا عنه: إنه والله يا هؤلاء ما أعلم على وجه الأرض أهل بلد أخبث من هؤلاء. ثم مشى قليلاً ثم أعاد ذلك عليهم حتى كرره أربع مرات, قال قتادة وقد كانوا أمروا أن لا يهلكوهم حتى يشهد عليهم نبيهم بذلك.
وقال السدي خرجت الملائكة من عند إبراهيم نحو قرية لوط فبلغوا نهر سدوم نصف النهار ولقوا بنت لوط تستقي فقالوا يا جارية هل من منزل ؟ فقالت مكانكم حتى آتيكم وفرقت عليهم من قومها فأتت أباها فقالت يا أبتاه أدرك فتياناً على باب المدينة ما رأيت وجوه قوم أحسن منهم لا يأخذهم قومك وكان قومه نهوه أن يضيف رجلاً فقالوا خل عنا فلنضيف الرجال فجاء بهم فلم يعلم بهم أحد إلا أهل بيته فخرجت امرأته فأخبرت قومها فجاءوا يهرعون إليه وقوله: "يهرعون إليه" أي يسرعون ويهرولون من فرحهم بذلك وقوله: "ومن قبل كانوا يعملون السيئات" أي لم يزل هذا من سجيتهم حتى أخذوا وهم على ذلك الحال وقوله: "قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم" يرشدهم إلى نسائهم فإن النبي للأمة بمنزلة الوالد فأرشدهم إلى ما هو أنفع لهم في الدنيا والاخرة كما قال لهم في الاية الأخرى: " أتأتون الذكران من العالمين * وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون " وقوله في الاية الأخرى: "قالوا أولم ننهك عن العالمين" أي ألم ننهك عن ضيافة الرجال "قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين * لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون" وقال في هذه الاية الكريمة: "هؤلاء بناتي هن أطهر لكم" قال مجاهد لم يكن بناته ولكن كن من أمته وكل نبي أبو أمته وكذا روي عن قتادة وغير واحد.
وقال ابن جريج: أمرهم أن يتزوجوا النساء ولم يعرض عليهم سفاحاً, وقال سعيد بن جبير: يعني نساءهم هن بناته وهو أب لهم ويقال في بعض القراءات " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم " وكذا روي عن الربيع بن أنس وقتادة والسدي ومحمد بن إسحاق وغيرهم وقوله: "فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي" أي اقبلوا ما آمركم به من الاقتصار على نسائكم "أليس منكم رجل رشيد" أي فيه خير يقبل ما آمره به ويترك ما أنهاه عنه "قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق" أي إنك لتعلم أن نساءنا لا أرب لنا فيهن ولا نشتهيهن "وإنك لتعلم ما نريد" أي ليس لنا غرض إلا في الذكور وأنت تعلم ذلك فأي حاجة في تكرار القول علينا في ذلك ؟ قال السدي "وإنك لتعلم ما نريد" إنما نريد الرجال.
فأجابوا عليه معرضين عما نصحهم به، وأرشدهم إليه بقولهم: 79- "ما لنا في بناتك من حق" أي ما لنا فيهم من شهوة ولا حاجة، لأن من احتاج إلى شيء فكأنه حصل له فيه نوع حق. ومعنى ما نسبوه إليه من العلم أنه قد علم منهم المكالبة على إتيان الذكور وشدة الشهوة إليهم، فهم من هذه الحيثية كأنهم لا حاجة لهم إلى النساء، ويمكن أن يريدوا: أنه لا حق لنا في نكاحهن، لأنه لا ينكحهن ويتزوج بهن إلا مؤمن ونحن لا نؤمن أبداً، وقيل: إنهم كانوا قد خطبوا بناته من قبل فردهم، وكان من سنتهم أن من خطب فرد فلا تحل المخطوبة أبداً "وإنك لتعلم ما نريد" من إتيان الذكور.
79- "قالوا لقد علمت"، يا لوط، "ما لنا في بناتك من حق"، أي: لسن أزواجا لنا فنستحقهن بالنكاح. وقيل: معناه مالنا فيهن من حاجة وشهوة. "وإنك لتعلم ما نريد"، من إتيان الرجال.
79." قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق "من حاجة" وإنك لتعلم ما نريد"وهو إتيان الذكران.
79. They said: Well thou knowest that we have no right to thy daughters, and well thou knowest what we want.
79 - They said: well dost thou know we have no need of thy daughters: indeed thou knowest quite well what we want