[يونس : 4] إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ
4 - (إليه) تعالى (مرجعكم جميعاً وعد الله حقاً) مصدران منصوبان بفعلهما المقدر (إنه) بالكسر استئنافا والفتح على تقدير اللام (يبدأ الخلق) أي بدأه بالإنشاء (ثم يعيده) بالبعث (ليجزي) يثيب (الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم) ماء بالغ نهاية الحرارة (وعذاب أليم) مؤلم (بما كانوا يكفرون) أي بسبب كفرهم
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إلى ربكم الذي صفته ما وصف جل ثناؤه في الآية قبل هذه، معادكم، أيها الناس، يوم القيامة جميعاً، " وعد الله حقا "، فأخرج " وعد الله " مصدراً من قوله: " إليه مرجعكم "، لأنه فيه معنى ((الوعد))، ومعناه: يعدكم الله أن يحييكم بعد مماتكم وعداً حقاً، فلذلك نصب " وعد الله حقا "، " إنه يبدأ الخلق ثم يعيده "، يقول تعالى ذكره: إن ربكم يبدأ إنشاء الخلق وإحداثه وإيجاده، " ثم يعيده "، يقول: ثم يعيده فيوجده حياً كهيئته يوم ابتدأه، بعد فنائه وبلائه، كما:
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : " يبدأ الخلق ثم يعيده "، قال: يحييه ثم يميته، قال أبو جعفر: وأحسبه أنا قال: ((ثم يحييه)).
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الله بن رجاء، عن ابن جريج ، عن عبد الله بن كثير، عن مجاهد : " يبدأ الخلق ثم يعيده "، قال: يحييه ثم يميته، ثم يحييه.
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : " إنه يبدأ الخلق ثم يعيده "، يحييه، ثم يميته، ثم يبدؤه، ثم يحييه.
... قال، حدثنا إسحق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ، بنحوه.
وقرأت قرأة الأمصار ذلك: " إنه يبدأ الخلق "، بكسر الألف من " إنه "، على الاستئناف.
وذكر عن أبي جعفر الرازي أنه قرأه، ((أنه))، بفتح الألف من ((أنه)).
كأنه أراد: حقاً أنه يبدأ الخلق ثم يعيده، فـ((أن)) حينئذ تكون رفعاً، كما قال الشاعر:
أحقاً عباد الله أن لست زائراً ربى جنة إلا علي رقيب
وقوله: " ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط "، يقول: ثم يعيده من بعد مماته كهيئته قبل مماته عند بعثه من قبره، " ليجزي الذين آمنوا "، يقول: ليثيب من صدق الله ورسوله، وعملوا ما أمرهم الله به من الأعمال، واجتنبوا ما نهاهم عنه، على أعمالهم الحسنة، " بالقسط "، يقول: ليجزيهم على الحسن من أعمالهم التي عملوها في الدنيا الحسن من الثواب، والصالح من الجزاء في الآخرة وذلك هو ((القسط))، و((القسط))، العدل والإنصاف، كما:
حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : " بالقسط "، بالعدل.
قوله: " والذين كفروا لهم شراب من حميم "، فإنه جل ثناؤه ابتدأ الخبر عما أعد الله للذين كفروا من العذاب، وفي معنى العطف على الأول. لأنه تعالى ذكره عم بالخبر عن معاد جميعهم، كفارهم ومؤمنيهم، إليه. ثم أخبر إعاذتهم ليجزي كل فريق بما عمر، المحسن منهم بالإحسان، والسيء بالإساءة. ولكن لما كان قد تقدم الخبر المستأنف عما أعد للذين كفروا من العذاب، ما يدل سامع ذلك على المراد، ابتدأ الخبر، والمعني العطف، فقال: والذين جحدوا الله ورسوله وكذبوا بآيات الله، " لهم شراب " في جهنم " من حميم "، وذلك شراب قد أغلي واشتد حره، حتى إنه فيما ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم ليتساقط من أحدهم حين يدنيه من فروة رأسه، وكما وصفه جل ثناؤه: " كالمهل يشوي الوجوه "، [الكهف: 29].
وأصله: ((مفعول)) صرف إلى ((فعيل))، وإنما هو ((محموم))، أي مسخن. وكل مسخن عند العرب فهو ((حميم))، ومنه قول المرقش:
وكل يوم لها مقطرة فيها كباء معد وحميم
يعني بـ((الحميم))، الماء المسخن.
وقوله: " عذاب أليم "، يقول: ولهم مع ذلك عذاب موجع، سوى الشراب من الحميم، بما كانوا يكفرون بالله ورسوله.
