[هود : 4] إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
4 - (إلى الله مرجعكم وهو على كل شيء قدير) ومنه الثواب والعذاب
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: " إلى الله "، أيها القوم، مآبكم ومصيركم، فاحذروا عقابه إن توليتم عما أدعوكم إليه من التوبة إليه من عبادتكم الآلهة والأصنام، فإنه مخلدكم نار جهنم إن هلكتم على شرككم قبل التوبة إليه، " وهو على كل شيء قدير "، يقول: وهو على إحيائكم بعد مماتكم، وعقابكم على إشراككم به الأوثان، وغير ذلك مما أراد بكم وبغيركم قادر.
قوله تعالى: " إلى الله مرجعكم " أي بعد الموت. " وهو على كل شيء قدير " من ثواب وعقاب.
قد تقدم الكلام على حروف الهجاء في أول سورة البقرة بما أغنى عن إعادته هنا وبالله التوفيق, وأما قوله: "أحكمت آياته ثم فصلت" أي هي محكمة في لفظها مفصلة في معناها فهو كامل صورة ومعنى, هذا معنى ما روي عن مجاهد وقتادة واختاره ابن جرير ومعنى قوله "من لدن حكيم خبير" أي من عند الله الحكيم في أقواله وأحكامه خبير بعواقب الأمور " أن لا تعبدوا إلا الله " أي نزل هذا القرآن المحكم المفصل لعبادة الله وحده لا شريك له كقوله تعالى: "وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون" وقال "ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت" وقوله "إنني لكم منه نذير وبشير" أي إني لكم نذير من العذاب إن خالفتموه, وبشير بالثواب إن أطعتموه كما جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد الصفا فدعا بطون قريش الأقرب ثم الأقرب فاجتمعوا فقال: "يا معشر قريش أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً تصبحكم ألستم مصدقي ؟" فقالوا: ما جربنا عليك كذباً قال: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" وقوله: "وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعاً حسناً إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله" أي وآمركم بالاستغفار من الذنوب السالفة والتوبة منها إلى الله عز وجل فيما تستقبلونه, وأن تستمروا على ذلك "يمتعكم متاعاً حسناً" أي في الدنيا "إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله" أي في الدار الاخرة قاله قتادة كقوله: "من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة" الاية.
وقد جاء في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسعد "وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى ما تجعل في في امرأتك" وقال ابن جرير: حدثني المسيب بن شريك عن أبي بكر عن سعيد بن جبير عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله: "ويؤت كل ذي فضل فضله" قال من عمل سيئة كتبت عليه سيئة ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات فإن عوقب بالسيئة التي كان عملها في الدنيا بقيت له عشر حسنات وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذ من الحسنات العشر واحدة وبقيت له تسع حسنات, ثم يقول هلك من غلب آحاده على أعشاره, وقوله: "وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير" هذا تهديد شديد لمن تولى عن أوامر الله تعالى وكذب رسله فإن العذاب يناله يوم القيامة لا محالة "إلى الله مرجعكم" أي معادكم يوم القيامة "وهو على كل شيء قدير" أي هو القادر على ما يشاء من إحسانه إلى أوليائه وانتقامه من أعدائه, وإعادة الخلائق يوم القيامة, وهذا مقام الترهيب كما أن الأول مقام ترغيب.
ثم بين سبحانه عذاب اليوم الكبير بقوله: 4- "إلى الله مرجعكم" أي رجوعكم إليه بالموت، ثم البعث، ثم الجزاء، لا إلى غيره "وهو على كل شيء قدير" ومن جملة ذلك عذابكم على عدم الامتثال، وهذه الجملة مقررة لما قبلها.
4-"إلى الله مرجعكم وهو على كل شيء قدير".
4."إلى الله مرجعكم"رجوعكم في ذلك اليوم وهو شاذ عن القياس."وهو على كل شيء قدير"فيقدر على تعذيبكم أشد عذاب وكأنه تقدير لكبر اليوم .
4. Unto Allah is your return, and He is able to do all things.
4 - To God is your return, and he hath power over all things.