قوله تعالى: "إليه مرجعكم" رفع بالابتداء. "جميعا" نصب على الحال. ومعنى الرجوع إلى الله الرجوع إلى جزائه. "وعد الله حقا" مصدران، أي وعد الله ذلك وعداً وحققه حقاً صدقاً لا خلف فيه. وقرأ إبراهيم بن أبي عبلة وعد الله حق على الاستئناف.
قوله تعالى: "إنه يبدأ الخلق" أي من التراب. "ثم يعيده" إليه. مجاهد: ينشئه ثم يميته ثم يحييه للبعث، أو ينشئه من الماء ثم يعيده من حال إلى حال. وقرأ يزيد بن القعقاع أنه يبدأ الخلق تكون أن في موضع نصب، أي وعدكم أنه يبدأ الخلق. ويجوز أن يكون التقدير لأنه يبدأ الخلق، كما يقال: لبيك أن الحمد والنعمة لك، والكسر أجود. وأجاز الفراء أن تكون أن في موضع رفع فتكون اسماً. قال أحمد بن يحيى: يكون التقدير حقاً إبداؤه الخلق.
قوله تعالى: "ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط" أي بالعدل. "والذين كفروا لهم شراب من حميم" أي ماء حار قد انتهى حره، والحميمة مثله. يقال: حممت الماء أحمه فهو حميم، أي محموم، فعيل بمعنى مفعول. وكل مسحن عند العرب فهو حميم. "وعذاب أليم" أي موجع، يخلص وجعه إلى قلوبهم. "بما كانوا يكفرون" أي بكفرهم، وكان معظم قريش يعترفون بأن الله خالقهم، فاحتج عليهم بهذا فقال: من قدر على الابتداء قدر على الإعادة بعد الإفناء أو بعد تفريق الأجزاء.
يخبر تعالى أن إليه مرجع الخلائق يوم القيامة لا يترك منهم أحداً حتى يعيده كما بدأه, ثم ذكر تعالى أنه كما بدأ الخلق كذلك يعيده "وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه" "ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط" أي بالعدل والجزاء الأوفى "والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون" أي بسبب كفرهم يعذبون يوم القيامة بأنواع العذاب من سموم وحميم وظل من يحموم " هذا فليذوقوه حميم وغساق * وآخر من شكله أزواج " " هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون * يطوفون بينها وبين حميم آن ".
ثم بين لهم ما يكون آخر أمرهم بعد الحياة الدنيا، فقال: 4- "إليه مرجعكم جميعاً" وفي هذا من التهديد والتخويف ما لا يخفى، وانتصاب "وعد الله" على المصدر، لأن في قوله: "إليه مرجعكم جميعاً" معنى الوعد أو هو منصوب بفعل مقدر، والمراد بالمرجع الرجوع إليه سبحانه إما بالموت أو بالبعث أو بكل واحد منهما، ثم أكد ذلك الوعد بقوله: "حقاً" فهو تأكيد لتأكيد فيكون في الكلام من الوكادة ما هو الغاية في ذلك. وقرأ ابن أبي عبلة "وعد الله حق" على الاستئناف، ثم علل سبحانه ما تقدم بقوله: "إنه يبدأ الخلق ثم يعيده" أي إن هذا شأنه يبتدئ خلقه من التراب ثم يعيده إلى التراب، أو معنى الإعادة الجزاء يوم القيامة. قال مجاهد: ينشئه ثم يميته، ثم يحييه للبعث، وقيل: ينشئه من الماء ثم يعيده من حال إلى حال. وقرأ يزيد بن القعقاع: " إنه يبدأ الخلق " بفتح الهمزة، فتكون الجملة في موضع نصب بما نصب به وعد الله: أي وعدكم أنه يبدأ الخلق ثم يعيده، ويجوز أن يكون التقدير لأنه يبدأ الخلق، وأجاز الفراء أن تكون أن في موضع رفع فتكون اسماً. قال أحمد بن يحيى بن ثعلب يكون التقدير حقاً إبداؤه الخلق، ثم ذكر غاية ما يترتب على الإعادة فقال: "ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط" أي بالعدل الذي لا جور فيه "والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون" يحتمل أن يكون الموصول الآخر معطوفاً على الموصول الأول: أي ليجزي الذين آمنوا ويجزي الذين كفروا وتكون جملة "لهم شراب من حميم" في محل نصب على الحال هي وما عطف عليها: أي وعذاب أليم ويكون التقدير هكذا ويجزي الذين كفروا حال كون لهم هذا الشراب وهذا العذاب، ولكن يشكل على ذلك أن هذا الشراب وهذا العذاب الأليم هما من الجزاء، ويمكن أن يقال: إن الموصول في "والذين كفروا" مبتدأ وما بعده خبره، فلا يكون معطوفاً على المعطوف الأول، والباء في "بما كانوا يكفرون" للسببية: أي بسبب كفرهم، والحميم: الماء الحار، وكل مسخن عند العرب فهو حميم.
وقد أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: "الر" قال: فواتح أسماء من أسماء الله. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات وابن النجار في تاريخه عنه قال: في قوله: "الر" أنا الله أرى. وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير مثله. وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك مثله أيضاً. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله: "تلك آيات الكتاب" قال: يعني هذه. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: "تلك آيات الكتاب" قال: الكتب التي خلت قبل القرآن. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال: لما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم رسولاً أنكرت العرب ذلك أو من أنكر منهم، فقالوا: الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً مثل محمد، فأنزل الله: "أكان للناس عجباً أن أوحينا إلى رجل منهم" الآية "وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم" الآية، فلما كرر الله سبحانه عليهم الحج قالوا: وإذا كان بشراً، فغير محمد كان أحق بالرسالة، " لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم " يقول: أشرف من محمد، يعنون الوليد بن المغيرة من مكة، ومسعود بن عمرو الثقفي من الطائف، فأنزل الله رداً عليهم: "أهم يقسمون رحمة ربك" الآية. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عنه في قوله: "وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم" قال: ما سبق لهم من السعادة في الذكر الأول. وأخرج ابن جرير عنه أيضاً قال: أجراً حسناً بما قدموا من أعمالهم. وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه "عن ابن مسعود قال: القدم هو العمل الذي قدموا. قال الله سبحانه: " ونكتب ما قدموا وآثارهم " والآثار ممشاهم. قال: مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أسطوانتين من مسجدهم ثم قال: هذا أثر مكتوب". وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري في قوله: "قدم صدق" قال: محمد صلى الله عليه وسلم يشفع لهم. وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب مثله. وأخرج الحاكم وصححه عن أبي بن كعب قال: سلف صدق. والروايات عن التابعين وغيرهم في هذا كثيرة، وقد قدمنا أكثرها. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: "يدبر الأمر" قال: يقضيه وحده، وفي قوله: "إنه يبدأ الخلق ثم يعيده" قال: يحييه ثم يميته ثم يحييه.
4-"إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا"، صدقا لا خلف فيه. نصب على المصدر، أي: وعدكم وعدا حقا "إنه يبدأ الخلق ثم يعيده"، أي: يحييهم ابتداء ثم يميتهم ثم يحييهم، قراءة العامة: "إنه" بكسر الألف على الاستئناف، وقرأ أبو جعفر أنه بالفتح على معنى بأنه "ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط"، بالعدل "والذين كفروا لهم شراب من حميم"، ماء حار انتهى حره، "وعذاب أليم بما كانوا يكفرون".
4."إليه مرجعكم جميعاً" بالموت أو النشور لا إلى غيره فاستعدوا للقائه ." وعد الله "مصدر مؤكد لنفسه لأن قوله"إليه مرجعكم"وعج من الله."حقاً"مصدر آخر مؤكد لغيره وهو ما دل عليه "وعد الله ""إنه يبدأ الخلق ثم يعيده"بعد بدئه وإهلاكه ."ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط"أي بعدله أو بعدالتهم وقيامهم على العدل في أمورهم أو بإيمانهم لأنه العدل القويم كما أن الشرك ظلم عظيم وهو الأوجه لمقابلة قوله :"والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون"فإن معناه ليجزي الذين كفروا بشراب من حميم وعذاب أليم بسبب كفرهم ، لكنه غير النظم للمبالغة في استحقاقهم للعقاب والتنبيه على أن المقصود بالذات من الإبداء والإعادة هو الإثابة والعقاب واقع بالعرض ، وأنه تعالى يتولى إثابة المؤمنين بما يليق بلطفه وكرمه ولذلك لم يعينه ، وأما عقاب الكفرة فكأنه داء ساقه إليهم سوء اعتقادهم وشؤم أفعالهم . ولآية كالتعليل لقوله تعالى ." إليه مرجعكم جميعا "فإنه لما كان المقصود من الإبداء والإعادة مجازاة الله المكلفين على أعمالهم كان مرجع الجميع إليه لا محالة ، ويؤيده قراءة من قرأ (أنه يبدأ) بالفتح أي لأنه ويجوز أن يكون منصوباً أو مرفوعاً بما نصب " وعد الله " أو بما نصب "حقاً".
4. Unto Him is the return of all of you; it is a promise of Allah in truth. Lo! He produceth creation, then reproduceth it, that He may reward those who believe and do good works with equity; while, as for those who disbelieve, theirs will be a boiling drink and painful doom because they disbelieved.
4 - To him will de your return of all of you. the promise of God is true and sour. it is he who beginneth the process of creation, and repeateth it, that he may reward with justice those believe and work righteousness; but those who reject him will have draughts of boiling fluids, and a penalty grievous, Because they did reject him.